عندما قررت الإمارات التواجد في اليمن استراتيجيا، لم تضع في حساباتها دعم دولة قوية موحدة حليفة لها، بل وضعت في حساباتها كيف تتجنب أي قرار سعودي بطلب مغادرتها لاحقا، كون اليمن نفوذ وأمن قومي سعودي مطلقا حسب استراتيجية المملكة، لذلك انطلقت في اتخاذ قرارين خطيرين:
الأول تشكيل ميلشيات موالية لها تتخذ من الأهداف المناطقية والإيدلوجية منطلقا لتجنيدها والسيطرة عليها.
الثاني منع حسم الحرب لصالح الحكومة اليمنية وحليفها السعودية ظنا أن المستنقع اليمني كافي لإغراق مقدرات المملكة فيه ويجعل من حاجة السعودية لها مستمرا.
فماذا تريد الامارات من البقاء في دولة تتخللها صراعات مزمنة وليست على حدودها ؟!
كل المخاوف التي يفترض أن تجعل أبوظبي أكثر حرصا على إبقاء الدولة اليمنية قوية موحدة وحليف سياسي واقتصادي يحقق مصالحها ، تحولت إلى أطماع للحصول على نصيب من إرث البلد المريض لتحقيق التالي:
1- مصلحة اقتصادية تتمثل في السيطرة على موانئ يمر منها خط الحرير الصيني الى جانب السيطرة على منابع وخطوط نفط وغاز اليمن لتحقيق المنافسة مع قطر والسعودية.
2- مصلحة سياسية لإعادة بناء نظام حليف لها في اليمن مهدد لخصمها الجار العماني ومقلق للسعودية التي اعتقد أبوظبي أن لديها طموح بالتوغل والسيطرة على دول الخليج الصغيرة.
3- مصلحة أمنية للظهور بمظهر الحليف الأقوى الذي يفترض على الولايات المتحدة الاعتماد عليه في تحقيق الاستقرار في المنطقة ومكافحة الارهاب.
صحيح أن الحرب انتهت عمليا في 2017، لكن قرار الامارات في 2019 بدعم وبناء ميلشيات خاصة طردت الحكومة من العاصمة المؤقتة عدن هو أخطر قرار مكن لإيران والحوثيين من تحقيق تقدم والبقاء في وضع قوي ومسيطر في مناطق الشمال.
لقد كان للإمارات دور جيد في تنسيق الجهود كممثل للتحالف في تحرير العاصمة عدن بإشراف وتمويل سعودي كاملا، لكن من رسم ميدان النصر، بالترتيب هم الجماعات السلفية وشباب التجمع اليمني للإصلاح والحراك الجنوبي الذي تم تهميشه بعد ذلك لصالح كيان مسلح مناطقي لم يكن موجودا في عدن، بل شارك في حروب الضالع وكان ضمن حلفاء إيران قبل 2011م.
*من صفحة الكاتب على فيسبوك
اقراء أيضاً
القيم الإنسانية من عوامل استقرار الدول
الحرب القادمة في اليمن