مع ارتفاع أسعار الأسماك والأحياء البحرية في الأسواق المحلية، حظرت الحكومة اليمنية الصادرات إلى خارج البلاد، وهو ما أثار مخاوف آلاف الصيادين، خاصة وأن القرار لم يتضمن أي إجراءات لمعالجة الأضرار الناتجة عن تطبيق القرار.
وفي 19 فبراير/ شباط الجاري، أصدر وزير الزراعة والري والثروة السمكية، سالم السقطري؛ قرارا بوقف تصدير الأسماك والأحياء البحرية الطازجة إلى الخارج، ووجه بمراقبة جميع المنافذ البرية والبحرية والجوية لتنفيذ القرار.
وقال السقطري إن القرار جاء كضرورة ملحة ويهدف لتوفير الأسماك بالأسواق المحلية، لافتا إلى أن هذه الفترة شهدت شح الانتاج خاصة وأن اليمن يعتمد على الصيد التقليدي، مشيرا إلى أنه سيتم انزال نشرة سعرية لجميع أنواع الأسماك لكل مناطق الشريط الساحلي من قبل غرفة عملية الوزارة.
وكان رئيس المجلس الرئاسي الدكتور رشاد العليمي قد وجه مطلع الشهر الجاري، بتشكيل لجنة من وزاراتي الزراعة والثروة السمكية، والصناعة والتجارة، لتفعيل الدور الرقابي وضبط أسعار الأسماك والأحياء البحرية، واعتماد منافذ البيع المتاحة لجميع المواطنين.
تداعيات كارثية
قرار إيقاف تصدير الأسماك الطازجة الذي بدأ تطبيقه اليوم الأحد؛ أثار مخاوف واستياء الصيادين الذين أكدوا أنه سيكلفهم خسائر كبيرة، في ظل عوائق جمة تواجههم، في ارتفاع كلفة الإنتاج من محروقات ووسائل اصطياد، دون وضع أي حلول أو معالجات لما سيتعرضون له.
ووصف رئيس الجمعيات السمكية في سواحل الخوخة بمحافظة الحديدة (غرب) خالد صغير، القرار بـ"المجحف بحق الصيادين"، مشيراً إلى أن الصياد هذه الأيام لا يناسبه الوضع وهو يصدر صيده إلى الخارج، فكيف إذا مُنع من التصدير؟!.
وقال صغير لـ"يمن شباب نت"، إن "الصياد يشتري المشتقات النفطية من السوق السوداء بـ 1030ريالا للتر، فيما تكلف رحلة الاصطياد الكثير من مواد غذائية ومعدات التي يتم شرائها بالعملة الصعبة (سعودي / دولار)، كما أن رخصة الصيد في إريتريا تبلغ قيمتها 2,500 دولار ولمدة 15 يوم فقط".
وأضاف، أن "البيع في السوق المحلي لا يغطي احتياجات الصياد، والأسعار ليست مناسبة، وقد يكون الإنتاج أكثر من الاستهلاك في السوق المحلي.. لهذا قد يلجأ المنتج إلى رمي الصيد إلى النفايات"، على حد قوله.
وأشار صغير إلى أن "البطالة ازدادت في مجتمع الصيادين، واصبح الكثير منهم تحت خط الفقر، ولا توجد معالجات لقضاياهم أو دعمهم".
وتابع،" أصبح الصيادون يعانون الفقر المدقع هم وأسرهم في ظل الحرب والغلاء الفاحش، ولم يحصلوا على أي تعويض لا من الحكومة ولا من الوزارة ولا من المنظمات العاملة في المجال الإنسانيّ.. البوصلة تتجه بهم إلى المجهول".
وزاد: "الصيادون مظلومون بشكل عام في كل شيء.. حتى مراسي لسان بحري في الخوخة لا يوجد، لحماية قوارب الصيادين من التحطم من شدة الرياح.. القوارب تتحطم في الساحل وتغرق ويتلف المحرك وتروح المعدات ولا يوجد أي حلول".
بدورها أكدت الجمعيات السمكية بمدينة الشحر بمحافظة حضرموت، أن "القرار ستكون له نتائج كارثية على الصيادين كون أن كلفة الإنتاج من محروقات ووسائل الاصطياد مرتفعة بشكل جنوني في الفترة الراهنة".
وقالت الجمعيات في بيان مشترك، إن "منع التصدير سيعود بالضرر على الصياد ولصالح الشركات السمكية التجارية التي ستستغل هذا القرار بشراء الصيد بثمن بخس من الصياد".
وأكدت وقوفها إلى جانب الجهات المختصة في البحث عن حلول تساهم في توفير الأسماك للسوق المحلي بالأسعار المقبولة والمناسبة شريطة أن تكون الحلول تحت مبدأ لا ضرر ولا ضرار وتراعي مصالح الجميع بما فيهم الصياد المغلوب على أمره.
ويؤكد الصحفي والناشط مجاهد القب، إن هذا القرار سيؤدي إلى إفقار شريحة كبيرة في المجتمع، مشيراً إلى أن هناك ما يقارب 6 مليون شخص، أو على طول الشريط الساحلي معظم صيادين يعيشون على الإنتاج السمكي.
وقال القب لـ"يمن شباب نت"، أن "توقيف التصدير سيعمل على انهيار الأسعار في السوق المحلي؛ لأن الاستهلاك سيكون أقل من الإنتاج.. وهذا سيؤدي إلى إفقار شريحة كبيرة من الصيادين".
أسباب ارتفاع الأسعار
هناك أسباب كثيرة تقف وراء ارتفاع أسعار الأسماك في الأسوق المحلية، منها أسباب طبيعية، مثل موسم الرياح وفترات التكاثر وهجرة الأسماك، ومنها ناتجة عن الوضع في البلاد، مثل ارتفاع أسعار المشتقات النفطية ومستلزمات الاصطياد.
وقال الناشط القب، إن "أسواق الأسماك تخضع للعرض والطلب، وإنتاج الصيادين ليس معروفا أو محدد بكميات معينة، أحياناً ينخفض سعر الأسماك في الأسواق المحلية لحظياً وأحياناً يرتفع ومع ذلك العرض ساري والتصدير مستمر على ما هو عليه".
وأوضح أن "ارتفاع سعر الأسماك في الأسوق المحلية ليس له علاقة بالتصدير مطلقاً، أحياناً يعود إلى حركة الرياح وعدم مقدرة الصيادين على العمل، بعض الأوقات الأسماك المهاجرة في المحيط تبعد مسافات، فضلا عن تشديد القيود التي ترفضها إريتريا على الصيادين، وبالتالي ينخفض إنتاج الأسماك".
وأضاف القب أن هناك "مساحات كبيرة من السواحل أغلقها الحوثيون ومنعوا الصيادين من دخولها أو العمل فيها، كذلك الجزر، وهذا ينعكس على الإنتاج فينخفض الإنتاج السمكي ويرتفع سعره في السوق المحلي كما ينخفض التصدير".
وأشار رئيس الجمعيات السمكية بالخوخة، إلى أن الصياد (المنتج) يبيع الصيد في مركز الإنزال السمكي بالمزاد العلني وبأسعار معقولة، مشيراً إلى أن المشتريين وأصحاب المفارش في المحافظات يستغلون الوضع لعدم وجود رقابة عليهم من جهة الاختصاص ويبيعون بأسعار خيالية.
وشدد على أنه كان يفترض على جهة الاختصاص الرقابية أن تطلب من مشتري الأسماك فاتورة الحراج حق قيمة الصيد وتعين له ربح معقول.
معالجة الأثار
مع تصاعد مخاوف الصيادين من تداعيات حظر التصدير، ومفاقمة وضعهم المعيشي، قال وكيل وزارة الزراعة والثروة السمكية لقطاع الإنتاج والتسويق غازي لحمر، إن "القرار سيكون محل تقييم بحيث لا يكون هناك أضرار بالمنتج (الصياد)"، مشيراً إلى أن الوزارة ستعالج أي خلل وأثر قد ينتجه القرار.
وأضاف لحمر لـ"يمن شباب نت"، إن "القرار اتُخذ من قبل الوزارة بهدف تنظيم عملية التسويق محلياً وخارجياً، ومن أجل استقرار تمويل السوق المحلية والمساهمة بخفض الأسعار حتى تكون معقولة وفي متناول المواطن وبكميات تلبي احتياج السوق المحلي".
وأشار إلى أن الوزارة "عملت أكثر من إجراء للمساهمة في استقرار السوق، منها القرار الأخير، لتوفير كميات تلبي الطلب.. توفير الأمن الغذائي للمواطنين وهو من أهداف وزارة الثروة السمكية".
وتابع: "يجب على الصياد الالتزام بالقانون واللوائح المنظمة للتصدير.. على سبيل المثال، المصدر يجب أن يكون مؤهل لهذه العملية، ويلتزم بشروط وضوابط تسويق الاسماك، "حتى لا يكون هناك خلل وفجوة بين كلفة الإنتاج وقيمة البيع سواءً جملة أو تجزئة".
واعتبر وكيل وزارة الزراعة والثروة السمكية أن "هذا القرار بداية حتى يتم عودة كل المسوقين إلى ضوابط وشروط عملية تسويق الأسماك ".
وتعقيباً على حديث الوكيل، بشأن معالجة آثار قرار وقف التصدير، قال صغير: "إذا ستعمل الحكومة حلول وتعالج مشاكل الصيادين مع دول الجوار، وتوفر المشتقات النفطية بالسعر المقبول، وخفض قيمة المحركات البحرية وتوفيرها فهذا راجع لها".
وتساءل صغير في ختام حديثه، "أين الحكومة لماذا لم تدعم المشتقات النفطية أو توفرها بالسعر الحكومي للصيادين وتوفر لهم رخص من دول الجوار بسعر مناسب"؟..