قال عبد الملك الحوثي "أن الصحفيين خونة وأنهم أخطر من المقاتلين"! بعد هذا الخطاب التحريضي الذي تفوح منه رائحة الدم؛ أصدر الاتحاد الدولي للصحفيين خطابا عاجلا إلى قائد مليشيا قتل الصحفيين، كان الاتحاد يستشعرون الخطر البالغ الذي يداهم حرية الصحافة وحياة الصحفيين في اليمن، وها هو جثمان الصحفي أنور الركن يعود هزيلا بآثار تعذيب وحشية أفضت إلى إزهاق روحه كترجمة جديدة لخطاب عبد الملك!.
يوم التاسع من يونيو، أي هذا الشهر الجاري هو اليوم المماثل لاختطاف تسعة زملاء دفعة واحدة من فندق قصر الأحلام بصنعاء، قبل ثلاث سنوات بالتمام والكمال!، وهي جريمة ربما لم تحدث في العالم أن يتم خطف مجموعة صحفيين دفعة واحدة كما حدث للزملاء، ناهيك عن تعرضهم للتعذيب الوحشي طيلة ثلاثة أعوام في ظل ترجمة خطيرة لتوجيهات عبد الملك الحوثي قبل ثلاث سنوات، والذي استشعر الاتحاد الدولي للصحفيين خطر هذا التحريض، وها هو الزميل أنور الركن يقول لنا أن الصحافة اليمنية معذّبة وتتعرض لانتقام من قيم الصحافة في العالم وأن التنكيل الوحشي الذي أفضى إلى إزهاق روح أنور هو تحدٍ ممنهج وخطير لكل الصحفيين وعلى رأسهم الاتحاد الدولي للصحافة، وأن التعذيب لا يزال طائلا لصحفيين في سجون مليشيا الحوثي، وحياتهم في خطر مستمر ولا يزال مصير أنور سيناريو متوقع لأي زميل خلف القضبان أو مخفي قسريا من الأربعة عشر البقية حتى اليوم.
باعتقادي أن جثة أنور الركن تقول لنا ما عجز لسانه أن يقوله أثناء تعرضه للاختطاف والتعذيب طيلة عام وبضعة أشهر، هو لسان حال كل صحفي يمني تعرض للتعذيب ولا يزال، ترجمان مخيف وبيان مسكون بالوجع ممتلئ بالجراح ممزوج بالأنين والآهات ومسطور بكرابيج السجان وسياطه وأسياخه الحديدية وألسنة اللهب والتجويع والمنع من الدواء والاخفاء قسريا وكل صنوف التعذيب وكلها ترجمة حيّة لخطاب عبد الملك الحوثي.
متى تم اختطاف أنور الركن؟ وأين تم تعذيبه؟ وهل هناك صحفيون يمنيون لا يزالون في غياهب النسيان يتعرضون للتعذيب الوحشي وتعذيب آخر هو النسيان؟!
ماذا يمكننا أن نفعل كصحفيين يمنيين لزملاء الكلمة ورفقاء الحرف وهم قد أكملوا عامهم الرابع في غياهب السجون وتعرضوا لأبشع أنواع التعذيب، وقد تزامن يوم اختطافهم مع اليوم الذي سمّته نقابة الصحفيين اليمنيين يوما للصحافة اليمنية، وكأن القدر يدفع الأسرة الصحفية إلى التلاحم والتكاتف وبذل أقصى الجهود لإنقاذ المهنة قبل إنقاذ الزملاء أنفسهم، وكأنهم باتوا هم القضية والصحافة ذاتها.!
يوم التاسع من يونيو فرصة جديدة ومهمة يجب استغلالها لتكون محطة مختلفة، هي مناسبة تنتظر الصحفيين اليمنيين لتكون بداية ملحمة حقيقة ومختلفة، ملحمة تعلو فيها صرير الأقلام وتتزاحم الأكتاف وتلتحم الأيادي وتتقدم الأسرة الصحفية اليمنية متوحدة متلاحمة لتنقذ نفسها وتجرّ الزملاء في كل العالم إلى إنقاذ الصحفيين المختطفين.
الحوثي أعلن الحرب على الصحفيين منذ اللحظة الأولى، وحتى اليوم لا يزال الصحفيين ضحايا، وقد حانت اللحظة أن يلملم الصحفيون جراحهم ويجمعوا شتاتهم ويقفوا بشموخ ليخوضوا حربهم الكبرى، حرب انتزاع قيم الحصافة وتحرير الصحفيين المختطفين وذويهم، حرب تحرير الزملاء عبد الخالق عمران وتوفيق المنصوري وحسن عناب وأكرم الوليدي وهشام طرموم وهشام الوسفي وهيثم الشهاب وحارث حميد وعصام بلغيث وصلاح القاعدي ونبيل السداوي وإبراهيم الجحدبي والمخفيين محمد المقري ووحيد الصوفي، حرب تنتصر فيها للزملاء الشهداء وتقف جسراً متلاحما لعبور الصحافة والصحفيين بسلام حتى يكون أنور الركن آخر ضحايا الصحافة في اليمن، وآخر جثة تستفرد بها الوحشية المفرطة بعيدا عن الضمير الإنساني.
أنور الركن إمام يجب أن تنتهي مع جنازته كل هذا العبث.
*من صفحة الكاتب على فيسبوك
اقراء أيضاً
ماذا فعلت حماس؟
حينما يغسل "الطوفان" ندمك!
سووا صفوفكم.. إنه سبتمبر المجيد!