عاشت محافظة ذمار- جنوبي العاصمة صنعاء- خلال الشهر الماضي، حالة من الفوضى والعبث والرعب، مع ارتفاع منسوب الانتهاكات التي تنوعت بين الاختطافات ومداهمة المنازل وجرائم القتل..
يأتي ذلك في الوقت الذي شهدت فيه المحافظة- الواقعة تحت سيطرة المتمردين الحوثيين- أزمات خانقة في الأحتياجات الأساسية خلال شهر رمضان المبارك، شملت إنعدام الغاز المنزلي والمشتقات النفطية والماء؛ مع تدهور متزايد في أبسط الخدمات العامة..
مداهمات واختطافات جديدة
ومؤخرا، نفذت ميليشيات الحوثي الانقلابية، المدعومة إيرانياً، حملات مداهمات للمنازل واختطافات طالت أكثر من 30 شاباً من النشطاء، أغلبهم من طلاب الجامعة، وإقتادت بعضهم إلى سجن الوحدة، وآخرين إحتجزتهم في الأمن السياسي، حيث لا تزال تخفيهم حتى اليوم.
وحصل "يمن شباب نت" على أسماء بعض المختطفين الذين اختطفتهم ميليشيات التمرد الحوثية في محافظة ذمار، خلال الفترة الأخيرة.. (أنظر الجدول المرفق أدناه)
وكان تقرير حقوقي صادر عن "منظمة شمول للإعلام وحقوق الإنسان"، كشف أن إجمالي من اختطفتهم مليشيات الحوثي وصل إلى نحو 2,300 شخصا، منذ أن أحكمت قضبتها على المحافظة مطلع أكتوبر 2014.
ويتهم نشطاء وحقوقيون بمحافظة ذمار، قيادات أمنية في مليشيات الحوثي بتنفيذ هذه الحملات، على رأسهم المدعو "عبدالعزيز خيران" المكنى بـ"ابونصر"، وهو ضابط برتبة رائد في القوات الخاصة سابقا، ويعمل حاليا مديرا للبحث الجنائي في ذمار. ويعد خيران من أبرز قادات المليشيات في المحافظة والمسؤول الأول عن إختطاف الصحفيين وملاحقتهم.
يليه المدعو "أحمد الشرفي" والمكنى بـ"ابو حمزة"، وعينه الحوثيون مديرا لأمن المحافظة مطلع العام 2019. والقيادي يحيى الشرفي "ابو عبدالملك" المسؤول الأول عن سجن الأمن السياسي وتعذيب المختطفيين.
ردة فعل مسعورة
وبالرغم من الدعوات الدولية والمحلية المطالبة بالإفراج عن المختطفيين المكدسين سجون مليشيات الحوثي بسبب تفشي وباء كورونا، إلا أن الميليشيات المتمردة بدلا من ذلك صعدت من حملات الاعتقالات التعسفية مع بداية شهر رمضان، واختطفت العشرات من منازلهم، دون إبداء الأسباب من وراء ذلك..!!
وأعتبر الصحفي والراصد الحقوقي نجيب الشغدري إن حملة الاقتحامات والإعتقالات المسعورة التي شنتها مليشيات الحوثي الانقلابية مؤخرا، وطالت العشرات من المواطنين في محافظة ذمار، هي "ردة فعل طبيعية نتيجة للإنهيارات الكبيرة والخسائر الجسيمة المتسارعة التي تتلاقاها في الجبهات على يد أبطال الجيش الوطني ورجال القبائل الأحرار.
وفي هذا السياق، أقدمت المليشيات الحوثية على قتل شاب يدعى "محمد سعد الموشكي" في عزلة "موشك" بمديرية مغرب عنس. وأوضحت المصادر، أن سبب القتل يعود إلى رفض الشاب المذكور العودة للمشاركة في جبهات القتال، بعد عودته مؤخرا منها، الأمر الذي أدى إلى استخدام القوة معه وقتله.
جرائم لحقة
إلى ذلك، اختطفت ميليشيات الحوثي الإرهابية، مواطناً من أحد الأسواق العامة بمدينة ذمار وسط اليمن.
وقالت مصادر محلية إن مسلحين حوثيين على متن طقم عسكري اختطفوا المواطن "عبده صالح حسن" من أهالي مديرية عنس، من سوق عنس بمدينة ذمار، ونقلوه إلى أحد سجونها بالمدينة.
وأضافت المصادر، إن المواطن المذكور سبق وأن اختطفته المليشيات بسبب ترحمه على الرئيس السابق "علي صالح" عقب إعلان الأخير ما وصفت بـ"انتفاضة الثاني من ديسمبر 2017" ضد الميليشيات الحوثية، وأدت إلى مقتل "صالح" في منزله بالعاصمة صنعاء.
ومن بين الجرائم التي ارتكبتها الميليشيات الحوثية بالمحافظة خلال الأيام الماضية، عملية دهس طالت طفلة لم يتجاوز عمرها أربعة أعوام.
وأفادت مصادر محلية "يمن شباب نت" أن الطفلة "مرام" لقت حتفها في حادثة دهس بطقم عسكري كان على متنه مسلحين تابعين لمليشيا الحوثي، ما أدى إلى وفاتها على الفور.
أزمات خانقة
وتفرض ميليشيات الحوثي الانقلابية سيطرتها على محافظة ذمار منذ أكتوبر/ تشرين أول 2014. ومنذ ذلك الحين وهي تسومها سوء العذاب، ليس فقط بإرتكابها افضع الانتهاكات في حق أبنائها المعارضين لها، أو باستغلال قبائلها كقوة قتالية لتكب بهم إلى محارقها في مختلف الجبهات، بل وأيضا في إهمال المحافظة التي تنعدم فيها أبسط الخدمات العامة.
ولم تتخلص المحافظه يوما من الأزمات الخانقة في كثير من الأحتياجات الأساسية، التي جاءت مع سيطرة المتمردين الحوثيين، بما في ذلك الأزمة الخانقة، والمتجددة دائما، في مادة الغاز المنزلي، والتي زادت حدتها مؤخرا مع دخول شهر رمضان المبارك.
ويلاحظ مواطنون، تحدثوا مع "يمن شباب نت" حول هذه الأزمة، تزامنها مع عودة انتشار الاسواق السوداء على قارعة الطريق، وفي الشوارع الرئيسيه في عموم المحافظة، حيث تباع فيها اسطوانات الغاز بأسعار خيالية، تتراوح ما بين سبعة آلاف إلى تسعة آلاف ريال للأسطوانة الواحدة سعة 15 كيلو (يقل وزنها عن التعبئة الرسمية بمعدل 5 كجم).
وتُتهم ميليشيات الحوثي بإدارة تلك الأسواق، التي بات معروفا لدى الجميع أنها تدار من قبل قيادات حوثية على مرأى ومسمع من سلطة الأمر الواقع، المتهمة أساسا بإفتعال مثل هذه الأزمات، في سياق التخادم المالي فيما بين قياداتها التجارية والسياسية..!!
ويعزز مواطنون تلك الإتهامات بعدد من الأدلة والشواهد، آخرها- على سبيل المثال لا الحصر- احتجاز ميليشيا الحوثي الانقلابية، أربع قاطرات غاز في أحواش شركات لتعبئة الغاز المنزلي في المحافظة..!!
وقالت مصادر "يمن شباب نت"، أنها رصدت احتجاز المليشيات الحوثية لأربع مقطورات غاز في حوشي "شركة الحسينية" الواقعة في خط الحسينية؛ و"شركة القرن" الواقعة في منطقة ذمار القرن.
وأوضحت المصادر أن قاطرات الغاز المحتجزة وصلت إلى حوشي الشركتين ليلة أول رمضان، على أن يتم تفريغهن في ذات اليوم، وبدء تعبأتهن خلال شهر رمضان، قبل أن تستولي عليها المليشيات .
وبحسب المصادر، فإن المليشيات منعت إفراغ تلك القاطرات وتعبئتها في خزانات الشركتين وتوزيعها على الوكالات، موجهة أوامرها للقائمين على المحطتين بتخصيصها لهم، للتصرف بها عن طريقهم..!!
وبالمثل أيضا، تحدث مواطنون من أبناء ذمار، عن وجود أزمة أخرى في وفرة المشتقات النفطية، مبدين استغرابهم من ذلك، رغم أن أسعار النفط انهارت عالميا، حيث شهدت مؤخرا هبوطا إلى أدنى مستوياتها على مستوى العالم، وتوفرت على مستوى البلاد..!!
خدمات أساسية غائبة
وعلى مستوى النظافة، تحولت المدينة إلى مكب للنفايات المتكدسة. الأمر الذي خلق تذمرا واسعا، ويتزايد من يوم إلى آخر لدى معظم السكان، خصوصا مع انتشار الأمراض والأوبئة التي تفشت في المحافظة بشكل كبير نتيجة هذا الإهمال.
وأعرب مواطنون لـ"يمن شباب نت" عن استيئاهم من الطريقة التي يدير بها المتمردون الحوثيون للمحافظة. وقال عدد منهم إنه بالرغم من الدعم الكبير الذي تتلقاه الميليشيات من قبل منظمات اليونسيف والصليب الاحمر الدولي المقدم لمكتب النظافه والتحسين بالمحافظة، الا أن الشوارع الرئيسيه والأحياء السكنية تغرق باكوام متكدسة من القمامة.
كما يعاني السكان في معظم الاحياء من طفح مياه الصرف الصحي (المجاري)، بشكل كبير، دون أدنى تحرك من قبل مكتب التحسين، رغم الإيرادات الهائلة التي يتحصلها، والتي تصل إلى عشرات الملايين شهريا، دون القيام بمسؤولياتهم على الارض..!! حيث تتهم الميليشيات بنهب تلك الإيرادات واستخدامها لرفد جبهاتها القتالية.
وتزداد مخاوف المواطنيين هنا، بشكل أكبر، بالتزامن مع قلقهم من تفشي جائحة فيروس كورونا، وسط إنتشار أمراض أخرى مثل الكوليرا والديفتيريا والملاريا، التي أهلكت معظم المواطنين غير القادرين على تحمل نفقات العلاج..