شلال المشنة أحد أبرز المعالم السياحية في محافظة إب (وسط اليمن)، الذي يقصده مئات الزائرين من أبناء المحافظة وزوارها، طوال أيام العام، وفي موسم الأمطار بشكل خاص يتحول المكان إلى مزار مكتظ بالزائرين، يساهم في ذلك قربه من مركز المدينة ما يجعله الخيار الأول للنزهة والترويح عن النفس وقضاء أوقات ممتعة في أفياء الطبيعة الخلابة.
خلال فصل الصيف المطير تزداد مياة الشلال المتدفقة من جبال وشعاب بعدان، مايزيد من جاذبية الموقع كأهم مزار سياحي للزائرين الذين يتوافدون من عدة محافظات يمنية رغم مصاعب وعقبات السفر التي أحدثتها الحرب المستمرة في البلاد منذ تسعة أعوام.
ويقع الشلال في سفح جبل بعدان في نطاق مديرية المشنة وفي الجهة الشرقية من مدينة إب (مركز المحافظة)، وتغذيه ينابيع جبل بعدان بالمياه العذبة طوال العام، وتحيط به خضرة الجبال وجمال مدينة إب الآسرة، وهو متنزه طبيعي لم تطرأ عليه أي تحسينات أو إنشاءات من بني الإنسان.
"جوهرة بيد فحّام"
يعد المنتزه من أجمل المواقع السياحية في المحافظة التي تستهوي عشاق الطبيعة والراغبين بقضاء أوقات ممتعة للخروج من ضغط الحياة واكتظاظ حياة المدينة الصاخبة، غير أن ذلك المكان بالغ الجمال ينقصه تقريباً كل شيء من المرافق والخدمات السياحية التي لو وجدت فإنها ستوفر بيئة خصبة للسياحة.
"عبدالرحمن أحمد"، أحد المتنزهين القادمين من محافظة الحديدة، يشيد بجمال وروعة وجاذبية المكان، ويؤكد بأنه أحد أجمل المناظر الطبيعة التي شاهدها في حياته.
ويضيف في حديث لـ "يمن شباب نت"، "المكان يفتح النفس وينسيك هموم الدنيا ومشاكل الحياة"؛ مستدركاً: "لكن مايعيبه غياب التنظيم والخدمات".
وتابع: "مكان كهذا لو هو في أي دولة تقدر قيمة السياحة فإنه سيتحول إلى رافد اقتصادي؛ لكن وللأسف أنت في اليمن، لا سياحة ولا اقتصاد ولا دولة...".
وحمّل الزائر "عبدالرحمن" سلطات الأمر الواقع التابعة لمليشيا الحوثي التي تحكم قبضتها على المحافظة، مسؤولية غياب الخدمات والمرافق المصاحبة، داعيا إلى إيلاء الأمر أهمية قصوى خاصة وأنه بات من أهم المتنفسات التي يقصدها الزائرين من المحافظة وخارجها.
ماذهب إليه "عبدالرحمن" من غياب اهتمام السلطات بالمزار وتهيئته ليغدو مرفقا سياحيا تتوفر فيه كل الإمكانات، يؤكده "علي العمراني" القادم من صنعاء، الذي يعيب هو الآخر على الجهات المعنية (سلطات مليشيا الحوثي)، عدم إصلاح الخط المؤدي إلى المتنزه قائلا: "السائح يصل وقده متعب بسبب مطبات وحفريات الخط الذي تهالك ولم يعد يصلح للسير".
ويضيف: "المكان ينقصه جهات تنظيم للزائرين وتحديد وقت محدد لكل زائر، كما يحتاج إلى مرافق كمطاعم وحمامات وفنادق مجاورة ومظلات وأماكن جلوس ومحلات تجارية".
ويتابع العمراني: "لو هناك إدارة ورؤية سياحية فإنها ستعمل على إنشاء ناقل "ترفليك" ترفيهي ضمن مرافق الشلال، الأمر الذي سيزيد من الزائرين وسيرفع من الجذب السياحي للمحافظة، لكن وللأسف جوهرة بيد فحّام".
فوضى وغياب الخدمات!
يتفق كل من يزور شلال المشنة على جمال وروعة المكان كمتنزه طبيعي رباني، غير أنهم يبدون انزعاجهم من حالة الفوضى والعشوائية التي تحيط بالمكان الأمر الذي يدفع بالكثير منهم إلى عدم المكوث طويلاً.
"عابر الحميرى"، يقول: "رحت لهناك.. مكان أصبح كئيب كله سيارات ومترات وعربيات ما تقدر تجلس وتأخذ راحتك مع عائلتك".
ويضيف: "طريق مكسرة كلها.. الحمدلله مابوش سياح (أجانب) وإلا فضيحة والله".
أما الناشط على مواقع التواصل الاجتماعي "عمرو الحبيشي"، فيقول على سبيل السخرية "لو يخلوه سرويس لأصحاب المترات وخلاص" في إشارة إلى التواجد المكثف للدراجات النارية التي يعمد الكثير من سائقيها إلى غسل دراجته من مياه الشلال رغم وجود الزائرين، مايضفي على المزار طابع الفوضى والعشوائية.
ومن جهته يشكو الناشط "علي أحمد التويتي"، من غياب الخدمات قائلاً: "شلال المشنة في إب..تخيلوا لا يوجد أي دورة مياه هناك، كمان لايوجد حتى برميل للقمامة هناك، كمان الشارع مكسر والازدحام كبير".
ومع غياب دور صندوق النظافة في المكان، يلجأ ناشطون شباب ومبادرون من أبناء المحافظة، بين الفينة والأخرى إلى عمل حملات لإزالة تلك المخلفات والأكياس بمافي ذلك نظافة محيط المتنزه لعكس صورة جميلة عن مدينة إب والسياحة فيها.
ورغم تلك الحملات الشبابية إلاّ أن جهودهم لا تكفي في ظل تراكم المخلفات وتصلبها على طول امتداد طريق مياه الشلال والطرق المؤدية إليه، ما يستدعي ضرورة تخصيص عمال نظافة دائمون للعمل في المكان عن طريق صندوق النظافة والتحسين.
مصدر رزق
مع تدفق الزائرين إلى المتنزه الذي تحول إلى قبلة سياحية على حساب متنزهات أخرى في المحافظة كمتنزهات "جبل ربي" و"مشورة" و "وراف"، وفي ظل غياب المرافق الخدمية، تحول المكان إلى مصدر رزق للكثيرين كالمصورين والفنانين والباعة المتجولين.
فمع وصولك إلى الشلال يستقبلك عدد كبير من المصورين وأصحاب الخيول الذين ما يلبثوا أن يقنعوك بالتقاط صور تذكارية مميزة، سواء على الخيول أو باختيار زوايا مميزة للتصوير كماء الشلال وخضرة الجبال أو جمال المدينة التي تتاخم الشلال من جهة الغرب.
وإلى جانب المصورين والفنانين من عازفي العود وداقي طاسة البرع، يكتظ المكان بعشرات الباعة المتجولين من بائعي الماء والمشروبات وأدوات النظافة والحلويات والإسكريم والبطاط و"الذرة" والوجبات الخفيفة، الذين دأبوا على التواجد في المكان طوال فترة النهار كل يوم وخاصة خلال فصل الصيف الذي تزيد فيه مداخيلهم المالية مع ازدياد أعداد الوافدين إلى المتنزه.
زيارة قصيرة
لا يطيل الزائرون للمكان البقاء فيه رغم جماله ونقاء أجوائه التي تأخذك بعيدا عن ضوضاء المدينة وضغوطات الحياة، وذلك لغياب الخدمات والمرافق السياحية فيه، ناهيك عن حالة الازدحام الشديد وغياب التنظيم.
ويؤكد زائرون للشلال، أن غياب المطاعم ودورات المياه تدفعهم إلى تقليص وقت النزهة إلى ساعة واحدة أو ساعتين على أكثر تقدير، بعد أن كانوا يُمنّون النفس أن يمضوا وقتا طويلا رفقة عائلاتهم.
وأوضحوا أنه ورغم جمال المكان ومتعة المناظر الطبيعية الخلابة إلا أن غياب أماكن خاصة للعوائل، وعدم وجود دورات مياه ومرافق خدمية كالمطاعم والاستراحات، يسلبهم تلك الراحة ويضطرهم إلى مغادرة المكان بشكل مبكر.