"موسكو" تبحث عن طريقة للعودة إلى اليمن والمصالح الروسية الامريكية قد تتطابق لحل الصراع (تحليل)

[ وزير الخارجية بن مبارك يجري محادثات مع نظيرة الروسي سيرغي لافروف في 26مايو 2021 ]

استضافت مدينة سوتشي الروسية المطلة على البحر الأسود محادثات في 26 مايو الجاري بين وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ونظيره اليمني أحمد عوض بن مبارك الذي كان في روسيا في زيارة عمل.
 

وكان الموضوع الرئيسي على جدول المباحثات هو الوضع العسكري والسياسي والإنساني في اليمن، حيث تستمر المواجهة المسلحة بين الحوثيين وجيش السلطات اليمنية الرسمية برئاسة الرئيس عبد ربه منصور هادي منذ أكثر من ست سنوات.
 

وفي مقال بموقع «Al-Monitor» الأمريكي - ترجمة "يمن شباب نت" – قال الخبير بمجلس الشؤون الدولية الروسي كيريل سيمينوف "تعتقد روسيا أن استقرار اليمن على المدى الطويل يتطلب وقفًا كاملاً للأعمال العدائية وحلًا تفاوضيًا للمشاكل القائمة".
 

وأضاف "بأن روسيا تبحث عن طريقة للعودة إلى اليمن مجددا، فخلال محادثات سوتشي شددت موسكو على الحاجة إلى إطلاق حوار وطني واسع يتم بموجبه مراعاة مقاربات ومخاوف جميع القوى السياسية الرائدة في اليمن".
 

وأشار الكاتب "بأن من الجدير بالذكر أن موضوع حل الصراع اليمني في المحادثات الروسية- اليمنية طغى على حساب قضايا العلاقات الثنائية، وهذا يشير إلى أن موسكو على الأرجح تتخذ بعض الخطوات المبدئية من أجل انخراط أعمق في حرب اليمن".
 

وقال: "على عكس الصراعين السوري والليبي، ظل موضوع التسوية اليمنية دائمًا في ظلال سياسة روسيا في الشرق الأوسط، في الوقت نفسه، واصلت موسكو الحفاظ على اتصالاتها مع جميع الأطراف المتحاربة في اليمن وأظهرت استعدادها للمشاركة بشكل أكثر فاعلية في عملية حفظ السلام في هذا البلد".
 


لكن ما وراء توقيت هذه المساعي؟
 
بهذا الخصوص، يرى الكاتب بروز عوامل جديدة زادت من اهتمام الكرملين بالشؤون اليمنية، فقد وصلت الأزمة السورية إلى طريق مسدود، وعلى الرغم من أن الجانب الروسي قد حل معظم المهام المحددة له في سوريا، إلا أنه أصبح من الصعب بشكل متزايد جني المكاسب الدولية من المشاركة في هذا الصراع.
 

وينطبق هذا أيضًا على ليبيا، حيث بعد وقف إطلاق النار وتشكيل حكومة وحدة وطنية جديدة، ضعفت مواقف موسكو إلى حد ما، والمشاركون في الصراع الليبي - الخارجي والداخلي - لديهم الآن اهتمام منخفض في جذب روسيا كقوة حليفة.
 

وبالتالي خلص الى أنه وفي ظل هذه الخلفية، تحتاج موسكو إلى الاستمرار في التأكيد على أهميتها في شؤون الشرق الأوسط، وإظهار أنها لم تقل كلمتها الأخيرة بعد وأنها مستعدة لتقديم خدماتها ليس فقط كوسيط، ولكن أيضًا كمشارك في تسوية أزمات الشرق الأوسط الأخرى.
 

وأشار، إلى أنه وطوال الصراع في اليمن، حاولت روسيا البقاء على مسافة متساوية من أطرافه، حيث كانت موسكو مهتمة بتطوير العلاقات مع المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، حيث نأت روسيا بنفسها عن الدعم المفتوح لإيران، التي قدمت المساعدة لأنصار الله.
 

وقال: "وعلى الرغم من علاقات الحلفاء بين إيران والاتحاد الروسي على المسار السوري، لم يتم ملاحظة مثل هذا التوافق في المواقف خلال الصراع اليمني، إذ كانت موسكو في مرحلة معينة أكثر تعاطفاً مع معارضي التحالف المناهض للحوثيين - بقيادة السعودية والإمارات - مع هذا فقد كان الرئيس اليمني السابق ورئيس حزب المؤتمر الشعبي العام علي عبد الله صالح، الذي كان حليفًا للحوثيين يعتبر "المفضل" لدى موسكو، وأعرب الجانب الروسي عن اعتقاده بإمكانية إطلاق عملية السلام انطلاقا من دور هذا الشخص".
 

ومع ذلك، بعد اندلاع الصراع بين صالح والحوثيين، وقتل صالح على يد الحوثيين في ديسمبر 2017، حيث بدأت موسكو تنأى بنفسها عن الأخير، على وجه الخصوص، في ذلك الوقت تم إغلاق السفارة الروسية في صنعاء، (حافظت روسيا على اتصالات مع طرفي الصراع من خلال بعثتها في الرياض حيث كان يوجد السفير الروسي في اليمن، وفي صنعاء حيث كان يوجد القائم بالأعمال)، بعد اغتيال صالح، قالت إن الحوثيين "تطرفوا"، ومع ذلك لا يزال الجانب الروسي يحتفظ بعلاقات مع الحوثيين ومستعد لاستضافة اجتماعات مع الجماعة في روسيا إذا دعت الحاجة.
 


بدوره، أثار لافروف، في محادثات مع نظيره اليمني، موضوع الكارثة الإنسانية في البلاد الناجمة عن العزلة الخارجية لتلك المناطق اليمنية التي يسيطر عليها الحوثيون. ونوه وزير الخارجية الروسية الى ضرورة رفع الحصار البحري والبري والجوي عن الأراضي اليمنية واتخاذ خطوات عملية عاجلة أخرى لتقديم المساعدة للسكان المدنيين بغض النظر عمن يسيطر على مناطق معينة من اليمن.
 

وأكد أن روسيا ستواصل تقديم المساعدة بكل وسيلة ممكنة في إيجاد حل شامل للعديد من المشاكل التي يواجهها اليمن اليوم والتي تشعر دول الجوار بعواقبها إلى حد كبير.
 

 وناقشت المحادثات بين لافروف ومبارك القواعد العسكرية الأجنبية في اليمن، حيث نفى وزير الخارجية اليمني، في مقابلة مع وكالة ريا نوفوستي، المعلومات حول وجود أي اتفاقيات مع الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا بشأن إنشاء قواعد عسكرية أجنبية دائمة على أراضي البلاد، وعلى وجه الخصوص قاعدة للقوة الجوية الإماراتية.
 

ووفقا لما قاله بن مبارك، فمثل هذه الاتفاقيات يجب أن يوافق عليها البرلمان اليمني، هذه مسائل تتعلق بسيادة البلاد، نحن نتمسك بمبدأ رئيسي واحد: كل الأراضي اليمنية والمياه والجو هي قيمها الرئيسية، ولا يمكن لأي طرف رفض ذلك.
 

كما قال وزير الخارجية، إنه لا يوجد اتفاق تم توقيعه مع أي شخص فيما يتعلق بإنشاء قاعدة عسكرية على الأراضي اليمنية، ووصف التقارير عن منشآت عسكرية إسرائيلية مزعومة تقع في جزيرة سقطرى بأنها "خيالية".
 
 
الخبير سيمينوف اعتبر، مثل هذه التصريحات مهمة في المقام الأول لأن روسيا قد تستمر في إبداء الاهتمام بإنشاء قواعد عسكرية خاصة بها في اليمن، مشيرا إلى أن الرئيس السابق صالح، في وقت سابق، في عام 2016 قبل مقتله، أوضح لموسكو أنه مستعد لدعم الوجود العسكري الروسي في البلاد.
 

حيث يقول الكاتب بأنه وبالنظر إلى حقيقة أن الوضع حول القاعدة الروسية في بورتسودان لم يتم توضيحه بالكامل ولم يتم الإعلان عن القرار النهائي من الجانب السوداني، فقد تفكر موسكو في اليمن كموقع بديل لقاعدتها البحرية في البحر الأحمر والمحيط الهندي.


لذلك، يرجح أن يكون الممثلون اليمنيون قد أوضحوا أن وجود القوات الإماراتية والمنشآت العسكرية في اليمن ظاهرة مؤقتة، وإذا تم اتخاذ القرار المناسب، فقد تحل القوات الروسية في هذه القواعد بدلاً من القوات العسكرية الإماراتية.

 
 

وذكر المقال بأنه خلال الحقبة السوفيتية، تم النظر في إمكانية إنشاء قاعدة بحرية في جزيرة سقطرى، حيث أجرت البحرية السوفيتية تدريبات عسكرية بمشاركة مشاة البحرية، ومع ذلك لم يتم إنشاء القاعدة أبدًا نظرًا لوجود قاعدة دائمة مجهزة بالكامل من الأسطول السوفيتي في أرخبيل دهلك، في إثيوبيا (وهي في إريتريا الآن)، في مكان قريب، وفي عام 2009، أُعلن مرة أخرى أن موسكو تنوي إنشاء قاعدة بحرية في سقطرى، لكن أحداث الربيع العربي أحبطت هذه الخطط.
 

وترغب روسيا في استعادة التعاون العسكري التقني مع اليمن، الذي أوقفته الحرب الأهلية في ذلك البلد.  في عام 2010، أعلنت اليمن عن استعدادها لشراء معدات عسكرية من روسيا بمبلغ إجمالي يزيد عن مليار دولار، بما في ذلك ما يصل إلى 30 مقاتلة من طراز ميج٢٩، وطائرات هليكوبتر هجومية من طراز Mi-35 وKa-52، وطائرات هليكوبتر نقل عسكرية من نوع Mi.  -17 دبابة T-72M1 وأنظمة Kornet-E المضادة للدبابات وأنظمة إطلاق الصواريخ المتعددة Smerch وعربات قتال المشاة BMP-3."
 
 
في 2013-2014، بعد الثورة في البلاد، أكدت القيادة اليمنية الجديدة خطط هذه المشتريات، وبحلول ذلك الوقت توقعت Rosoboronexport، الوكالة الوحيدة المملوكة للدولة لتصدير المعدات العسكرية، إكمال الطلب بحلول نهاية عام 2021، ومع ذلك بسبب حظر الأسلحة الساري منذ عام 2015، تم تجميد هذه العقود.
 
 
وختم الخبير سيمينوف مقاله بالقول بأن روسيا حافظت على علاقة ثقة لها مع الحوثيين، بينما تحافظ في الوقت نفسه على مستوى عالٍ من الاتصال مع كل من الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا (تحت حكم هادي) ومع المجلس الانتقالي الجنوبي، الذي زار ممثلوه موسكو أيضًا.
 

إذ يرى بأن موسكو يمكنها استخدام هذه المنصات لتنظيم الاتصالات بين مختلف أطراف النزاع وممثليهم الأفراد، مضيفا بأنه وحول مسألة حل الأزمة اليمنية، قد تتطابق مصالح روسيا والولايات المتحدة، ويمكن للدولتين العمل في نفس الاتجاه لتسوية مبكرة للأزمة اليمنية والتغلب على الكارثة الإنسانية في هذا البلد.

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر