يوافق الخامس عشر من يوليو 2018 الذكرى الثانية لمحاولة الانقلاب الغادرة والتي كان وراءها منظمة فتح الله غولن الإرهابية "فيتو" في تركيا. قام فتح الله غولن، زعيم هذا التنظيم الطائفي و الذي نصب نفسه "كإمام الكون"، بتحريض أتباعه الذين تغلغلوا في جميع أجهزة الدولة الحساسة عبر التنكر والنفاق لمهاجمة الدولة والسيطرة عليها.
قاوم الشعب التركي من مختلف الانتماءات والآراء السياسية و قدم مثالا تاريخيا في التضامن ضد هذه المحاولة الانقلابية الغادرة، حيث اتحدت الأمة كلها لتقف أمام الدبابات والمدافع لحماية حقوقها الديمقراطية وحريتها. في أعقاب ذلك، استشهد 250 مواطنا تركيا و جرح أكثر من 2000 شخص. سنتذكرهم دائما بكثير من الامتنان و سنصلي لأرواحهم لترقد بسلام.
في الواقع، كشفت الحكومة التركية شبكة فتح الله غولن الإرهابية و كانت قد اتخذت الخطوات اللازمة ضد هذه الشبكة الطائفية الإرهابية حتى قبل محاولة الانقلاب. ومع ذلك ، فإن الأحداث التي وقعت في 15 يوليو 2016 كشفت بمرارة أن هذا التهديد لم يكن في الحسبان. كثفت حكومة تركيا جهودها بشكل كبير بعد ذلك. وفي استذكار للأحداث الماضية، أثبتت تركيا مرونتها وقدرتها على التعافي من صدمة هذا العمل الشنيع.
نحن مصممون على محاربة (فيتو) بثلاثة أشياء يحتقرونها أكثر من غيرها: سيادة القانون والأخلاق والديمقراطية، ونحن عاقدون العزم على محاربة أعداء الديمقراطية عن طريق الديمقراطية، بينما نقاتل أيضا المنظمات الإرهابية الأكثر خطورة في نفس الوقت: حزب العمال الكردستاني PKK، حزب الاتحاد الديموقراطيPYD، وحدات حماية الشعبYPG، وداعش.
لقد تم تحطيم العمود الفقري لهذه المجموعة السرية الخطرة بشكل حاسم داخل تركيا حتى الآن، و مع ذلك ، "فيتو" لا تشكل تهديدا على تركيا فقط بل أصبحت قضية أمنية دولية. هذه المنظمة الإرهابية في حاجة ماسة إلى النفوذ الاقتصادي والسياسي حول العالم من أجل بقائها. فالمنظمة تعتمد على فروعها في الدول الأخرى. وعلى الرغم من التشوه الشديد للمنظمة، إلا أنها لا تزال تحتفظ بشبكة عالمية من المدارس ، والمنظمات غير الحكومية ، وجماعات الضغط ، ووسائل الإعلام والمؤسسات التجارية. كما و مازالت تزرع بذورها الخادعة في الحكومات الأجنبية بنفس النوايا الخسيسة. و لذلك دعت تركيا بقوة صانعي السياسات و المؤساسات الأمنية في جميع أنحاء العالم إلى التعامل مع هذا الخطر و أخذه على محمل الجد.
و بهذا الصدد، أود هنا أن أكرر دعوتنا لأصدقائنا و حلفائنا مرة أخرى كي نتحد ضد هذا التهديد المشترك. حيث أثبت الدعم و التشجيع من الحلفاء و الدول الصديقة مدى أهميته القصوى، لاسيما في أوقات الأزمات.
لقد أدانت حكومة اليمن،مثل الدول الصديقة الأخرى، محاولة الانقلاب و أعربت عن تضامنها مع تركيا حينها. و يعتبر موقف اليمن و دعمها علامة واضحة على العلاقات الراسخة و المتينة بين البلدين و الشعبين. ونحن ممتنون لرسائل الدعم والتضامن الصادقة التي جاءت من عددٍ لا يحصى من اليمنيين من جميع الأطياف.
و كما هو موضح اعلاه، (فيتو) ليست حركة مدنية تعليمية مسالمة كما تحاول بعض الجهات تقديمها. و لذلك فإنّ قرار الحكومة اليمنية في أغسطس 2016 لنقل إدارة المؤسسات التعليمية المرتبطة بـ (فيتو) في البلاد لتكون تحت سلطة الدولة كان مبررًا كما أنّه جاء في الوقت المناسب، وكان هذا القرار دليلاً آخراً على الصداقة طويلة الأمد بين تركيا واليمن، والتزامهما المشترك بالشرعية.
*السفير التركي لدى اليمن
اقراء أيضاً