أعادت مناسبة اليوم العالمي للمرأة الذي يوافق الثامن من مارس من كل عام، التذكير بمعاناة المرأة اليمنية خلال سنوات الحرب وحقها الأصيل في مشاركة شقيقها الرجل بالمساهمة في صناعة مستقبل البلاد التي تغرق في أتون حرب منذ ثماني سنوات.
وجاءت المناسبة هذا العام، وسط إجراءات قمعية تتعرض لها المرأة اليمنية في مناطق واسعة من اليمن من قبل مليشيا الحوثي المدعومة من إيران التي كثفت من حملات التضييق والتمييز وتقييد الحريات ضد النساء وحرمانهن من الحقوق التي كفلها الدستور اليمني.
وتزامنا مع المناسبة أعادت الحكومة الشرعية وعشرات المنظمات الحقوقية والمدنية، تسليط الضوء على الانتهاكات الحوثية المتواصلة بحق المرأة، ولفت نظر المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية إلى تلك الانتهاكات بما يمكنهم من ممارسة ضغط حقيقي على قيادات الميليشيا لإجبارها على وقف انتهاكاتها الجسيمة ضد المرأة واتخاذ اجراءات رادعة بحقهم.
مناسبة للتذكير بمأساة اليمنيات
قال وزير الإعلام والثقافة والسياحة معمر الارياني، "إن اليوم العالمي للمرأة مناسبة لتذكير المجتمع الدولي بمأساة النساء اليمنيات المغيبات في المناطق الخاضعة بالقوة لسيطرة مليشيا الحوثي الإرهابية التابعة لإيران، وما يتعرضن له من ممارسات قمعية وجرائم وانتهاكات ممنهجة منذ العام 2014".
وأضاف معمر الإرياني في تصريح نشرته وكالة الانباء اليمنية (سبأ) "أن المرأة اليمنية تعرضت لضغوط كبيرة وعانت أوضاعاً معيشية صعبة كباقي اليمنيين، جراء ممارسات مليشيا الحوثي من قتل واختطاف وتعذيب وتهجير وسياسات الإفقار والتجويع، وتحولت حياتها بالفعل إلى جحيم لا يطاق، مع تصاعد الإجراءات القمعية التي تحد من حريتها ومشاركتها في الحياة العامة، وتقييد قدرتها على الحركة في الشوارع والأماكن العامة وأماكن عملها".
وأشار الارياني إلى أن مليشيا الحوثي الإرهابية اختطفت آلاف النساء من منازلهن ومقار أعمالهن والشوارع العامة ونقاط التفتيش واقتادتهن للمعتقلات والسجون السرية، ولفقت لهن التهم الكيدية، ومارست بحقهن صنوف الابتزاز والتعذيب النفسي والجسدي، والتحرش والاعتداء الجنسي على خلفية نشاطهن السياسي والإعلامي والحقوقي.
وقال الارياني "منعت مليشيا الحوثي النساء من الوصول إلى خدمات الصحة الإنجابية بالذات التي تحدد النسل، وشرعت في سياسة تقييد حركة المرأة وحريتها بمنع تنقلها بين المحافظات وسفرها عبر مطار صنعاء "بدون محرم"، وقامت بإصدار وثيقةً لمنعها من العمل مع المنظمات الانسانية، ومن استخدام الهاتف ومساحيق التجميل، ووصل الامر لمنعها من ارتياد المطاعم إلا بعد إبراز عقد الزواج، وعدم الجلوس في المتنفسات العامة، وتحديد طريقة خياطة وألوان الملابس التي يرتدينها".
وطالب الإرياني المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الانسان والدفاع عن قضايا المرأة ومناهضة العنف ضد النساء بالاضطلاع بدورهم في إيقاف الانتهاكات الحوثية المستمرة بحق النساء اليمنيات، والتي تشكل جرائم حرب وجرائم مرتكبة ضد الإنسانية، وانتهاك صارخ للإعلان العالمي لحقوق الانسان، والعهد الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، واتفاقية القضاء على كافة اشكال التمييز العنصري ضد المرأة.
ودعا المجتمع الدولي إلى ممارسة ضغوط حقيقية على مليشيا الحوثي لإجبارها وبشكل فوري على إطلاق الفنانة وعارضة الأزياء انتصار الحمادي، وأسماء ماطر العميسي، والقيادية النسوية فاطمة صالح العرولي، وكافة المختطفات والمخفيات قسراً في معتقلاتها غير القانونية، وملاحقة المتورطين في الجرائم والانتهاكات التي طالت النساء اليمنيات، والعمل على ادراج المليشيا وقياداتها في قوائم الإرهاب الدولية.
تنديد حقوقي واسع
في السياق طالبت 122 منظمة مجتمعية ومدنية، المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمبعوثين الأممي والأمريكي وهيئات حقوق الانسان بإدانة الممارسات الإجرامية التي تتعرض لها النساء في مناطق سيطرة جماعة الحوثي، وممارسة ضغط حقيقي على قيادات الميليشيا لإجبارها على وقف انتهاكاتها الجسيمة ضد المرأة واتخاذ اجراءات رادعة بحقهم.
وقالت المنظمات في بيان مشترك لهم بمناسبة اليوم العالمي للمرأة الذي صادف الأربعاء الموافق 8 مارس، إنها تدين "بأشد العبارات الانتهاكات التي تمارسها مليشيات الحوثي الإرهابية ضد النساء اليمنيات ومنها العنف بكافة أشكاله والتضييق والتمييز وتقييد الحريات وحرمانهن من الحقوق التي كفلها الدستور".
وأكدت المنظمات أن النساء والفتيات في مناطق سيطرة الميليشيا يتعرضن لانتهاكات ممنهجة "بما في ذلك تقييد سفر المرأة دون ولي أمر ومنع الوصول إلى الرعاية الصحية والانجابية والمنع من العمل والفصل بين الجنسين في الأماكن العامة وتعزيز المواقف المعادية للمرأة".
وأوضح البيان أن الميليشيا "تبنت مقاربة تمييزية تجاه مكانة المرأة بهدف خنق النساء والفتيات ومحوهن من المجال العام ووصفتهن بأنهن كيانات غير مكتملة أو بشرية وأنهن يجلبن العار والشر لدرجة أن المليشيا صادرت العارضات البلاستيكية التي تعرض الملابس في المحلات التجارية، ومارست غير ذلك من القيود على الحريات الشخصية مثل أدوات التجميل والغناء في حفلات الزفاف واقتناء الهواتف الذكية".
من جهته وصف المركز الأمريكي للعدالة (ACJ)، وضع المرأة في اليمن بـ"الواقع القاسي"، مشيراً إلى أن مليشيا الحوثي الإرهابية، تختطف في سجونها آلاف اليمنيات وتمارسن بحقهن التعذيب والاعتداء الجنسي.
وقال المركز الحقوقي في بيان له بالمناسبة: "مع احتفال العالم باليوم العالمي للمرأة، من المهم الاعتراف بالواقع القاسي المتمثل في سجن آلاف النساء حاليًا من قبل جماعة الحوثي، ويتعرضن للتعذيب والاعتداء الجنسي".
وأضاف: "علاوة على ذلك، فإن العديد من النساء النازحات مع أطفالهن يكافحن من أجل تلبية متطلباتهن الأساسية، بما في ذلك الحصول على المياه النظيفة والغذاء الكافي".
جرائم جسيمة
وارتكبت مليشيا الحوثي الإرهابية، جرائم جسيمة بحق المرأة اليمنية في مناطق سيطرتها بمافي ذلك جرائم الاختطاف والتعذيب والاعتداء الجنسي.
وفي هذا الصدد أكد تحالف حقوقي نسوي، أن النساء في اليمن بعد انقلاب مليشيا الحوثي على السلطة في سبتمبر 2014، نالهن النصيب الأكبر من الأذى والمضايقات من قبل الميليشيات في المدن والمناطق التي تسيطر عليها.
وقال تحالف "نساء من أجل السلام في اليمن"، إن مليشيا الحوثي ارتكبت 1983 حالة اختطاف وتعذيب لنساء في سجون صنعاء وذمار ورداع والحديدة.
وأضافت في بيان، الأربعاء الماضي، أن المليشيا أقدمت على سابقة خطيرة بإصدار أحكام بالسجن لسنوت (متفاوتة) على 264 فتاة يمنية اضافه لأحكام الإعدام التي صدرت من المحكمة الجزائية بصنعاء بحق ست نساء.
اهتمام دولي
وكانت المناسبة العالمية فرصة سانحة للأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، للتعبير عن اهتمام المجتمع الدولي بالمرأة اليمنية والتأكيد على ضمان مشاركتها في صناعة مستقبل البلاد.
وفي هذا الصدد حث مبعوث الأمم المتحدة لليمن هانس غروندبرغ، جميع الأطراف اليمنية على ضمان المشاركة الفعّالة للمرأة في صنع القرار وضمن الوفود التفاوضية.
وقال غروندبرغ في رسالة بعثها بالمناسبة، "رغم الحرب وعدم المساواة في الحصول على التعليم والفرص الاقتصادية والقيود المفروضة على التنقل، وفقدان الدخل والأحبة، تظل المرأة اليمنية مصدرا للإلهام كل يوم في دفاعها عن حقوقها وحقوق أسرتها ومجتمعها وبلادها".
وجدد المبعوث الأممي التزامه بمناصرة حقوق النساء وأولوياتهن في جميع مراحل العملية السياسية، مشيرا إلى الحق في تشكيل مستقبلهن.
من جانبها جددت بعثة الاتحاد الأوروبي في اليمن، التأكيد على التزامها بتمكين المرأة في اليمن، وقالت: "في يوم المرأة العالمي، يؤكد الاتحاد الأوروبي على التزامه بتمكين النساء والفتيات في اليمن"، مضيفة: "فخورون بوضع النساء والفتيات في قلب تعاوننا مع اليمن".