سيكتب التأريخ بإن الإصلاح حزب سياسي سلّم قراره السياسي بالكامل للمشترك، حتى قدوم هادي سلّمه صلاحيات القرار السياسي حتى اللحظة؛ من أجل اليمن فقط لا غير ..!
التأريخ شاهد على تجاوز الإصلاح لعشرات الألغام لمرحلة ما بعد 11 فبراير، وليس أخيرا ما يحدث في عدن، تم إيداع أبشع الألم في جسده لدفعه نحو الملشنة، وممارسة دور العصابة للإنتقام، وبعد حشره في دائرة الإرهاب يكون هناك إجماع دولي وإقليمي على تكوينه الإرهابي؛ لتأتي الضربة القاضية، تجاوز ذلك وفطن للعبة مبكرا.
أعيش كغيري من شباب الإصلاح، في حزن لم أعرفه في حياتي، أنبل من عرفناه، إما تحت التراب أو خلف القضبان، أو مشردا خارج البلد، أو بين الجبال والوديان يحمل البندقية، كان قرار الحزب .. نحن للوطن فداء، إما دولة للجميع، أو شهادة نلقى الله ونشكو إليه عذابات الظالمين.
لكن هذه الحقائق لن تكون مانعا لقول المسكوت عنه، وغير المرغوب في إخراجه للعلن. خاض الإصلاح نضالات التأسيس للعمل الديمقراطي بالبلد، وترك ما يخصه من التجديد إلى الترحيل، بقصد أو بدون قصد، عمل على أن يكون الأفضل في الساحة بأدوات السلم، وفي الطريق نسى ذاته، وفشل في التحول إلى حزب حقيقي، ينشد الدولة المدنية، لكنه لا يعرف منها غير الإسم، هو جماعة تتحرك ككتلة كاملة، تصنع ما تريده، لا ما تستطيع فعله، لا ينطبق عليه مسمى حزب، كلما عرفه من العمل السياسي والحزبي رفض العمل المسلح، وكسب المزيد من الأعداد - صناعة تبعية - وحشدهم لصندوق الإقتراع، وهذا بحد ذاته جيد؛ لكن بالنظر إلى هيكل الحزب التنظيمي تجده دائرة تنظيمية، وكل الطاقات يجب أن تؤدي ذات المهمة لذات الهدف، بنفس الوسيلة، أو تهميش وتنازل عن تلك الطاقات بكل سهولة.
ليس تجنيا حين أتحدث عن الإصلاح كجماعة، هذه حقائق تأريخية غير قابلة للتعديل أو الحديث عنها بدافع عاطفي، لا أثر أو وجود فعلي عملي لأي دائرة غير التنظيمية في هيكل الإصلاح.
التعليم، الإقتصاد، السياسة، الفن والإعلام، الشباب، الفكر وإنتاج المعرفة وووو وغيره ليس هناك متسع للحديث عنه، هذه أدوات لمعنى حزب، تم تعطيل كل هذه الأدوات، وأصبح الإصلاح يعيش ضائقة استراتيجية؛ لم ينتبه لها رغم كل التنبيهات، لم تنتج مؤتمرات الحزب تجديد الأدوات والوسائل، بل كرست شمولية وشكل ديمقراطي مزيف، يرتهن للتزكية والأقدمية في الإنتساب. هذا الجمود كارثة على جماعة الإصلاح التي نجحت في إثبات مبررات خلقها وانبعاثها بمنهجية يمنية خالصة، لا ترتهن لأي مشروع من خارج الجغرافيا للجمهورية اليمنية. هذا النجاح يجب مرافقته بنجاحات أخرى، وإسناده بقرارت جريئة، تستوعب حالة التوسع الأفقي الذي يصادمه جمود رأسي بالأشخاص والرؤى والإستراتيجيات.
بالنسبة للجماعة، فقوتها بالأعداد، واتساع جغرافيا انتشارهم فقط؛ لكن الحزب مصدر قوته الأعداد، وبقاءه نوعية تلك الأعداد المؤهلة في كل المجالات. هنا يأتي الفرق بين جماعة كميّة، وحزب كميّ وكيفيّ يخضع أدواته للمعيار العلمي فقط.
لا يمتلك الإصلاح مركز دراسات، ودائرة التخطيط، كغيرها من الدوائر تمثل سكرتارية أنيقة للدائرة التنظيمية، هذا ينتج قصور وعجز فاضح باتخاذ القرارات، التي لا تأتي من عجينة علمية منهجية بحتة.
الكثير يمكن الحديث عنه؛ لكن الحرب هي الداء، والدولة في غيابها يلغى كل حديث حتى عودتها، سنقول كل شيئ، وننشد الكفاح، إصلاحيون لإصلاح الإصلاح، حتى يتمكن من الخروج من دائرة الخوض بصراعات اليقينيات والمسلّمات إلى صراع الإنتاج العلمي والمعرفي.
كل عام وأنتم الأمل أيها الإصلاحيون، جيل ما قبل فبراير وجيل ما بعد فبراير ..
كل عام وأنتم حزب...
كل عام وأنتم إلى الفن والإنتاج الفكري أقرب..
كل عام وأنتم لليمن أملا لا يشيخ...
اقراء أيضاً
فبراير .. مرة أخرى!