أثار تأخر عودة المجلس الرئاسي الى العاصمة المؤقتة عدن موجة تساؤلات عن العوائق التي يضعها الانتقالي المدعوم إماراتيًا أمام عودة المجلس؛ بعد شهرين من مغادرة رئيس وأعضاء المجلس إلى العاصمة السعودية الرياض.
وجاءت مغادرة رئيس مجلس القيادة رشاد العليمي عدن في 15 أغسطس/آب الماضي، بعد سيطرة مليشيا تتبع المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتيًا على محافظة شبوة، جنوب شرقي البلاد؛ بعد أيام من اشتباكات دامية جرت في عتق عاصمة المحافظة، بين القوات الحكومية ومليشيا تتبع المجلس الانتقالي، والتي تدخل فيها الطيران الإماراتي لمساندة الانفصاليين.
عكست تلك الأحداث التي شهدتها محافظة شبوة حجم الخلاف والتباين بين أعضاء مجلس القيادة، حيث اضطر أعضاء المجلس الرئاسي إلى مغادرة العاصمة المؤقتة عدن، واحدًا بعد الآخر، فيما بقي فيها عيدروس الزبيدي، قبل أن يغادر هو الأخر العاصمة المؤقتة نهاية سبتمبر الماضي.
والتئم مجلس القيادة للمرة الأولى، بعد نحو شهرين من القطيعة في العاصمة الرياض نهاية سبتمبر الماضي، خلال لقاء رئيس وأعضاء مجلس القيادة الرئاسي، بوزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان؛ لكن المخاوف لا تزال قائمة من انفراط عقد المجلس مع استمرار الخلافات السياسية بين أعضائه الثمانية المتشاكسون والذين يمثلون مختلف القوى السياسية والعسكرية في جبهات الشرعية.
الحكومة تحت رحمة عيدروس
بعد مغادرة رئيس وأعضاء مجلس القيادة الرئاسي العاصمة المؤقتة عدن، بقي عيدروس الزبيدي بعدن، يمارس صلاحيات رئيس مجلس القيادة، بعد أن منحه العليمي صلاحيات سياسية ومالية واسعة تهيمن على كافة مقدرات الدولة، وظل الزبيدي يدير الأمور في عدن، وكأنه الرئيس الفعلي للشرعية.
وباتت الحكومة تواجه تحديات جديدة؛ إثر التدخلات الواسعة لعيدروس الزبيدي، بعد حصوله على امتيازات حصرية منحها له رئيس مجلس القيادة رشاد العليمي مطلع أغسطس الماضي، عندما تم تعيينه رئيسًا لما تسمى باللجنة العليا للموارد، وهي الخطوة التي حدّت من صلاحيات رئيس الحكومة معين عبد الملك، واعتبر تدخلا رئيسًا في صلاحياته، وتسليم العليمي رقبة الحكومة للزبيدي.
كما ساهمت الامتيازات التي مُنحت لعيدروس الزبيدي من قبل رئيس مجلس القيادة رشاد العليمي في أن يمارس الأول شرعيته الانفصالية تحت مظلة الحكومة الشرعية، حتى بات يوصف وكأنه الحاكم الفعلي في بعض مناطق المحافظات الخاضعة للشرعية كدولة انفصالية غير معلنة.
ويرى مراقبون أن هذه الصلاحيات مثلت تحديات إضافية كبيرة في عمل الحكومة والمجلس الرئاسي على حد سواء، خصوصًا في ظل توسع رقعة الخلافات بين أعضاء المجلس، وعدم إقرار المجلس لآلية عمله التي حددها بيان نقل السلطة من قبل الرئيس السابق عبد ربه منصور هادي مطلع نيسان/أبريل الماضي، حيث مثّلت هذه التحديات واحدة من الأسباب التي أدت الى عدم قدرة المجلس للعودة إلى عدن.
الهدنة وشبوة والحصول على وديعة
وفي الوقت الذي يرجع فيه البعض سبب تأخر عودة المجلس الرئاسي الى عدن الى العراقيل التي وضعها الانتقالي، يعتقد أخرون أن ذلك يعود لرغبة "السعودية"، التي توصف بـ"صانعة القرار الإقليمي في اليمن"، وفقا لما يراه رئيس مركز أبعاد للدراسات عبدالسلام محمد.
وأرجع، عبد السلام في حديث لـ"يمن شباب نت"، السبب إلى "المحاولة السعودية الهادفة للمّ شمل المجلس؛ بعد الخلافات التي حصلت بشأن الأحداث في شبوة سابقًا والتي أدت الى خلافات بين أعضاء المجلس".
وقال إن "التحالف يريد بقاء المجلس الرئاسي تحت نظره هذه الفترة؛ مع محاولة الضغط على الحوثي لتمديد الهدنة، وبالتالي يريدون مناقشة الحالة المصيرية للهدنة بالقرب من صانع القرار الاقليمي في اليمن السعودية".
وأشار رئيس مركز أبعاد إلى المشاكل المالية التي قال إنها كذلك إحدى مبررات تأخر عودة المجلس الى عدن، منوهًا إلى "محاولة المجلس الرئاسي الوصول إلى اتفاق مع المانحين الخليجيين السعودية والإمارات، وأخذ قروض وودائع مالية، تساعد العملة على الثبات، وكذا تساعد على حل الوضع الاقتصادي المتدهور في البلاد".
وفي الوقت الذي أشار فيه عبد السلام محمد إلى "التطورات الاقليمية والدولية التي تفرض التنسيق السعودي اليمني"، فقد جدد التأكيد على أن مبررات تأخر العودة ترجع إلى "الهدنة الأممية، وحل الخلاف المتعلق بمحافظة شبوة"، حسب قوله.
عدم توافق مكونات المجلس
لكن أرجع المحلل السياسي اليمني فؤاد مسعد، أرجع سبب تأخر عودة مجلس القيادة الرئاسي إلى عدن، إلى "عدم توافق مكوناته"، والتي أدت الى اخفاق المجلس في أداء مهامه المنوطة به منذ تشكيله.
وأكد فؤاد مسعد في حديث لـ"يمن شباب نت"، "أن التأخر يرجع في الغالب إلى أن ثمة قضايا عالقة لم يتم حلها"، مشيرا إلى أن "المجلس منذ تشكيله بداية أبريل الماضي أخفق في كثير من مهامه؛ بسبب عدم توافق مكوناته".
وأشار إلى عدم وصول المجلس الى اتفاق حاسم لآلية عمله وفقا لاتفاق نقل السلطة، بسبب عدم التوافق بين أعضائه، مؤكدا أن هذا الاخفاق انعكس على بقية عمل المجلس، وهو الأمر الذي قد يلازمه خلال أعماله القادمة، ما لم يتم التوصل الى اتفاق بهذا الغرض.
وفي الوقت الذي اعتبر مسعد "أهم قضية كان على المجلس أن يحسمها سريعًا هي الاتفاق على آلية عمله، والتي لم يستطع التوصل بشأنها الى حل؛ بسبب تعنت عضو أو اثنين من أعضائه"، فقد رجّح أن يكون "الإخفاق في الوصول إلى صيغة تنظم عمله؛ دليل على أن الإخفاق سيلازم أعمال المجلس القادمة". حسب وصفه.
وكان الرئيس العليمي قد أقر نهاية سبتمبر الماضي، بوجود خلافات داخل مجلس القيادة، مؤكدا حرص قيادة المجلس على الاستمرار والعمل وفق المشتركات، والتوافق بين أعضائه.
أخبار ذات صلة
السبت, 24 سبتمبر, 2022
العليمي يقر بوجود خلافات داخل مجلس القيادة ويقول: حريصون على الاستمرار وفق المشتركات