يسعى يمنيون، يقولون إن أسرهم وأرواحهم دمرت بسبب سبع هجمات استهدفتهم بشكل خاطئ، إلى محاسبة الولايات المتحدة على حربها ضد الإرهاب في اليمن، وشرعوا في تقديم التماس ضد الحكومة الأمريكية بذلك.
ونشر موقع فيس وورلد نيوز (VICE World News)، الأمريكي، تحقيقا مطولا يتناول تفاصيل قصص العائلات التي استهدفتها غارات الطائرات الأمريكية بدون طيار، والمداهمات الأرضية، وكل ما يتعلق بها من تفاصيل في إطار الحرب الأمريكية على الإرهاب في اليمن.
وينشر "يمن شباب نت" نص التحقيق بعد ترجمته إلى اللغة العربية..
كان من المفترض أن يكون سعيدًا هذا اليوم. في 12 ديسمبر 2013 ، اجتمعت عائلتي العامري والتيسي في محافظة البيضاء اليمنية للاحتفال بزواج عبد الله مبخوت العامري وعروسه الجديدة، وردة التيسي. خلال موكب الزفاف التقليدي من منزل العروس، أطلقت طائرة بدون طيار أمريكية أربعة صواريخ وقتلت 12 شخصًا ليقُتل على اثرها سبعة أفراد من عائلة العامري وخمسة أفراد من عائلة التيسي، فيما أصيب ستة آخرون.
وقال أحمد محمد الشافعي التيسي، الذي قُتل ابنه البالغ من العمر 25 عامًا في الغارة، في إفادة شاهد "الجميع هنا أصيبوا بالصدمة"، مضيفا "تلك الطائرات بدون طيار لا تحلق فقط، بل تقتل الناس".
على مدى السنوات الخمس التالية، كان أفراد عائلات العامري والتيسي وجيرانهم ضحايا لست هجمات أخرى. وقد كان عام 2017 وحشيًا بشكل خاص، حيث يقولون إن 15 فردًا من عائلاتهم قُتلوا في 29 يناير بعد مداهمة أرضية، وتوفي اثنان من الجيران في 6 مارس، وقتل أحد أفراد الأسرة في 23 نوفمبر، وثلاثة في 26 نوفمبر، وواحد في 22 ديسمبر/ كانون الأول، خلال غارات بطائرات بدون طيار. وبعد أقل من عام، في 18 سبتمبر/ أيلول 2020 ، قُتل اثنان آخران من أفراد الأسرة.
أكثر من سبع هجمات منفصلة شنتها الولايات المتحدة- ست ضربات جوية بطائرات بدون طيار ومداهمة واحدة- قُتل 36 فردًا من عائلات العامري والتيسي. ربعهم من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين ثلاثة أشهر و 14 سنة. فقدت العائلات أحباءها ومنازلها وماشيتها وجيرانها، كما قُتل 12 شخصًا آخر في الغارات. وعلى الرغم من ادعاء سلطات الحكومة الأمريكية على مر السنين أن الأهداف كانت إرهابية، إلا أن المحققين والعائلات قالوا باستمرار إن هذا غير صحيح. ورغم مرور سبع سنوات على الضربة الأولى، إلا أنهم لم يتلقوا أي إجابات حتى الآن؛ بل أنهم، بدلا من ذلك، يعيشون في خوف.
غطت الصحافة كل هجوم وقت وقوعه، لكن التقارير المتباينة عن الضحايا أخفقت في الكشف عن المحنة الكارثية التي تحملتها عائلتي العامري والتيسي. فتجربتهم كضحايا لحرب أمريكا المتواصلة منذ عقدين من الزمن على الإرهاب تعكس تجربة بلادهم، وهي قصة حسرة لا يمكن تصورها- من الهجمات المتكررة دون تفسير، والقتلى دون مساءلة، والصدمات دون اللجوء إلى سبل الانتصاف.
وقال محمد علي مبخوت العامري، الذي نجى من أربع هجمات، لـ VICE World News: "إنها حياة مقترنة بخوف دائم"، مضيفا "تشعر دائمًا بالتوتر. إذا خرجت بسيارتك، فأنت خائف، وإذا خرجت بشكل فردي، فأنت تخشى دائما ترك القرية لأنك تعتقد أنك قد تكون مخطئا ومستهدفا".
رتبت العائلات، بقيادة عزيز العامري، رب الأسرة، عريضة التماس في 25 يناير/ كانون الثاني ضد حكومة الولايات المتحدة من خلال لجنة الدول الأمريكية لحقوق الإنسان، وهي ذراع منظمة الدول الأمريكية التي تراقب وتحقق في أوضاع حقوق الإنسان في النصف الغربي من العالم. ويطالب العامري بالمحاسبة، بمساعدة ربيريف Reprieve ، وهي منظمة دولية لحقوق الإنسان عملت معه ومثلت ضحايا ضربات الطائرات بدون طيار. وبحسب جينيفر جيبسون، محامية حقوق الإنسان والمسؤولة عن مشروع القتل خارج نطاق القضاء لدى منظمة ريبريف: "تبحث الأسرة عن إجابات، وقد مُنعوا من الحصول على أي نوع من الإجابة من الحكومة الأمريكية". وأضافت "لذا فهم يتجهون الآن إلى لجنة الدول الأمريكية، على أمل الحصول منهم على مخرج ما، وعلى الإجابات التي لم يتمكنوا من الحصول عليها من حكومة الولايات المتحدة، أو من المحاكم الأمريكية." وستسلم العائلات عدة وثائق، بما في ذلك ملف أدلة من 50 صفحة، وتسعى إلى "تدابير احترازية"- أي الحصول بشكل فعال على أمر قضائي ضد الاغتيال.
وقالت جيبسون "تحاول العائلات بكل طريقة ممكنة رفع أيديهم حرفيًا والقول: "على رسلك يا هذا، وانتبه ! فأنت تضرب الأشخاص الخطأ هنا. من فضلك توقف عن ضربنا ودعنا نقدم الدليل على أننا لسنا من تعتقدهم ."
وفي حين أن اللجنة ليس لديها سلطات إنفاذ، إلا أنها تحظى بثقل كبير في المجتمع الدولي، ويمكن أن تطلب من الولايات المتحدة التحقيق فعليًا والاعتراف علنًا بعواقب ما كان، بشكل أو بأخر، حربًا مجهولة الهوية وقاسية، وبالتالي تعويض الناجين وفقًا لذلك.
تحدثت صحيفة "فايس وورلد نيوز" مع اثنين من أفراد الأسرة، هما محمد علي مبخوت العامري وعبدالله عبد ربه عباد التيسي، عن تجاربهم وآمالهم في تقديم الالتماس. حيث فقد الرجلان العشرات من أفراد عائلتيهما خلال الهجمات، وكانا حاضرين شخصيًا في ثلاث من غارات الطائرات بدون طيار. وخلال سنين، فقد التيسي سبعة من أبناء عمومته المقربين، وفقد العامري أربعة من أبناء عمومته، وعمه، وشقيقة زوجته. وتقول العائلتان إنهم استُهدفوا دون سبب، ولم يتم الاتصال بهم بعد من قبل أي شخص في الولايات المتحدة عقب الهجمات.
وقالت بريانكا موتابارثي، من معهد حقوق الإنسان في كلية الحقوق بجامعة كولومبيا: "ما هو مهم في هذه القضية هو الحجة التي تقدمها بشأن عدم وجود أي إجراء آخر متاح أمام هؤلاء الضحايا"، مضيفة "ذلك يعطينا مؤشر قوي جدا، أنهم لم يتمكنوا من المرور إلى المحاكم الأمريكية؛ وأنه لا توجد آلية لتحقيق العدالة حتى عندما قُتل أفراد عائلاتهم، حتى عندما تعرضوا لإصابات خطيرة للغاية، حتى عندما دمرت منازلهم أو أماكن عملهم أو سياراتهم.. ليس هناك أي ملاذ لهم".
في حين أن غموض الحرب الأمريكية في اليمن يجعل من الصعب تحديد سبب مقتل هؤلاء الأشخاص بشكل قاطع، فإن الأدلة تشير إلى أن ذلك كان نتيجة لنهج عسكري تكنوقراطي قائم على عدم الفهم الثقافي- نهج ينظر إلى العائلات الممتدة أو القبائل بأكملها على أنها مشبوهة، وإن لم تكن مجرمة؛ فهي مذنبة بالتبعية كشكل من أشكال الأدلة المسموح بها؛ والعقاب الجماعي كعلاج مشروع.
قال التيسي: "نأمل لأن تكون هناك إدارة جديدة في البيت الأبيض تنظر في الأمور بشكل مختلف". واضاف: "نريدهم أن يعرفوا أننا أبرياء. نريدهم أن ينظروا في تعويضات عادلة لعائلاتنا وأطفالنا. كل ما نطلبه هو تحقيق شفاف".
في رسالة إلى قادة الكونجرس العام الماضي، ذكر الرئيس دونالد ترامب أن "عددًا صغيرًا من العسكريين الأمريكيين تم نشرهم في اليمن للقيام بعمليات ضد القاعدة في شبه الجزيرة العربية وداعش" و"العمل عن كثب مع حكومة الجمهورية اليمنية والقوى الشريكة الإقليمية للحد من التهديد الإرهابي الذي تشكله تلك الجماعات". لم تكن أي من هذه الجماعات المسلحة موجودة حتى عندما بدأت الولايات المتحدة في شن حربها على الإرهاب هناك، ولا يبدو أن الصراع أقرب إلى النصر بعد ما يقرب من 20 عامًا.
لعب اليمن دورًا كبيرًا في حملة أمريكا التي استمرت عقدين من ضربات الطائرات بدون طيار. وقع أول هجوم بطائرة بدون طيار أمريكي تم الإعلان عنه علنًا في نوفمبر 2002 ، عندما "أعطى مدير وكالة المخابرات المركزية آنذاك، جورج تينيت إيماءة" أثناء مشاهدة بث فيديو مباشر في مقر وكالة المخابرات المركزية في لانغلي، فيرجينيا، مما تسبب في إطلاق طائرة بدون طيار طراز MQ-1 Predator صاروخا على سيارة تقل قايد سليم سنان الحارثي، أحد كبار قادة القاعدة والمشتبه في أنه العقل المدبر لهجوم أكتوبر 2000 على المدمرة الأمريكية كول في ميناء عدن اليمني الذي أسفر عن مقتل 17 بحارًا. وقد قتل الصاروخ جميع ركاب السيارة بمن فيهم المواطن الأمريكي كمال درويش. ظلت هذه هي الضربة الوحيدة بطائرة بدون طيار في اليمن حتى تولى باراك أوباما منصبه في عام 2009 واشتدت الحرب الأمريكية في اليمن.
تستند حرب الطائرات بدون طيار الأمريكية إلى نوعين محددين من الضربات الجوية: تلك التي يتم تحديد الأهداف فيها، "الإرهابيون" ذوو القيمة العالية الذين يجدون أنفسهم على "قائمة القتل"- وتسمى أحيانًا "الضربات الشخصية" – والحالات الأكثر شيوعًا، وتكون غير معروفة يتم فيها استهداف الأفراد بناءً على أنماط السلوك "المشبوهة" التي تم اكتشافها من خلال اعتراض الإشارات والمصادر البشرية والمراقبة- المعروفة باسم "ضربات التوقيع". كما تنفذ قوات العمليات الخاصة الأمريكية غارات مداهمة، مثل المهام الأحادية الجانب التي أدت إلى مقتل زعيم تنظيم الدولة الإسلامية أبو بكر البغدادي على يد مغاوير في قوة دلتا في الجيش، وزعيم القاعدة أسامة بن لادن من قبل "قوات البحرية "، فضلاً عن المهام التي نفذت جنبًا إلى جنب مع القوات المحلية، والقوات الشريكة للقبض على المسلحين أو قتلهم.
وقال متحدث باسم القيادة المركزية (القيادة المركزية) لـ VICE World News : "في كل غارة ومداهمة، نتخذ تدابير دقيقة لتقليل الضرر بالمدنيين ونتحمل المسؤولية عن أفعالنا"، مضيفا: "عندما تسفر عملياتنا العسكرية في التقارير المتعلقة بأضرار مدنية، نقوم بتقييم مصداقية هذه التقارير لمساعدتنا في تحديد طرق تحسين عملياتنا والاستجابة حسب الاقتضاء".
بحلول عام 2012 ، تم الإبلاغ عن غارة بطائرة بدون طيار في اليمن كل ستة أيام. وفي العام التالي أرتفعت هجمات الطائرات الأمريكية في اليمن إلى 59، وبحلول نهاية فترة ولايتها، نفذت إدارة أوباما 185 غارة، مما أسفر عن مقتل ما يقدر بـ 88 إلى 101 مدنيًا، وفقًا لـNew America ، وهي مؤسسة فكرية مقرها واشنطن العاصمة.
وفي دراسة شملت جميع أنواع العمليات العسكرية الأمريكية في اليمن من 2009 إلى 2014، بما في ذلك الضربات الجوية المأهولة والغارات البرية، وجدت أن أكثر من 80 في المائة من العدد الإجمالي للقتلى المدنيين نتجت عن الطائرات بدون طيار. كما وجدت دراسة عام 2014 عن ضحايا ضربات الطائرات بدون طيار في باكستان واليمن من قبل منظمة ريبريف، أن ما يصل إلى 1147 شخصًا ربما قُتلوا أثناء محاولات اغتيال 41 رجلاً فقط، وأن 18 رجلاً في اليمن قُتلوا أو استُهدفوا عدة مرات. وأدت الضربات التي استهدفت هؤلاء الرجال إلى مقتل 273 آخرين، وهو ما يمثل حوالي نصف إجمالي الخسائر البشرية المؤكدة، و 100 في المائة من جميع وفيات الأطفال المسجلة خلال عمليات مكافحة الإرهاب في اليمن.
وبينما شهدت سنوات أوباما تصعيدًا ملحوظًا للحرب على الإرهاب في اليمن، ارتفعت الهجمات في عام 2017 في ظل إدارة ترامب، حيث أعلن عن 133 غارة جوية وغارات أمريكية. وعلى مدى أربع سنوات، كان عدد الهجمات المُعلن عنها خلال إدارة ترامب وعددها (181)، ما يعادل تقريبًا إجمالي ثماني سنوات في عهد الرئيس أوباما. قد يكون هذا أيضًا أقل من اللازم، نظرًا لأن القيادة المركزية الأمريكية تصرح علنًا عن بعض أعمالها فقط، ولم يتم تأكيد أو نفي ضربات وكالة المخابرات المركزية رسميًا. ومع ذلك، فإن مجموعة المراقبة Airwars ومقرها المملكة المتحدة أحصت 146 غارة مزعومة أخرى خلال سنوات ترامب.
أسفرت الهجمات التي نفذتها إدارة ترامب عن إصابة 42 مدنيًا، وما يقدر بنحو 86 إلى 154 قتيلًا مدنيًا، وفقًا لـ Airwars. نتج ما لا يقل عن 63 قتيلاً مدنياً محتملاً عن 20 هجوماً أعلنت القيادة المركزية تنفيذها علناً. وأقر البنتاغون برقم أقل بكثير، كل ذلك من عملية واحدة- الهجوم الثاني على عائلتي العامري والتيسي، "غارة يكلا" الكارثية في 29 يناير 2017.
بحسب ما قاله متحدث باسم القيادة المركزية لـ VICE World News في رسالة بالبريد الإلكتروني، فإن "القيادة المركزية الأمريكية تقدر ما بين 4-12 ضحية من غير المقاتلين ممن قتلوا في 28 يناير/ كانون الثاني 2017 ، خلال معركة مكثفة بين القوات الأمريكية ومقاتلي القاعدة في شبه الجزيرة العربية في اليمن". وعندما سُئل عن عدد المدنيين الذين قتلوا أو أصيبوا في الهجمات الأمريكية منذ عام 2009 ، قال متحدث القيادة إنه لن يتمكن من إكمال البحث اللازم للافصاح عن رقم لها في الوقت المناسب للنشر.
(توجد هنا فقرات تتضمن خلفية حول الحرب الأهلية الداخلية في اليمن، رأينا عدم أهميتها لتكرار المعلومات الواردة فيها..)
عندما سُئلت المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي إميلي هورن عن خطط الرئيس بايدن فيما يتعلق بحرب الطائرات بدون طيار الأمريكية في اليمن، وما إذا كانت الإدارة الجديدة ستوفر قدرًا أكبر من الشفافية من البيت الأبيض في عهد ترامب، نصحت "فايس وورلد نيوز" بالعودة إلى مقابلة في 3 كانون الثاني / يناير أجراها فريد زكريا من قناة سي إن إن مع مستشار الأمن القومي جيك سوليفان. في المقابلة، لم يذكر سوليفان اليمن ولو مرة واحدة.
الهجمات على عائلتي العامري والتيسي، المدعومة بالتحقيقات المحلية والدولية، والصور، ومقاطع الفيديو، وشهادات شهود العيان، تشترك جميعها في شيء واحد: وهو أنه لا يوجد سبب واضح لاستهداف العائلات. كتبت ريبريف في إفادة الشهود: "لم نعثر على أي دليل، سواء في اتصالاتنا مع العائلات أو من خلال تحقيقاتنا وأبحاثنا، يشير إلى أن القتلى كانوا يشاركون بشكل مباشر في الأعمال العدائية عندما تعرضوا للهجوم، ولا افتراض وجودهم ضمن مهمة قتالية مستمرة داخل جماعة مسلحة".
وكان القتلى مزارعون ورعاة وعمال بناء وحتى أفراد من الجيش اليمني- وليسوا بالضبط عناصر القاعدة في شبه الجزيرة العربية الذين ادعت الحكومة الأمريكية استهدافهم. وقال الأدميرال جون كيربي، السكرتير الصحفي للبنتاغون آنذاك، إن الحكومة اليمنية ذكرت أن الأهداف خلال غارة الزفاف عام 2013 كانت "من كبار مقاتلي القاعدة الخطرين"، على الرغم من أن الهدف الواضح، شوقي علي أحمد البداني، أحد قادة القاعدة في شبه الجزيرة العربية، وفقًا للعائلة، لم يحضر أبدًا ولم تتم دعوته إلى حفل الزفاف. أمر الجنرال جوزيف فوتيل، قائد قيادة العمليات الخاصة المشتركة ثم رئيس قيادة العمليات الخاصة من فئة الأربع نجمات، بإجراء تحقيق مستقل بواسطة جنرال في القوات الجوية، وطلب البيت الأبيض إجراء تحقيق آخر من قبل المركز الوطني لمكافحة الإرهاب. (رفض فوتيل التحدث إلى VICE World News حول هذا الموضوع.)
وقال مسؤول في الأمن القومي اليمني لشبكة CNN في ذلك الوقت إن "أياً من القتلى لم يكن مطلوباً مشتبهاً به من قبل الحكومة اليمنية". كما وجد تحقيق أجرته هيومن رايتس ووتش في الهجوم "أن الموكب كان بالفعل موكب زفاف"، وأن "بعض، إن لم يكن كل القتلى والجرحى كانوا من المدنيين". وبحسب التقرير، تم تعويض الأهالي عن خسائرهم. وفي عام 2014 ، ذكرت صحيفة واشنطن بوست أن الحكومة اليمنية دفعت أكثر من مليون دولار كتعويضات وبأن مسؤولين امريكيين قالو إن كلاً من وكالة المخابرات المركزية والمركز الوطني لمكافحة الإرهاب، الذي تم توجيهه من قبل البيت الأبيض لمراجعة العملية، خلصا إلى أن المدنيين ربما أصيبوا أو قتلوا.
وجاء في تقرير هيومن رايتس ووتش: "اعترفت السلطات الإقليمية بعد ذلك بشكل غير رسمي بسقوط ضحايا مدنيين من خلال توفير المال والبنادق الهجومية- وهي لفتة اعتذار تقليدية - لعائلات القتلى والجرحى". كانت هناك أيضًا جوانب أخرى غير عادية للقضية جعلت الانتماء إلى القاعدة في شبه الجزيرة العربية غير مرجح؛ وقال الخبراء لـ هيومن رايتس ووتش إنه لو كان أفراد الأسرة المقتولين أعضاء بالفعل في القاعدة في شبه الجزيرة العربية، لما اعتذرت الحكومة المحلية (وصف محافظ المحافظة وسياسي يمني آخر الضربة بأنها "خطأ") ، لكان المسلحون قد اعلن عنهم من قبل كل من الحكومتين الأمريكية واليمنية، ولكانت القاعدة في شبه الجزيرة العربية ستصف على الأرجح المسلحين الذين يُفترض أنهم قتلوا بالـ"شهداء".
كان عم محمد علي مبخوت العامري هو عبد الله مبخوت العامري، العريس في ضربة الزفاف عام 2013. قال العامري لـ VICE World News: "لقد كان رجلاً طيبًا". وقال العامري إنه يوم زفافه كان "مليئًا بالبهجة والسعادة"، ولم يسبق له أن رأى عمه المزارع الذي كان يزرع الليمون والبرتقال والذرة والقات سعيدًا جدًا كتلك اليوم . بعد غارة الزفاف، زاره العامري في المستشفى حيث وجد عمه يبكي وهو في حالة عدم تصديق. بعد أربع سنوات، قُتل في المداهمة الامريكية مع ولديه، وكلاهما دون سن العاشرة.
خلال الهجمات اللاحقة على عائلتي العامري والتيسي، واصلت الحكومة الأمريكية نفي مسؤليتها والتشكيك في الضحايا. وبعد الغارة في عام 2017 التي أسفرت عن مقتل 15 من أفراد عائلة العامري والتيسي، أيضا، بينهم ستة أطفال، بالإضافة إلى تسعة أفراد آخرين، وصف السكرتير الصحفي للبيت الأبيض آنذاك شون سبايسر غارة يكلا بأنها "نتيجة جهد مدروس ومُنفذ جيدًا". ونقل الرئيس ترامب في وقت لاحق عن وزير الدفاع آنذاك جيمس ماتيس قوله إن العملية "نجم عنها كميات كبيرة من المعلومات الاستخباراتية الحيوية التي ستؤدي إلى المزيد من الانتصارات في المستقبل ضد أعدائنا". لكن سرعان ما ظهرت تقارير تفيد بأن غارة القوات الخاصة أدت إلى قتل جماعي للمدنيين. خلص تحقيق عسكري أمريكي إلى أن فوتيل قال للجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ في عام 2017 ، "تقريبا، بين أربعة و 12 ضحية [مدنيين] نحن- أنا أتحمل المسؤولية عنها". وأحصت منظمة ريبريف مقتل 26 شخصًا في العملية، من بينهم 10 أطفال- أصغر فتاة تبلغ من العمر ثلاثة أشهر.
وبالمثل، قال الجيش الأمريكي لمكتب الصحافة الاستقصائية إن الغارة الجوية في 23 نوفمبر/ تشرين الثاني 2017 قتلت "إرهابيين" اثنين، على الرغم من أن منظمة ريبريف ذكرت أن اثنين من المدنيين، أحدهما صبي يبلغ من العمر 14 عامًا، لقيا حتفهما في الهجوم. بعد أربعة أيام، ورد أن القيادة المركزية أبلغت مكتب الصحافة الاستقصائية أن الضربة التي وقعت في 26 نوفمبر/ تشرين الثاني 2017 قتلت ثلاثة من أعضاء تنظيم الدولة الإسلامية، بينما أطلق عليهم المسؤولون اليمنيون أنهم ثلاثة من مقاتلي القاعدة المزعومين؛ ذكرت ريبريف أن القتلى الثلاثة كانوا من الأطفال، أعمارهم من 10 إلى 12 عامًا. كما ذكرت Reprieve أيضًا أن الضربة التي وقعت في 22 ديسمبر/ كانون الأول 2017 قتلت صاحب متجر يبلغ من العمر 40 عامًا، ولم تعترف القيادة المركزية الأمريكية أبدًا بالهجوم، مما يشير إلى أنه ربما يكون قد تم تنفيذه من قبل وكالة المخابرات المركزية.
ستؤكد القيادة المركزية لمكتب التحقيق فقط ماذكرته الصحافة أن الولايات المتحدة شنت غارتين جويتين في سبتمبر 2018. وبالنسبة لهجوم 18 سبتمبر 2018، ذكرت منظمة ريبريف أن الرجلين اللذين قتلا كانا من أفراد الجيش اليمني، وهم ضابط يبلغ من العمر 50 عامًا، وجندي يبلغ من العمر 30 عامًا- كما أنهم أيضا ليسوا أعضاء في القاعدة.
لم يكن أي من أفراد عائلتنا أو قبيلتنا مطلوباً من قبل جهاز الأمن. يقول العامري، مضيفا "لا نعرف أي أعضاء من القاعدة في جزيرة العرب". وقال التيسي إنه بالنظر إلى أن بعض أفراد عائلاتهم، بمن فيهم هم أنفسهم، أصبحوا الآن جزءًا من الجيش اليمني، فـ"أي شخص يقول إنه استهدف إرهابيين [بضربات الطائرات بدون طيار ضد عائلتنا] إما أنه يكذب أو لا يعرفنا".
دانييل ماهنتي، الذي أدار مكتب الأمن وحقوق الإنسان في وزارة الخارجية خلال إدارة أوباما، وهو الآن رئيس البرنامج الأمريكي في مركز المدنيين في الصراع (CIVIC)، يرى أن هذه الهجمات على عائلات العامري والتيسي هي رمز لحروب أمريكا التي لا تنتهي.. وقال لـ VICE World News إن "الحالات الممثلة في الملف هي نموذج لكثير من القضايا التي تبقى عالقة فيما يتعلق بالطريقة التي تنفذ بها الولايات المتحدة ’حربها على الإرهاب’ والطريقة التي تتعامل بها مع تقارير الضحايا المدنيين. وأضاف "يجب على إدارة بايدن مراجعة هذه الحالات وغيرها، علاوة على ذلك، يجب أن تلقي نظرة فاحصة عليها لمعرفة الطرق التي يمكن بها تحسين كل جانب من جوانب العملية."
تسلط هذه الحالات الضوء أيضًا على إنعدام المسئولية الأمريكية بشكل كبير تجاه قتل الأطفال الأبرياء وعائلاتهم عندما يتعلق الأمر إلى حد ما بحروب الولايات المتحدة في إفريقيا والشرق الأوسط. وقال موتابارثي من كلية الحقوق بجامعة كولومبيا: "كان برنامج القتل المميت أحد أقل البرامج شفافية، والأقل خضوعًا للمساءلة التي نفذتها الحكومة الأمريكية". وأضاف: "التقارير الخاصة بوزارة الدفاع بشأن المدفوعات على سبيل الهبة (التعويضات)، تُظّهِر أنه لم يتم دفع أي مدفوعات في اليمن. وعلى حد علمنا، لم يدفعوا لأي شخص تعويضات، أو إرضاءات، أو عرضوا الإنصاف، بشكل مباشر".
"في بعض الأحيان يبدو الأمر وكأنه ثقب أسود، حيث لا أحد، ولا شيء، يتحرك على الجانب الآخر" وفقا لما قاله براء شيبان، وهو باحث إجتماعي في منظمة Reprieve عن الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، في سياق حديثه لـ VICE World News حول التحقيق في غارات الطائرات بدون طيار خلال بحث العائلات عن العدالة.
زار شيبان عائلات العامري والتيسي أكثر من عشر مرات على مدار السنوات السبع الماضية، وأجرى مقابلات مضنية مع أفراد الأسر الناجيين حول تجاربهم أثناء وبعد كل هجوم. ووصف ذلك بالقول: "لقد كان مدمرا". وأضاف أنه في أعقاب مداهمة عام 2017 ، بدى أن هذه العوائل بأكملها مستهدفة. إنها ليست مجرد واحدة، وليست اثنتين ..أجد صعوبة في تخيل كيف يعتقد أي شخص لديه حس بديهي بأن [هذه العائلات] تشكل تهديدًا للولايات المتحدة".
و قال لوك هارتيج ، الذي عمل كمدير أول لمكافحة الإرهاب في مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض في عهد الرئيس أوباما، لـ VICE World News: "أعتقد أنه يمكن للحكومة وينبغي لها أن تذهب إلى أبعد من ذلك في مناقشة ضربات محددة، وتوضيح حجتها لما تعتقده بشأن ما آلت إليه النتائج، ودحض المزاعم التي لا تتفق معها، والاعتراف بالأخطاء عندما تقرر أنها ارتكبت". واضاف "من المؤكد أن هناك قيودًا عندما يتعلق الأمر بمشاركة التفاصيل حول العمليات الحساسة وتقييمات المعلومات الاستخبارية بعد الضربة، ولكن الانخراط في هذا النوع من الحوار إلى أقصى حد ممكن، هو أمر ضروري لضمان المساءلة وبناء ثقة أكبر بالجهود الأمريكية لمكافحة الإرهاب."
ومهما كان الأمر، يعتقد شيبان أن هذه الهجمات تقوض في النهاية مهمة الولايات المتحدة في اليمن بشروطها الخاصة. وقال: "هناك الكثير من المجتمعات التي نتركها وراءنا والتي من المحتمل أن تكون حليفة لك يومًا ما"، مضيفا "نحن نتعامل مع مجتمعات واسعة بغطاء واحد فقط. لقد حان الوقت لإعادة النظر. أنا لست أكثر تفاؤلاً مع إدارة بايدن، لكنني آمل أن يبدأ الناس في رؤية الأمور بشكل مختلف عندما يتعلق الأمر بدولة مثل اليمن".
وقال مسعد التيسي، ابن عم القتلى في هجمات 2017 ، لمحقق في منظمة ريبريف في عام 2019: "لقد حولت الضربات حياتنا إلى مأساة وجحيم".
بعيدا عن تلكم العائلتين، تركزت الحرب الأمريكية في اليمن حول تدمير بعض العائلات الممتدة. ففي سبتمبر 2011، أودى هجوم لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية بحياة أنور العولقي، رجل دين أمريكي من أصل يمني والقائد البارز في تجنيد أنصار للقاعدة. وبعد أسبوعين، قُتل ابنه البالغ من العمر 16 عامًا، وهو مواطن أمريكي يدعى عبد الرحمن العولقي، مع اثنين من أبناء عمومته، في ضربة بطائرة بدون طيار تابعة لقيادة العمليات الخاصة المشتركة. وفي عام 2017 ، قُتلت ابنة أنور، نوّار العولقي، البالغة من العمر 8 سنوات، في غارة يكلا.
وفي أكتوبر / تشرين الأول 2011 ، قُتل صالح طعيمان، ونجله جلال البالغ من العمر 17 عامًا، في غارة بطائرة بدون طيار، بعد أن قيل إنهما كان يستقلان سيارة في الصحراء أثناء ما كانا يبحثان عن بعض الجمال المفقودة. وفي عام 2015 ، قُتل ابن آخر لصالح طعيمان، وهو محمد، البالغ من العمر 13 عامًا، في غارة بطائرة بدون طيار. كما تعرضت عائلة الذهب في البيضاء بشكل متكرر للضربات الأمريكية، على الرغم من إعلانها الإنفصال عن التحالف مع القاعدة في جزيرة العرب. وترتبط عائلة الذهب ارتباطًا وثيقًا، من خلال الزواج البيني، بأفراد من عائلة العامري.
وفي العام 2017 ، قال مسؤول كبير في المخابرات العسكرية، لشبكة NBC News، إن "توجيهات جديدة" صدرت لملاحقة قبيلتي الذهب وقيفة بشكل صارم. وأوضحت الصحفية إيونا كريج، التي قدمت تقارير مكثفة من اليمن، بما في ذلك ما بعد الغارة على يكلا مباشرة، أن "التوجيه العسكري لملاحقة قبائل قيفة بقوة هو ما يعادل القول: إننا نطارد جميع العائلات في بروكلين على سبيل المثال". وشاركت كريج مع VICE World News بالنتائج الخاصة بالتشكيل الديموغرافية (السكاني) التي تم إجراؤها نيابة عنها بواسطة خبير في رسم خرائط القبائل اليمنية.
وأعتبرت كريج أن "إعلان مثل هذا العقاب الجماعي لعائلة الذهب وقبيلة قيفة، يشير إلى أكثر من 21 ألف من الذكور المجندين تتراوح أعمارهم بين 16 و 44 عامًا، وفقًا لتقدير عام 2004 لأعداد قبيلة قيفة"، منوهة إلى أن هذا الرقم أكبر بخمس مرات من تقديرات وزارة الخارجية لعام 2016 لعدد عناصر القاعدة في جزيرة العرب. وقالت كريج: "إن هذا عمليا يعد بمثابة ضوء اخضر لملاحقة أي شخص وكل شخص يعيش في أو من منطقة معينة". وأضافت أن الافتراض بأن "كل فرد من منطقة قيفة هدف مشروع، ليس فقط غير عادي ومرعب، ولكنه أيضًا انتهاك للقانون الدولي الإنساني".
وقالت جيبسون: "يبدو أن هناك نمطًا لاستهداف العائلات أو الشبكات العائلية الأوسع بسبب تصرفات فرد أو اثنين من أفراد الأسرة"، منوهة إلى أن سياسة العقاب الجماعي بالذنب بالتبعية غير قانونية بموجب القانون الدولي. وهذا هو سبب أهمية المسآءلة والتحقيقات الشفافة لما بعد الضربة، ومعايير الاستهداف الواضحة. إذا كانت هناك سياسة للقيام بذلك، فإن الجمهور الأمريكي يستحق أن يعرف أن سياستنا تنتهك القانون الدولي. وإذا لم تكن هناك سياسة، وكان هذا حادثًا بسبب معلوماتنا الاستخباراتيه ونحن نسمح للخوارزميات باختيار الأهداف ثم تنفيذ ضربات التوقيع، فيجب علينا بالتأكيد إجراء تحقيقات ما بعد الضربة حتى نصلح المشكلة".
في غضون ذلك، لا تزال الصدمة التي تعرضت لها العائلتان ومجتمعاتهما الكبرى لا تُحصى. أصيب العشرات من أفراد الأسرة بعد المداهمة والضربات، من إصابات بشظايا إلى كسور في العظام وفقدان في الأطراف. وإلى جانب الآثار الجسدية، ورد في بيان شاهد "ريبريف" أنه "لا يمكن التقليل من الآثار النفسية للهجمات على المجتمع: المتمثلة في صدمة فقدان الأحباء، ومشاهدة عنف الغارات، والخوف المستمر من المزيد من الهجمات- الخطر المستمر لحياة المرء وحياة عائلته. إن الخوف من الضربات الجوية قد دفع الناس إلى تجنب التجمعات التي تشد النسيج الاجتماعي الذي يربط المجتمع ببعضه البعض".
بعد أشهر من الغارة التي استهدفت موكب الزفاف، تحدث عبد الله مبخوت العامري، عريس زفاف 2013، الذي توفى مؤخرا، لـ Reprieve ، قائلا "يخشى الناس في القرية التجمع. يشعر الجميع أنهم هدف. كنا نعتقد أن هذه الطائرات بدون طيار تقتل فقط الأشخاص المطلوبين، وليس الناس الأبرياء إطلاقا".
بعد سنوات، استمرت الخسائر النفسية وأثارها، كما يقول أفراد الأسرة. قال عامر العامري في مقابلة مع محقق في منظمة ريبريف في عام 2019: "أصبحت حياة الناس في القرية مؤلمة ومليئة بالخوف والرعب والقلق. لقد تغيرت حياتنا بشكل جذري نحو الأسوأ".
رغم أن أحدث ضربة جوية وقعت في 2018 ، إلا أن منظمة ريبريف تعتقد أن العائلات لا تزال في خطر. وفي آذار/ مارس 2020 ، ألقيت منشورات على منطقة يكلا، حيث تعيش عائلتا العامري والتيسي، تقدم مكافأة مقابل معلومات عن كبار قادة القاعدة في جزيرة العرب. وبحسب موقع ريبريف، أفادت التقارير أن المروحيات الأمريكية أسقطت المنشورات، وقال عزيز العامري لـ Reprieve إنه رأى طائرة بدون طيار تحوم فوق مسقط رأسه في يونيو. وكتبت ريبريف في شهادتها: "لا تزال العائلات معرضة لخطر جدي وملح، بالتعرض لأذى لا يمكن إصلاحه من موت أو إصابة".
ومع ذلك، ليست هذه هي المرة الأولى التي ترفع فيها عائلات اليمنيين الذين قتلوا في ضربات الطائرات بدون طيار التماسات قانونية ضد حكومة الولايات المتحدة، على الرغم من أن هذه الملاحقات لم تنجح في النهاية. ففي عام 2015 ، بعد ثلاث سنوات من مقتل مدنيين يمنيين خلال غارة أمريكية بطائرة بدون طيار، رفعت عائلاتهم دعوى "إعدام خاطئ" ضد الحكومة الأمريكية. وفي العام 2017 ، ألغت محكمة فيدرالية أمريكية الدعوى، وقال القاضي إنه ليس من شأنهم التشكيك في الحكم العسكري.
في الوقت الذي يُنتظر فيه معرفة ما الذي يمكن أن يأتي من الالتماس الذي تقدمت به العائلة إلى لجنة البلدان الأمريكية لحقوق الإنسان، تعتقد جيبسون أن تقديم شكاواهم بحد ذاته يشكل سابقة مهمة. وعلى الرغم أن منظمة ريبريف طلبت تسريع الالتماس، إلا أن العملية ما تزال في منطقة قانونية مجهولة قد تستغرق ما يصل إلى 10 سنوات وتصبح صراعًا بين الأجيال.
وقالت جيبسون: "إن قرارًا من لجنة الدول الأمريكية سيوفر على الأقل شيئًا لم يكن لدى العائلات أبدًا- وهو الاعتراف بالضرر الذي لحق بهم". لقد فقدوا العشرات من أحبائهم، معظمهم أطفال. وإن اتخاذ قرار لصالحهم سيؤدي في النهاية إلى بعض المسآءلة، وسيجبر الولايات المتحدة على تصفية حساب 10 سنوات من إدارة برنامج "قتل سري" أدى إلى مقتل مئات الأبرياء، بما في ذلك أولئك الذي قتلوا من عائلات العامري والتيسي".
على مر السنين ، بينما كان شيبان يشاهد الأسرة تتضاءل في ظل الهجمات الأمريكية المتصاعدة، تذكر لحظات عزيزة من زياراته العديدة: حب أفراد العائلة لحم الضأن المشوي، والأطفال يتسابقون فوق التلال حيث كانوا يعلمون أنهم يستطيعون الهروب من سكان المدن، وعنادهم . يقول شيبان إنه بغض النظر عما كان لديهم، فإنهم "سيشاركونه بسخاء مع من يستضيفون". وأضاف أن قادة العائلات لم يبدوا أبدًا "شعورًا بالغضب وشعورًا بالانتقام" ازاء الهجمات، وبدلاً من ذلك، حاولوا العمل داخل النظام، محاولين التحدث إلى الأشخاص المناسبين والبحث عن الوساطة.
يتذكر شيبان أن إحدى أنشطتهم المفضلة كانت عندما يحل الليل؛ كانت العائلات تغادر قريتها وتجلس على قمة تل قريب، وتتنافس مع بعضها البعض في مسابقة لرؤية الأبعد. كانت السماء صافية، ولم تكن هناك كهرباء في قريتهم، ولا أضواء ساطعة تزعج السلام. لذا جلسوا، كلهم معًا، وألقوا نظرة في الظلام، محاولين الخروج من المدينة التالية، والمدينة التي تليها.
تلك الأيام قد ولت الآن. فبعد أن هاجم الحوثيون قريتهم، أصبح من الخطر زيارة قمة التل الخاص بهم. هذا الصراع، إلى جانب الخوف من ضربات الطائرات بدون طيار، جعل العديد من الملذات التي كانت تتمتع بها العائلات ذات يوم، تصبح مستحيلة الأن. حيث استحوذت الصدمات والنزوح على اهتمامهم.
وقال التيسي: "كل من في القرية متأثر"، مضيفا "عادة لا يستطيعون النوم بشكل جيد، بسبب الخوف. لا يمكنهم حتى تناول الطعام بشكل جيد. حتى الأطفال يخشون الخروج واللعب. بعضهم مريض عقليا في الوقت الحالي، بسبب هذا الشعور الدائم بالخوف".
ومع ذلك، فإنهم يأملون في أن يؤدي الالتماس المقدم إلى لجنة البلدان الأمريكية لحقوق الإنسان إلى تحقيق العدالة. يقول العامري والتيسي إنهما يأملان في تحقيق شفاف، والمسآءلة عن المعلومات الاستخباراتية الخاطئة التي تسببت في الضربات، وتعويضات العائلات المفككة والأطفال الأيتام.
"أريد أن أضغط على إدارة بايدن لوقف كل ضربات الطائرات بدون طيار المستقبلية على منطقتنا". أضاف العامري، الذي قال مع التيسي إن عائلاتهم رفعت القضية بسبب الرئيس الجديد، مستدركا: "نريد المزيد من الأصوات في أمريكا للتضامن معنا وطرح الأسئلة على حكومتهم. نحن أناس مثلهم تمامًا"