أعربت الحكومة اليمنية عن أسفها لعدم إشراكها من قبل المملكة العربية السعودية في عملية تنفيذ وصرف المنحة السعودية – الإماراتية، المخصصة لدعم رواتب المعلمين اليمنيين الذين انقطعوا عن استلامها منذ أكثر من عامين، وسط مخاوف من ذهابها للحوثيين أسوة بمساعدات سابقة.
وقبل ثلاثة أشهر تقريبا، في أكتوبر/ تشرين أول، أعلنت السعودية والإمارات، قائدتا التحالف العربي في اليمن، عن صرف منحة مالية بـ 70 مليون دولار لدعم رواتب 135 ألف من الكوادر التعليمية اليمنية في كافة المحافظات اليمنية، بما فيها تلك الواقعة تحت سيطرة المليشيات الانقلابية، عبر منظمة الأمم المتحدة للأمومة والطفولة "يونيسف".
وقال وزير التربية والتعليم في الحكومة الشرعية الدكتور عبد الله لملس، خلال مداخلة هاتفية الثلاثاء مع قناة "يمن شباب" الفضائية: "للأسف، أن المملكة العربية السعودية لم تشرك وزارة التربية والتعليم في الحكومة الشرعية حينما طلبت منهم "اليونيسف" تقديم المنحة المالية المخصصة كحوافز شهرية للمعلمين اليمنيين المنقطعة رواتبهم منذ نوفمبر 2016".
وكشف لملس، خلال مداخلته مع القناة ضمن برنامج "حديث المساء"، أن السعوديين لم يتواصلوا مع الوزارة عند الإعلان عن المنحة بالتنسيق مع اليونيسف، "رغم وجود قدرة وإمكانية لدى الحكومة لتنفيذ عملية صرف المنحة وإيصالها للمعلمين في كافة المحافظات، بمن فيهم المعلمين في المحافظات الخاضعة لسيطرة المليشيا الانقلابية".
[يمكنكم مشاهدة مداخلة وزير التربية مع قناة يمن شباب الفضائية في الفيديو المرفق نهاية التقرير]
وأكد الوزير أن وزارة التربية والتعليم كانت قد أبلغت الجهات المعنية بإمكانيتها وقدرتها على توزيع الحافز للمعلمين، مشيرا إلى أن الوزارة سلمت اليونيسف بيانات المعلمين وفقا لكشوفات عام 2014. "في حين يفرض يحيى الحوثي، شقيق زعيم المتمردين الحوثيين، شروطه على المنظمة، ويريد أن تجرى عملية الصرف وفقا لكشوفات 2018". طبقا للوزير لملس.
وأثارت طريقة تعامل المملكة السعودية- وهي قائدة التحالف العربي في اليمن- الكثير من التساؤلات والتشكيكات حول هدفها من وراء هذه المنحة، إن لم يكن لدعم توجهات، وتعزيز الثقة، بالحكومة اليمنية الشرعية، التي تقول إنها جاءت لإنقاذها.
وسبق أن وجهت انتقادات واسعة في الأوساط اليمنية للسياسة السعودية، في الاعتماد على المنظمات الدولية والأممية وتسليمها المنح المالية المخصصة كمساعدات إنسانية لليمنيين، وتجاهل الحكومة الشرعية التي تمثل الجهة السيادية المعنية بتنسيق الجهود لمواجهة المعاناة الإنسانية مع المانحين الدوليين ومجموعة أصدقاء اليمن.
ومؤخرا، كشف تحقيق صحفي لوكالة "اسوشيتد برس" الأمريكية، أن المساعدات الغذائية التي كان يسلمها برنامج الغذاء العالمي لطرف الحوثيين، لم تكن تسلم لمستحقيها، رغم تقديمهم (الميليشيات) كشوفات بأسماء حقيقية، لكنها لم تستلم منها شيئا، وأخرى وهمية كانت تستخدمها لسرقة المساعدات وبيعها في السوق السوداء لمصلحتها.
وأعتبر مراقبون وناشطون يمنيون أن تقديم السعودية والإمارات لمنح المساعدات عبر منظمات أممية، وليس عبر الحكومة الشرعية، يبدو أنه لا يهدف لمواجهة المعاناة الإنسانية في اليمن، بقدر ما تسعى الدولتان لإسكات تلك المنظمات، خصوصا وأنها ركزت في تقاريرها السابقة على خروقات لقوانين الحرب واستهداف المدنيين والأطفال، وطالبت بضم المملكة إلى القائمة السوداء لمنتهكي الطفولة في العالم.
غير أن محصلة سياسة الاحتواء هذه، لا يبدو أنها نجحت كثيرا في الحد من الضغوط التي تمارسها المنظمات الدولية على التحالف العربي الذي تقوده السعودية. بل أنها- بحسب مراقبين- فتحت شهية الفاعلين الدوليين أكثر لابتزاز السعودية. في حين أنها، في الوقت نفسه، لم تساهم في تخفيف المعاناة الإنسانية في اليمن.
وفي هذا السياق، أكد وزير التربية والتعليم في الحكومة الشرعية لقناة "يمن شباب"، على أن المعلمين في المناطق الواقعة تحت سيطرة الانقلابيين، لم يستلموا حوافزهم من المنحة السعودية الإماراتية حتى اليوم، وسط تضاعف معاناتهم.
وفضلا عن ذلك، تفيد المعلومات التي حصل عليها موقع "يمن شباب نت"، أن السعودية والإمارات اكتفتا بتسليم المنحة المالية المخصصة للمعلمين في المناطق الواقعة تحت سيطرة المليشيا الانقلابية، استجابة لضغوطات المنظمات الأممية.
وإلى جانب نفي وزير التعليم، أكدت مصادر حكومية أخرى لـ"يمن شباب نت"، أنهما (السعودية والإمارات)، ومنذ إعلانهما تقديم المنحة في أكتوبر/ تشرين الأول، من العام المنصرم، لم ينسقا مع الحكومة الشرعية للقيام بمتابعة ومراقبة "اليونيسف"، على نحو يضمن سرعة صرف الحوافز الشهرية للمعلمين للتخفيف من معاناتهم.
الأمر الذي اعتبره ناشطون يمنيون، مؤشرا على أن تقديم المنحة لم يكن الهدف منه إنقاذ المعلمين اليمنيين، والحد من معاناتهم جراء انقطاع الرواتب منذ قرابة عامين ونصف، بقدر ما هو لضمان "تأمين جبهة المنظمات الدولية" الضاغطة.
وعلى مدى الفترة من بداية الإعلان عن هذه المنحة السعودية – الإماراتية، ضمنت الدولتان كلمات الشكر والثناء في المحافل الدولية، بما في ذلك الأمين العام للأمم المتحدة غوتيريش ومجلس الأمن الدولي، على هذه اللفتة الإنسانية الكريمة إزاء معاناة المعلمين اليمنيين.
وفي مقابل ذلك، يتساءل معلمون يمنيون، ويساندهم في ذلك ناشطون إجتماعيون على صفحات التواصل الاجتماعي، عن صمت السعودية تجاه عدم قيام منظمة اليونيسف بصرف "الحوافز الشهرية" للمعلمين اليمنيين حتى الأن في المناطق الواقعة تحت سيطرة الانقلابيين على الأقل، على اعتبار العلاقة الطبيعية التي تربطها بالانقلابين وقدرتها على التحرك بحرية في تلك المناطق.
وقال وزير التربية والتعليم في الحكومة الشرعية، خلال مداخلته في برنامج حديث المساء الذي بثته قناة "يمن شباب" أمس الثلاثاء، إن اليونيسف عجزت حتى اللحظة عن صرف الحوافز الشهرية للمعلمين في المحافظات الخاضعة تحت سيطرة الانقلابيين، رغم مرور قرابة ثلاثة أشهر على استلام المنحة في 23 أكتوبر.
ودعا الوزير، اليونسيف، بالبدء في عملية صرف الحوافز الشهرية للمعلمين في تلك المناطق وفقا لكشوفات 2014، مطالبا بتوريد المبلغ إلى البنك المركزي في عدن، كي تقوم وزارته بصرفها للمعلمين عبر الكريمي، أو غيرها من الوسائط. ولفت، في هذا السياق، إلى أن الحكومة الشرعية صرفت مرتبات المتقاعدين بشكل مباشر في كافة المحافظات، بما فيها تلك الواقعة تحت سيطرة المليشيا الانقلابية.
وفي حين عرّض لملس بمنظمة اليونيسف بالذهاب للبحث عن تمويل خارجي لإنقاذ المليشيا الانقلابية وحصولها على المنحة السعودية الإماراتية، أتهم المنظمة الدولية في صنعاء بـ"التطوع" لإنقاذ الحوثيين من المأزق الذي وقعوا فيه، جراء التسبب في عدم صرف رواتب المعلمين اليمنيين في مناطق سيطرتهم.
وكشف لملس عن وجود المبلغ الذي أعلنت عنه السعودية والإمارات في حساب منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف"، مشيرا إلى أن الوزارة طالبت المنظمة بتوريد المبلغ إلى حساب البنك المركزي في العاصمة المؤقتة عدن، لكنها قابلت تلك المطالب الحكومية بالصمت المطبق. حد وصف الوزير.
ونتيجة لهذا التأخر، يخشى 135 ألف معلم من ذهاب منحة الـ70 مليون دولار إلى الحوثيين، أسوة بسرقتهم ونهبهم 60% من إجمالي المساعدات والمعونات الغذائية من أفواه الجياع، وفقا لما كشفه تقرير برنامج الأغذية العالمي أواخر العام المنصرم.