مؤخـراً... أعلنت السعودية التي تقود التحالف الذي يقاتل الحوثيين في اليمن منذ تدخله عام 2015، عن وقف لإطلاق النار من جانب واحد، وقالت إنه "يهدف لإتاحة المجال لليمن لمواجهة خطر فيروس كورونا (كوفيد-19) العالمي"، بالتزامن مع ذلك أعلنت اليوم الجمعة أول حالة إصابة في حضرموت (شرق اليمن).
ووسط تحذيرات دولية من تداعيات التفشي المحتمل للفيروس في البّلُدِ الذي مزقته الحرب المستمرة، وتسببت في انهيار المنظومة الصحية المتواضعة للبلاد بصورة قد تجعل من وطأة الفيروس، أكثر كارثية وخطراً على اليمنيين.
وبرغم هيمنة أزمة تفشي فيروس كورونا في معظم دول العالم على عناوين الصحافة الدولية مع الصدمة التي أحدثتها تداعياته المؤلمة على شتى مناحي الحياة تقريباً، فقد استحوذ الإعلان السعودي عن وقف إطلاق النار في اليمن على قدر ملحوظ من اهتمام الصحافة الغربية ـ الأمريكية والبريطانية على وجه الخصوص ـ باعتبار أنه ربما يقدم بصيص أمل على طريق إنهاء الحرب المدمرة في اليمن.
إقرأ أيضا...
التحالف العربي يعلن وقف إطلاق النار في اليمن لمدة اسبوعين قابلة للتمديد
"يمن شباب نت" رصد أبرز ما تناولته أبرز الصحف الغربية، والتي تحدثت عن محاولات انهاء الحرب، على الرغم من السياق التاريخي المتكرر للسيناريوهات التي آلت الى فشل اتفاقات جمة من هذا القبيل في إنهاء الحرب المستمرة منذ أكثر من خمس سنين.
خطوة أولى نحو السلام
وتحت عنوان "وقف النار في اليمن.. هو في أفضل الأحوال الخطوة الأولى على طريق طويل نحو السلام"، نشرت صحيفة «The New York Times» الأمريكية تقريراً قالت فيه "بأن الأطراف المتحاربة في اليمن لطالما اقترحت طرقًا لإنهاء الحرب المدمرة. ومع ذلك فلا تزال هناك فجوات متفاقمة بحيث أن مسألة إحراز أيما تقدم "ستكون صعبة".
وقالت: "بأن جائحة فيروس كورونا قد في إنهاء واحدة من أسوأ الحروب في العالم" مشيرة بالقول بأن "الأمل" ظهر هذا الأسبوع، مع عرض المتقاتلين الرئيسيين في اليمن، - أفقر دولة عربية -، لرؤاهم المتعلقة بالمسار نحو السلام".
ووفق الصحيفة، تبدو هذه التطورات وكأنها توحي بإحراز تقدم ما. لكن المحللين والدبلوماسيين الذين يراقبون الوضع باليمن قالوا إن المسافة بين مواقف الأطراف المتحاربة والحواجز التي يجب إزالتها "كبيرة للغاية" لدرجة أن التحركات الجديدة ليست سوى مناورات للانفتاح، في أفضل الأحوال، وبالتالي تتعزز مخاوف حدوث "تقدم خادع" ـ وفق تعبير الصحيفة.
وقالت بأن الحرب خلقت معاناة إنسانية لا حصر لها. ولقي عشرة آلاف شخص حتفهم، ودمرت المدن والبلدات، وانتشر الفقر. كما وثبتت صعوبة كشف الإصابة بأمراض مثل الكوليرا بسبب تفكيك النظام الطبي في البلاد، إضافة لافتقار الكثير من اليمنيين إلى المياه النظيفة.
هذه الحقيقة ـ وفق «The New York Times» ـ ستترك 30 مليون شخص في اليمن معرضين للخطر بشكل خطير إذا استمر فيروس كورونا، على الرغم من أنه حتى يوم الخميس، لم يكن اليمن قد أكد بعد تسجيل حالات إصابة بالفيروس.
السعودية وحرب اليمن
وقال محللون إن السعوديين لديهم الآن أسباب عديدة للبحث عن مخرج من حرب اليمن. فقد كانت تكلفة الحرب باهظة، وفي وقت أراد فيه الحاكم الفعلي للمملكة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان الدفع بجهود ضخمة بغية تنويع الاقتصاد السعودي.
وذكرت الصحيفة بأنه في الآونة الأخيرة، أدى الانخفاض العالمي في الطلب على النفط بسبب عمليات الإغلاق جراء فيروس كورونا، وحرب الأسعار بين السعودية وروسيا، إلى تفاقم الضغوط المالية مما أدى إلى خفض سعر النفط إلى أقل من نصف ما تحتاجه المملكة لإبقاء ميزانيتها بحالة متوازنة.
ولفتت الى أن السعودية تواجه منذ فترة طويلة اللوم الدولي لمساهمتها في الانهيار الإنساني لليمن، حيث رجح التقرير تزايد الانتقادات ضد المملكة إذا بدأ العديد من اليمنيين يموتون من جراء كورونا.
وتستدرك الصحيفة بالقول "لكن المملكة قد تكون عالقة مع عدو يفضل الاستمرار في القتال"، ففي غضون ساعات من توقيت بدء وقف إطلاق النار ظهر يوم الخميس، تحدثت تقارير عن خروقات.
ووفقاً لدبلوماسي مطلع "فقد أخبر السعوديون الحوثيين سلفاً أن إعلان وقف إطلاق النار قادم، لكن قادة الحوثي لم يصدروا رداً رسمياً على المبادرة".
ونقلت الصحيفة عن محللين قولهم إن المطالب التي قدمها الحوثيون تشير إلى أنه وبعد مواجهتهم مع السعودية، أغنى دولة في العالم العربي، والاحتفاظ بالعاصمة اليمنية لمدة خمس سنوات، فإنه لا يبدوا الحوثيين في مزاج لتقديم تنازلات.
في ذات السياق، أشار التقرير الى ما أثاره محللون آخرون من قضايا أخرى يمكن أن تؤثر على نجاح وقف إطلاق النار السعودي. فعلى سبيل المثال، الطرف الذي سيلتزم بها لا يزال مجهولاً.
للمزيد إقرأ أيضًا..
الأزمات الدولية: وقف إطلاق النار لمواجهة "كورونا" يقدم مخرجاً لليمن الذي مزقته الحرب (ترجمة خاصة)
ووفقا لنيسان لونجلي آلي، - نائبة مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في مجموعة الأزمات الدولية - "المقترح جاء من جانب واحد، ولذا ليس من الواضح ما هو رد فعل الحوثيين، ولا حجم مشاركة اليمنيين الذين يقاتلون الحوثيين على الأرض". متسائلة: هل يتفق يمنيون آخرون مع هذا أم لا؟
وقالت السيدة ألي "إن تنفيذ وقف إطلاق النار ليس بالأمر الهين، وسيكون الاختبار الأول لذلك متمثلاً فيما إذا كان الطرفان سيحضران الاجتماع الافتراضي"، ـ وذلك في إشارة للقاءات عبر الفيديو تخطط الأمم المتحدة عقدها بين الأطراف اليمنية خلال فترة قريبة.
وأضافت: "حتى لو حدث ذلك، فمن غير المحتمل أن يستمر وقف إطلاق النار ما لم يكن مرتبطًا بعملية أكبر تهدف إلى معالجة العديد من القضايا التي أبقت اليمنيين يتقاتلون ضد بعضهم".
وقالت السيدة ألي "بدون عملية سياسية تحث على وقف لإطلاق النار، وبدون مخرج وبدون تدابير اقتصادية وإنسانية ملموسة للغاية لبناء الثقة، فإن وقف إطلاق النار لا يمكن أن يستمر".
"كورونا" فرصة للسلام
بدورها، قالت مجلة «Foreign Policy» الأمريكية بأن إعلان السعودية عن وقف لإطلاق النار لمدة أسبوعين في اليمن "يوفر إرجاءً مؤقتًا لبلد مزقته الحرب طيلة أكثر من خمس سنوات"، حيث يأمل دبلوماسيون غربيون أن وقف إطلاق النار، الذي يهدف إلى السماح للبلاد بالتحضير لتفشي فيروس كورونا المحتمل، يمكن أن يمهد الطريق لسلام طويل الأمد.
ووفق المجلة "يعتبر الصراع في اليمن أسوأ أزمة إنسانية في العالم، وقد أدى إلى توتر العلاقات بين الولايات المتحدة السعودية، التي تقود مهمة عسكرية مُكلِفة ضد المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران".
وذكرت بأن، الدعم العسكري الأمريكي للتحالف السعودي أدى إلى معارك سياسية ساخنة بين الكونغرس وإدارة ترامب، خلال السنوات الأخيرة.
ونقلت مجلة "فورين بوليسي" عن خبراء قولهم: "إن وباء كورونا يمكن أن يوفر لكل من الحوثيين والحكومة المدعومة من السعودية سبيلًا جديدًا للسلام".
وقالت إيلانا ديلوجيير - الخبيرة في قضايا الخليج في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى للمجلة - "إن التهديد الذي يمثله كورونا يقدم غطاءاً كبيرا لوقف إطلاق النار لأنه يضمن ألا يبدو أي من الطرفين مستسلما ًللطرف الآخر".
وأضافت: "بأن قدرة وقف إطلاق النار على بناء زخم من أجل سلام دائم، ستعتمد كليا على الإرادة السياسية للحوثيين"، -وهو أمر تراه ديلوجير "هش" - مع تقدم قوات الحوثيين في مدينة مأرب، معقل الحكومة الشرعية.
وقالت المجلة الأمريكية إن اليمن غير جاهز للتعامل مع وباء كورونا حال تفشيه. إذ أنه على الرغم من عدم الإبلاغ عن حالات إصابة بالفيروس في البلاد، إلا أن الخبراء متخوفون من أن ذلك قد يتغير، أو أن المسألة ربما تعود ببساطة إلى افتقار اليمن للقدرة على تتبع العدوى.
يستعد للأسوأ
وذهبت صحيفة «Washington Post» للقول بأن الاشتباكات التي بدأت في منتصف يناير/ كانون الثاني، تسببت في تعرض ما وصفه دبلوماسيون بـ "مبشرات واعدة " بخصوص إجراء مفاوضات مباشرة بين السعودية والحوثيين. لكنها تتفق مع ما تناولته بقية الصحف، من أن فيروس كورونا المدمر "ربما يتيح فرصة جديدة لوقف الأعمال العدائية في اليمن".
وذكرت الصحيفة بأن مسؤولون من الأمم المتحدة ومسؤولون غربيون يضغطون على الأطراف اليمنية والسعودية للحد من العنف.. وبالتالي المساعدة في وقف انتشار الفيروس.
وترى الصحيفة، بأن المخاوف من إمكانية أن يدمر الفيروس اليمن "حقيقية"، بالنظر إلى أن 50 في المائة أو أكثر من البنية التحتية الصحية للبلاد مدمرة أو متضررة، فيما بات الشعب اليمني ـ الذي يعاني الكثير منه من سوء التغذية، أو العجز بسبب الحرب - "عرضة للإصابة بالمرض"، بحسب ما نقلت عن عامل إغاثة في حديثه عن السيناريوهات التي تدرسها وكالات الإغاثة.
وأضاف العامل "ليس لديهم (في اليمن) مرافق طبية للاستجابة لذلك"، موضحاً بأنه في حال امتلك اليمن 200 جهاز تنفس اصطناعي فقط، فسيكون ذلك مفاجئاً، حيث ذكر بأن الأمم المتحدة بذلت جهودا منسقة للتحضير لأي تفشي محتمل للفيروس في البلاد.
وعي بتهديد كورونا
وبالانتقال للصحافة البريطانية، تبدوا أراءها حول إعلان الرياض وقف النار باليمن، متقاربة بدرجة كبيرة بخصوص إبداء نظرة تفاؤل حذر بإمكانية حدوث اختراق فعلي نحو السلام في اليمن، مع الإشارة، في ذات الوقت، الى مخاوف الفشل المتكررة لوقف النار باليمن، والتي كشفت عنها مجريات الصراع هناك طيلة الخمس سنين الماضية.
واعتبرت صحيفة «The Guardian» البريطانية، إعلان السعودية وقف إطلاق النار "خطوة تهدف إلى إظهار وعيها بالتهديد الذي يشكله فيروس كورونا بالنسبة لبلد مزقته الحرب في ظل امتلاكه خدمات صحية بدائية فقط".
وأشار تقرير - للمحرر الدبلوماسي بالصحيفة "باتريك وينتور" - الى أن الاختبار الأبرز الآن سيكون متمثلاً بمسألة ما إذا كان يمكن الحفاظ على استمرار وقف النار، على عكس وقف إطلاق النار السابق قبل أسبوعين والذي انهار في غضون أيام.
ونوه الكاتب الى "أن تاريخ اليمن الحديث مليء بإعلانات وقف إطلاق النار الفاشلة، على الرغم من حديثه عن أن وقف إطلاق النار في سبتمبر من العام الماضي أدى إلى بعض التقدم السياسي".
ووفق التقرير، فقد بذل غريفيث جهودًا مكثفة من وراء الكواليس لحث قوات الحوثي المتمردة التي تسيطر على العاصمة صنعاء، ومدينة الحديدة الساحلية الغربية وأجزاء كبيرة من الشمال على عدم استغلال الخطوة السعودية. حيث إن عرض خصمها الحوثي لوقف إطلاق النار مشروط للغاية، ويبدو أنه ينطبق فقط على السعودية، وليس على الحكومة اليمنية.
ورجح تقرير الغارديان، أن تواجه السعودية، - التي تعاني سياسياً من تدخلها لمدة خمس سنوات في اليمن -، اتهامات بممارسة حيل العلاقات العامة من قبل منتقديها، مشيرة ًالى أن نائب وزير الدفاع السعودي، الأمير خالد بن سلمان، أصر على أن الخطوة صادقة، حيث دعا المتمردين إلى "إظهار حسن النية" من خلال الانخراط بجدية في الحوار.
الحوثيون لم ينهو القتال
وأخيراً، ترى مجلة «The Economist» البريطانية، "بأن وقف إطلاق النار السعودي يوفر بعض الأمل في إنهاء الحرب في اليمن"، ومع ذلك ذكرت بأنه يبدو "أن المتمردين الحوثيين لم ينهوا القتال بعد.
ووفقا للمجلة، يشير الإعلان السعودي أيضًا إلى تحول في تفكير المملكة عن الاعوام الماضية. حيث اعتبرت بأن وقف إطلاق النار هو الخطوة الأكثر أهمية للسعودية نحو السلام منذ أن تدخلت نيابة عن الحكومة اليمنية.
وقالت: "بأن الحرب أضحت أكثر فوضى مع مرور الوقت، مع دعم السعودية للمجموعات المحلية التي لا تتوافق مع بعضها في كثير من الأحيان، وتسليح إيران للحوثيين".
واتفقت "الإيكونوميست" مع ما ذكرته "النيويورك تايمز"، عن ضغوط تمارسها الأمم المتحدة على كلا الجانبين في اليمن لخفض التصعيد والتركيز على مواجهة فيروس كورونا. لكنها قالت بأنه من غير الواضح ما إذا كان الحوثيون سيلقون أسلحتهم، ولو بصورة مؤقتة.
وأضافت المجلة بالقول "اتفقت الأطراف المتحاربة في اليمن على العديد من مقترحات وقف إطلاق النار المحلية منذ بداية الحرب. غير أن لا أحد منها تمكن من الصمود".
وتابعت "اليوم، وكما في الجوف ومأرب، هناك جبهات في الحديدة وأبين وتعز. حيث تتقاتل القوات الحكومية مع الانفصاليين الجنوبيين المدعومين من الإمارات، للسيطرة على الجنوب، على الرغم من توقيعهم على اتفاق لتقاسم السلطة في الرياض العام الماضي. كما ينشط جهاديو القاعدة والدولة الإسلامية في المنطقة".
مع ذلك، تعتقد - المجلة البريطانية - بأنه ربما أضحى هناك المزيد من الأمل الآن. حيث يقول السعوديون إن وقف إطلاق النار يمكن أن يُمَدد للسماح للمتقاتلين بمناقشة مقترحات الأمم المتحدة لحل سياسي في اليمن. كما يأمل مارتن غريفيث، مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى اليمن، بأن الهدنة ربما تمهد الطريق للمحادثات.
وختمت الايكونوميست تقريرها بالقول "بأن الأمم المتحدة تستخدم وباء كورونا للمطالبة بالسلام في كل مكان". وقالت: "يبدو أن السعودية هي الطرف المتحارب الأول الذي استجاب لدعوتها. فالمملكة نفسها أصيبت بالصدمة بسبب الفيروس. إذ يعتقد أن ما يصل إلى 150 فردًا من العائلة المالكة مصابون بكورونا".
أخبار ذات صلة
الجمعة, 10 أبريل, 2020
مع بدء سريان الهدنة من طرف واحد.. ميلشيات الحوثي تهاجم مواقع الجيش في خمس محافظات
الخميس, 09 أبريل, 2020
الرئاسة اليمنية تعلن وقف إطلاق النار استجابة لدعوة الأمم المتحدة لمواجهة كورونا
الخميس, 09 أبريل, 2020
بعد رفضها الهدنة.. الحضرمي: الميليشيا لا تريد السلام ولا تعرف غير لغة الحرب