في مشهد لا يقل وحشية عن جرائم الصهاينة بحق الشعب الفلسطيني، انهال عناصر من مليشيا الحوثي الإرهابية، بالضرب المبرح بأعقاب البنادق والعُصي على مالك محطة مشتقات نفطية في إحدى بلدات محافظة ذمار (وسط اليمن) لإجباره على دفع جبايات مالية لدعم ما تسمى بالقوة الصاروخية التي تزعم المليشيا أنها تستهدف بها إسرائيل نصرة لغزة.
الحادثة التي وقعت قبل أيام كان ضحيتها "مبروك حسين الجحاني" الذي يبدو أنه سأم من الجبايات المالية التي تفرضها عليه مليشيا الحوثي طوال العام، وقرر هذه المرة عدم الاستجابة لدفع الأموال لها، لعلمه أن تلك الأموال لن تقتل صهيونيا بل ستذهب لجيوب قيادات الحوثي أو لآلة القتل التي تستهدف اليمنيين في عموم البلاد.
وشوهد في الفيديو الذي تداوله ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي، عناصر حوثية وهي تعتدي على المواطن "الجحاني" وأسرته بالقوة المفرطة لإجباره على دفع اتاوات مالية، في حادثة كشفت الدوافع الحقيقية لعمليات النهب التي يتعرض لها اليمنيون هذه الأيام تحت ذريعة نصرة "فلسطين".
ومنذ بداية العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة قبل أكثر من شهر ونصف، كثفت مليشيا الحوثي عدوانها على اليمنيين بكل شرائحهم وفرضت عليهم جبايات مالية لدعم ترسانتها العسكرية التي لم تستخدمها يوما إلاّ لقتل اليمنيين، زاعمة بأن تلك الترسانة من الصواريخ والطائرات المُسيّرة تساند المقاومة في غزة في حربهم ضد الكيان الصهيوني، وهو الادعاء الذي تكذبه الوقائع على الأرض، وتصفه الحكومة بأنه لا يعدو كونه استغلالا للقضية ومتاجرة بها.
استغلال ومتاجرة
وفي تعليقها على تلك الجبايات، أكدت الحكومة اليمنية، على لسان وزير إعلامها معمر الإرياني في تصريحات سابقة بهذا الشأن، أن مليشيا الحوثي المدعومة من إيران، لم تقدم للقضية الفلسطينية سوى الشعارات الفارغة، في حين تستغل الأحداث المتعلقة بها كما هو الحال الآن في غزة، في جمع التبرعات وتحشيد المقاتلين وتسخير ذلك لإطالة أمد الصراع في البلاد وقتل اليمنيين.
وقال الإرياني إن محاولات مليشيا الحوثي توظيف التطورات في قطاع غزة لتجييش وحشد المقاتلين وتجنيد الاطفال وجمع التبرعات، وتوظيفها في إدامة الأزمة والانقلاب وقتل اليمنيين، "استغلال ومتاجرة رخيصة من مليشيا إرهابية لم تقدم شيئا للقضية سوى الشعارات الفارغة".
وعاد الوزير في بيان آخر على منصة إكس، ليؤكد على أن الصواريخ والمُسيرّات التي يزعم الحوثي إرسالها نحو إسرائيل مجرد "دعائية ولم يسمع عنها أحد إلا في وسائل الاعلام، ولم يكن لها أي تأثير في ميزان الصراع".
وأضاف: أن تلك الادعاءات "تأتي امتدادا لنهجها (المليشيا) في اللعب على العاطفة الدينية والمتاجرة بمآسي الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة"، مشيراً إلى أن إطلاق حملات جمع التبرعات تهدف "لنهب أموال ومدخرات الشعب اليمني، وتمويل ما يسمى "المجهود الحربي" بهدف إدامة مشروعها الانقلابي والاستمرار في قتل اليمنيين، واستهداف الأمن والاستقرار وبسط الهيمنة والنفوذ الإيراني في المنطقة".
احتيال وابتزاز
في حملة جباياتها تلك بدأت مليشيا الحوثي الإرهابية، بنهب وابتزاز التجار في مناطق سيطرتها تحت ذريعة المقاطعة.
وقال تجار وباعة من محافظة إب (وسط اليمن) لـ "يمن شباب نت"، إن مليشيا الحوثي نفذت خلال الأسابيع الماضية حملات مداهمة للمتاجر والمولات في مركز محافظة إب والمدن الثانوية، لنهب بضائع التجار، تحت ذريعة مقاطعة منتجات الدول المؤيدة للعدوان الإسرائيلي على غزة.
وأضافوا أن المليشيا ـالتي لم تنزل قوائم بالبضائع التي تدّعي مقاطعتهاـ باشرت بحملات تفتيش بهدف الابتزاز والجباية، وخيّرتهم بين دفع مبالغ مالية أو مصادرة البضائع التي كان التجار قد سبقوهم إلى مقاطعتها بالامتناع عن بيعها وإعادة تخزينها في المخازن كالتزام أخلاقي منهم في مواجهة الشركات التي أعلنت تأييدها للكيان الإسرائيلي في حربه على غزة.
وأكد التجار أن المليشيات لاتهمها المقاطعة رغم ترويجها لذلك، وأن حملاتها تلك كانت بغرض الابتزاز، مُذّكرين بحملات الجبايات التي تطالهم طوال العام تحت ذرائع مختلفة.
وفي حملات أخرى، فرضت المليشيا جبايات مالية على التجار والمؤسسات الخاصة بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها، لدعم "الطيران المسير والقوة الصاروخية" التابعة لها، تحت ذريعة مساندة المقاومة في غزة.
وقالت مصادر مطلعة، إن المليشيا عقدت لقاءات مع كبار التجار ومدراء المؤسسات الأهلية وشركات الأدوية وفرضت عليهم مبالغ مالية كبيرة وحددت فترة زمنية للدفع، كما قامت بحملات ميدانية متزامنة إلى المحال التجارية وصغار التجار.
شريحة النساء، كانت هي الأخرى من أكثر الفئات التي احتالت عليها المليشيا ونهبتهم أموالهم ومجوهراتهم تحت ذريعة دعم غزة وفلسطين، باعتبار أن هذه الفئة كانت ولا زالت أكثر تفاعلاً من كل الشرائح مع القضية الفلسطينية بتبرعاتها المالية على مدى العقود السابقة.
وفي هذا السياق نفذت المليشيا عشرات الفعاليات النسوية التعبوية في محافظات سيطرتها، وأرغمت النساء بالترغيب والترهيب على دفع مبالغ مالية ومجوهرات بذريعة تجهيز قوافل دعم لتحرير القدس وإنقاذ غزة.
ووفقا لمصادر مطلعة فإن المليشيا لم تكتف بتلك الفعاليات بل عمدت على تشكيل لجان ميدانية نسوية في الحارات والأحياء ونفذت نزولات إلى المنازل لإقناع النساء بالتبرعات، وأرهبت الرافضين منهن أو العاجزين عن الدفع بمعاقبتهن وآهاليهن واعتبارهم أعداءً للقضية الفلسطينية.
الجميع مستهدف وبوسائل مختلفة
دأبت المليشيا طوال الأسابيع الأخيرة على إعلان تنفيذها هجمات صاروخية وبطائرات مُسيّرة باتجاه "إسرائيل" ولاحظ مراقبون أن تلك البيانات التي تعلنها المليشيا عادة ماتكون مساء الأربعاء أو الخميس، وهي الأيام التي تسبق يوم الجمعة، الذي يستغله الحوثيون في الدعوة إلى جمع التبرعات عبر خطباء المساجد.
وفي تعليقه على إحدى البيانات علق الناشط إبراهيم عسقين ساخراً: "بيان عسكري حوثي قبل يوم الجمعة الغرض منه لأجل أن يفرشوا الطرابيل يأخذوا من خلالها فلوس خرافهم تحت مسمى دعم القوة الصاروخية".
وترافقت حملات الجبايات والتبرعات بحملات دعائية وبرامج مخصصة في وسائل إعلام المليشيا عبر القنوات والإذاعات، كما شملت تلك الحملات الدعوات بالتبرع عبر شركات الاتصالات وفتح حسابات بنكية.
وشملت الجبايات الحوثية استهداف طلاب المدارس، حيث كشفت مصادر تربوية في محافظة إب (الامر ذاته ينطبق على بقية المحافظات الخاضعة لسيطرة المليشيا) قيام المليشيا بتوزيع دفاتر سندات على مدراس المحافظة لإجبار الطلاب على دفع مبالغ مالية تحت ذريعة دعم القوة الصاروخية والطائرات المُسيرة.
وأشارت المصادر إلى أن المليشيا شكلت لجانا ميدانية للنزول إلى المدارس لجباية تلك الأموال وعمل إذاعات مدرسية مصاحبة بهدف التغرير على الطلاب بأن التبرعات ستذهب لصالح غزة.
وعمدت مليشيا الحوثي المدعومة من إيران، منذ بداية الحرب الإسرائيلية على غزة، إلى شن حملات تضليل واسعة في المحافظات الخاضعة لسيطرتها، والادعاء بأنها تقف إلى جانب المقاومة الفلسطينية ومشاركتها في الحرب، وطالبت المواطنين إسنادها بالمال والمقاتلين.