جدد مساعد وزير الخارجية الأميركي للشرق الأدنى ديفيد شينكر، الحديث عن التحول الجديد في السياسة الأمريكية تجاه الحرب في اليمن، والتي بدأت بالتحوار مع جماعة الحوثيين بإعتبارهم جزءً من الحل أيضا، كما هم جزء من المشكلة القائمة.
وقال شينكر لبرنامج "لقاء اليوم" الذي بثته قناة الجزيرة فجر اليوم؛ إن جماعة الحوثيين هم ذراع لطهران في اليمن، ويمثلون جزءا من المشكلة القائمة، وهم جزء من الحل أيضا، والإدارة الأميركية تتحدث مع كل أطراف النزاع للوصول إلى تفاهمات حول حكومة الوحدة لضمان أمن وسلامة اليمن.
ولا تعد هذه التصريحات جديدة، أو مفاجئة، خصوصا منذ ما بعد الهجوم الجوي الذي استهدف معامل نفط سعودية تابعة لشركة ارامكوا بمنطقة بقيق منتصف سبتمبر/ أيلول الماضي، بطائرات مسيرة وصواريخ جوالة إيرانية وتبنتها جماعة الحوثي باليمن. وسط اتهامات أمريكية مباشرة لإيران بتنفيذ العملية.
فقد أكد شينكر نفسه، نهاية سبتمبر الماضي، في لقاء (غير رسمي) مع وسائل الإعلام على هامش الدورة 74 للجمعية العامة للأمم المتحدة، عقد لقاءات أمريكية مع الحوثيين بالعاصمة العمانية (مسقط)، لمحاولة إيجاد حل تفاوضي مقبول للصراع في اليمن، مكرر نفس العبارة بخصوص أن الحوثيين هم جزء من المشكلة في اليمن وجزء من الحل أيضا.
[للمزيد أقرأ: مساعد وزير الخارجية الأمريكي: نتحاور مع الحوثيين لإيجاد حل تفاوضي متبادل ومن المهم التعامل معهم]
وتأتي تأكيدات المسئول الدبلوماسي الأمريكي، اليوم لقناة الجزيرة، في وقت يعتقد فيه أن الإدارة الأمريكية ربما تكون قد توصلت إلى معالم خطة طريق جديدة لإنهاء الحرب في اليمن، على إثر عقدها عدد من اللقاءات السرية التي اجرتها مع الحوثيين، وألحقتها الأسبوع الماضي بلقاءات دبلوماسية مع السعوديين والإماراتين والقيادة اليمنية.
لقاءات أمريكية متتالية
وأعلنت وزارة الخارجية الأمريكية أن مساعد وزير الخارجية للشؤون السياسية ديفيد هايل توجه في 15 أكتوبر الجاري إلى الإمارات العربية المتحدة، وعقد لقاءات بمستشار الأمن الوطني طحنون بن زايد آل نهيان، ووزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي عبدالله بن زايد آل نهيان، ووزير الدولة للشؤون الخارجية الدكتور أنور قرقاش.
وفي اليوم التالي، 16 أكتوبر، توجه هايل إلى السعودية والتقى بنائب وزير الدفاع خالد بن سلمان، ووزير الدولة للشؤون الخارجية عادل الجبير. ليتوج تلك اللقاءات، في 17 من الشهر مع الرئيس اليمني عبد ربه منصور ورئيس الحكومة معين عبد الملك ووزير الخارجية محمد الحضرمي، في العاصمة الرياض.
وبحسب وزارة الخارجية الأمريكية، ناقشت تلك اللقاءات المتتالية الحاجة إلى حل سياسي للصراع في اليمن بإعتباره السبيل الوحيد إلى يمن موحد ينعم بالسلام والازدهار والاستقرار، وكذا الحاجة إلى العمل معا لدعم الاستقرار الإقليمي ومواجهة السلوك (الإيراني) المزعزع للاستقرار.
وقد نُظر إلى تلك التحركات الأمريكية، من قبل طيف واسع من المراقبين الدوليين، بإعتبارها تدخلا دبلوماسيا سريعا من واشنطن لإنقاذ حليفتها، السعودية، من هذه الحرب المدمرة، خصوصا بعد وصول التهديدات الإيرانية مرحلة الخطورة باستهداف منبع النفط الأصلي (شركة أرامكو) المحصنة من الاستهداف- أو كما كان يعتقد ذلك.
الموقف السعودي
وأكد الدبلوماسي الأمريكي السابق نبيل خوري، والذي كان على رأس البعثة الدبلوماسية الأمريكية في اليمن في وقت سابق، أن واشنطن تقدمت بالفعل إلى الرياض بهذه المبادرة الجديدة، تدعوها فيها إلى التحاور مباشرة مع الحوثيين للخروج من ورطة الحرب اليمنية بسلام. بحسب ما تضمنته تصريحاته مساء أمس الجمعة لقناة الجزيرة في برنامج "الحصاد"، ورصده "يمن شباب نت".
وأشار خوري إلى أن هناك خلافا بين البيت الأبيض وبين وزارة الخارجية الأمريكية بخصوص هذه المبادرة، لافتا إلى أن الدبلوماسيين الجدد في الوزارة على ما يبدو أنهم اقتنعوا مؤخرا بأراء الدبلوماسيين القدماء الذين كانوا يؤكدون على هذه الفكرة في السابق، لكنها لم تكن لتلقى بالاً لدى صناع السياسة الخارجية الأمريكية حينها.
وبالنسبة للموقف السعودي وما إذا كانوا قد قبلوا بتلك المبادرة الأمريكية أم لا؟ قال خوري: يعود هذا الأمر للسعوديين أنفسهم، إذا ما كانوا يريدون فعلا الخروج من هذه الحرب التي طالت، فسيكون عليهم القبول والأقتناع بهذه المبادرة.
وأعلن الحوثيون في وقت سابق من هذا الشهر مبادرة من طرف واحد تقضي بإيقاف الضربات الجوية ضد السعودية، على أن تقوم الأخيرة بمبادلتهم بالمثل، وهو ما ظهر لاحقا من خلال حديث مسئولين سعودين عن ايقاف إطلاق النار، بما في ذلك القصف الجوي، في أربع مناطق يمنية بينها العاصمة صنعاء.
ويُعتقد أن هذه الخطوات جاءت بإيعاز أمريكي، ضمن ترتيباتهم الجديدة لبناء الثقة، تمهيدا لبدء حوار مباشر بين الطرفين برعاية أمريكية.