تمكنت الشابة "حنان الكباري" من انشاء مشروع جديد يمكن القول عنه اول مشروع من نوعه في محافظة تعز (جنوب غربي اليمن)، وهو عبارة عن مقهى أو استراحة (كوفي) يقدم خدمات ترفيه للنساء فقط، ولاقى هذا المشروع استحسان النساء بفكرته المختلفة.
وعززت الأفكار الجديدة بمشاريع صغيرة قوة النساء في تأمين حياتهن المعيشية مع تردى الوضع الاقتصادي في البلاد، هو ما تسعى إليه النساء في اليمن، بعد أن وجدن أنفسهن تحت مقصلة الحرب والفقر، وبعد أن أصبح بعضهن مُعيلات لأسرهن بسبب موت او اختطاف او انشغال الرجل بالصراع.
تقول حنان "أن الفكرة ولدت لديها عندما كانت تخرج برفقة أسرتها فلا تجد مكان تأخذ فيه راحتها، ناهيك ان مدينة تعز، تفتقر الى المتنزهات والحدائق الكافيهات، وما كان موجود سابقاً دمرته الحري وهناك أماكن تفتقر الى أساسيات للترفيه".
وأضافت لـ"يمن شباب نت"، "منذ سنتين تراودني الفكرة، وفي شهر ديسمبر من العام المنصرم 2022، بدأت في التجهيز لإنشاء أول كوفي للنساء فقط، بالإضافة الى انني كنت اشاهد تذمر الفتيات من رفض أسرهن الذهاب الى كافيهات مختلطة خصوصا الاسر المحافظة".
إقبال كثيف
لم تدرك "الكباري" حقيقة افتتاح مشروعها صغير وتكلفته المادية التي أصبحت ثلاث اضعاف ما كانت تتوقع، لكنها لم تستسلم وعملت على استكمال حلمها، وقالت: "اقترضت مبلغ مالي، والان على مدى الأشهر القادمة سيكون جميع الربح لسداد ديني ثم بعدها سيكون الربح السنوي والشهري في حسابي".
وتابعت: "ان التفكير في إقامة مشروع حتى وان كان صغير لاسيما في ظل الوضع الحالي باستمرار الحرب، تحوم حول الفكرة في الأساس إلى جانب القدرة على مواجهة التحديات والعراقيل، ووضوح الهدف يجعل المرء يتخطى كل الصعاب ويمكنه من الهرولة قدما نحو تحقيق ما يتمنى".
"اليوم وانا أشاهد الاقبال الشديد، من قبل الطالبات بحكم وجود الكافية بجانب جامعة الجند، ممن يردن الحصول على أجواء هادئة لتناول وجبتي الفطور والغداء، أو تناول أي حلويات ومشروبات خلال فترة ما بعد الظهر، أبتسم في داخلي، وأقول كل حلم يحتاج للفعل كي يتحقق" وفق حنان.
ويقدم "كوفي جوزال" خدمات عدة لزبائنه من النساء، منها القهوة بكل أنواعها حارة وبارده، الحلويات، الموالح، المخبوزات، والمأكولات، بالإضافة الى وجود مكتبة الكافية التي تحتوي على عشرات الكتب والروايات والقصص، أيضا ركن الصداقة للصديقات لتوثيق صداقتهن، ويقوم بتنسيق لحفلات أعياد ميلاد وخطوبة وغيرها، بالإضافة الى تقديم خدمة الأكل السفري للمنازل.
مساعدة النساء
واجهت "حنان" العديد من التحديات على غرار أي مشروع يقوم، منها قلة رأس المال، وصغر مساحة المكان، أيضا الكوفي يقع في حارة وليس في شارع رئيسي، بالإضافة الى كون مشروعها للنساء فقط ممكن ان يفشل ويقل عدد الزبائن، لكنها واجهت كل ذلك.
وتعمل "حنان" موظفة حكومية منذ عام 2014، لكن حلمها بالمشروع الخاص ظل يراودها مرارا، وقالت: " تعمل لدي قرابة عشر نساء، وجميعهن يعتمدن على رواتبهن كمصدر دخل أساسي لأسرهن، وعملت على انشاء خدمة لربات البيوت ممن يملكن مهارة الطبخ ولا يستطعن الخروج الى العمل، بالترويج لمأكولاتهن وبيعهن في الكوفي".
تستطرد: "اليوم انا برفقه فريقي النسائي داخل جوزال كوفي نحصل على دخل شهري، ناهيك عن النساء الآتي نتعامل معهن من المنازل جميعنا فريق نسائي قادرات على تحمل المسؤولية بجدارة".
من جانبها ترى، سيدة الاعمال آزال العسالي، "ان الظروف الحالية زادت من معاناة الأسرة جراء توقف ونُدرة فرص العمل بالتزامن مع تصاعد ارتفاع اسعار المواد الغذائية، وإذا ما أضفنا إلى ذلك فقدان الأسرة لعائلها الزوج او الٱب أو الأخ بسبب مقتله في الحرب او تعرضه لإصابة تسبب له إعاقة".
وأضافت في حديث لـ"يمن شباب نت"، "أن تلك الاسباب جعلت كثير من الأسر جعل الأسر خطر المجاعة، ويمكن يضع بعض افرادها أيا كانت أعمارهم على بوابة ميدان الجريمة والمهانة: التسول، السرقة، او العمل مع عصابات تجارة المخدرات والقتل وغيرها".
الحفاظ على تماسك الأسرة
وتعتقد العسلي - التي تعمل ايضا في مجال تدريب النساء في مجال صنع الحلويات – "ان المرأة بحاجة الى الانخراط في أي مشروع من المشاريع الصغيرة التي تمكن المرأة من ممارسة مهنة تساعد الأسرة على تخطي الظروف الصعبة والوصول بأفرادها الى بر الأمان".
"تكمن اهمية المشاريع الصغيرة للمرأة، في كونها توفر لها مشروع ومهارات العمل اللازمة بما يمكنها من دخول سوق العمل مما يسهم في توفير تكاليف احتياجات الأسرة والحصول على فرص التعليم، وبذلك تتم حماية الأسرة والمجتمع"، وفقا للمدربة آزال.
وقالت: "أن المشاريع الصغيرة وفرص العمل التي تحاول النساء ايجادها تحافظ على تماسك الأسرة بتوفير وسائل الحياة الكريمة، ويضيف للمجتمع أسر قوية ومثمرة تحافظ على تماسكه وتطوره وتحميه".
وللعام التاسع على التوالي تستمر الحرب في اليمن، والتي خلفت مأساة كبيرة والتي تعد الأسوأ على العالم وفق تصنيف الأمم المتحدة، حيث يحتاج نحو 17 مليون يمني (ثلثي السكان) لمساعدات إنسانية عاجلة خلال العام الجاري 2023، رغم حالة الهدوء التي تشهد البلاد منذ أكثر من عام.
وتعد النساء من ضمن الفئات في اليمن اللاتي تأثرن بالحرب وأصبحن يتحملن مسؤولية مضاعفة، بسبب فقدان الأسر لمن يعليهن خلال الحرب وتصدرت المرأة اليمنية للحفاظ على أسرتها في ظل حالة النزوح أو التشرد والمعيشية القاسية التي تتفاقم في البلاد.