بدأت جريمة اختطاف ميليشيا الحوثي لموظفين يعملون لدى وكالات إنسانية وإغاثية، أممية ودولية ومحلية، الأسبوع الماضي بالتصاعد التدريجي عالميا، لتلقى إدانات دولية واسعة، ومطالبات بسرعة إطلاقهم، مع تحذيرات بمزيد من تدهور الحالة الإنسانية في البلاد.
وفي السابع من الشهر الجاري، اختطفت ميليشيا الحوثي الإرهابية قرابة 20 موظفا يعملون لدى وكالات تابعة للأمم المتحدة في اليمن ومنظمات دولية ومحلية أخرى غير حكومية، في أربع محافظات، هي: عمران والحديدة وصعدة وصنعاء، واحتجزتهم لديها تحت مزاعم التجسس لمصلحة أمريكا وإسرائيل. وتقول الأمم المتحدة أنها لا تعلم حتى الآن أماكن وظروف احتجازهم.
وفي وقت سابق، من يوم الثلاثاء الماضي (11 يونيو/ حزيران)، دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، إلى "الإفراج الفوري عن جميع موظفي الأمم المتحدة المحتجزين في اليمن من قبل سلطات الأمر الواقع الحوثية".
وقال السيد غوتيريش: "هذا تطور مقلق ويثير مخاوف جدية بشأن التزام الحوثيين بحل تفاوضي للصراع، مضيفا: "والأمم المتحدة تدين جميع عمليات الاحتجاز التعسفي للمدنيين. وأطالب بالإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع موظفي الأمم المتحدة المحتجزين".
"هذا تطور مقلق ويثير مخاوف جدية بشأن التزام الحوثيين بحل تفاوضي للصراع.. والأمم المتحدة تدين جميع عمليات الاحتجاز التعسفي للمدنيين. وأطالب بالإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع موظفي الأمم المتحدة المحتجزين
وفي اليوم نفسه، وجه مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان "فولكر تورك" دعوة مماثلة بإطلاق سراح المحتجزين، رافضا في الوقت ذاته، وبشكل قاطع "الادعاءات الشنيعة ضد موظفي الأمم المتحدة" وأعرب عن قلقه بشأن الظروف التي يتم احتجازهم فيها.
وتقول تقارير الأمم المتحدة، إن عدد الموظفين الأمميين المحتجزين يبلغ عددهم 13، بينهم ستة من المفوضية السامية لحقوق الإنسان، واثنان من اليونسكو وموظف واحد من كل من مكتب المبعوث الخاص ومنظمة الصحة العالمية وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي واليونيسيف وبرنامج الأغذية العالمي. إلى جانب ما لا يقل عن 11 من العاملين في المجتمع المدني، تم احتجازهم أيضا في العملية.
كما تؤكد التقارير أن "هناك أربعة موظفين أممين آخرين يُحتجزون بمعزل عن العالم الخارجي من قبل سلطات الأمر الواقع (الحوثيين) منذ عامي 2021 و2023، دون إمكانية الوصول إلى عائلاتهم أو منظماتهم ووكالاتهم". بحسب ما ذكرت مواقع رسمية للأمم المتحدة.
مجلس الأمن
والخميس (13 يونيو/ حزيران) تصاعدت حدة الإدانات والمطالبات بالإفراج عن المختطفين، وذلك بالتزامن مع انعقاد جلسة مجلس الأمن الدولي بشأن اليمن، والذي أدان أعضائه الجريمة أثناء نقاشاتهم، التي أعقبت جلسة الاستماع إلى إحاطات المبعوث الأممي إلى اليمن ومديرة العمليات والمناصرة في مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية..
في إحاطته جدد المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ دعوة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش لميليشيا الحوثي بإطلاق سراح الموظفين الأمميين، وغيرهم، الذين اختطفتهم الميليشيات الحوثية الأسبوع الماضي، على الفور ودون شروط..
وقال غروندبرغ: "في الأسبوع الماضي، تم احتجاز 13 موظفًا من الأمم المتحدة، بمن فيهم أحد زملائي في صنعاء، بالإضافة إلى خمسة موظفين من العاملين في المنظمات غير الحكومية الدولية والعديد من موظفي المنظمات المحلية غير الحكومية والمجتمع المدني الوطنيين، بشكل تعسفي على يد جماعة أنصار الله، وما زالوا حتى الآن رهن الاحتجاز دون القدرة على التواصل مع العالم الخارجي".
وتابع: "بالإضافة إلى ذلك، هناك أربعة موظفين من مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونيسكو)، لازالوا قيد الاحتجاز دون تواصل مع العالم الخارجي منذ عامي 2021 و2023".
ودعا "جماعة أنصار الله إلى احترام حقوق اليمنيين بموجب القانون الدولي وإطلاق سراح جميع موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية على الفور دون شروط، والامتناع عن ممارسة الاحتجاز التعسفي للمدنيين"، مؤكدا على أن الأمم المتحدة "حاضرة لخدمة اليمنيين، ومثل هذه الاحتجازات التعسفية ليست إشارة متوقعة من جهة تسعى إلى حل للنِّزاع عبر الوساطة".
بدورها أيضا، وضمن إحاطتها المقدمة لمجلس الأمن الخميس؛ حثت إيديم وسورنو مديرة العمليات والمناصرة في مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، جماعة الحوثيين على "الإفراج الفوري عن زملاء الأمم المتحدة المحتجزين، وجميع المواطنين اليمنيين، بالإضافة إلى موظفي الأمم المتحدة الأربعة المحتجزين منذ عامي 2021 و2023".
وقالت وسورنو: " لقد تلقينا معلومات محدودة للغاية حول ظروف احتجاز زملائنا، ما زلنا لا نعرف على وجه التحديد مكان وجودهم أو ظروف احتجازهم".
كما أضافت: "ونحن نسعى جاهدين للحصول على توضيحات من سلطات الأمر الواقع الحوثية بشأن هذه القضايا، ونطلب الوصول إلى زملائنا المحتجزين، ونحث على إطلاق سراحهم فورًا".
وذّكّرت بالقانون الدولي الذي "يحظر الحرمان التعسفي من الحرية. كما يتطلب من جميع أطراف النزاع المسلح احترام وحماية العاملين في المجال الإنساني، بما في ذلك ضد أي مضايقات وسوء معاملة واعتقال أو احتجاز غير قانوني".
وحذرت من مثل هذه الأفعال " لا تؤدي إلى تعريض موظفي الأمم المتحدة وموظفي المنظمات غير الحكومية للخطر فحسب، بل إنها تؤخر وتعرقل إيصال المساعدات الحيوية إلى ملايين الأشخاص. كما أنهم يجازفون أيضًا بتفاقم مستويات الإشاعات والمعلومات المضللة والتي هي أساسا مقلقة تجاه المجتمع الإنساني".
ودعا "سلطات الأمر الواقع الحوثية إلى وقف جميع الاعتقالات والاحتجازات التعسفية والإفراج عن أي شخص محتجز بهذه الطريقة"، وكررت "دعوة الأمين العام إلى الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع موظفي الأمم المتحدة المحتجزين في اليمن".
وفي المناقشة التي تلت هذه الجلسة، ردد معظم أعضاء المجلس بصوت عال دعوة الأمين العام إلى الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع موظفي الأمم المتحدة وموظفيها المحتجزين تعسفيا. لكن المجلس فشل في إصدار بيان صحفي موحد بشأن الجريمة، أعدت مسودته المملكة المتحدة، لكن روسيا والصين، وكالعادة، وقفا ضد مسودة البيان، تحت ذريعة الحاجة إلى المزيد من المعلومات..!!
وبدلا من ذلك، قررت المملكة المتحدة اصدار بيان خارج المجلس الدولي، مع الدول المؤيدة للمسودة.
إدانة عالمية جماعية
وقُبيل انعقاد جلسة مجلس الأمن، ألقت الممثلة الدائمة للمملكة المتحدة لدى الأمم المتحدة السفيرة باربرا وودوارد، البيان المشترك نيابة عن دول: أستراليا، النمسا، بلجيكا، بلغاريا، كندا، كرواتيا، قبرص، جمهورية التشيك، الدنمارك، الإكوادور، إستونيا، الاتحاد الأوروبي، فنلندا، فرنسا، ألمانيا، اليونان، غيانا، المجر، أيرلندا، إيطاليا، اليابان، جمهورية كوريا، لاتفيا، ليتوانيا، لوكسمبورغ، مالطا، موزمبيق، هولندا، نيوزيلندا، البرتغال، بولندا، رومانيا، سلوفاكيا، سلوفينيا، إسبانيا، السويد، سويسرا، الولايات المتحدة، اليمن، والمملكة المتحدة..
نص البيان (بعد الترجمة):
"إننا ندين بشدة عمليات الاعتقال الأخيرة التي قام بها الحوثيون، منذ 7 حزيران/يونيو، لموظفي الأمم المتحدة، والموظفين العاملين، أو الذين عملوا سابقًا، لدى منظمات غير حكومية دولية ووطنية وبعثات دبلوماسية.
ونطالب بالإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المحتجزين ونحث الحوثيين على ضمان سلامة وأمن العاملين في المجال الإنساني والأمم المتحدة.
نشعر بقلق بالغ إزاء التدهور الكبير والسريع للوضع الإنساني في اليمن، ونؤكد على أنه من الضروري للجهات الفاعلة الإنسانية أن تتمكن من الوصول دون عوائق إلى السكان المدنيين.
كما نشعر بقلق بالغ إزاء المخاطر التي تهدد إيصال المساعدات الإنسانية الأساسية. ونكرر دعوتنا لاحترام القانون الإنساني الدولي فيما يتعلق بالوصول الآمن والسريع ودون عوائق لجميع الجهات الفاعلة الإنسانية، لضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى الفئات الأكثر ضعفا في اليمن.
ونؤكد من جديد التزامنا القوي بوحدة اليمن وسيادته واستقلاله وسلامة أراضيه، والتزامنا بالوقوف إلى جانب الشعب اليمني".
جريمة "غير مسبوقة" عالميا
وبالتزامن مع انعقاد جلسة مجلس الأمن، أيضا، أصدرت المنظمات الأممية والدولية الأخرى المتضررة من تلك الاختطافات، أول بيان مشترك لها، أوضحت فيه موقفها من الجريمة، وحددت مطالبها بوضوح..
المنظمات التسع هي: برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، منظمة أوكسفام الدولية، اليونسكو، اليونيسف، برنامج الأغذية العالمي، منظمة رعاية الطفولة الدولية، منظمة كير، منظمة الصحة العالمية، ومفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان..
وأعربت في بيانها عن قلقها البالغ "إزاء احتجاز سلطات الأمر الواقع الحوثية مؤخرًا لـ 17 موظفا في منظماتنا ... والعديد من الأشخاص الآخرين المرتبطين بمنظمات المجتمع المدني، والمنظمات غير الحكومية الوطنية والدولية، وغيرها من المنظمات التي تدعم أنشطة العمل الإنساني".
وطالبت "بالإفراج الفوري وغير المشروط" عنهم، واصفة عمليات الاحتجاز هذه بأنها "غير مسبوقة" على مستوى العالم، "وتعيق بشكل مباشر قدرتنا على الوصول إلى الأشخاص الأشد ضعفا في اليمن". وشددت على أنه "يجب أن يتوقف استهداف العاملين في المجالات الإنسانية وحقوق الإنسان والتنمية في اليمن. كما يجب الإفراج عن سراح جميع المعتقلين فوراً".
للمزيد.. أقرأ:
وكالات الإغاثة الدولية: الاعتقالات الحوثية لموظفينا غير مسبوقة على مستوى العالم وتعيق أعمالنا في اليمن.
يذكر أن ميليشيات الحوثي، المدعومة من إيران، سبق وأن اختطفت، في أكتوبر/تشرين الأول 2021، العشرات من الموظفين اليمنيين العاملين، أو الذين كانوا يعملون سابقا، في السفارة الأمريكية. ووفقا للتقارير لا يزال 11 منهم محتجزين حتى الآن، بتهمة التجسس ايضا.
وعقب اعتقالاتها الأخيرة لموظفي الإغاثة الإنسانية، الأسبوع الماضي، بثت اعترافات مسجلة لعدد من اليمنيين المعتقلين سابقا (في أكتوبر 2021)، بعد أن أجبرتهم على الاعتراف القسري بالانتماء إلى شبكة تجسس تابعة للمخابرات الأمريكية. الأمر الذي زاد من قلق منظمات الأمم المتحدة أن يكون مصير موظفيها نفس مصير سابقيهم.