أرجع معهد أمريكي، سبب تقدم الحوثيين في مدينة الجوف إلى غياب إستراتيجية واضحة لدى التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن بالإضافة إلى ابتعاد الأجندة السعودية والإماراتية المختلفة عن هدفهم المعلن في بداية تدخل التحالف.
وقال معهد الشرق الأوسط الأمريكي في تقرير له، ترجمه "يمن شباب نت": إن"التقدم العسكري للحوثيين في الجوف هو نتيجة لمشكلة أعمق بكثير.حيث دخلت السعودية حرب اليمن بهدف معلن تمثل بهزيمة الحوثيين، لكن لم يكن لديها إستراتيجية أو خطة للخروج من الحرب، وقد كانت استجابة التحالف لتهديد الحوثيين مجرد رد فعل في الغالب وتفتقر إلى التماسك.
وأضاف، أن الأجندات المتباينة للسعودية والإمارات تسببت في انقسامات داخل مختلف القوى المناهضة للحوثيين، حيث دعمت الإمارات المجلس الانتقالي وقوات طارق صالح ضد الرئيس هادي وحزب الإصلاح، في حين فشل الرئيس هادي والسعوديون في توحيد قوات الحكومة اليمنية لمحاربة الحوثيين.
وأشار إلى أن الأخطر من ذلك هو أنه يبدو أن هناك خلافًا عميقًا بين التحالف الذي تقوده السعودية والحكومة اليمنية، والذي ترجم إلى تجزئة خطيرة للقوات اليمنية مما لعب فعلاً في صالح الحوثيين.
وقال المعهد الأمريكي، إن لدى السعوديين النفوذ للدفع نحو اتفاق سياسي متسرع يتم فرضه على الرئيس هادي وحكومته، والأهم من ذلك مسألة فرضه على اليمنيين.
وحذر من أن مثل هذا الاتفاق من شأنه أن يخاطر بتمكين الحوثيين من إحراز نصر عسكري باعتراف سياسي دولي، الأمر الذي من شأنه أن يحفز العنف ويدفع اليمن أكثر نحو جـولة صراع أكثر حدة، وسيغرق البلاد في صراعات مستقبلية خطيرة.
وأضاف، أن الحكومة اليمنية والتحالف الذي تقوده السعودية فشلا في توفير الدعم العسكري الكافي للقبائل المحلية لصد الحوثيين. ففي حين أن الحوثيين يمتلكون أسلحة ثقيلة متطورة مثل صواريخ كروز البالستية وصواريخ أرض ـ جو وصواريخ سكود المضادة للسفن، فضلاً عن الدبابات، فيما تستخدم القبائل والقوات اليمنية أسلحة بدائية في الغالب."
وبحسب التقرير يشعر الجوفيون والكثير من اليمنيين بإحساس عميق بالخيانة. فخلال الحرب، ظهرت الجوف ومأرب كبؤرتي استقرار في البلا، لكن الحكومة والتحالف الذي تقوده السعودية فشلا في حمايتهما من الحوثيين. ووفقًا للسلطات المحلية، أصبحت مأرب والجوف موطنًا لأكثر من ثلاثة ملايين من الأشخاص النازحين داخليا من جميع أنحاء اليمن، وقد فر الكثير منهم من الظروف القاسية في الشمال إضافة لفرارهم من ملاحقة الحوثيين.
كما شهدت الجوف ومأرب تحولا ـ وصفه التقرير- بـ"المذهل" مع تولي السلطات المحلية الحكم بعد انهيار الحكومة المركزية. حيـث أتاحت نهاية حكم النخبة في صنعاء فرصة للتنمية التي كانت المدينتان في أمس الحاجة إليها.
وقال إنه بحلول عام 2018، كان لدى الجوف قوة شرطة فاعلة نجحت في تثبيت الأمن. ولأول مرة في تاريخها، كان لدى الجوف محكمة نظرت في حوالي 1000 قضية، معظمها يتعلق بالأرض. كما افتتحت جامعة الجوف كأول جامعة حكومية بالإضافة إلى جامعة خاصة سجل فيها عدد غير مسبوق من الإناث يصل إلى أكثر من 700 طالبة.
وقد استخدمت السلطات المحلية الضرائب المحلية لدفع الرواتب والتكاليف الإدارية للشرطة والمحاكم والجامعات والمرافق الصحية وغيرها من الخدمات. كما ظهرت جماعات المجتمع المدني المحلية التي يديرها الشباب والشابات وتشارك بنشاط في الدفاع عن السلطات المحلية وقوات الأمن لتحسين الخدمات والحكم.
وتابع: بفضل الأشخاص النازحين داخليا والاستقرار النسبي الذي تحقق، كان لدى مدينة الحزم أيضًا سوق نابض بالحياة ومصانع صغيرة، وقد أنشأت السلطة المحلية خطة بلدية وكان رصف الشوارع جارياً.
وقال التقرير إنه في الوقت الذي ظلت فيه اليمن في الظلام، كانت الجوف هي المحافظة الوحيدة التي لديها مصدر للكهرباء. ويشعر الجوفيون بالفخر لأنهم عندما سقطت الحكومة المركزية، قدموا ملاذًا آمنًا للعديد من المدنيين اليمنيين.
وأوضح التقرير بأن سيطرة الحوثيين العسكرية على الجوف تهدد بعكس هذه المكاسب، وهذا هو السبب الذي حمل العديد من رجال القبائل لحمل السلاح والقتال لإيقاف الحوثيين.
وقال إنه "منذ عام 2008 ومع توسعهم في المحافظة؛ استخدم الحوثيون أساليب قاسية ضد خصومهم القبليين في الجوف، بما في ذلك عمليات الإعدام والإخفاء القسري وتدمير المنازل وحصار القرى وتهجير السكان والاعتقالات، وتفجيـر المنازل، وإشعال النار في المرافق العامة في المناطق التي استولى عليها الحوثيون مؤخراً، حيث نهبوا جامعة الجوف والمستشفى المحلي".
وأشار إلى أن إنهاء الحرب في اليمن، يتطلب بالضرورة توحيد هيكل القيادة والسيطرة للقوات اليمنية لمواجهة وكبح شهية الحوثيين للتوسع إلى ما وراء الشمال.
ويرى المعهد أن السعوديين بحاجة إلى استخدام نفوذهم لتحقيقه. مؤكداً- في ذات الوقت- على ضرورة اتخاذ إجراءات جادة على الفور وبشكل عاجل لوقف تقدم الحوثيين العسكري نحو مأرب.
كما حذر من أنه إذا لم يتم إيقاف ذلك، فالمملكة العربية السعودية تخاطر بيمن أكثر انقساماً وزعزعة للاستقرار حيث ستظل ميليشيا تدعمها إيران تشكل تهديدًا على حدودها الجنوبية والمنطقة الأوسع.