بعد ثماني سنوات من الحرب الأهلية الطاحنة في اليمن، حيث مات مئات الآلاف من الأشخاص بسبب العنف والجوع، أثارت جولة جديدة من المحادثات هذا الأسبوع بصيص أمل في تحقيق انفراجه في واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم.
ووفق صحيفة نيويورك تايمز «The New York Times» "فإن الفرق بين هذه المفاوضات وتلك التي جرت في السنوات الماضية ليس في ساحة المعركة - ويخشى بعض المحللين من أن المحادثات قد تؤدي ببساطة إلى مرحلة مختلفة من الصراع المعقد".
وأضافت الصحيفة في تقرير – ترجمة "يمن شباب نت" – "أن العامل الذي يلفت الانتباه هو التقارب المفاجئ الشهر الماضي بين قوتين إقليميتين، السعودية وإيران".
لسنوات، غذى الخصمان صراعًا بالوكالة أدى إلى تفاقم الحرب، مما أدى إلى مقتل أكثر من 350 ألف شخص، كثير منهم بسبب الجوع، فيما كان بالفعل أفقر دولة في المنطقة. لكن المحادثات الأخيرة بين إيران والسعودية خلقت تفاؤلًا.
ظل القتال في اليمن هادئًا نسبيًا في الأشهر الأخيرة، على الرغم من انقضاء الهدنة في أكتوبر/ تشرين الأول. انخرط الطرفان في محادثات سلام بوساطة عمان المجاورة، لكن تلك الاجتماعات استمرت دون نهاية واضحة تلوح في الأفق حتى هذا الشهر.
وصرح هانز غروندبرغ، مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن، لوكالة أسوشيتيد برس يوم الأحد أن "اليمن بات أقرب الآن لتحقيق تقدم حقيقي نحو السلام الدائم".
وقال أحمد ناجي، محلل اليمن البارز في مجموعة الأزمات الدولية، إن وفوداً سعودية زارت صنعاء من قبل، لكن مع اتفاق السعودية وإيران على استئناف العلاقات الدبلوماسية، هناك "زخم جديد في المنطقة".
وقال سفير المملكة العربية السعودية في اليمن، محمد الجابر، على تويتر، إنه جاء إلى صنعاء لإجراء مناقشات "لتثبيت الهدنة ووقف إطلاق النار" و "استكشاف سبل الحوار" التي يمكن أن تصل إلى حل سياسي شامل للبلاد.
وقالت ندوى الدوسري، باحثة غير مقيمة في معهد الشرق الأوسط، إن مجلس القيادة الرئاسية اليمني - الذي يشرف على الحكومة المعترف بها دوليًا - قد تم استبعاده بشكل أساسي من هؤلاء.
ما الذي يحاولون تحقيقه؟
يريد المفاوضون تمهيد الطريق لمحادثات أوسع لحل الصراع السياسي متعدد الأوجه في اليمن وإصلاح الاقتصاد المدمر.
من المرجح أن تتضمن الاتفاقية إقناع المملكة العربية السعودية الحكومة اليمنية المتحالفة معها لتسهيل دفع رواتب موظفي الخدمة المدنية اليمنيين، الذين ظلوا دون تعويض لسنوات، وغالبًا ما يكونون المعيل الرئيسي لأسرهم. من شأن ذلك أن يرفع العبء على وكالات الإغاثة الإنسانية، التي تكافح من أجل خدمة ملايين اليمنيين الجوعى الذين هم في أمس الحاجة إلى الغذاء.
يمكن أن يفتح الاتفاق أيضًا المزيد من الرحلات الجوية من مطار صنعاء، مما يسمح لآلاف الأشخاص بالسفر لتلقي العلاج الطبي المنقذ للحياة، ورفع القيود المفروضة على الموانئ، وتوفير المزيد من السلع الأساسية وتخفيف التضخم. كما قد يسمح باستئناف صادرات النفط اليمنية.
إن حرب اليمن أعمق من القتال بين التحالف الذي تقوده السعودية والحوثيين، ومع ذلك، فإن الصفقة بين الطرفين ستمنح شرعية الحوثيين حتماً. وقالت الدوسري: "الحوثيون لن يتخلوا عن طموحهم في حكم اليمن كله". "بمجرد خروج السعوديين، سيتوسع الحوثيون عسكريا لإعادة تأكيد ما يرون أنه حقهم في ممارسة السيطرة على البلاد".
ما مدى سوء الوضع الإنساني في اليمن؟
حتى قبل الحرب، كانت اليمن أفقر دولة عربية، لكن الصراع أدخل اليمنيين في واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم ودفع بالبلاد إلى حافة المجاعة. ويحتاج حوالي 24 مليون شخص - 80 بالمائة من سكان اليمن - إلى مساعدات إنسانية، وفقًا للأمم المتحدة، وقد نزح ملايين الأشخاص.
لقد أثرت الوفيات، ولا سيما بسبب الجوع، بشكل كبير على الأطفال الصغار. وفقًا لتقديرات الأمم المتحدة، قُتل أو شُوه أكثر من 11000 طفل نتيجة للصراع في اليمن. ويقول مسؤولو الأمم المتحدة إن الحصيلة الحقيقية من المرجح أن تكون أعلى من ذلك بكثير.
لماذا الانفراج بين السعودية وإيران مهم؟
على الرغم من أن الحرب تنطوي على أكثر من مجرد صراع بالوكالة، إلا أن التوترات بين المملكة العربية السعودية وإيران - التي اتُهمت مرارًا وتكرارًا بتزويد الحوثيين بالأسلحة - لعبت دورًا رئيسيًا. الآن، تعمل المملكة العربية السعودية على تنمية علاقات أوثق مع إيران في محاولة لتخفيف التوترات الإقليمية.
وقال احمد ناجي: "كل من الرياض وطهران حريصتان على إثبات أن جهودهما الدبلوماسية كانت مفيدة في تحقيق الهدوء في اليمن". "إنهم يريدون النجاح في هذا المسعى".
المسؤولون السعوديون حريصون على إنهاء تورطهم العسكري في اليمن، والذي كان مكلفًا ومضرًا بسمعة المملكة الدولية. علاوة على ذلك، تسببت الضربات الصاروخية والطائرات بدون طيار التي شنها الحوثيون على الحدود الجنوبية للمملكة العربية السعودية في مقتل العشرات من المدنيين وتدمير البنية التحتية، كما ألقى الصراع بظلاله على جهود ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، لتغيير اقتصاد المملكة.
هل ستنهي هذه المحادثات الصراع في اليمن؟
وبقدر ترحيب اليمنيين بها كحل، فمن غير المرجح أن تؤدي المحادثات إلى السلام والازدهار. يقول محللون يمنيون إنه بدون دعم حقيقي داخل البلاد، بين اليمنيين أنفسهم، لا يمكن أن يتجذر الحل السياسي.
وإلى جانب العنف المباشر للحرب، يكافح اليمنيون مع الاقتصاد الذي يعيش حالة من الفوضى والعنف الهيكلي الناجم عن الفساد والمجتمعات المتصدعة والجماعات المسلحة المتعددة التي تتنافس على السلطة. هناك منافسون حتى بين المؤسسات الأساسية، بما في ذلك بنكان مركزيان وعملات مُدارة بشكل منفصل، مما يثير تساؤلات حول كيفية دفع رواتب موظفي الخدمة المدنية وبأي الأوراق النقدية.
وقال ناجي: "يبدو أن السعوديين في عجلة من أمرهم للتوصل إلى اتفاق دون إعطاء الكثير من الوقت لمناقشة هذه التفاصيل المهمة، والتي يمكن أن تخلق انقسامات كبيرة في وقت لاحق".
أخبار ذات صلة
الإثنين, 10 أبريل, 2023
السفير السعودي: زيارتي لصنعاء بهدف تثبيت الهدنة وبحث سبل الحوار بين المكونات اليمنية
الإثنين, 10 أبريل, 2023
إنهاء القتال يُبشر بالخير للشرق الأوسط.. كيف رأت الصحافة الأمريكية الحراك الدبلوماسي بحرب اليمن؟
السبت, 08 أبريل, 2023
بن سلمان يتجه نحو السلام بعد سنوات الحرب.. هل نجحت بكين فيما أخفقت فيه واشنطن في اليمن؟