أظهر تحليل لمعهد بريطاني أن الحوثيين في اليمن ينشئون منشآت عسكرية جديدة وأكبر بكثير تحت الأرض يمكنها أن تعزز حمايتهم في حالة نشوب صراع في المستقبل.
وكشفت صور الأقمار الصناعية -التي استعرضها المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية- أن الجماعة المسلحة، التي تسيطر على جزء كبير من البلاد وتضايق الشحن في البحر الأحمر، قامت بتوسيع كبير للمنشآت العسكرية تحت الأرض.
وأشار المعهد في التحليل الذي ترجمه "يمن شباب نت"، إلى ما وصفه بـ"طفرة البناء" تسبق العملية العسكرية المستمرة بقيادة الولايات المتحدة والتي استهدفت الحوثيين لمواجهة هجماتهم على البضائع والسفن العسكرية.
وقال إنه وفي حين استخدم الحوثيون الكهوف والأنفاق البسيطة في أيامهم الأولى كمجموعة مسلحة، فقد سعوا في الآونة الأخيرة إلى إنشاء منشآت أكبر بكثير، حيث قاموا بتجديد أنظمة أنفاق الجيش اليمني قبل الحرب وبناء مرافق جديدة بالكامل تحت الأرض.
وبحسب التحليل، توضح جهود البناء أنه حتى قبل المواجهة العسكرية مع الولايات المتحدة والقوات المتحالفة معها، كان الحوثيون يستعدون ويعززون أنفسهم في حالة نشوب صراع مستقبلي.
وظهرت بعض الأدلة الأولى على أن الحوثيين كانوا يستخدمون مرافق تحت الأرض في عام 2004، خلال أول ما يسمى بحروب صعدة ضد الحكومة اليمنية.و"استخدم الحوثيون على نطاق واسع الكهوف الطبيعية والأنفاق الأصغر المنتشرة عبر المناظر الطبيعية الجبلية الوعرة في اليمن".
ومع ذلك، لم يكن الحوثيون أول من أدخل منشآت تحت الأرض إلى اليمن. إذ قامت حكومة صالح (1978-2012) ببناء منشآت كبيرة تحت الأرض، بعضها مرتبط بمنشآت عسكرية والبعض الآخر يقال إنه مخصص للسلامة الشخصية لكبار أعضاء الحكومة وأصولها. وقد تم اكتشاف العديد من هذه المواقع بعد سقوط نظام صالح.
ووفقا للمعهد الدولي، بدأت أول فترة بناء كبرى للحوثيين في أواخر عام 2020، مع انخفاض وتيرة الغارات الجوية للتحالف بشكل ملحوظ . وقد تجاوزت قوات الحوثيين تصميمات الأنفاق الأصغر وبدأت في تجديد المنشآت تحت الأرض التي تعود لعهد صالح.
وتظهر صور الأقمار الصناعية إزالة الركام من مداخل الأنفاق، ومسارات جديدة للمركبات المؤدية إلى الأنفاق، فضلا عن وجود آليات البناء في معسكر الحفا، والقصر الرئاسي السابق، ومجمع التلفزيون اليمني في صنعاء، ومنشأة التخزين بالقرب من (الظبر).
يشير ظهور أكوام كبيرة من مخلفات الحفا، إلى أن العمل في الحافة ربما كان يتضمن توسعًا كبيرًا للمنشأة الأصلية. وفي حالتين على الأقل، أدى تجدد العمل في هذه المواقع إلى جولة أخرى من الضربات على معسكر الحفا ومجمع التلفزيون اليمني من قبل التحالف الذي تقوده السعودية في عامي 2020 و2021.
طفرة البناء
بعد أن وافق الحوثيون على هدنة مع التحالف الذي تقوده السعودية في أبريل/نيسان 2022، والتي صمدت إلى حد كبي، شرعوا في جهود بناء أكثر توسعية تجاوزت تجديد وتوسيع المرافق الموجودة تحت الأرض في عهد صالح. إذ تُظهر صور الأقمار الصناعية منشأتين جديدتين على الأقل تحت الأرض قامت الجماعة ببنائهما.
وفي أواخر عام 2022، بدأ الحوثيون العمل في منشأة جديدة في واد بالقرب من معقلهم المحلي في صعدة. اعتبارًا من فبراير 2024، حيث تُظهر صور الأقمار الصناعية ثلاثة مداخل للأنفاق واسعة بما يكفي لاستيعاب المركبات الثقيلة وأكوام كبيرة من مخلفات الحفر في الموقع.
وأظهر موقعان آخران بالقرب من صعدة سمات تتفق مع بناء المرافق العسكرية تحت الأرض ولكن لا يمكن تحديدها بشكل قاطع على هذا النحو.
كما تم العمل في قاعدة صواريخ سكود السابقة للجيش اليمني في جبل عطان في صنعاء. وبدأ الحوثيون، في النصف الأول من عام 2023، ببناء نفق كبير، مما يشير إلى أن العمل جارٍ على إنشاء منشأة كبيرة تحت الأرض.
الأساس للقتال
وتشير حقيقة أن الحوثيين بدأوا في بناء منشآت جديدة كبرى بعد اتفاق وقف إطلاق النار مع التحالف الذي تقوده السعودية إلى أن الجماعة تركز على ترسيخ نفسها وتعزيز قدراتها العسكرية. وربما تكون مرونة المواقع في مواجهة الضربات الجوية السعودية وشركاء التحالف قد عززت اهتمام الحوثيين بها.
وفضلت الجماعة بناء منشآت كبيرة يمكن رؤيتها من خلال صور الأقمار الصناعية بدلاً من الالتزام حصرياً بالطريقة السرية لبناء الأنفاق التي تفضلها جماعات مثل حزب الله.
ويثير حجم المداخل، وهي كبيرة بما يكفي لاستيعاب المركبات الثقيلة، تساؤلات حول ما إذا كان من الممكن استخدام هذه المرافق تحت الأرض التي تم تجديدها والتي تم بناؤها حديثًا في نهاية المطاف لإخفاء أجزاء من ترسانة الصواريخ والطائرات بدون طيار التابعة للحوثيين.
ويجري الآن اختبار مرونة المرافق الموجودة تحت الأرض. حيث قالت وزارة الدفاع الأمريكية إنها ضربت أهدافًا تحت الأرض كجزء من عملية بوسيدون آرتشر.