في أغسطس/ آب 2018، أعلن الاتحاد الأوروبي في اليمن عن مسابقة بعنوان "جو نتجابر" للصور وسرد الحكايات عبر الانترنت. ولقت حينها سخرية واسعة على وسائل التواصل الاجتماعي من قبل ناشطين وصحفيين. لم يتوقف الأمر هنا، فبعد أشهر من المنافسة اتهم المشاركون في المسابقة القائمون عليها بالاحتيال عليهم في توزيع الجوائز.
وتكشف تلك الممارسات طريقة تعامل المنظمات الدولية واستغلال نشاط الشباب في اليمن من قبل وكلاء تلك المنظمات في مشاريع ممولة بمبالغ مالية كبيرة، والتي يتم منحها لليمن من قبل الدول الأوروبية خلال أربع سنوات من الحرب، من أجل الإغاثة والمشاريع التنموية، والتي في العادة تتركز في مناطق يسيطر عليها الحوثيين.
وأعلنت بعثة الإتحاد الأوروبي إطلاق مسابقة "جو نتجابر" بهدف تقديم المصورين الهواة وشبه المحترفين من مختلف أنحاء اليمن إلى جمهور أوسع، وتشجيع الأسر اليمنية على جمع ومشاركة الصور، كما تشجع رواة القصص على سرد قصص الناس وحكاياهم ومخاوفهم اليومية. ووفقا لبيان نشرته البعثة حينها "أن لجنة تحكيم أوروبية ستقوم باختيار أفضل الصور والقصص في نهاية المشروع، وسيمنح الفائزون معدات تصوير كحوافز".
شكوى من الاحتيال
وشكا متسابقون من عملية احتيال تعرضوا لها من قبل بعثة الإتحاد الأوروبي بعد فوزهم في مسابقة "جو نتجابر". حيث تم وعدهم بتسلم جوائز تتمثل في "كاميرات حديثة وعدسات تصوير، وأجهزة تتعلق بالتصوير وإنشاء المحتوى" بحسب إعلان المسابقة. لكن الفائزون فوجئوا بعد إعلان أسمائهم، بأنه جرى تغيير نوعية الجوائز!!
وبحسب ما أفاد بعض منهم لـ"يمن شباب نت"، فإن بعثة الإتحاد الأوروبي عقدت في سبتمبر/أيلول الماضي ورشة لبعض المشاركين في مسابقة "جو نتجابر" وعددهم ثلاثون شخصا، وتم فيها إعلان الفائزين في المسابقة من قبل منسق المسابقة يوسف حميد الدين (حفيد الإمام البدر)، خلال اتصال عبر تطبيق "إيمو" الشهير بالصوت والصورة.
وقال يوسف حميد الدين للمتسابقين "إن الأشخاص الذين حضروا الورشة، سيتم ضمهم في برنامج ويتابع معهم الصور التي انتجوها، وإقامة معارض في عدة مدن أوروبية بالتعاون مع الإتحاد الأوروبي، وعمل تراخيص للصور واستخدامها، ويكون بينه وبين الأشخاص الذي حضروا الورشة تواصل مستمر" بحسب المصادر.
وتم إعلان عشرة فائرين في المسابقة؛ خمسة في فئة الفيديو؛ ومثلهم في فئة الصور، وتم نشر أسماؤهم في موقع بعثة الإتحاد الأوربي في اليمن. غير أن المصادر اشتكت من تعرض الفائزين لـ"المماطلة، وعملية نصب معلنة" من قبل القائمين على المشروع.
أربعة أشهر من المماطلة
في 16 سبتمبر/أيلول 2018 تم اعلان أسماء الفائزين العشرة، وظلت عملية تسليم الجوائز قيد الاحتيال والمراوغة. فحتى الأن، مر أكثر من أربعة أشهر على اعلان أسماء الفائزين في مسابقة الإتحاد الأوروبي "جو نتجابر"، إلا أن لا أحد منهم استلم جائزته المعلنة، التي تم وعدهم بها في اعلان المسابقة.
وقالت سارة الخباط، وهي إحدى المتسابقات الفائزات: بعد إعلان فوزنا بالمسابقة، طلبوا منا التواصل معهم عبر إيميل المسابقة لتحديد متى وكيف سيتم استلام الجوائز المعروفة سلفا بحسب ما تم نشره وتثبيته في موقعهم، والتي هي عبارة عن كاميرات وعدسات وأجهزة مرتبطة بالتصوير والفيديو، مستدركة: "مضت أسابيع ولم يتم التواصل مع أحد من الفائزين".
وأضافت في حديث لـ "يمن شباب نت": بعد متابعة طويلة للحصول على الجوائز، تم التنصل عن الجوائز العينية المعلنة، وبدلا من ذلك، تفاجئنا قيامهم بالنشر على موقع المسابقة أن الجوائز عبارة عن مساعدتنا في المشاركة في معارض ومنحنا تراخيص وتكليفنا بمهام مدفوعة. الأمر الذي شعرنا فيه، نحن الفائزون، بالصدمة، جراء عملية التغيير المفاجئة.
وتابعت الخباط "تواصلنا معهم، وذكرناهم أنهم كتبوا في الموقع أن الجوائز كاميرات ومعدات، فأتصل بنا من الأردن المسؤول عن المسابقة يوسف حميد الدين، لكنه ظل يراوغ طوال اتصاله، وحاول إغراء البعض من أجل اسكاتهم، لكن كنا جميعا يد واحدة ومطلبنا واحد، وهو جوائزنا المعلنة، والتوقف عن استغلال الشباب وخداعهم".
وأكدت أنهم بعثوا أيضا رسائل إلى إيميلات الإتحاد والبعثة الأوروبية ولجنة التحكيم، إلا أن البعض كان يرد عليهم ويطالبهم بالإنتظار للتأكد، مضيفة "انتظرنا وأعطيناهم مهلة أسبوع، فوصلنا رد من إيميل البعثة، بإسم يوسف حميد الدين، فواصلنا محاولاتنا بكل الطرق معهم لكن دون فائدة. كما قالت. واستدركت باستنكار "وهاهم يجهزون حاليا لمسابقة جديدة ونصب جديد".
مسابقة مريبة
وقالت الخباط إن المسابقة "مريبة منذ البداية. فقد كنا نرسل مشاركاتنا، فيطلبون منا ارسال المزيد. ولأن لجنة التحكيم أجانب، بينما الفيديوهات كلها باللهجة العامية، فقد كنا نشعر بريبة في الموضوع. إلا أننا، مع ذلك، غامرنا وشاركنا، على أمل أن المسابقة تتبع الإتحاد الأوروبي ومستحيل أن يضحكوا علينا".
وجددت اتهامها للقائمين على المسابقة "بممارسة التلاعب والاحتيال في عملية ضحك مفضوحة على الشباب اليمني، مستغلين نشاطهم".
من جانبها قالت مصادر لـ"يمن شباب نت" إن يوسف حميد الدين، والذي يتمتع بعلاقات واسعة في بعثة الإتحاد الأوربي في اليمن، عادة ما يقوم بين الحين والآخر بقيادة مشاريع بنفس الفكرة وبدعم من الإتحاد الأوروبي، والغرض من ذلك هو جمع أكبر عدد ممكن من الصور والفيديوهات بهدف إنشاء معارض في الخارج والحصول على أموال.
يذكر أن المدعو يوسف حميد الدين، هو نجل الإمام البدر، أحد أبناء "أسرة حميد الدين" التي خرجت من اليمن، بعد سقوط المملكة المتوكلية بعد ثورة 26 سبتمبر 1962. وتنقل خلال فترة حياته بين لبنان وبريطانيا والسعودية، حيث تمكن من بناء شبكة علاقات واسعة في أروقة المنظمات الدولية، وخصوصا الاتحاد الأوروبي. وينشط في الأردن وبعض دول أوروبا، من خلال فعاليات يدافع خلالها عن الحوثيين الذين انقلبوا على السلطات الشرعية في اليمن، ويصورهم على أنهم ضحايا في الحرب الدائرة. ويوصف أنه يعمل ضمن الشبكة الناعمة للحوثيين في دول أوروبا.