اللحياة هي ما نعيشة بداخلنا لا ما يدور حولنا ، ما يدور حولنا هو حياة غيرنا وهو بالطبع شيئٌ لا نملكه أو بالأحرى ليست لدينا القدرة الفعلية للتحكم في مجراياته.
فالإنسان هو عبارة عن تلك الظروف النفسية التي يعيشها بداخله وداخله هو الطريق الى خارجه بمعنى أن ما تعيشه بداخلك هو السلوك الخارجي الذي تقوم به ولذلك فالإنسان الطبيعي يمر _ على مستوى اللحظة الواحدة في حياته _ بظروف نفسية متغيرة ويتعرض لضغوط نفسية متعددة إما من ناحية هموم ومشاكل وحزن عميق أو ضغوط عمل ودراسة وأُسرة والتزامات أو شعور بالإخفاق والفشل والإحباط وغيرها كثيرة وكثيرة جداً ولا يكاد يخلو منها أحد لكونها شيئ أساسي متلازمة بخلقة هذا الإنسان ، وهذا جزء من اختبارات الحياة وفرز للنفسيات الكبيرة والصغيرة الناجحة المتميزة والضعيفة المستجيبة بسهولة للإخفاق والتوقف عن المحاولة لترويض تلك النفسيات وتهذيبها وهذا يقيس أيضاً نوعية الأشخاص ونحن نشعر بمقدار ومكانة الإنسان من خلال المواقف التي نراه فيها متماسكاً ومتحكماً في ذاته ولديه القدرة على تهذيب نفسه والتحكم فيها ومدى تقديرنا له أيضاً مرتبط على الأغلب بمدى قدرته على تجاوز ظروفه النفسية التي يتصرف بها آي إنسان آخر التي هي مجرد رداة أفعال ويسمى هذا بالشخص الإنفعالي بعكس الفاعل الذي يمتلك القدرة لإدارة ذاته.
التعرض لهجمات الضغوط النفسية المتكررة يحتاج طريقة فعالة لمواجهة هذه الظروف واستغلالها دافعاً للإنجاز والعمل وتحقيق النجاح فالضغوط قوة وطاقة يجب توجيهها بطريقة صحيحة وفعالة بعكس الشخص الإنفعالي الذي يتخذها مصيبة وشعور سلبي يقوده الى تصرفات أكثر سلبية أو تضييع وقته بحثاً عن تسليات أخرى هرباً من تراكم الضغوط التى أنتجها تقصيره في القيام بعمله أو انجاز شيئٍ ما أو ترتيب ذاته غالباً ، فالضغوط في الغالب هي شعور بالحاجه إلى التغيير تغيير وضع ما أو إنجاز و تحقيق نجاح وغيره ، لذلك نحن بحاجه الى استثمار هذه الطاقة بشدة كونها دافعاً واستعداداً داخلياً قوياً للفعل وتغيير وضعناً إلى وضع أفضل بالضرورة ، لذلك كلما داهمتك تلك الضغوط افزع الى تعالى بصلاة وذكر وقرآن لأن الله هو وحده المستعان وقد كانت سنة نبينا صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة ولم يذكر عنه ( ص ) أنه شكى لأحد وإنما يفزع ويفر إلى مالك أمر نفسه ، وبعد طرد الشعور السلبي وتحسين الحالة المزاجية عد وحدد مالذي دعاك لهذا الإحساس واكتب كل ما يجول بخاطرك اضف عدل فقد تفتح لنفسك باباً للحياة ربما لم يكن في بالك يوما ما ، فالحياة والإنجاز والنجاح والتميز وتحقيق الاحلام تحتاج الى دافع قوي وفعال فالصاروخ الفضائي لولا قوة رد الفعل لما وصل إلى الفضاء أحد فقوة الدافع هي قوة الحياة وشعورك بالإنجاز هو سر سعادتك ورضاك عن نفسك ، وهذا يتطلب التركيز على الأشياء التي تمتلكها ركز على ما في يديك الشيئ الذي انت قادر على فعله واقصد به التخصص او العمل او غيره ، وانطلق بقوة فإن لم يدفعك هذا الضغط لتكن أفضل مما أنت عليه وتحقق إنجاز واضح فعلي أو تضيف شيئاً مهماً لحياتك فحياتك ستكون بالتأكيد وقوداً لهذه المشاعر والأحاسيس السلبية وستقتل روحك من داخلك بإرداتك.
الضغوط النفسية تحتاج الى حكمة وبصيرة في التعامل معها فهي وقود وقوة لنا للإنجاز والنجاح وتحقيق الأحلام العملاقة التي نبذل كل ما نملك في سبيل الوصول اليها ، يميل الأغلب الى فكرة معالجة الضغوط وتنفيسها والتخلص منها وليس استثمارها فيحاول أخذ فترات راحة طويلة أو الذهاب للمتنزهات أو الأماكن التي يفضلها أو البقاء وحيداً لا يفضل مشاركة أحد وفي أحايين كثيرة يخلد إلى نوم ساعات طويلة وغيره.
وهذه العملية التي تسكن حياة الكثيرين بل الغالبية من الناس وهي تعد بمثابة مسكنات الآلآم لفترة الآلم ثم تزول وسرعان ما يعود الآلم دون معالجة جذرية للتخلص منه واستثمار الأوقات التي يضيعها لمداواة أجراحه وهناك أمر آخر غاية في الخطورة كونها خدعة ماكرة تسرق منك النجاح والإنجاز وتمتص الدافع بسهولة وتخدعك بأنك تسلك طريقاً فعالة وهي ليست أكثر من طريقة هدم دافعك للحياة التي نبهتك الضغوط أنك بحاجه إليها وهذا الأمر هو الإعتياد على طريقة معينة لتنفيس هذا الضغط مثلاً كلما نبهتك الضغوط النفسية حاجتها لمراجعة ومعالجة تذهب لكتابة خطط واخذ فترة راحة طويلة بشكل اعتيادي لكنها في الحقيقة كغيرها من الطرق وتصبح بمثابة ذر الرماد في العيون وخديعة لنفسك لأنك ما حاولت القيام بعملك الذي أنت فيه فقط حاولت الهرب وضيعت جزء أو خطوة هامة أو انجاز بدافع الترويح والتنفيس لا أكثر فيما يفترض قيامك بالعمل الجاد بما أنت عليه وإضافة شيئ لحياتك استغلالاً للطاقة والدافع الذي حصلت عليه.
صحيح أن الضغوط تحتاج أحياناً الى تلك الإجراءات لكن بنسبة قليلة جداً مع محاولة تركيزها للانجاز لا مجرد تنفيسها لأن الضغوط متكررة على مستوى اليوم والأسبوع وهذا يعني أنك ستقضي أغلب أوقاتك وتضيع فرص كثيرة إيهاماً لنفسك بأنها محاولات لإضافة العظمة لحياتك المستقبلية التي أنت في الحال تهدم أعظم أركانها وهو الإنجاز ، فالضعوط قد تُنهي حياة لكنها لن تنتهي.
اقراء أيضاً