انتقدت صحيفة الغارديان البريطانية، في تقرير لها اليوم الخميس، تعامل الولايات المتحدة الأمريكية مع اللاجئين اليمنيين، الفارين من بلادهم التي تشهد حرب منذ أكثر من أربع سنوات.

وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمه "يمن شباب نت": إنه ومنذ اندلاع الحرب المدمرة في اليمن في عام 2015 متسببة بنزوح 3 ملايين شخص، لـم تستقبل الولايات المتحدة سوى 50 لاجئًا يمنيًا فقط.

وأضافت: "على الرغم من تدهور الأوضاع في اليمن، حيث يجد المواطنون أنفسهم مجبرين على تحمل تفشي المجاعة والأمراض في ظل القتال؛ انخفض عدد اللاجئين اليمنيين الذين أعيد توطينهم في الولايات المتحدة إلى الصفر تقريبًا، منذ تولي ترامب منصبه".

ووفقا لإحصاءات وزارة الخارجية الأمريكية، تمت إعادة توطين اثنين فقط من اللاجئين اليمنيين في الولايات المتحدة في السنة المالية 2018 فيما أعيد توطين يمني واحد فقط حتى الآن في السنة المالية الحالية 2019 .

وقال التقرير الذي أعده الصحفي لوران انتاني, من نيويورك إن ذلك"لا يعد من قبيل الصدفة، بالنظر إلى تخلي ترامب عن برنامج اللاجئين الأمريكي، مُسجلاً رقماً قياسياً منخفضاً، هوى إلى 30000 لاجئ إجمالاً وذلك للعام المالي 2019.

ونقل عن محامين قولهم إن هذه الخطوة ضمنت أن يصير تراكم اللاجئين في البلدان التي مزقتها الحرب, مثل اليمن، أكثر تأزما فقط.

ويقول نازانين آش، نائب رئيس الدفاع والسياسة العامة بلجنة الإنقاذ الدولية: إنه "لا يمكنك المبالغة في التأثير على اليمنيين الباحثين عن الأمان في الولايات المتحدة لقد أصبح الأمر شبه مستحيل". مضيفا "هناك مستويات غير عادية من المعاناة الإنسانية في اليمن.لا يمكن للناس مغادرته، ولا يمكن للمساعدات دخوله ".

ومع استمرار الولايات المتحدة في دعم حليفها الوثيق "المملكة العربية السعودية" في الحرب، وبيع الأسلحة وتوفير المعلومات الاستخباراتية يتعرض المدنيون في اليمن لخطر دائم من الغارات الجوية والتفجيرات في الشوارع.

وفي الوقت الذي لم تظهر فيه الحرب سوى القليل من علامات تباطؤ وتيرتها، فإن توقف برنامج اللاجئين الأمريكي - الذي كان يستقبل عادة أكبر عدد من اللاجئين في العالم - بات أمراً مدمرا.

وللحصـول على وضعية "لاجئ" لدى الأمم المتحدة، يجب أن يكون الشخص في دولة ليست بلده الأصلي. وبالنسبة لليمنيين, تبدوا رحلة الخروج صعبة.حيث لجأ عشرات الآلاف منهم إلى البلدان المجاورة مثل جيبوتي أو إثيوبيا أو السودان، وسافروا لعدة أيام، وقاموا برحلات خطيرة ومكلفة عبر البحر.

بالنسبة للقلة التي تتمكن من مغادرة البلاد، ربما تكون الظروف التي يواجهونها في أول بلد يلجئون إليه صعبة حيث يعيش بعضهم في مخيمات، ويكون عثورهم على فرص العمل أمرا مستحيلاً.

بيـد أن الوضع في وطنهم يزداد سوءًا. إذ تسببت الحرب بأسوأ أزمة إنسانية في العالم، مع احتياج ما يقدر بنحو 22 مليون شخص إلى المساعدة، ومواجهة 14 مليون آخرين للمجاعة.

"زكي البديه 24 سنة" هو أحد المحظوظين القلائل. وبالنسبة له إعادة التوطين في الولايات المتحدة تعني مقدرته على إعادة تأسيس حياته.

وما كان من المفترض أن يكون رحلة لمدة أسبوعين إلي مصر للحصول على تأشيرة طالب، تحولت إلى عامين من الانتظار.حيث وفي فترة تواجده في مصر، أعلنت المملكة العربية السعودية رسمياً، الحرب على المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران, وبدأت الضربات الجوية في اليمن. أخبرته عائلته أن الذهاب إلى بلاده أمر خطير للغاية. لكنه لم يستطع الاستمرار في العيش بمصر.
 
وعن ظروف عيشه هناك يقول البدية: "لم يكن هناك دعم، ولا مكان للدراسة ولا مستقبل".. مضيفاً:"لقد ضعت تماما."

بعدها تقدم بطلب للجوء. وبعد قرابة عام ونصف، وبعد مقابلة مع الأمم المتحدة،علم أنه سيعاد توطينه في الولايات المتحدة.

وصل زكي البدية إلى الولايات المتحدة، في 24 يناير 2017، أي بعد أربعة أيام فقط من تنصيب ترامب كرئيس. وقد انتقل إلى ولاية دنفر، وعاش هناك منذ ذلك الحين، حيث زاوج بين العمل كحلاق، ونادل في مطعم..وذلك أثناء دراسته للحصول على شهادة في التسويق في كلية محلية.

ويعتبر المواطن البدية واحدا من 21 لاجئا يمنيا, ممن أعيد توطينهم في الولايات المتحدة في ذلك العام. ويقول وقد أصبح مواطنا أمريكا مجنساً: "أشعر بالسعادة وبأن البركة حلت علي". مضيـفا "أنا محظوظ".

وبينما يُقَدر البدية حياته في الولايات المتحدة، ما زال والديه وإخوته في صنعاء. وهو قلق دائمًا على سلامتهم, ولكنه يعرف أن عملية اللجوء التي مر بها ليست خيارًا قابلاً للتطبيق بالنسبة لهم الآن.

وقال:"هناك الكثير من اللاجئين اليمنيين في جميع أنحاء مصر وماليزيا، والعديد من الأماكن التي لا يرضون مكوثهم بها "..مردفا: "ينتظرون 10 سنوات، ولا يحصل شيء. لا يوجد مستقبل.أنا لا أوصي بذلك لعائلتي على الإطلاق".

ويواجه العديد من اليمنيين الآخرين في أمريكا المأزق ذاته. وبينما كانت مسألة جلب أفراد العائلة، مثل الأطفال أو الزوجات إلى الولايات المتحدة تشكل دائمًا عملية طويلة تمر بفحص دقيق، إلا أنه حتى ذلك الحين  كان لايزال بإمكانهم إحضار أحبائهم.

اليوم وبموجب قانون حظر السفر الذي أصدره ترامب، الذي يقيد الهجرة من الدول ذات الأغلبية المسلمة بما فيها اليمن، فإن الطرق التقليدية للهجرة قد توقفت عملياً.

وقد أنهك هذا الأمر الجالية اليمنية الأمريكية.حيث لدى الكثير منهم أفراد عائلات يقيمون في دول مثل جيبوتي، وينتظرون إلى أجل غير مسمى، للحصول على تأشيرات الولايات المتحدة.

وقال ديبي المنتصر، سكرتير مجلس إدارة جمعية التجار اليمنيين الأميركيين، وهي جمعية دفاع يمنية ـ أمريكية في مدينة نيويورك: "لا يوجد يمني واحد ليس لديه فرد من العائلة متأثر مباشرة بالحرب".

وقال "لبيب ناشر 45 سنة"، الذي يعيش في نيويورك ويعمل في مجال التسويق، إنه من النادر أن يمر يومًا واحدًا من دون أن يتواصل مع أفراد عائلته وأصدقائه الذين ما زالوا في اليمن - الذي عانى سقوط أكثر من 17600 ضحية مدنية منذ مارس 2015 - وهم يحاولون مغادرة البلاد.

ويضيف: "لم أعش قط في هذا البلد كشخص عادي. "أشعر دائمًا بحزن عميق في قلبي، أفكر دائمًا في شعبي"."كنت محظوظًا بالوصول إلى هنا لأكون في أمان، لكن ماذا عن الآخرين؟".

وكان لبيب ناشر، الذي كان ناشطًا من أجل السلام في بلاده، حصل على حق اللجوء السياسي - المنفصلة عن عملية اللجوء، والتي لا يمكن أن يتقدم بها سوى الحاضرين جسديًا في الولايات المتحدة - في شهر فبراير. وقد وصل إلى الولايات المتحدة لأول مرة في ديسمبر 2015، بعد ستة أشهر من فراره من اليمن إلى الأردن، لحضور مؤتمر برعاية البنك الدولي.

وعلى الرغم من أن قصة ناشر كانت نهايتها أكثر سعادة من الكثيرين الذين يأملون في مغادرة اليمن، حيث سيلحق به أطفاله وابنته البالغة من العمر 12 عامًا, وابنه البالغ من العمر تسع سنوات، قريبًا في نيويورك، إلا أن متاعب البحث عن مكان للجوء تركت آثارها في حياته.

وقال ناشر"إنه لشيء فظيع، عندما تكون عالقًا في مكان ما ولا تجد أي مكان للهروب إليه". أنت لست إنسانًا بعد الآن. لا أحد يريدك، ولا حتى سيسمح لك بالعيش في بلده. 

مختتما حديثه:" إنه شعور صعب حقًا".