تشهد منطقة "الرويس"- شمال مديرية المضاربة ورأس العارة بمحافظة لحج- أزمة جفاف حادة، اجتاحت المنطقة النائية منذ عدة أشهر، وتسببت في نزوح العديد من السكان صوب عاصمة المحافظة والعاصمة المؤقتة (عدن)، هربا من شبح الجفاف الذي بدأ يخيم على المنطقة، حيث يقطن زهاء 22 ألف نسمة، حسب أحدث إحصائية حصل عليها "يمن شباب نت".
وكان سكان المنطقة، المتاخمة لمديرية "الوازعية" بمحافظة تعز (شمالا)، يعتمدون بدرجة رئيسية على مصادر المياه الجوفية والسطحية قبل أن تنضب تدريجيا. حيث كانت المنطقة تزخر بـ 25 بئرا جوفية لتخزين المياه خلال مواسم الأمطار، لكنها مؤخرا انتهت جميعها إلى الجفاف، مع تأخر موسم الأمطار وشحتها.
مشكلة قديمة ومشاريع فاشلة
وتعاني منطقة "الرويس" من إهمال وتجاهل حكومي، سواء قبل الوحدة اليمنية (1990)، أم بعدها. وتحدث الشيخ "علي الدعوسي"- أحد وجهاء المنطقة- عن مشروع مياه "ملبية الرويس"، الذي كان بدأ العمل عليه قبل العام 1990، وتم تنفيذ بناء الخزانات في "قاعدة الحمير" وخزان "امحفيزية"، وحفرت آبار للتغذية في منطقة ملبية لكن المشروع انتهى بعد تعرضه للإهمال قبل أن يكتمل.
وأضاف لـ"يمن شباب نت": ثم فضلت السلطة المحلية بمحافظة لحج فصل مشروع الرويس عن ملبية، وقامت بحفر بئرين؛ ولكن للأسف فشلت تلك الجهود ايضا، حيث حُفر البئرين في منطقة جافة لا توجد فيها مياه جوفية، ثم لاحقا شيدت إدارة مياه الريف بمحافظة لحج خزان مياه في أعلى "حصب امسوادة"؛ غير أن هذه الجهود هي الأخرى لم يكتب لها النجاح، لتستمر معاناة السكان.
وتطرق الشيخ الدعوسي إلى معاناة سكان المنطقة بسبب جفاف الآبار، حيث يتجشم السكان متاعب جلب المياه من منطقة ملبية، التي تبعد عن الرويس بحوالي 10 كم، ما يجعلهم يدفعون أجرة نقل باهضة تصل إلى خمسة ألاف ريال للحصول على ألف لتر من المياه الصالحة للشرب.
وأعرب الدعوسي عن أمله بأن يقوم محافظ لحج الحالي، اللواء أحمد عبد الله تركي، بتنفيذ وعوده خلال هذا العام بحفر بئر لمشروع مياه الرويس.
معاناة يفاقمها النسيان
من جهته، أيضا، تحدث الصحفي صادق أحمد غالب عما تعانيه المنطقة بسبب الجفاف منذ فترة ليست بالقصيرة، لافتا إلى أن ما زاد من المعاناة هو عدم وجود أي مشروع مياه حكومي حتى الآن، فيما عدى مشروع أهلي للمياه السطحية، التي سرعان ما تجف بمجرد انقطاع الأمطار.
وأكد غالب لـ"يمن شباب نت"، أن مشكلة المياه في منطقة الرويس ظلت قائمة في عهد كل السلطات المتلاحقة، دون أن تجد أي اهتمام أو لفتة، سواء من السلطات الرسمية، أم المنظمات المحلية والدولية، التي أهملت المنطقة وتناساها الجميع..
وتحدث الصحفي غالب عن معاناته الشخصية، باعتباره من سكان المنطقة، حيث يضطر، مع الأهالي، لشراء صهاريج المياه التجارية، التي وصلت قيمة الألف اللتر منها إلى سبعة ألاف ريال (15 دولار تقريبا)..
وأعرب عن مرارته واستغرابه من تقاعس وإهمال الجهات المعنية التي لم تحرك ساكنا ولم تكلف نفسها الالتفات لمعاناة منطقة الرويس، فيما عدى بعض الوعود بحفر بئر، لم تُنجز حتى الأن، بالإضافة إلى الدعم المقدم من المحافظ، بمبلغ 600 ألف ريال لجلب مياه إسعافيه خلال الشهر الكريم بصهاريج المياه الخاصة.
لم تكن أزمة الجفاف التي تضرب منطقة الرويس في الصبيحة بلحج، مشكلة وليدة اللحظة. بل تتكرر بشكل دائم، منذ ما يزيد عن عقد زمني، وسط نداءات يطلقها السكان باستمرار إلى الجهات المعنية، ولكن دون جدوى. حيث لا تلقى شكاويهم استجابة من قبل الجهات المختصة، في المديرية والمحافظة على السواء.
وهو الأمر الذي زاد من مضاعفة الأعباء على السكان، ما أضطر عدد ليس بقليل منهم إلى النزوح والهجرة منها. ومن بقى منهم في المنطقة ليس أمامه سوى تحمل متاعب جلب المياه من مناطق مجاورة للمنطقة، وبتكلفة مالية مرتفعة جدا، تفوق قدرة معظم السكان، اللذين يقع غالبيتهم تحت خط الفقر، ما أضطر عدد منهم إلى بيع مواشيهم لتوفير المال من أجل الحصول على مياه نظيفة صالحة للشرب.