حرمت الظروف المعيشية القاسية عائلة "جلال غانم" أحد سكان العاصمة صنعاء؛ شراء الكسوة لأطفالها، وحلويات العيد، وحالت بينهم وبين مظاهر الاحتفال المعتادة بيوم عيد الفطر المبارك، على غرار ملايين اليمنيين في المناطق الأخرى الخاضعة لمليشيات الحوثي المدعومة من إيران.
بعد تسع سنوات من الحرب في اليمن، تحولت متطلبات الأعياد والمناسبات إلى عبء على الكثير من اليمنيين الذين وجدوا أنفسهم عاجزين عن توفير أبسط الاحتياجات الضرورية إذ أجبرت الظروف المعيشية القاسية غالبية المواطنين على التخلي عن العديد من الاحتياجات والعادات المرتبطة بهذه المناسبة.
كما استقبلت صنعاء العيد هذا العام بمقتل ما لا يقل عن 85 شخصًا وإصابة أكثر من 300 آخرين في حادثة تدافع وقعت ليلة الأربعاء/ الخميس الماضي أثناء احتشاد الآلاف من الفقراء والمحتاجين في مدرسة حكومية من أجل الحصول معونة مالية تقدر بـ5 آلاف ريال من أحد التجار في المدينة الخاضعة للمليشيا الحوثية.
ويشهد اليمن أسوأ أزمة إنسانية في العالم حيث يشتد الجوع في المناطق المتضررة من الصراع، ويحتاج ما يقرب من 21 مليون شخص، أي أكثر من 66% من إجمالي عدد السكان، إلى مساعدات إنسانية، وحماية، وفق الأمم المتحدة.
"مظاهر باهتة"
يرتبط حلول عيد الفطر في العاصمة صنعاء مع العديد من الاحتياجات الأسرية مثل شراء الملابس للأطفال، أو الحلويات المتنوعة، أو المكسرات المختلفة وغيرها لكنها بدأت تتلاشى وتغيب عن الكثير من الأسر اليمنية حتى أصبحت مظاهر العيد باهتة .
يقول غانم لـ يمن شباب نت"، "في صبيحة يوم عيد الفطر المبارك حاولت الابتهاج مع عائلتي، لكن وسائل الفرحة غير متوفرة هذه السنة في منزلنا. صحيح في الأعوام الماضية كان ثمة منغصات كثيرة لكن كانت رؤية الأطفال وهم يرتدون الثياب الجديدة تنسينا كل تلك المنغصات لأن العيد بالنسبة لنا هو فرحة أطفالنا ".
وأضاف:" في هذا العيد لم أتمكن حتى من شراء الكساء لأطفالي. لم أتوقف عن العمل مثل هذه الفترة مطلقاً، بالكاد استطيع توفير ما يسد رمق الأسرة من الجوع.. ظروفنا قاسية وفي كل عام وضعنا أسوأ من السابق ".
وعلى وقع أزمة إنسانية، وظروف اقتصادية قاسية، استقبل اليمنيون في صنعاء عيد الفطر المبارك هذا العام وسط ارتفاع أسعار المواد الغذائية المتطلبات العيدية وارتفاع أسعار الملابس، والتي بدورها انعكست سلباً على حياة المواطنين وتسببت بحرمانهم من بهجة العيد.
"فاجعة تدافع الجياع"
اما "علي العمراني" -أحد سكان صنعاء- استقبل العيد هذا العام بفقدان أحد جيرانه الذي كان من ضمن الضحايا الذين سقطوا في حادثة التدافع التي توفي فيها نحو 85 شخصاً وإصابة المئات بينهم نساء وأطفال وموظفين حكوميين.
وقال العمراني لـ يمن شباب نت": "تحول العيد إلى فاجعة، وعشنا في الحي يوم حزين غابت فيه البهجة والفرحة، وبدلاً من الاستمتاع بأجواء العيد أصبحت الفاجعة المأساوية حديثنا وحديث كل المواطنين في العاصمة صنعاء خلال معايداتهم وزيارتهم".
وأضاف:" كم هو مؤلم أن ترى جارك القريب، وهو يعاني من العوز وأنت عاجز عن مساعدته ومد يد العون له وتخفيف معاناته. والأشد من ذلك موته في طوابير المساعدات. الناس اليوم في صنعاء يعيشون اتعس الأيام".
وكشفت الحادثة المؤلمة جانباً من المعاناة الإنسانية التي يعيشها اليمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين نتيجة تردي الوضع الإنساني والمعيشي للكثير من المواطنين بمن فيهم الطبقة الوسطى.
وتشير المصادر المحلية، إلى سبب التدافع يعود إلى إطلاق الأعيرة النارية في الهواء من قبل مسلحين يتبعون لمليشيات الحوثي للسيطرة على الحشود والتي يبدو أنها أصابت محولًا كهربائيًا مما أدى إلى وقوع انفجار.
"ظروف قاسية"
محمد النهمي( 45 سنةً) أب لسبعة أطفال (عامل بناء ) في العاصمة صنعاء وبفعل حالة الكساد التي ضربت قطاع البناء والأعمال، مؤخرًا، يكابد مرارة الحياة مع أطفاله وزوجته إذ حل عليهم عيد الفطر المبارك هذا العام وهم يعيشون ظروف معيشية قاسية تسببت بحرمانهم من بهجة العيد الذي اعتادوا عليها سابقاً.
وقال النهمي لـ "يمن شباب نت" : "ظروفنا قاسية، لم نتمكن حتى من شراء الأشياء الضرورية، أما متطلبات العيد فقد أصبحت من الماضي، ناهيك عن كسوة الأولاد فهي من أسواق التخفيضات مع وجود القليل من العمل، لكن هذا العام لا شيء لقد أصبح تأمين الغذاء لأفراد الأسرة مهمة شاقة، متسائلاً "كيف يستطيع المواطن أن يعيش بهذه البلاد؟
وأكد تجار في العاصمة صنعاء لـ"يمن شباب نت"، تراجع الإقبال عن شراء الاحتياجات الخاصة بالعيد على وجه الخصوص المكسرات والحلويات والتي تراجع إقبال الناس عليها خلال هذا الموسم بشكل غير مسبوق مقارنة بالسنوات السابقة، مرجعين ذلك إلى انعدام الدخل، وتدهور الأوضاع المعيشية للكثير من المواطنين".
ويعيش غالبية المواطنين في صنعاء وغيرها من المناطق الخاضعة للحوثيين ظروفا معيشية قاسية نتيجة انعدام فرص العمل، و استمرار انقطاع الرواتب الحكومية للعام السابع على التوالي، بالإضافة إلى التضييق المستمر من قبل المليشيا على السكان.
وتحولت المناسبات الدينية والمناسبات الفرائحية إلى مآتم وأحزان، آخرها فاجعة التدافع الذي راح ضحيتها عشرات الجياع الذين قضوا قبل وسط طوابير طويلة أثناء بحثهم عن مبلغ زهيد من أحد التجار الذين يتعرضون هم ايضا لحملات ابتزاز وجبايات وتضييق من قبل مليشيات الحوثي.