قال معهد بروكينز الأمريكي، إن المحادثات السعودية ـ الحوثية فشلت في تطوير إطار سياسي لوقف إطلاق النار بشكل حازم وإيجاد حل للحرب الأهلية التي تشكل جوهر الصراع باليمن.. مشيراً إلى أنه وبدون عملية سياسية، تكون مسألـة الحد من العنف في اليمن في خطر.
ونشر المعهد مقالاً للكاتب البارز "بروس ريدل" وترجمه "يمن شباب نت" قال فيه إنه "وبعد خمسة أشهر من خفض التصعيد، تعود الحرب في اليمن إلى الاتجاه الخاطئ. فالقتال يتصاعد على الأرض مع استئناف المتمردين الحوثيين هجماتهم الصاروخية على المملكة العربية السعودية واستئناف السعوديين غاراتهم الجوية على صنعاء".
ولفت إلى أنه وفي حال تصاعدت الحرب أكثر، فهناك خطر أن تتوسع وتجتذب الإيرانيين والأمريكيين إليها بصورة أكثر من السابق.
وقال ريدل ـ وهو زميل بارز بمركز السياسة الخارجية والأمن والاستخبارات في القرن الحادي والعشرين، ومركز سياسة الشرق الأوسط, الأمريكيين - إن "الهجمات الصاروخية على البنية التحتية النفطية الحيوية للمملكة العربية السعودية في بقيق في سبتمبر/أيلول الماضي، شكلت الحدث الحافز الذي أقنع الرياض بالبدء في التهدئة. حيث أظهرت دقة الهجمات الحاسمة الضعف الحاد للاقتصاد السعودي.
وأضاف: عقب الهجوم مباشرة، عرض الحوثيون - الذين زعموا مسؤوليتهم عن ما كان في الواقع هجوما إيراني - وقف الهجمات الصاروخية في المملكة العربية السعودية إذا توقفت الرياض عن القصف ووافقت طهران على تلك الصفقة.
وبحسب الكاتب, فإن وسطاء الأمم المتحدة اتخذوا من ذلك الانفتاح كمدخل للتخفيف من العنف، وتبادل الأسرى، والرحلات الطبية من صنعاء للأشخاص الأكثر احتياجاً للرعاية.
ويعتقد الكاتب ريدل بأن السعوديين شعروا بالقلق البالغ حيال ما قاله الرئيس ترامب من أن هجمات سبتمبر كانت ضد المملكة العربية السعودية وليست ضد الولايات المتحدة. وقال إن"ذلك التمييز جعل السعوديين يفقدون ثقتهم، على الرغم من وجود القوات الأمريكية المقاتلة في المملكة (أعادهم ترامب العام الماضي بعد مغادرتهم عام 2003)، وقالت الولايات المتحدة إنها "لن تقاتل إيران من أجل الدفاع عن الرياض".
وتابع:" كما بدا الديمقراطيون أكثر حزما في معارضة الذهاب إلى الحرب من أجل المملكة العربية السعودية".
وبحسب الكاتب، فقد وصف السيناتور بيرني ساندرز -على سبيل المثال - السعوديين بـ "البلطجية القتلة" الأمر الذي كان بمثابة جرس إنذار، كما لم يزل مقتل قاسم سليماني مخاوف الرياض. ولذلك شرعت بمفاوضات مباشرة مع الحوثيين.
غير أنه قال إن تلك المحادثات فشلت في تطوير إطار سياسي لوقف إطلاق النار بشكل حازم وإيجاد حل للحرب الأهلية التي تشكل جوهر الصراع.
وقال إن نفوذ إيران على الحوثيين آخذ في التزايد والمساعدة التي تقدمها طهران لبرنامج صواريخ الحوثيين "أمر حاسم" بالنسبة لقدراتهم المتنامية. حيث أسقط صاروخ أرض - جو إيراني طائرة سعودية من طراز تورنادو قبل أسبوع.
وأضاف بروس ريدل، أن الإنفاق الإيراني على تدخلها في حرب اليمن أقل بكثير من إنفاق السعوديين، ولدى طهران كل الأسباب لإبقاء خصومها العرب في مستنقع يكلفهم عشرات المليارات سنـوياً. كما بات الحوثيون يولون أهمية متزايدة لارتباطهم بإيران.
وقد نجا القائد الإيراني في اليمن عبد الرضا شهلاي من محاولة اغتيال أمريكية في نفس اليوم الذي قُتل فيه سليماني. حيث يرى الكاتب أن" الهجوم على شهلاي كان بمثابة عرض درامي لمشاركة أميركية أعمق في الحرب اليمنية أكثر مما سبق توثيقه".
وأوضح بأنه وعلى الرغم من محاولات الكونغرس إنهاء الدعم الأمريكي للحرب السعودية ، فقد أمرت الإدارة بمحاولة قتل قائد في قوات الحرس الثوري الإسلامي بصنعاء. فشهلاي هو ضابط ذو خبرة كبيرة ، وهذا مؤشر على أهمية الحرب بالنسبة لطهران.
ولاحظ كاتب المقال بأن وتيرة العمليات لا تزال أقل مما كانت عليه قبل ستة أشهر، ولكن الاتجاه (التصعيدي) مثير للقلق. وقال: "لا يخضع الحوثيون لسيطرة إيران، لكن الحرب تدفعهم إلى عمق المدار الإيراني - وبالتحديد الكابوس الذي قال السعوديون إن الحرب تهدف إلى منعه.
ويعتقد ريدل بأن إدارة ترامب لن تضغط على المملكة العربية السعودية لإنهاء الحرب، فعلى سبيل المثال، لم يبذل وزير الخارجية بومبيو أي جهد لإنهاء الحرب في زيارته للمملكة الأسبوع الماضي.
وذكر بأن الإدارة الأمريكية تعتقد أن الحرب في اليمن جزء من حملتها لممارسة "أقصى ضغط "ضد إيران، وقد اعترضت على جهود الكونغرس لإنهاء تورط الولايات المتحدة في الحرب.
ويرى الكاتب أن الكونغرس سيحتاج إلى مضاعفة جهوده لإيقاف الدعم الأمريكي للحرب.. محذراً من أنه إذا زادت حدة النزاع، فإن العواقب الإنسانية ستزيد من كارثة اليمنيين الذين يعانون من سوء التغذية والجوع. ويختتم مقاله بالقول:" الوقت هو جوهر المسألة".