لم تسهم التأكيدات المتكررة لمنظمة الصحة العالمية ووزارة الصحة اليمنية، بخلو اليمن من فيروس كورونا، في تطمين معظم اليمنيين، الذين تهافتوا بكثافة على شراء المواد الغذائية، لا سيما الأساسية منها، بغرض تخزينها خشية تفشي الوباء العالمي، الذي اجتاح معظم دول العالم دون رحمة.
وفي مدينة التربة- مركز مديرية الشمايتين- جنوبي تعز، استغل التجار حالة الهلع والخوف، التي تسبب بها تفشي جائحة كورونا (كوفيد-19) حول العالم، وإقبال المواطنين على الشراء، لرفع أسعار السلع الغذائية والإستهلاكية خلال الايام الماضية، بشكل جنوني غير مسبوق.
الأمر الذي فاقم أكثر من معاناة المواطنين، التي راكمتها خمس سنوات من الحرب والحصار والجوع و المرض.
شبح "كورونا"
ولتسليط الضوء على إرتفاع الاسعار وتأثيرات ذلك على حياة المواطنين، زار مراسل "يمن شباب نت" اسواق مدينة التربة، والتقى عدد من أبناء المدينة، الذين أكدوا لـ"يمن شباب نت" ارتفاع أسعار معظم السلاع الغذائية بزيادة وصلت إلى 40% تقريبا، عن ما كانت عليه سابقاً..
يقول المواطن حُميد الذبحاني لـ"يمن شباب نت" إن ما شهدته أسواق مدينة التربة خلال الأيام القليلة الماضية من إرتفاع جنوني لأسعار السلع الإستهلاكية الأساسية "فاقم أكثر من معاناة المواطنين، الذين يعيشون اساساً في أزمات متتالية بفعل الحرب والحصار منذ خمس سنوات.
وأرجع الذبحاني السبب في إرتفاع الأسعار، إلى إقبال المواطنين الكثيف على شراء المواد الغذائية الكافية من السلع الأساسية، خصوصاً مع تصاعد التحذيرات والمخاوف من خطر تفشي وباء كورونا على مستوى العالم، "في وقت نفتقد فيه لأدنى المتطلبات الضرورية للوقاية من الوباء في حال تفشيه، لا سمح الله".
معادلة غريبة وعكسية
مقارنة بغيرها من مدن اليمن، ظلت محافظة تعز هي الأكثر تضررا من الحرب، وبشكل خاص فيما يتعلق بإرتفاع الأسعار. ويعود السبب في ذلك إلى الحصار المفروض عليها من قبل ميليشيات الحوثي منذ خمس سنوات، والذي تسبب في قطع طرقها الرئيسية واستبدالها بطرق جبلية وعرة ومتباعدة، الأمر الذي رفع من رسوم النقل والمواصلات..
"ومع أن أسعار المشتقات النفطية (البترول والديزل)، إنخفضت مؤخرا بشكل كبير، نتيجة انخفاض أسعارها عالميا، إلا أن ذلك لم يؤدي إلى انخفاض الأسعار"، بحسب حمزه حافظ- موظف في فرع جامعة تعز بالتربة- والذي أبدى استغرابه من حدوث العكس: "وبدلا من ذلك، شهدت أسعار المواد الغذائية ارتفاعا جنونيا، في معادلة غريبة وعكسية". حسب وصفه.
واستشهد حافظ- في سياق حديثه لـ"يمن شباب نت"- بأسعار بعض المواد الغذائية وأرتفاعاتها: "قبل أيام كان سعر القطمة الأرز البسمتي- عبوة 5 كجم- بخمسة آلاف ريال، واليوم أصبح سعرها 7,500 ريال، فيما كان سعر الكيس السكر- عبوة 50 كجم- بـ16,000 ريال، واليوم بـ23,000 ريال، والدقيق أيضا، كان سعر الكيس الواحد- عبوة 50 كجم- لايتجاوز 12,000 ريال، ليصل اليوم إلى 18,000 ريال".
تقاعس السلطات
استغلال وجشع، رافقه تقاعس ملحوظ من السلطات المحلية، لا سيما مكتب الصناعة والتجارة في مدينة التربة، عن القيام بدوره في حماية المستهلكين من الإستغلال والإحتكار، ومراقبة الاسعار وضبط المتلاعبين بها، ما جعل من المواطن ضحية سهلة لأطماع التجار..
وأعتبر رعد الزريقي- صاحب مقهى- غياب الدور الرقابي للسلطات المحلية المعنية "هو المتسبب الأول في رفع الاسعار"، مضيفا: "لو أن هذه السلطات قد قامت بواجبها في مراقبة الاسعار ومراقبة المحتكرين وضبط المخالفين، لما تجرأ التجار على رفع الاسعار دون أي مبرر".
وأضاف لـ"يمن شباب نت": هناك تقاعس واضح من قبل المعنيين في ضبط المخالفين والمتلاعبين بالأسعار، فهؤلاء لا يهمهم معاناة المواطنين، وما سيسببه ارتفاع الاسعار بهذا الشكل الجنوني من أزمات مضاعفة للاسر، خصوصاً ونحن نقترب من شهر رمضان".
و ناشد الزريقي محافظ محافظة تعز ومدير عام مديرية الشمايتين، "تحمل مسئولياتهم تجاه المواطنين، والقيام بواجبهم في ضبط الأسعار والتتخفيف من المعاناة"، داعيا إياهم إلى "تشكيل لجان مسئولة ونزيهة لمراقبة المخالفين والمتلاعبين بالاسعار، وضبطهم".
جدوى الإجراءات الاحترازية
الإرتفاع الجنوني للأسعار، وغياب الدور الحكومي، زاد من مخاوف المواطنين، ليس فقط من خطر تفشي وباء كورونا في ظل انهيار المنظومة الصحية للبلاد، بل وأيضا من التداعيات الجانبية التي قد يترتب عنها تفشي الوباء، وبالأخص ما يتعلق بالجانب الإقتصادي في بلاد أكثر من ثلثي سكانها بحاجة إلى المساعدات الإنسانية.
الأمر الذي يضع تساؤلات جدية حول جدوى الحديث عن الإجراءات الإحترازية لمواجهة خطر تفشي وباء كورونا، ما لم يقابلها إجراءات إحترازية أخرى لا تقل أهمية لتأمين لقمة العيش للناس وحمايتهم من الإستغلال والجشع.