قال معهد أمريكي "إن محافظة حضرموت الشرقية الإستراتيجية والغنية بالنفط في اليمن، تمر حاليا بنقطة تحول حرجة، مع تصاعد الخلافات بين الجماعات السياسية والعسكرية المتنافسة".
وأضاف معهد الشرق الأوسط الأمريكي في تقرير ترجمه "يمن شباب نت" إن القوات الداعمة للرئيس هادي اكتسبت مكانة بارزة في شمال المنطقة (سيئون ووادي حضرموت)، في حين أن قوات النخبة الحضرمية، التي تدعم المجلس الانتقالي الجنوبي الانفصالي، تسيطر على طول الساحل الجنوبي (في المكلا ومحيطها).
وأشار التقرير "أن خطر حدوث مواجهات يتزايد داخل المنطقة، مع بروز خصمين داخل حضرموت".
في 13 من أبريل الحالي، عقد الرئيس هادي جلسة لمجلس النواب لأول مرة منذ بداية الحرب في عام 2015 حيث اجتمع النواب لانتخاب رئيس جديد للمجلس هو سلطان البركاني من المؤتمر الشعبي العام، حزب الرئيس السابق علي عبد الله صالح، ووضع جدول اعمال تشريعي مستقبلي.
وقد حظي مكان انعقاد هذا التجمع مؤخرا، بأهمية خاصة، نظرا لأن الرئيس هادي فضل انعقاد المجلس في سيئون وليس عدن ، العاصمة اليمنية المؤقتة منذ الانقلاب الحوثي في ??صنعاء عام 2015.
ووفقا للتقارير الإخبارية، فإن السلطات المحلية في عدن لم تسمح لهادي باستضافة الاجتماع هناك، وهو قرار يؤكد مدى خطورة التوازن داخل المدينة التي لا تزال مجزأة بين بعض المناطق "الموالية لهادي"، والعديد من المناطق "الموالية للمجلس الانتقالي".
ومع ذلك، فإن اختيار سيئون كمكان لاجتماع المجلس يؤكد اعتراف هادي بالدور المركزي لحضرموت في اليمن الموحد، كما يمثل في الوقت نفسه، استعداده لإرسال رسالة واضحة للمجلس الانتقالي الجنوبي تتعلق بمطامعه الانفصالية.
لا يزال وادي حضرموت، أي تلك المنطقة المحيطة بسيئون والمراكز التاريخية الأخرى مثل شبام وتريم، يعتبر الحدود الفاصلة بين الصحراء والجزء المرتفع شمال المحافظة - بمحاذاة الربع الخالي، على الحدود مع المملكة العربية السعودية - بالإضافة للطرق التي تربط الوديان الداخلية بالمدن الساحلية والموانئ في الجنوب.
كما لاتزال الولاءات العسكرية في شمال حضرموت غير مؤكدة وغير مستقرة، حيث كان الجنرال عبد الرحمن الحليلي، القائد السابق للمنطقة العسكرية الأولى واللواء المدرع السابع والثلاثون، من الموالين لصالح الذين تحول دعمهم إلى جانب هادي، في حين ان اللواء علي محسن الأحمر نائب الرئيس، يتمتع بدعم عسكري في المنطقة، وكذلك هو الحال مع حزب الإصلاح الذي تسيطر القبائل المسلحة الموالية له على المعبر الحدودي مع المملكة العربية السعودية، وكلاهما مدعوم من المملكة.
وعلى الرغم من انتشار العناصر الفاعلة العسكرية، لا يزال الوضع الامني يبعث على القلق، حيث بين عامي 2017 و2018، قُتل اثنين من أفراد قبيلة الكثيري البارزة في سيئون، أحدهما ينتمي إلى حزب المؤتمر الشعبي العام، على أيدي مهاجمين مجهولين في المنطقة. وقبيل سفر هادي من الرياض إلى سيئون للمشاركة في الجلسة البرلمانية، ذُكر أن القوات السعودية ووحدات الحماية الرئاسية اليمنية قد تدفقت الى سيئون لتأمين ذلك.
الحوثيون ادانوا اجتماع سيئون، وعقدوا جلسة موازية لـ "البرلمان" في صنعاء في نفس اليوم، لانتخاب نواب لما لا يقل عن 35 مقعدًا شاغرًا، وبلغ الحال بهم إلى حد إطلاق طائرة بدون طيار ضد مطار سيئون في 11 أبريل، والذي تم اعتراضه وإسقاطه بصاروخ باتريوت سعودي.
وعلى الرغم من أن برلمانيين من المجلس الانتقالي الجنوبي قرروا الانضمام إلى الجلسة في سيئون، فقد انتقد قادة المجلس الانتقالي بشدة اجتماع هادي البرلماني.
وبحسب ما ورد، تجمع مئات من أنصار الانتقالي الجنوبي في سيئون قبيل الجلسة للاحتجاج ضد الحكومة المعترف بها دوليًا، وهدد نائب رئيس المجلس الانتقالي هاني بن بريك، بالانتقام من أنصار هادي في حال هاجمت قوات الأمن أنصار الانتقالي.
وبالإضافة إلى مشكلة الشرعية المؤسسية الواضحة، فقد ألقت المناوشات حول الاجتماع في سيئون مزيدًا من الضوء على قوى التوتر المركزية في حضرموت. إذ تنقسم المحافظة، من حيث الواقع السياسي، إلى منطقتين متميزتين، مع تواجد قوات عسكرية متنافسة وداعمين خارجيين مختلفين، اولهما سعودي والآخر إماراتي.
ومن ناحية، تدعم المملكة العربية السعودية قوات موالية لهادي في الشمال، في سيئون ووادي حضرموت حيث يلتزم السعوديون بمصير حكومة هادي المعترف بها، لكنهم يهدفون أيضًا إلى حماية حدودهم، التي تتعرض لضغوط شديدة من هجمات الحوثيين والكمائن إلى جهة الغرب (حول جازان وعسير ونجران).
أما من الناحية الأخرى، فتدعم دولة الإمارات قوات النخبة الحضرمية، التي يتم نشرها على طول الساحل الجنوبي للمحافظة. كما قام الإماراتيون بتنظيم وتدريب وتجهيز قوة النخبة الحضرمية التي لعبت دوراً حاسماً في طرد القاعدة في جزيرة العرب من المكلا في عام 2016، ومن ثم الحد من تواجد بؤر الجهاديين في الداخل.
غير أن الامارات من خلال القيام بذلك، تمكنت من اكتساب نفوذ جيوسياسي جديد بشكل غير مباشر على الموانئ التجارية والمواقع العسكرية ومحطة تصدير النفط في حضرموت (بئر علي)، فضلاً عن العمق الاستراتيجي نحو المحيط الهندي.
وعلى الرغم من أجنداتهما المعروفة والمختلفة في جنوب اليمن - حيث لم يعد الحوثيون موجودين - بات من المرجح أن تتوصل السعودية والإمارات إلى حل وسط سياسي بشأن حضرموت، والى توافق بشكل غير معلن على تعزيز مجالات نفوذهما "الشمالية" و "الجنوبية" الناشئة داخل المحافظة وذلك من أجل تحقيق المصالح القومية للبلدين.
ومع ذلك، قد لا تكون الجماعات السياسية والميليشيات المحلية حريصة للغاية على التسوية، نظرا لأنها تحاول الاستفادة من فوضى الحرب ومن الدعم الخارجي.
والاكثر من ذلك، هو انه قد تكون هناك عقبات أخرى ينبغي التغلب عليها. إذ ان العديد من القوات المنتشرة في شمال حضرموت تربطها صلات قوية بشبكات السلطة التي تتخذ من صنعاء مقراً لها بقيادة عائلة صالح، وعلي محسن.
وغالبًا ما يُنظر إلى هذه الشبكات على أنها قادمة من الشمال بعيون معظم الحضرميين، في حين أن قوات النخبة الحضرمية لها جذور عميقة داخل النسيج القبلي المحلي. وإذا ما استمر الخلاف بين الرئيس هادي، والانتقالي الجنوبي حول مستقبل اليمن والإطار السياسي للبلد، فمن المرجح أن تندلع المواجهة في حضرموت.
كما أنه من المثير للاهتمام، أن ذلك يمكن أن يحدث بشكل رئيسي بين القوات النظامية، لأن قوات النخبة في حضرموت أصبحت الآن جزءًا تقنيًا من الجيش اليمني (باعتبارها تابعة للمنطقة العسكرية الأولى)، وذلك هو السبب الكامن وراء تعقيد توازن الأمن في اليمن.
أخبار ذات صلة
الاربعاء, 10 أبريل, 2019
الرئيس هادي يصدر قرار بدعوة مجلس النواب لعقد دورة غير اعتيادية في حضرموت
الخميس, 07 مارس, 2019
صراع النفوذ بين الإمارات والسعودية يصل "حضرموت" (تقرير خاص)
الخميس, 14 فبراير, 2019
ناشطون في حضرموت يطلقون حملة إلكترونية ترفض زيارة قيادة المجلس الانتقالي