قبل سنوات كان اليمنيون يتابعون اخبار المهدي محمد ناصر اليماني الضابط السابق بالحرس الجمهوري والذي زعم انه المهدي المنتظر وأنه من آل البيت ولكن جده القديم اخفى نسبه الشريف نتيجة مطاردة العباسيين لهم حسب زعمه!، ومع أنه لا يجيد حتى قراءة آية قرآنية بشكل سليم إلا أنه اعتبر أميته دليل مهدويته لأن النبي كان اميا حسب زعمه وهو أمي، وقد وجد له اتباعا بالآلاف ولديه مواقع الكترونية بعدة لغات عالمية.
وقبل أيام تفاجأ اليمنيون بمهدي جديد اسمه حسن التهامي وكالعادة فالاسم كان للتمويه والا فاسمه هو محمد عبد الله العردلي من آل البيت أيضا كما يقول، ورغم أنه أكد لأصحابه مرارا انه ليس المهدي وانما مبشرا به ولهذا سمى حركته " حركة أنصار المهدي" الا ان اتباعه رأوا في كلامه ونفيه هذا علامة مؤكدة أنه المهدي لأن المهدي - المزعوم - كما في الروايات المهدوية لا يدعي أنه المهدي، وقد جمع بعض اصحابه أكثر من ٨٠ علامة تؤكد حسب زعمهم ان صفات المهدي تنطبق عليه.
أثيرت قضية المهدي التهامي مؤخرا بسبب قيام أتباعه بمسيرة الى صعدة لمطالبة مهدي الزيدية عبد الملك الحوثي بإطلاق سراحه، لكنه زج بمن نزلوا السجن إلى جانب مهديهم خصوصا بعد أن أصبح لهم شعارا وزواملا تنافس شعارات الحوثي وزوامله، اذ لا يمكن ان يقبل سيد الكهف بمنافس له على النسب "ابن النبي او ابن بنت النبي" الذي يدر له ذهبا وخمسا وعبيدا وانصارا وولاية ومهدوية.
ما لا يعرفه الكثيرون أن مهدي تهامة قد سبق بالظهور مهدي "صعدة " ومهدي " ذمار" اذ بدأ دعوته قبل ٣٠ عاما في مكة المكرمة حيث سيبايع للمهدي بين الركن والمقام حسب روايات اصحاب عقيدة المهدي "السنية" كما فعل جهيمان عام 1979، وقد ألقت السلطات السعودية القبض عليه - كغيره من دعاة المهدوية وهم كثر - وزجت به في السجن ثمان سنوات ثم أطلقت سراحه بعد ان تأكد لها ان لا خطر منه فلم يكن له اتباعا ولا انصارا، فعاد إلى اليمن ليجد أتباعا وأنصارا مستعدين للتضحية بأنفسهم واموالهم من أجله.
وقد سجن مرارا في عهد الرئيس صالح وكذلك في عهد هادي وكان يتم إطلاق سراحه، حتى سجنه الدعي الارهابي الحوثي قبل ثلاث سنوات، والسؤال الذي يطرح نفسه لماذا لم يجد انصارا في المملكة كما وجد في اليمن تلك ظاهرة بحاجة الى دراسة معمقة لعلنا نحاول إنجازها.
لكن ما نود التأكيد عليه أن هذه الظاهرة ليست جديدة على اليمن ولا هي متعلقة بوجود الحوثي - وان كان وجوده قد ساهم بالتأكيد وسيساهم في ظهور حركات الخرافة والدجل والتطرف الديني بكل اتجاهاته وغير الديني كذلك - وإنما هي ظاهرة قديمة منذ نشأت المذاهب الاسلامية ودعاوى المهدوية اذ ظلت أعين كل اصحاب المذاهب والدعوات الدينية في العالم الاسلامي تتطلع الى اليمن وترسل دعاتها اليه ليجدوا لهم أنصارا واتباعا.
وقد تحدث الشاعر والفيلسوف الكبير أبو العلاء المعري (المتوفي سنة ٤٤٩ للهجرة) عن هذه الظاهرة فقال "وما زال اليمن منذ كان، معدناً للمتكسبين بالتدين، والمحتالين على السحت بالتزين. وحدثني من سافر إلى تلك الناحية، أن به اليوم جماعة كلهم يزعم أنه القائم المنتظر، فلا يعدم جباية من مالٍ، يصل بها إلى خسيس الآمال".
وكم هو مؤلم أن نجد اليمن اليوم في القرن الواحد والعشرين لا تزال كما وصفها فيلسوف المعرة قبل ألف عام.
*من صفحة الكاتب على "فيسبوك"
اقراء أيضاً
الحوثيون والغدير.. الإهمال الهادوي
ماتيسر من جرائم الهادي ضد اليمنيين (3)
ما تيسر من جرائم الهادي ضد اليمنيين (2)