على وقع التصعيد العسكري الكبير في محافظة مأرب (شمال شرق اليمن)، تشهد اليمن منذ أسابيع زيارات مكثفة للأطراف الدولية الفاعلة صاحبها حراك دولي في أكثر من عاصمة في مسعى للتوصل على مايبدو إلى صيغة جديدة لإنهاء الصراع وإحلال السلام في البلاد.
ويشهد اليمن منذ أكثر من سبعة أعوام حرباً عنيفة بين قوات الجيش مسنودة بتحالف عسكري تقوده السعودية من جهة ومليشيا الحوثي المدعومة من إيران من جهة أخرى، أدت إلى مقتل أكثر من 233 ألفاً وتشريد أكثر من 4 مليون يمني مع أسوأ أزمة إنسانية في العالم إذ بات نحو 80 % من السكان بحاجة إلى المساعدات، حسب الأمم المتحدة.
ومنذ مطلع العام الجاري كثفت مليشيا الحوثي هجماتها على مأرب في محاولة للسيطرة عليها، لكونها أهم معاقل الحكومة والمقر الرئيس لوزارة الدفاع، إضافة إلى تمتعها بثروات النفط والغاز؛ إلاّ أن محاولاتها باءت بالفشل حتى الآن نظراً للمقاومة الكبيرة التي تواجهها من قوات الجيش والمقاومة ورجال القبائل.
ومنذ أعوام تسعى الأمم المتحدة لإنهاء الحرب اليمنية والدفع بالعملية السياسية، غير أن جهودها فشلت في تحقيق ذلك جراء التعنت الحوثي المدعوم من النظام الإيراني.
حراك مكثف
يواصل المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ زيارته الثانية إلى اليمن التي بدأها الأحد، زار خلالها العاصمة المؤقتة عدن ومدينة تعز والأخيرة هي الأولى من نوعها لمبعوث أممي إلى المدينة المحاصرة من مليشيا الحوثي منذ بدء الحرب.
المبعوث الأممي الذي التقى في زيارته الحكومة والسلطات المحلية في عدن وتعز وكيانات وأحزاب سياسية ومنظمات مجتمع مدني، يسعى على مايبدو إلى مقاربة جديدة لإنهاء الحرب في البلاد وهذه المقاربات التي تحدثت عنها أطراف دولية مختلفة دفعته إلى زيارة طهران واللقاء بمسؤولين إيرانيين لإقناع الأخيرة بدفع أدواتها في اليمن (الحوثيون) إلى وقف الهجوم على مأرب والانصياع للدعوات الأممية والدولية الهادفة إلى إنهاء النزاع الدامي.
لم يقتصر الحراك الدولي في اليمن على زيارة "غروندبرغ" فقد شهدت عدن زيارة مماثلة للمبعوث الأمريكي ليندر كينغ وهي الأولى من نوعها، سبقتها زيارة لسفراء الاتحاد الأوروبي والمبعوث السويدي وجميعهم أكدوا على دعم الحكومة الشرعية وإدانة الهجوم الحوثي المستمرعلى مأرب.
بالتزامن من ذلك زار وفد سعودي بقيادة السفير لدى اليمن محمد آل جابر، العاصمة الأمريكية واشنطن وبحث مع مسؤولين في وزارة الدفاع والخارجية الأمريكية وقيادات في الكونجرس، الهجوم الحوثي على مأرب ودعم جهود الأمم المتحدة للسلام، الدعم الذي بحثه وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، الثلاثاء، مع نظيره العُماني بدر البوسعيدي الذي دخلت بلاده على خط الأزمة اليمنية، بغية مساندة الجهود الأممية والدولية لوقف إطلاق النار واستئناف المحادثات السياسية بين الحكومة اليمنية ومليشيات الحوثي التي يُقيم وفدها المفاوض في مسقط.
وخلافاً لما يتم تداوله في الإعلام حول مساعي الوصول إلى سلام دائم، أشار الدبلوماسي اليمني الدكتور محمد جميح، في حديث مع قناة "يمن شباب"، أن الجهود التي يبذلها المبعوث الأممي ومايصاحبها من حراك دولي لا يحمل جديد بشأن السلام الشامل في اليمن، وإنما وقف إطلاق النار والتركيز هنا على مأرب.
ولفت إلى وجود خلاف على مفهوم وقف إطلاق النار، فالمفهوم الدولي ـ بحسب جميح ـ يعني الوقف الشامل للنار والبدء من مأرب، فيما ترى إيران أن ذلك يعني وقف تدخل التحالف العربي وترك الأمر لليمنيين لتدبر أمورهم فيما بعد ذلك.
مأرب محور الاهتمام
كل التحركات التي تشهدها اليمن وعواصم إقليمية ودولية، تؤكد على محورية مأرب وضرورة وقف الهجوم الحوثي عليها نظراً لمآلاتها الإنسانية الكبيرة.
وخلال لقاء جمع سفراء الدول الخمس دائمة العضوية بمجلس الأمن والسفيرالسعودي لدى اليمني، الأربعاء، شدد السفراء في بيان لهم، على ضرورة الوقف الفوري للتصعيد في محافظة مأرب، وانخراط كافة الأطراف في حوار لإنهاء الصراع في البلاد.
وأوضح البيان، أن الاجتماع ناقش دعم الجهود الحالية للمبعوث الخاص للأمم المتحدة، والحاجة إلى حل سياسي تحت رعاية الأمم المتحدة، وكذلك دعم الحكومة الشرعية في اليمن.
بالتزامن من ذلك دعت الخارجية الألمانية، أطراف النزاع باليمن، إلى إنهاء الحرب والعودة للمفاوضات في أسرع وقت ممكن.
وقال دينيس كوميتات، للمتحدث باسم وزارة الخارجية لشؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا: "لقد حان الوقت لإنهاء هذه الحرب وتخفيف المعاناة.. يجب على جميع الأطراف العودة إلى طاولة المفاوضات في أسرع وقت ممكن".
مأرب ـ محور الاهتمام ـ قال محافظها اللواء سلطان العرادة في تصريح حديث لوسائل الإعلام، إن "مأرب صمدت وستصمد في وجه المشروع الإيراني، ولن تصل مليشيا الحوثي الإيرانية إلى مبتغاها".
وأكد "أن مأرب وكما كسرت أنوف مليشيا الحوثي الإيرانية في البداية ستقضي على هذا المشروع في النهاية، وهي اليوم برجالها والجيش الوطني وأمنها وبالشعب اليمني، والتحالف العربي تقف لصد هذا المشروع الدخيل على البلد".
وقطع العرادة آمال وأحلام المليشيا الحوثية وداعمتها طهران بالقول "لن تدخل مليشيا الحوثي مأرب حتى وإن قام حسين الحوثي من قبره".
حرص دولي واشتراط إيراني
الحراك الدولي النشط في اليمن، لم يروق على مايبدو لإيران التي خرجت على لسان متحدث وزارة خارجيتها، سعيد خطيب زاده، بتصريحات تشترط وقف الحرب في اليمن (بمفهومها وقف تدخل التحالف) قبل الدخول في أي مفاوضات إقليمية أو دولية، (في إشارة إلى مباحثاتها الثنائية مع السعودية ومباحثات الملف النووي الإيراني مع أمريكا والغرب)، في مؤشر عن عزمها تعطيل أي جهود تُبذل لحلحلة الملف اليمني الشائك.
واعتبر المحلل السياسي ياسين التميمي تلك التصريحات بأنها "تكشف مدى تشبث إيران بالحرب في اليمن كورقة بيدها تتحكم بها كيفما تريد وتتجاوز المقايضة حول أي ملف آخر".
وأضاف في حديثه لـ "يمن شباب": "تتعامل إيران مع الملف اليمني كاستحقاق استراتيجي لها ينبغي حسمه لصالحها مهما كلفها من ثمن وعلى الآخرين القبول بها".
في مقابل ذلك أكد وزير الخارجية أحمد عوض بن مبارك، في مقابلة تلفزيونية له على قناة الجزيرة، الثلاثاء، أكد حرص المجتمع الدولي وفي مقدمة ذلك الولايات المتحدة الأمريكية على إنهاء الهجوم الحوثي على مأرب وإحلال السلام في اليمن.
وقال إن هناك تواصل مستمر بين الإدارة الأمريكية والحكومة الشرعية وشركائنا في الإقليم... مشيراً إلى جهود أمريكية لرفض تعطيل جهود السلام في اليمن، واستمرار الحوثي محاولة السيطرة على مأرب.
ونوه بن مبارك إلى أن واشنطن أكدت استخدام كافة أدواتها لوقف الحرب، والتلويح بالعقوبات في حال استمرار التعنت الحوثي.
عقوبات دولية
في محاولة لدفع مليشيا الحوثي المدعومة من إيران وقف تصعيدها، أعلن مجلس الأمن الدولي، ليلة الأربعاء/ الخميس، إدراج ثلاثة من قادة مليشيا الحوثي على القائمة السوداء، "لتهديدهم السلم والأمن والاستقرار في اليمن"، وهو ما يعرضهم لتجميد للأصول والأموال في أنحاء العالم وحظر للسفر.
وقال وزير شؤون الشرق الاوسط البريطاني جيمس كليفرلي، إن العقوبات الأخيرة على قيادات عسكرية من الحوثيين جاءت بموجب اتفاق دولي بهدف دفع الجماعة الى وقف التصعيد والانخراط في المفاوضات التي تقودها الامم المتحدة.
وأضاف في تصريحات صحفية: "في 9 نوفمبر توصلنا إلى اتفاق دولي بشأن فرض عقوبات على قيادات عسكرية من الحوثيين، حيث فُرضت عقوبات على كل من محمد عبد الكريم الغماري ويوسف المدني، وهما برتبة لواء، لقيادتهما للعمليات الهجومية في أنحاء اليمن، بينما استغل صالح مسفر منصبه للاستيلاء على أرصدة الخصوم وللالتفاف على حظر الأسلحة المفروض من الأمم المتحدة".
وشدد الوزير البريطاني ـ الذي تتولى بلاده اقتراح القرارات بشأن اليمن في مجلس الأمن ـ على الحوثيين وجميع الأطراف، الانخراط بشكل بنّاء في المفاوضات، لأن الحوار هو السبيل الوحيد لإنهاء هذا النزاع بشكل مستدام، وتخفيف الأزمة الإنسانية في اليمن، حد وصفه.
أخبار ذات صلة
الاربعاء, 10 نوفمبر, 2021
ماذا حملت زيارة المبعوث الأممي "هانس غروندبيرغ" إلى محافظة تعز؟ (تقرير خاص)
الاربعاء, 10 نوفمبر, 2021
مجلس الأمن يُدرج ثلاثة قادة حوثيين على قائمة العقوبات
الإثنين, 08 نوفمبر, 2021
مباحثات بين وزير الخارجية والمبعوث الأمريكي في العاصمة المؤقتة عدن