ارتفعت أسعار الأضحية بمختلف أنواعها (ماعز- وضأن- وأثوار..) في محافظة تعز- وسط اليمن- أضعاف ما كانت عليه العام الماضي، وبمستويات خيالية غير مسبوقة..
ومن خلال نزولنا إلى بعض اسواق بيع الأضاحي في أرياف تعز الجنوبية، مطلع الأسبوع الجاري، وجدنا أن سعر ذكر الماعز، وزن 26 كيلوا جراماً، قد تجاوز هذا العام حاجز المائة الف ريال يمني. فيما قارب سعر الثور، وزن مافوق 120كيلوا جراماً، المليون ريال يمني- بزيادة تتجاوز 40%من أسعارها في نفس الفترة من العام الماضي.
غلاء غير مقدور عليه
يقول "محمد علي"، 47 عاماً، الذي قدم إلى سوق "البيرين" بريف تعز الغربي لشراء أضحية العيد لأسرته المكونة من ثمانية أفراد، إنه لم يتمكن من الشراء بسبب الإرتفاع الكبير في أسعار الأضاحي..
وأضاف لـ"يمن شباب نت" أن مبلغ الـ60 ألف ريال، الذي وفره هذا العام، أكتشف أنه لم يعد يفي لشراء أضحية، تكفيه هو وأسرته لمدة ثلاثة أيام..!!
يتقاضى محمد 88 ألف ريال يمني شهرياً من وظيفته الحكومية، وهو- كما يؤكد- لا يساوي قيمة "تيس" من الحجم المتوسط، في ظل التدهور الإقتصادي المريع، والغلاء الفاحش لمختلف السلع الضرورية.
وتمر البلاد برمتها بضائقة اقتصادية كبيرة، راكمتها سنون الحرب الستة، منذ إنقلاب ميليشيات الحوثي على السلطة مطلع العام 2015. وزاد الانقسام الحاد، في إدارة الاقتصاد، بين مناطق الشرعية ومناطق الميليشيات، من مفاقمة الأزمة.
ظروف الحرب
وأرجع الخبير الإقتصادي "سلطان المليكي"، الإرتفاع الخيالي في أسعار الأضاحي هذا العام، الى التدهور الكبير في قيمة الريال اليمني، مقابل العملات الأخرى. [حيث وصل سعر الدولار الواحد- ساعة كتابة هذا التقرير- إلى 960 ريالاً، في محلات بيع العملات في مدينة تعز].
وأضاف "المليكي" لـ"يمن شبا بنت"، أسباباً أخرى لإرتفاع أسعار الأضاحي؛ منها القيود التي فرضتها ظروف الحرب على عملية التنقل الحر لتجار "الماشية" بين المحافظات، وفرض ضرائب إضافية، والتناقص المضطرد لأعداد المواشي مقابل تزايد الطلب عليها، وخصوصاً في أيام عيد الأضحى المبارك.
وإذ لفت المليكي الى إتساع رقعة الفقر، وتزايد أعداد الأسر التي حرمتها الظروف الإقصادية الصعبة من شراء أضحية العيد، فقد ناشد رجال الأعمال والميسورين والجمعيات الخيرية، الى تقديم العون لتلك الأسر، كون ذلك هو الخيار الوحيد المتاح حالياً لمواجهة الإرتفاع الجنوني لأسعار الأضاحي.
إحتكار وجبايات مضاعفة
من جهته، يقدم "فواز المحمدي"، أحد المتاجرين في بيع الماشية، أسبابا أخرى إلى جملة الأسباب السابقة، أهمها: إحتكار إستيراد المواشي من قبل تجار محددين، كما يقول، إلى جانب تعدد جهات تحصيل الضرائب في منافذ الإستيراد.
وأوضح لـ"يمن شباب نت" أن سعر الجملة للتيس المستورد بوزن 50 كيلو جرام، لا يتجاوز 40 دولاراً، في موانئ جيبوتي أو الصومال- أي ما يعادل 43 الف ريالا يمني فقط؛ لكنه يباع في ميناء المخا بأسعار مضاعفة لهذا السعر..!!
ويعزي ذلك، إلى تعدد الأوعية الضريبية المفروضة عليها، داخليا. فقوات ما يسمى "حراس الجمهورية"، المسيطرة على الميناء (وهي قوات أنشأتها دولة الإمارات العربية المتحدة مطلع 2018، ولا تدين بالولاء للحكومة الشرعية)، تقوم بفرض ضرائب مضاعفة خاصة بها على كل رأس ماشية..!!
ويتابع: كما أن قوات الشرعية التابعة لمحور تعز، تقوم هي الأخرى بأخذ ضريبة عليها مرة أخرى..!! وبالنسبة للتاجر، فهو يضيف كل ذلك الى أسعار البيع، فيتحملها المواطن المسكين عند الشراء في نهاية المطاف!!
ولقد وصل سعر "التيس" المستورد من القرن الأفريقي، الذي تشاهدونه في الصورة أدناه، الى 160 ألف ريال في سوق بيع المواشي بمدينة التربة، جنوبي غرب مدينة تعز، يوم الأحد الماضي الموافق 4 يوليو/حزيران الحالي، فيما تخطى سعر "الثور" المستورد حاجز المليون ريال.
أيام قليلة فقط تفصلنا عن عيد الأضحى المبارك، وأسواق بيع الأضحية تشتعل بالأسعار، لكنها لا تعج كثيرا بالمواشي والشراة على حد سواء، كما يفترض بها أن تكون في مثل هذه الأوقات من كل عام..
وما هو مؤكد حتى الأن، أن هذا العيد لن يحمل معه بطاقات التهاني السعيدة لمعظم أبناء محافظة تعز المحاصرة، بصفة خاصة؛ بل سيحمل لهم- هذا العام أيضا- أكثر من برقية الرثاء الحزينة نفسها، التي تلقوها العام الماضي..!!