جدد هجوم على صحفيين في العاصمة اليمنية المؤقتة عدن (جنوب اليمن) مخاوف زملائهم على السلامة وسط تصاعد العنف في جنوب البلد الذي مزقته الحرب، ويوم الثلاثاء قتلت الصحافية رشا عبد الله الحرازي واصيب زوجها محمود العتمي بجروح خطيرة جراء انفجار سيارتهما في المدينة الساحلية.
 
ومنذ حوالي سبع سنوات، غرق اليمن في حرب أهلية عنيفة بين الحكومة، المدعومة من التحالف الذي تقوده السعودية منذ عام 2015، والحوثيين المدعومين من إيران، والذين يسيطرون الآن على معظم شمال البلاد، يعيش معظم المسؤولين الحكوميين اليمنيين رفيعي المستوى في المملكة العربية السعودية المجاورة، ويدير عدن المجلس الانتقالي الجنوبي، وهو هيئة مدعومة من الإمارات العربية المتحدة، والتي اشتبكت مرارًا مع الحكومة للسيطرة على الجنوب.
 
يتركز جزء كبير من القتال في اليمن حول محافظة مأرب الشمالية، حيث أحرزت قوات الحوثي تقدمًا كبيرًا في محاولة للسيطرة على آخر معقل للحكومة في الشمال، عدن بعيدة عن تلك الخطوط الأمامية، لكن المدينة الساحلية تعرضت لهجمات بالقنابل والصواريخ في السنوات الأخيرة، بما في ذلك انفجاران قاتلان على الأقل الشهر الماضي.
 
وقتل عدة اشخاص في انفجار قرب بوابة خارج مطار عدن في 31 أكتوبر تشرين الأول، وفي وقت سابق من ذلك الشهر قتل ستة اشخاص على الاقل في هجوم استهدف محافظ عدن الذي نجا.
 

وفي ديسمبر الماضي، قُتل ما لا يقل عن 22 شخصًا في هجوم صاروخي على مطار عدن تزامنًا مع وصول أعضاء من الحكومة اليمنية، وقد خلص خبراء الأمم المتحدة في وقت لاحق أن الهجوم قد نفذ على الأرجح من قبل الحوثيين، كما نشط متشددو القاعدة وداعش في عدن، وقال متحدث باسم الحوثيين إن الحركة لم تكن ضالعة في تفجير الثلاثاء.
 
وكانت رشا الحرازي وزجها عتمي في طريقهما إلى موعد طبي متعلق بالحمل في وقت هجوم الثلاثاء، كما قال أحد أصدقاء العائلة الذي تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته بسبب مخاوف تتعلق بالسلامة، فيما كان ابنهما الصغير جواد مع جدته.
 
وقال الصديق إن العبوة المزعومة كانت مزروعة تحت جانب الراكب في سيارة الزوجين، وقال طبيب بالمستشفى الذي يعالج فيه عتمي، لمحطة إخبارية سعودية، إن العتمي تعرض لإصابات خطيرة، بما في ذلك إصابات بشظايا وتمزق في الأوتار والعضلات وكسور في أطرافه العلوية، وقال الطبيب: "إن يديه تحطمتا أيضا، وأصيبت إحدى عينيه".
 
أما صديقه فيقول: "كانت معجزة ألا يموت محمود"، ويعمل العتمي في قناة العربية السعودية الإخبارية، فيما عملت زوجته الحرازي في قناة تلفزيونية مقرها الإمارات، بحسب صحفيين يعملون في عدن.
 
وقال جاستن شيلاد، الباحث البارز في شؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في لجنة حماية الصحفيين، إن هناك سابقة لمثل هذه الهجمات على الصحفيين في عدن.
 
 ففي العام الماضي، قُتل الصحفي نبيل حسن القعيطي بالرصاص خارج منزله في عدن، وكان من بين 19 صحفياً على الأقل قتلوا في اليمن منذ عام 2014، وفقاً للجنة حماية الصحفيين، وقال جاستن: "لسوء الحظ، أعتقد أنه اتجاه يتهيأ للاستمرار".
 

في الشهر الماضي، صوت مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة ضد تجديد ولاية فريق الخبراء البارزين المعني باليمن، الذي قام برصد والتحقيق في الهجمات والانتهاكات في اليمن، أثار القرار غضبًا بين المدافعين الذين رأوا فيهم أداة حاسمة لمحاسبة الأطراف اليمنية، بما في ذلك جرائم الحرب المحتملة.
 
وقال شيلاد إن تفكيك اللجنة زاد أيضا من الشعور بأنه "لا يوجد مسار موثوق وحيادي للعدالة" في قضايا مثل تفجير يوم الثلاثاء.
 
"بسام سعيد" 32 عامًا، - صحفي مستقل وناشط في عدن - ، قال إنه وزملاؤه الآخرون الآن "لا يشعرون بالأمان على الإطلاق".
 
وقال إن الهجوم "جعل الكثيرين، بمن فيهم أنا، يخشون على حياتهم ويعيدون النظر فيما كانوا يفعلونه"، وأضاف "أي صحفي يعمل على فضح انتهاكات أي من الأطراف هو هدف، وحياته في خطر دائم"، وتابع بالقول "لقد أصبحت الصحافة مهنة موت".
 
ويتفق معه صديق الزوجين، وهو صحفي أيضًا، حيث   قال: "بالنسبة لنا، كانت عدن ملاذًا آمنًا، شعرنا فيهع أننا يمكن أن نكون بعيدين عن المتاعب والخطر"، وأضاف: "كنا مخطئين.... أنا بالتأكيد لا أشعر بالأمان بعد الآن ولا أعرف متى يمكن أن يحدث هذا لي".
 
وتوقع الصحفي سعيد أن العتمي وليس زوجته رشا الحرازي ربما كان هدف هجوم الثلاثاء، وقال إن الحرازي ركزت في الآونة الأخيرة على التغطية الإعلامية المجتمعية، في حين ركز العتمي على القضايا السياسية والصراع الأكثر حساسية.
 
وقال صديق العائلة إن الزوجين كانا يتمتعان بسمعة طيبة في المجتمع الصحفي، كما قال الصديق واصفا العتمي: "إنه يحب مساعدة الآخرين، وكانت زوجته لطيفة ومثابرة ولا يستحقا مثل هذا المصير، ولا أحد يستحق ذلك".
 
 
المصدر: واشنطن بوست