عيد فطر خامس يزور مدينة تعز اليمنية هذا العام وسط آمال ومحاولات السكان في قضى أيامه بالفرح والسعادة رغم غياب مؤشرات انفراج في توقف الحرب الدائرة في البلاد.
ومنذ السابع والعشرين من أواخر شهر رمضان تكتظ شوارع مدينة تعز بالازدحام نتيجة الإقبال الكبير للمواطنين على شراء حاجيات العيد.
"علي فرحان" موظف حكومي، التقاه "يمن شباب نت" صدفة عابرة في شارع 26 سبتمبر وسط المدينة (سوق تتجمع فيه الأسواق وعشرات المحلات والباعة) حاملاً في كتفه كيس ملابس العيد التي اشتراها من أحد المحلات التجارية لأولاده الخمسة الذين ينتظرونه بشغف أملاً عودته " بالملابس والحلويات" حد قوله.
فرحان الذي ساق لأولاده في العيد السابق الكثير من الأعذار والوعود لعدم قدرته على شراء حاجيات العيد بسبب انقطاع راتبه، إلا أنه هذه المرة كما يقول "لن أخيب آمالهم" بعد أن تمكن من شراء الملابس وبعض الحاجيات.
يقول فرحان لـ "يمن شباب نت" إنه تسلم راتبه الحكومي (70 ألف ريال يمني) مؤخراً وصرفه في شراء ملابس متواضعة لأطفاله. مضيفاً: هذا المبلغ لم يكفي لشراء كل احتياجات العيد لاسيما وأن الأسعار لاتزال مرتفعة ولدينا التزامات أسرية أخرى.
وأردف "كلما استمرت الحرب، تدهورت أوضاعنا وتجاهلنا شراء الكثير من احتياجاتنا التي كانت أساسية ولا تنقطع في مناسبة كهذه".
إقبال شرائي
أما محمد غالب الذي صادفناه أيضاً وهو يردد عبارات تهدف لجذب الزبائن على الشراء يقول لـ" يمن شباب نت" إن نسبة الإقبال على الشراء تحسنت مع بداية العشر الأواخر بعد أن كانت منخفضة طيلة شهر رمضان.
وأرجع غالب وهو صاحب بسطة عطورات، أسباب تغير القوة الشرائية إلى"تسلم الموظفين مؤخراً رواتبهم" إلا أنه استدرك بالقول : " لامقارنة للنسبة الشرائية التي كانت قبل الحرب واليوم".
وأوضح قائلاً: "قبل الحرب كنت أذهب إلى عدن أو صنعاء مع كل موسم عيد وأحقق أرباح كبيرة أما اليوم فأبيع نحو 20 حبة (قنينة عطر)".
بلا طقوس
ويُجمع سكان تعز على أنّ "العيد لم يعد كما كان قبل الحرب"، من بينهم النازحة أم عمر التي تؤكد أن أموراً كثيرة تغيرت وغابت في نفس الوقت.
وتقول لـ"يمن شباب نت": "أتذكر عندما كنت أخرج للسوق خلال أيام العيد وأعود بأنواع وأشكال مختلفة من الحلويات والمكسرات لكنّ ذلك اختفى تماماً"، مشيرة إلى أن "الحرب والظروف الاقتصادية سبب في اختفاء ذلك".
وأم عمر، التي نزحت من حي عصيفرة الى التحرير وسط المدينة بعد أن تحول حيهم السابق إلى نقطة تماس عسكرية تشير إلى أنّه "في الأعوام الأربعة الأخيرة، لم تعد تحرص على اداء طقوس وعادات العيد المتعارف عليها لاسيما وأن معظم أقاربها وجيرانها نزحوا إلى خارج تعز".
مخاوف ومخاطر
ويتزامن عيد الفطر هذا العام في تعز مع اشتعال المعارك بين قوات الجيش الموالية للحكومة الشرعية من جهة، ومليشيات الحوثي الانقلابية من جهة أخرى، وهو ما أثار مخاوف لدى السكان خصوصاً القريبين من مناطق التماس والمواجهات.
وشهدت جبهات تعز الأسبوع الفائت معارك عنيفة إثر عملية عسكرية أطلقتها قيادة المحور العسكري في المحافظة، لاستكمال تحرير المدينة وكسر الحصار عنها من قبل الحوثيين الذين يسيطرون على أطراف ومداخل المدينة منذ أكثر من أربعة أعوام.
ويرى الناشط تامر المليكي أنه في حال استمرار المواجهات خلال أيام العيد ستؤثر على الأجواء وستبعث المخاوف لدى السكان خصوصاً وأن الأحياء السكنية في المدينة تتعرض للقصف بين الحين والأخر من قبل الحوثيين وذلك سيعرض الأطفال للخطر.
ويضيف المليكي لـ "يمن شباب نت": حركة النقل والسفر ستتأثر أيضاً لا سيما وأن الحوثيين يتحكمون بمداخل ومنافذ المدينة وفي حال تجددت المعارك حتما بلا شك سيعرض المسافرين للخطر.
خروج من أجواء الحرب
من جهته، يرى ضيف الله الصوفي (طالب جامعي) ازدحام شوارع مدينة تعز بالباعة والمتجولين واحتشاد الناس في أجواء فرائحيه دليل على أن " هذه المدينة تقاوم الحرب وتُصر على أن تفسح مجالاً لفسحة الفرحة والبهجة والتكافل الاجتماعي".
ويقول الصوفي لـ "يمن شباب نت": "صحيح أننا مازلنا نعيش في وضع متدهور نتيجة استمرار الحرب وهناك العشرات من المحتاجين والمعوزين إلا أن بعض المؤسسات والجمعيات الخيرية تكفلت بشراء الملابس لتلك الأسر ومساعدتها".
مستدركا بالقول: "هذا خير دليل على مدى تكاتف أبناء تعز والعيش كأسرة واحدة وأن الحرب لم تؤثر على التكافل".