توهم الحوثيون أنه بقتلهم "حمدي عبدالرزاق الخولاني" الملقب بـ "المكحل" غِيلة في السجن سيُسكتون صوتاً صرخ في وجوههم وكشف فسادهم وجرائمهم؛ لكنهم منحوه بذلك خلوداً أبدياً في ذاكرة الأجيال، وأحيوا بقتله ثورة غضب كامنة في محافظة إب الولاّدة بالثائرين.
وكانت مليشيا الحوثي الإرهابية، أقدمت الأحد الماضي على قتل الناشط الشاب "حمدي"، بعد أيام من اختطافه وإيداعه أحد سجونها بمقر إدارة أمن محافظة إب (وسط اليمن)، وذلك على خلفية فيديوهات ينشرها في قناته على "اليوتيوب" ينتقد فيها المليشيا والجرائم التي ترتكبها في المحافظة.
وقتها لم يدر في خلد أحدٍ من قادة المليشيا أن هذه الجريمة ستفجّر براكين الغضب في إب وخاصة منها المدينة القديمة (مسقط رأس حمدي)، لكنها سرعان ما اكتشفت ذلك عند الساعة الأولى من تسرب نبأ مقتله، وذلك بعدما سمعته ورأته من ردة فعل شعبي غاضب.
عقب ذلك حاولت المليشيا أن تشيع أن "حمدي" قضى أثناء محاولة هروبه من السجن، في فرية لم تنطلي على أحد، لتلجأ بعد ذلك إلى احتجاز جثته وممارسة الضغوط على أفراد أسرته لدفن جثمانه سراً؛ غير أن محاولاتها العبثية تلك لم تفلح أمام صلابة موقف الأسرة المطالبين بكشف ملابسات الحادثة وتشريح الجثة.
تشييع مهيب
في موكب جنائزي مهيب ودع الآلاف من أبناء محافظة إب، مساء الخميس، ابن المدينة القديمة الناشط" الخولاني" فيما اعتدت المليشيا على المُشيعين ونفذت حملة اختطافات واسعة في صفوفهم.
وقال شهود عيان لـ "يمن شباب نت"، إن الآلاف من أبناء محافظة إب، شيعوا جثمان الناشط "الخولاني" إلى مثواه الأخير في مقبرة الغفران وسط مدينة إب، بعد الصلاة عليه عقب صلاة العصر في الجامع الكبير بالمدينة القديمة.
وأضافوا أن مراسيم التشييع، تحولت إلى تظاهرة شعبية ضد مليشيا الحوثي، حيث هتف المُشيعون بهتافات تندد بالمليشيا الحوثية وجرائمها الإرهابية بحق أبناء المحافظة، قبل أن تعتدي المليشيا على المُشيعين وتنفذ حملة اختطافات واسعة في صفوفهم.
وتداول الناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي فيديوهات لهتافات المُشعين وهم يرددون بصوتٍ مدوٍ: "لا إله إلا الله .. الحوثي عدو الله" و"لا حوثي بعد اليوم" و"يا حوثي برع برع"، فيما أقدم آخرون على إنزال شعارات الحوثي وحرقها.
وفي أول تعليق رسمي على انتفاضة الشارع في إب؛ قال وزير الإعلام والثقافة والسياحة معمر الارياني، إن التشييع المهيب لجنازة الناشط الشاب "حمدي عبدالرزاق" الملقب بـ "المكحل"، تحول إلى محاكمة مفتوحة لعبدالملك الحوثي وعصاباته الإجرامية.
وأوضح في تصريح لوكالة الانباء اليمنية (سبأ)، أن دماء الناشط المكحل والذي تم تصفيته بدم بارد في معتقلات مليشيا الحوثي الإرهابية التابعة لايران بعد خمسة أشهر من مداهمة منزله بمدينة إب، واعتقاله، على خلفية انتقاداته لفسادها وممارساتها الإجرامية، لن تذهب هدرا، وستتحول إلى لعنة تطارد القتلة، ووقودا للثورة القادمة.
أيقونة نضال
تحول "شهيد الكلمة والكرامة" كما وصفه الكثيرون، إلى أيقونة نضال بعد أن أقدمت مليشيا الحوثي على قتله، ونعى المئات من اليمنيين في وسائل التواصل الاجتماعي، الناشط حمدي الخولاني، مؤكدين أن مقتله أشعل شرارة ثورة لابد من البناء عليها لخلاص المحافظة من الانقلاب.
وقال كامل الخوداني، رئيس فرع المكتب السياسي للمقاومة الوطنية في محافظة إب، "لم يمت حمدي برصاصة الحوثي بل سيموت الحوثي بصرخة حمدي، واصفا حمدي بـ "أيقونة ثورة".
بدروه، وصف الشاعر اليمني "عامر السعيدي" الناشط المكحل، بـ "البطل القومي، ومسعر الحرب"، فيما اعتبر الصحفي عدنان هاشم، مراسيم التشييع للمكحل"رمزية نضالية شعبية تتخلق حتى يحين الوعد".
وقال رئيس هيئة الكتاب "يحيى الثلايا": "المكحل واحد من قصص وأساطير البطولات التي لا تتكرر...شاب يقف بمفرده بطلا شجاعا لمنازلة أخبث ما عرفت اليمن"، مضيفا: "انتصرت (يا حمدي) وصرت أيقونة نضال، وشعلة ثورة وقيلا يمانيا ملهما".
مدينة الثائرين
الخروج الكبير في مراسيم تشييع "المكحل" وما صاحب ذلك من موجة غضب كبيرة والهتافات التي صدح بها آلاف الشباب، أظهرت حقيقة الوضع في المحافظة التي تختطفها المليشيا قسرا منذ ثماني سنوات وتمارس في حق أبنائها أبشع الجرائم لتضمن بذلك بقاء سطوتها الغاشمة.
وفي هذا السياق أشاد الناشط "أحمد هزاع"، بخروج أبناء المحافظة وقال في منشور له على الفيسبوك: "خرجت إب كما يجب أن تخرج... هي هكذا عرفناها من أول يوم انقلاب تأبى الظلم وترفض الضيم وإن قالت تُسمع كلامها بكل وضوح وإن ضربت تُوجع".
وأضاف: في جنازة "المكحل" كانت إب حاضرة تقول للحوثي وللمتقولين إنها مدينة الثائرين وقبلة المظلومين وقاهرة الجبابرة والمتسلطين، وإن خفت صوتها يوما أو انحنت للعاصفة فليس جبنا أو خنوعا وإنما لترتيب ضربتها القادمة".
وتابع هزاع: "لم تكن إب يوما حاضنة لمليشيا طائفية أو إمامة غاشمة ولذا تُمعن المليشيا في إرهابها للسكان حتى لا يأتي يوم تنتفض فيها إب بكاملها لأنها لو قامت فلن تهدأ حتى تأتي على كل شيء".
وأشار إلى أنه وحتى وهي تتألم وفي يوم حزنها "ترسل إب رسائلها للمحتل المجرم تقوله له: لاتغتر فيومك قد دنا".
وبدوره قال الصحفي "غمدان اليوسفي"، في تغريدة على تويتر: "قالوا عن إب ما قالوا، ولكن الحقيقة تختبئ حتى اللحظة التي تريد فيها أن تكون حاضرة كما ينبغي لها أن تكون..إب المكحل كحلت أعيننا بغضب مختبئ سيكون له ماله حين تحين ساعة الكهنوت، ولن تموت".
ومن جانبه قال الإعلامي محمد الضبياني، "تحولت أزقة المدينة القديمة في إب إلى انتفاضة مفتوحة ضد الإرهاب السلالي الحوثي، زغاريد النساء وهتافات الشباب #الحوثي_عدو_الله تملأ المكان، وصداها الثائر يطوف المعمورة ويؤكد أن الحوثي طارئ ومحتل سلالي غاشم يرى رحيل وطرده قاب قوسين أو أدنى ..".
جيل غاضب
بدوره، أكد الناشط ابراهيم عسقين، أن الاحتقان في إب يتنامى كل يوم، بسبب الممارسات غير المحتملة من قبل مليشيا الحوثي بحق أبناء المحافظة.
وقال عسقين في صفحته بالفيسبوك: "أبناء محافظة إب أصبحوا يكرهون الحوثيين والمتحوثين بشدة ..ولا تستغربوا من ذلك الهدوء الذي يخيم على المحافظة منذ سنوات".
وأضاف: "أبناء المحافظة من أحرار ورجال في وضعية البراكين الخامدة، التي لو ثارت فعليا، فلن تبقي على أحد، وما شهدتموه اليوم كان أنموذج على ذلك".
من جهته قال الناشط عادل النزيلي: "شاهدوا كل الفيديوهات من إب كل الوجوه شابه غاضبه متحمسة صادقه من عامة الناس".
وأضاف: "رغم كل هالات التعبئة الحوثية لغسل أدمغة جيلنا الا أن الجماعة أمام مستقبل أسود مع جيل تجري حرقة الدم في شريانه وكلما أعتقد انه زادهم خوف خرجوا يمرغونه بخوفه".
ما ذهب إليه النزيلي وافقه فيه الكاتب الصحفي "أحمد اليفرسي"، الذي يرى أن تظاهرة تشييع "المكحل" تعطي مؤشراً: "أن الحوثيين يجلسون على فوهة بركان مضطرم؛ إنه ثأر الشعب اليمني منهم، وسيكون قاسيا ومتوحشا مالم يتداركوا أنفسهم، فإن سلوكهم العنصري والإجرامي جعل الشعب اليمني يحتقن كحمم بركان تنتظر الانفجار المدمر".
وزاد مؤكداً: "في ظل القمع الطائفي الحوثي المتوحش خرج هذا الحشد الغاضب صرخوا في وجهه برع برع يا حوثي، الحوثي عدو الله، يخرج العزل هؤلاء وهم يعرفون أنهم يصرخون بوجه مجرم لديه ضوء أخضر بالقتل، إنه غضب شعب، لو توفرت له قيادة لاجتث الحوثي بساعات".
أخبار ذات صلة
الجمعة, 24 مارس, 2023
الحكومة: التشييع المهيب للناشط "المكحل" في إب محاكمة مفتوحة للحوثي
الخميس, 23 مارس, 2023
بهتافات "الحوثي عدو الله".. الآلاف من أبناء إب يُشيّعون جثمان الناشط "حمدي" والمليشيا تختطف العشرات
الأحد, 19 مارس, 2023
يُعتقد تعرضه للتصفية.. مقتل شاب داخل مقر أمني للميلشيات بإب بعد أشهر من انتقاده زعيم الحوثيين