تحاول الإمارات ان تبدو صاحبة نفوذ قوي وطاغ في المنطقة العربية عبر سلسلة من الإجراءات المارقة.
هناك عملية دفع قوية لتحول الإمارة المسالمة والنموذجية في الرخاء والأمن والاستقرار وقبلة السياحة العالمية إلى مهبط للدسائس والمؤامرات وشذاذ الآفاق.
ما كشفه الموقع الأمريكي "بازفيد" في تقرير استقصائي عن استئجارها مرتزقة من قدامى المحاربين الأمريكيين لتنفيذ عمليات اغتيال في عدن، مؤشر خطير على تحول هذه الدولة إلى خنجر مسموم في المنطقة.
التقرير، أوضح مخزونا وفرا من العنجهية والقساوة في العنف، وأجندة شريرة بدأتها الإمارات منذ وقت مبكر في عدن، رغم تخفيها خلف ستار التحرير وإعادة الشرعية في اليمن.
دفعت الإمارات للشركة الأمنية الأمريكية المستأجرة مليون ونصف دولار شهريا من أجل عملية فاشلة بهدف تصفية عضو حزب الإصلاح إنصاف مايو نهاية العام 2015، وكانت تلك أول المحاولات في سلسلة عمليات الاغتيال اللاحقة التي طالت قيادات سياسية في الحزب وخطباء مساجد سلفيين وناشطين اجتماعيين وتربويين على خلاف مع سياسة أبو ظبي في السيطرة على ثروات البلد.
لم تكن أصابع الإتهام في الحقيقة بعيدة عن الإمارات وعبثها في المشهد بعد سلسلة عمليات ممنهجة، وبعد تسلمها الملف الأمني بشكل كامل في المحافظات الجنوبية.
طوال الأشهر الماضية، كانت تقارير دولية صادرة عن منظمات حقوقية وبينها، منظمة الغفو الدولية وهيومن رايتس ووتش وسام للحقوق والحريات، تكشف تباعا عن انتهاكات فظيعة ترتكبها قوات تشرف عليها الإمارات في سجون سرية عديدة في المحافظات الجنوبية.
وتنوعت الانتهاكات بين العنف الجسدي والصعق بالكهرباء والغمر بالمياه وعمليات اعدام وهمية وشتى صنوف وسائل التعذيب.
غير أن أبرز ما كشفته التقارير، وشكل صدمة للمراقبين والمتابعين هو العنف الجنسي والاعتداء الجنسي على المعتقلين للحط من كرامتهم الشخصية التي صانتها كل الديانات السماوية والمواثيق الدولية.
مرعب هذا التحول والسقوط في الوحل. تحدثت التقارير أيضا عن جيش من المرتزقة جندتهم الإمارات من جنسيات أفريقية وكولمبية للقتال في اليمن، وكانوا ضمن أدواتها الشيطانية المدفوعة بالمال الباذخ.
لم يعد الحديث عن انحراف في أجندة التحالف لا ئقا الآن ، هناك إنحراف أخلاقي في سلوك الحاكم الجديد لدولة الإمارات.
المسألة تجاوزت حدود السيطرة على منابع النفط والمواقع الحيوية والاستراتيجية ومحاولات صناعة النفوذ على حساب تطلعات الشعوب المهضومة.
نحن أمام جيل جديد من الأبناء في الخليج، مهووسين بالحكم والقتل، ومراهقة فريدة في المنطقة مدفوعة بعقود باذخة من الثروة النفطية.
يتشاطر ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد هذا السلوك المنحرف مع نظيره محمد بن سلمان. إذ يتزامن ما كشفة الموقع الأمريكي مع جريمة أخرى مروعة، وهي عملية إخفاء وقتل الصحفي السعودي المعارض جمال خاشقجي في قنصلية السعودية في اسطنبول.
الفتى الطائش في ورطة كبيرة بعد ان تسببت هذه الحادثة الاجرامية بأزمة دولية وصخب إعلامي كبير لم يتوقف. يبدو ان عنجهيته ستنتهي في زمن مبكر وقريب جدا.
لكن ماذا عن محمد بن زايد؟. الرجل اختار ساحة بعيدة عن الاهتمام الدولي لممارسة هوياته في القتل، مستغلا حالة التجييش والتعبئة والعداء ضد تيارات الاسلام السياسي في المنطقة العربية.
وهو إذ يحاول تصوير المعركة في سياق الحرب ضد الإرهاب. يريد ابتلاع بلد بتاريخه وحضارته وثرواته، واغراقه في مستنقع الفوضى والاغتيالات والحروب.
أمامي الآن صور عشرات الضحايا الذين حصدتهم آلة القتل الغادرة للإمارات في عدن. صورهم وهم يحتضنون أطفالهم، وصور أخرى وهم مضرجون بدمائهم أمام منازلهم ومساجدهم وداخل سياراتهم.
في رواية "قواعد العشق الاربعون" ، يقول أحد القتلة المأجورين "عندما تقتل أحدا، فإن شيئا منه ينتقل إليك، تنهيدة، أو رائحة، أو إيماءة، وأنا أدعوها لعنة الضحية. تلتصق بجسمك وتتغلغل في جلدك، وتسري مباشرة إلى قلبك، وتظل تنغل في داخلك".
ياترى ماهو شعور ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد الآن؟ هل يهنأ في منامه؟ وهل أثرت فيه مناظر الدم والانتهاكات البشعة لكرامة البشر في اليمن؟ ألم تصله بعد لعنة الضحايا؟.
من صفحة الكاتب على "الفيس بوك"
اقراء أيضاً