قُتل ما لا يقل عن 85 شخصا وأصيب المئات من أشد الناس فقرا في العاصمة صنعاء الخاضعة لسيطرة مليشيا الحوثي المدعومة من إيران، كانوا يتجمعون في مدرسة بأمانة العاصمة لاستلام مساعدات نقدية تقدر بخمسة آلاف ريال فقط، من مجموعة الكبوس التجارية.
وقالت مصادر متعددة في صنعاء إن طقما حوثيا حضر إلى مدرسة معين التي يتم التوزيع فيها، وأطلق النار في الهواء للسيطرة على الحشود التي قدرت بالآلاف، وأدى إلى تدافع الناس وقطع محول كهربائي انفجر لاحقا وأدى إلى مقتل العشرات.
وقالت "وكالة أسوشيتدبرس"، إن مسلحين حوثيين أطلقوا النار في حشد لفقراء ينتظرون صرف مساعدات نقدية لهم من قبل بعض التجار أدى إلى تدافع شديد وانفجار مولد كهربائي قتل عشرات الأشخاص في صنعاء ليلة الأربعاء/ الخميس.
ونقلت الوكالة عن شهود عيان فإن مسلحين حوثيين أطلقوا النار للسيطرة على الحشود الفقيرة، وأدى لمجزرة مروعة بعد حدوث انفجار كهربائي عندما فزع الناس هاربين من أصوات الرصاص الحوثية.
ووفقا لإحصائية هيئة الزكاة الحوثية التي منعت التجار من أي توزيع لزكاتهم أو مساعداتهم بعيدا عنها، فإن 150 ألف أسرة في أمانة العاصمة دخلت ضمن خط الفقر المدقع، منذ بداية الحرب (انقلاب الحوثيين على السلطة في سبتمبر 2014م).
حيثيات سبقت الفاجعة
استبقت مليشيا الحوثي الإرهابية، حلول شهر رمضان المبارك، بإصدار تعميمات إلى التجار ورجال الأعمال وأصحاب المؤسسات تقضي بمنع توزيع زكوات أموالهم التي دأبوا على توزيع جزء منها مباشرة على الفقراء المحتاجين، وتلزمهم بتسليم تلك الأموال لهيئة الزكاة التابعة لها.
كما أن مليشيا الحوثي تعمل على حظر أي تجمعات مهما كانت في مناطق سيطرتها نهائيا، نتيجة لتركيبتها المغلقة دينيا وسياسيا وعسكريا، وتعتبر أي تجمعات مهما كانت عملا منظما يهدف إلى الإطاحة بنظامها.
ومن ناحية أخرى، ركزت مليشيا الحوثي عبر الحارس القضائي، وهيئة الزكاة وهيئة الأوقاف، ومكاتب الصناعة والتجارة، وعدد من المؤسسات الحكومية للسيطرة على القطاع الخاص، بمبررات مختلفة.
يقول عبدالهادي العزعزي في تصريح خاص لـ "يمن شباب نت"، إن مليشيا الحوثي تعمل في الفترة الأخيرة للسيطرة على أكبر قدر ممكن من القطاعات الاقتصادية الخاصة لضمان تمويل دائم لأنشطتها الحربية والسياسية.
وقال عبده بشر عضو مجلس النواب في صنعاء الموالي للحوثي والذي سبق أن عمل وزيرا للتجارة والصناعة في حكومة الحوثي غير المعترف بها، أن مسؤولية الجريمة المروعة تقع على عاتق سلطة مليشيا الحوثي، كونها منعت التجار نهائيا من توزيع أي صدقات أو زكوات في رمضان.
وأضاف في تغريدة له على تويتر أن مليشيا الحوثي تحاول استغلال الجريمة ضد التجار.
وأشار بشر في تغريدة أخرى أن القرارات الصبيانية لمليشيا الحوثي والاستحواذ على الصدقات أدى لوقوع مثل هذه الجريمة.
المليشيا و "الكبوس" خلاف يتصاعد
بلغت الخلافات بين مليشيا الحوثي ومجموعة "الكبوس" التجارية (إحدى المجموعات التجارية التي مازالت نشطة في مناطق سيطرة الحوثي) مرحلة صعبة رغم كل الإتاوات التي يتم دفعها، بحسب مصدر من داخل المجموعة.
ويصنف "الكبوس" على أنه مقرب من مليشيا الحوثي، ويترأس الغرفة التجارية في أمانة العاصمة المعنية بالدفاع عن القطاع الخاص.
وقال المصدر في تصريحات صحفية، إن مليشيا الحوثي سبق وأن اقتحمت عدة مرات مجموعة الكبوس في صنعاء.
ويتعرض القطاع الخاص لعمليات نهب منظمة من قبل مليشيا الحوثي، دفع الغرفة التجارية بصنعاء التي يقودها "حسن محمد الكبوس" إلى تشكيل مجموعة قانونية للدفاع عن القطاع الخاص ضد جرائم الحوثي.
وقالت الغرفة التجارية في سلسلة أخبار عن اللجنة وتحديدا نهاية مارس الماضي، "عقدت اللجنة القانونية بالغرفة التجارية الصناعية بأمانة العاصمة صنعاء يوم الخميس 30 مارس 2023م اجتماعها الثالث برئاسة الأستاذ حسن محمد الكبوس رئيس مجلس إدارة الغرفة، وناقشت شكاوى القطاع التجاري تجاه فرض متطلبات تعسفية وسياسات غير قانونية وغير واقعية ووضعتها في مصفوفة تمهيدا لرفعها للجهات المعنية في الدولة لحلها وفقا لنصوص القانون وروح الدستور".
وأشارت الغرفة التجارية في خبرها عن نقاش اللجنة "استعرضت اللجنة تقريرا عن الآثار الاقتصادية للإجراءات غير القانونية التي تقوم بها بعض الوزارات حيال التدخل في حرية السوق واستعرضت النصوص القانونية التي حددت آلية السوق وحرية المنافسة وحماية المستهلك وإجراءاتهما، وأكدت اللجنة على دور القانون في حماية كلا من النشاط الاقتصادي وكذا المستهلك في بلادنا بما يكفل تحقيق الأسس الاقتصادية كما جاء في الدستور".
وشرعت اللجنة فعلا في عقد اجتماعات مع عدد من القيادات الحوثية مثل مصلحة الجمارك في أبريل الجاري، حيث قالت الغرفة التجارية إن اللجنة القانونية للغرفة التجارية رفعت مصفوفة بالمشاكل التي يعاني منها القطاع الخاص على يد المؤسسات الحوثية وناقشت معها "الإشكاليات التي يواجهها قطاع المستورين في منافذ الرقابة الجمركية بمختلف تخصصاتهم والمعاناة جراء تلك الإجراءات".
وأشارت الغرفة التجارية إلى أنها اتفقت مع مصلحة الجمارك الحوثية على "تحديد نموذج موحد حول التسعيرات والوثائق المطلوبة التي يلتزم بها التجار لتحديد آلية التثمين، وآلية المماسي في المنافذ الجمركية والتي وصلت إلى 25% وآلية المرتجعات أو نقل البضائع عن طريق المكاتب الجمركية لنقل البضائع بين المدن".
كما عقدت الغرفة التجارية اجتماعا لمستوردي الأدوية والمستلزمات الطبية في التاسع من أبريل الجاري، في مقرا لغرفة بصنعاء بعد استفحال العراقيل الحوثية التي تعرقل عملهم.
استغلال الجريمة
عقب الجريمة المروعة التي راح ضحيتها 85 شخصاً على الأقل اعترفت المليشيا وعبر ما يُسمى بمتحدث وزارة الداخلية (غير المعترف بها) بخطف تاجرين اثنين على الأقل، وحملتهم المسؤولية عن الحادثة من دون أي تحقيق مسبق، بينما لم تقم بأي تحقيق تجاه عناصرها الذين أطلقوا النيران لتخويف الحشود الفقراء.
وشكلت سلطات الحوثيين لجنة تحقيق من خارج النيابة تضم وزراء في حكومته غير المعترف بها من بينهم طه المتوكل الذي تسبب في جريمة مماثلة ضد أطفال السرطان نهاية السنة الماضية، التي أودت بعشرات الأطفال بعد تطعيمهم بلقاح مزيف وملوث.
ولم تصدر الغرفة التجارية تعليقا حتى الآن لكشف ملابسات الحادثة ومن المتسبب بها.
وفي محاولة من الحوثي لاستغلال الحادثة من ناحية، و لتخفيف حدة الرأي العام الغاضب ضده من ناحية أخرى، أعلنت هيئة الزكاة الحوثية أحد أهم أدوات الجباية الحوثية صرف مليون ريال من الطبعة القديمة لأسرة كل قتيل، و200 ألف ريال من الطبعة القديمة للمصابين.
وتعد هيئة الزكاة أحد أهم الأسباب التي تقف خلف الجريمة بعد منعها التجار من توزيع الزكاة مباشرة من قبل التجار وفرضها على التجار تسليمها للهيئة الحوثية التي يستولي على إيراداتها عائلة عبدالملك الحوثي وسلسلة من العوائل الحوثية الهاشمية وفق تقرير لجنة خبراء العقوبات.
وتخوض الغرفة التجارية منذ سنتين نزاعا قضائيا في المحكمة التجارية ضد هيئة الزكاة الحوثية التي تصر على انتزاع جميع أنواع الزكاة من التجار وتوزيعها عبرها حصرا.
رمضان موسم لنهب التجار
وفق إحصائية نشرها مكتب التجارة والصناعة الحوثية بأمانة العاصمة فقط، فإن المكتب عبر عناصر مليشيا الحوثي اقتحمت ما لا يقل عن 13.371 منشأة تجارية، للتأكد من رضوخهم لقائمة الأسعار التي حددتها المليشيا على التجار، خلال النصف الأول فقط من شهر رمضان الجاري.
وقالت المليشيا إن الملتزمين فقط أقل من 4000 آلاف منشأة تجارية، بينما فرضت غرامات باهظة وسلسلة من الإغلاقات على المنشآت التجارية التي صنفتها المليشيا مخالفة.
وخلال الشهر الكريم مارست المليشيا ابتزاز واسع للتجار في صنعاء والمناطق الخاضعة لسيطرتها وأجبرتهم على دفع إتاوات باهظة لجيوب القادة الحوثيين تحت التلويح بالتهديد بإغلاق المؤسسات التجارية التابعة لهم.
أخبار ذات صلة
الخميس, 20 أبريل, 2023
في حصيلة أولية.. الحوثيون يعلنون مقتل وإصابة 142 نتيجة حادثة تدافع بصنعاء