شاهدت اليوم الحلقات التي فاتتني من مسلسل العالية، بدأت أتفرج وأنا مجهِّز الورقة والقلم لأرصد الملاحظات، أنهيت ثلاث حلقات ولم أسجل شيئا، نسيت الورقة والقلم وبقيت مع المَشاهد والأحداث، وهذا قلّما يحدث مع مسلسل يمني، إذ غالبا ما تجد ما يفسد عليك انسجامك من هفوات بسيطة وأخطاء جسيمة، فلا تدري بأيها تبدأ.
هنالك دائما أحكام مسبقة ندخل بها إلى المسلسلات اليمنية، وعندما تشاهدها تجد فعلا ما يؤكد توجساتك وأحكامك القبلية، وقد كان أول حكم حكمنا به على هذا المسلسل أنه سيذاع في قناة عربية إضافة إلى القناة اليمنية، فقلنا في أنفسنا تلك ستكون فضيحة حقيقية لأنا نعلم مستوى مسلسلاتنا. وثاني حكم كان يتعلق بكاتبة المسلسل (نور ناجي)، إذ هو في ظني اسم مستعار لأحد الكتاب ذوي التوجه والانتماء السياسي، فتوقعنا أن يكون المسلسل دعاية سياسية وفكرية تخدم طرفا سياسيا وتوجها معروفا كما هو الحال في "مغامرات نشوان" لنفس الكاتبة، وإغراق أي عمل فني أو أدبي بالرسائل السياسية يفسده تماما.
لكن هذا المسلسل كسر توقعاتنا كلها، فهو عمل جميل، وتمثيله للدراما اليمنية في قناة عربية كان مستحقا ومشرفا، وبالنسبة لتوجسنا من التوجه السياسي للكاتبة فلم يكن هنالك حتى الآن أي ابتذال أو توجيه مباشر أو خروج بالعمل الفني عن رسالته الفنية لصالح الدعاية السياسية. لقد كان عملا احترافيا بامتياز تأليفاً وإخراجاً وتمثيلا.
يعرض المسلسل القضايا والأحداث بسلاسة جميلة، فلا يدعي أنه يعالج كل المشاكل المجتمعية دفعة واحدة كما يفعل مسلسل آخر، ولا يشتت أو يربك المشاهد بقضايا فرعية متعددة، هناك قصة متماسكة وتصاعد درامي يظل ممسكا بالمشاهد إلى آخر الحلقة، أداء الممثلين مقنع، فهنالك الهدوء والاتزان عند النجوم الكبار (قاسم عمر وأحمد عبد الله حسين) والمشاغبة المستفزة مع الفنان عامر البوصي، ثم رومانسية أشواق علي. كما أدى الفنانون الآخرون أدوارهم بجدية مقْنِعة، كل ذلك يجعلك تستمتع وأنت تشاهد العمل، ولا تضطر تخرج من الشاشة لتسجل ملاحظة.
إن وليد العلفي بهذا المسلسل يثبت أنه مخرج مبدع يمتلك تصوراً واضحاً وفريقا منسجما قادرا على المنافسة، ولو طُلِب مني أن أضع تقييما لمسلسلات هذا العام لوضعت مسلسل العالية في المرتبة الأولى دون تردد، وفكرت كثيرا قبل أن أضع مسلسل آخر في المرتبة الثانية.
*من صفحة الكاتب على "فيسبوك"
اقراء أيضاً