لم يكن يتوقع الشاب العشريني "أكرم الصلوي" أن يتحول حزنه إلى فرح بعد أن فقد مصدر رزقه الوحيد عندما تعرض الباص الذي كان يعمل به للاحتراق في إحدى شوارع العاصمة صنعاء يوم الجمعة 24 يوليو/ تموز الفائت.
وخلال الأيام الماضية وعقب تداول ناشطون يمنيون على مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو لاحتراق باص صغير في إحدى شوارع صنعاء، داعين إلى التضامن ومساندة سائق الباص الذي فقد مصدر رزقه، غير أن التضامن الذي كان هدفه جمع مبلغ مالي لمساعدته، تحول إلى سباق من أجل إغداق الشاب بالهدايا، بعد أن تجمعت له تبرعات مالية بأكثر من 8مليون ريال يمني.
"يمن شباب نت" أجرى مقابلة مع الشاب وقال أكرم الصلوي (25عام)، والذي قال "أنه أثناء حادثة احتراق الباص كان يعتقد أن حياته كانت تحترق"، حيث ظهر في فيديو قصير وكان يبكي بصوت مرتفع، والناس يحاولون إخماد النيران المشتعلة وهي تلتهم مصدر رزقه الوحيد الذي كان يعول به أفراد أسرته وهو بالأصل ليس بملكه بل كان يعمل به بالأجر اليومي.
ماهي القصة؟
يقول الشاب "أكرم الصلوي" - سائق الباص المحترق - "أن الباص الذي كان يعمل به يعمل على الغاز ومع اشتداد أزمة الغاز خلال الأيام الماضية في العاصمة صنعاء اضطر إلى تحوليه إلى بترول خوفا من التوقف عن العمل خصوصا مع اقتراب عيد الأضحى المبارك".
وأضاف في مقابلة خاصه مع "يمن شاب نت" أنه بينما كان في طريقه إلى شارع هايل نفذ عليه البترول، وقام حينها بتعبئته بطريقة طبيعية وواصل طريقة بشكل طبيعي، وفي الطريق تفاجأ بانفجار مرعب واشتعال النيران بشكل مخيف ومرعب.
وأشار "الصلوي" أنه وبعد الانفجار واشتعال النيران نزل هو ومن كانوا معه في الباص بسلام وعافية مضيفا "أنه تعرض لحروق طفيفة في يديه عندما يحاول إخماد الحريق ولكن دون فائدة، عندها وجدت نفسي عاجزا عن فعل شيء وكنت أبكي بصوت مرتفع".
وتابع قائلا " كان لدي شعور قاتل، والباص يحترق وتحترق معه أحلامي وحياتي ومستقبل إخواني وكان البعض يحاول تهدئتي أتذكر أن أحدهم قال لي حينها لا تبكي يا أكرم سنعطيك عشرة عوضا عنه لا تبكي يا أكرم".
تضامن مجتمعي واسع
بعد دعا ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي إلى مساندة الشاب "الصلوي" والوقوف معه وجمع الأموال له للتخفيف من معاناته، ذهب مجموعة من الشباب في اليوم الثاني إلى منزله للاطمئنان على صحته واتفقوا معه على كيفية إيصال التبرعات له.
وقال أكرم الصلوي "أنهم اتفقوا معه على فتح حساب خاص له وتم نشره على موقع التواصل حتى يتم إيداع الأموال إلى حسابه وذلك في إطار الحرص على عدم التلاعب بالأموال التي سوف يتم جمعها من قبل المتعاونين معه".
والثلاثاء الماضي 28 يوليو نشر الناشط "أمجد الكميم" كشف حساب بكافة المبالغ التي جمعها من المتعاونين مع الشاب أكرم الصلوي حيث وصلت إلى ثمانية مليون و660 ألف ريال يمني، وقال: "وقد تم تعويض مالك الباص بمليون و700 ألف وتم شراء الباص الجديد للشاب أكرم بقيمة ثلاثة مليون ومئة ألف ريال، وتم تسليمة بقية المبلغ".
ولم يتوقف التضامن عند هذا المبلغ المالي فقط، حيث أعلن عن قرب حفل زفافه في منتصف شهر أغسطس الجاري، وهو ما كان جزء من السباق من قبل الشركات والمحلات التجارية لتقديم له هدايا متنوعة.
قصة كفاح
لم يكن الشاب "أكرم الصلوي" قصة ضحية عابرة تعرض لخسارة فادحة في احتراق الباص الذي يعمل به فقط، بل هو قصة كفاح مريرة مع الحياة لتوفير لقمة العيش، مثله مثل الملايين من الشباب اليمني، الذين قذفت بهم الحاجة للعمل من أجل أسرهم المحتاجة للعيش في زمن الحرب.
يقول الصلوي "أنه كان يكافح من أجل توفير لقمة العيش لأفراد أسرته والوقوف إلى جانب والده في مواجهة متطلبات الحياة والعمل بجد واجتهاد في الباص".
وأضاف في مقابلة مع "يمن شباب نت" لقد تعرض والدي للمرض الشديد قبل أشهر قليلة وخسرت مبالغ مالية كبيرة في علاجه وذلك جعلني اضطر إلى تأجيل زواجي إلى أجل غير مسمى".
وتابع: "لم أكن أتوقع أن يتضامن الناس معه بتلك الطريقة التي غيرت حياتي ورسمت لي البهجة والفرحة والسرور حيث أعلنت العديد من المحلات التجارية عن تقديم بعض الخدمات والهدايا وذلك يسرني جدا فلقد تحول حزني إلى فرح بعد وقوف الناس إلى جانبي".
كرم اليمنيين يحول الحزن إلى فرح
خلقت حادثة الشاب "أكرم الصلوي"، تعاطف من قبل اليمنيين على مواقع التواصل الاجتماعي وماتزال حتى اللحظة تعلن له عشرات الهدايا على صفحات المحلات التجارية في "فيسبوك"، من بينها هبات مالية وترفيهية في المطاعم والكافيهات ومحلات حلويات، بالإضافة إلى العطور والورد، وإقامات في فنادق وخدمات مجانية من شركة نقل، وهدايا أخرى متنوعة.
ومن المفترض أن يقيم حفل زفافه في الخامس عشر من الشهر الجاري في إحدى قاعات الأفراح بصنعاء بحضور عددا من الفنانين وطاقم تصوير كل ذلك دون مقابل.
ورصد "يمن شباب نت" عددا من الهدايا الخاصة بزفاف الشاب أكرم الصلوي من بينها ملابس وكذا مقتنيات شخصية خاصة بالزفاف، وجلسات تصوير خاصة ودعوة من قاعة أفراح لإقامة زفافه كما تعهد فنانين بحضور للغناء بحفل زفافه.
وعلى الرغم من الحالة البائسة التي يعيشها المواطنون نتيجة استمرار الحرب المدمرة التي تعصف باليمن منذ ست سنوات إلا التراحم والتكاتف بين أفراد المجتمع لا يزال سمة يتميز بها اليمنيون، وخلال السنوات الماضية استطاع اليمنيون تعزيز التلاحم الاجتماعي بمبادرات فردية وجماعية رغم كل مشاريع التمزيق التي خلفتها الحرب.
أخبار ذات صلة
الثلاثاء, 03 سبتمبر, 2019
مئات السيارات لزفته وعشرات الهدايا.. كيف لبى اليمنيون دعوة شاب نازح لمشاركته عرسة؟