قالت مجلة "ذا امريكان انترست" الامريكية، الى اهمية الحرب التي يخوضها التحالف العربي حاليا في اليمن ضد المتمردين الحوثيين كونها تهدف الى مواجهة المشروع الايراني التوسعي في المنطقة من خلال الحوثيين وكلاء إيران في المنطقة.
وفي تحليل لمدير شؤون جنوب ووسط اسيا لدى معهد "هيدسون " الامريكي حسين حقاني، نشرته المجلة الامريكية المهتمة بالعلاقات الدولية والسياسات الخارجية والامن القومي - وترجمه يمن شباب نت - حذر الكاتب من أن يؤدي النقد الانساني للحرب في اليمن الى غض الطرف عن التهديد الخطير الذي يمثله الحوثيين.
وقال "إن رواية وسائل الإعلام الغربية تصور الحرب الجارية في اليمن على انها نزاع "عقيم" أو "كارثي". غير انه وقبل كل شيء كانت اليمن عرضة للمشكلات القبلية والطائفية منذ عقود مما أدى إلى تمرد وحروب أهلية كاملة. لكن التعقيد التاريخي للسياسة اليمنية وعلاقتها الكبيرة بالمملكة العربية السعودية، يجب ألا يغض الطرف عن جهود إيران لإنشاء جسر في شبه الجزيرة العربية من خلال تمكين ميليشيا الحوثي اليمنية.
واستبعد الكاتب أن ينتهي الصراع في اليمن في أي وقت قريب ما لم تلعب القوى الخارجية المهتمة، ولا سيما الولايات المتحدة، دوراً نشطاً في احتواء إيران وإجبار الحوثيين على الجلوس على طاولة المفاوضات.
واوضح التحليل "ان الأمريكيون يميلون إلى تصوير الأحداث في اليمن فقط من خلال منظور الأزمة الإنسانية لهذا البلد ودور المملكة العربية السعودية فيها. ولكن حتى إذا كان الطموح والخطأ في حسابات ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان قد أدت إلى تفاقم الوضع، فإن هنالك مخاطر ورهانات أكبر في اليمن تفوق ما يعترف به منتقدو الحرب جراء تداعياتها الإنسانية".
وتبدأ هذه الرهانات بالخطط المعترف بها علناً للاستراتيجيين الإيرانيين الذين عبروا عن توقعاتهم بإضافة صنعاء إلى قائمة العواصم العربية - بيروت ودمشق وبغداد - التي سقطت في "أيدي إيران واصبحت تنتمي إلى الثورة الإسلامية الإيرانية". ولهذا السبب يدعم نظام آية الله خامنئي الحوثيين.
وتضم الحركة الحوثية مقاتلين مسلحين ومدربين تدريبا جيدا، حيث يشير إصراراهم على السعي إلى السلطة عبر الوسائل العسكرية إلى غياب ثقتها في الدعم، حتى في اوساط سكان اليمن الشيعة، ويعتبر الحوثيون حزب الله، الميليشيا اللبنانية، بمثابة قدوتهم حيث حصل الحوثيون على أسلحة متطورة من إيران، وهددوا المملكة العربية السعودية عبر شن هجمات صاروخية ضدها.
واستدرك الكاتب "لكن التهديد الذي يشكله الحوثيون قد طغى عليه شجب الحملة الجوية السعودية ضدهمـ والتي يُلقى عليها اللوم في التسبب بخسائر مدنية يمكن تجنبها. كما ان شهادة وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو مؤخراً للكونغرس بأن السعوديين وحلفاء آخرين عرب يبذلون جهوداً أكبر لحماية المدنيين، لم يضعف من تلك الانتقادات".
وتابع التحليل "تماماً كما تغطّي الالة الدعائية لحزب الله المدعوم من قبل إيران على عنفه وإرهابه من خلال اثارة الضجة حول الخسائر المدنية، فقد تمكن الحوثيون وأنصارهم الدوليون من تجنب مناقشة السياسة المعقدة في اليمن وتجاوزات الحوثيين من خلال الانتقادات المركّزة لسلوك التحالف الذي تقوده السعودية في الحرب الجوية حيث أدت المخاوف المشروعة بشأن الإصابات في صفوف المدنيين من القصف الجوي السعودي إلى تجاهل العديد من النقاد لكل من دور إيران او امكانية حصول الاستقرار في اليمن إذا نجح الحوثيون - وهم أقلية داخل طائفية - في إقامة حكمهم على البلد بأكمله.
ويرى الكاتب بان "النقد الإنساني لتكتيكات التحالف العربي دفع معظم المراقبين إلى تجاهل حقيقة أن الحرب ضد الحوثيين تدعمها قرارات الأمم المتحدة الداعمة لاستعادة سيطرة الحكومة الشرعية على اليمن. حيث في عام 2015، طالب قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2216، والذي اعتمد بـ 14 صوتًا مؤيدًا مقابل لا شيء ضده مع امتناع روسيا عن التصويت بانه "على الحوثيين الانسحاب من جميع المناطق التي تم الاستيلاء عليها خلال النزاع الأخير، والتخلي عن الأسلحة التي تم الاستيلاء عليها من المؤسسات العسكرية والأمنية ووقف كافة الإجراءات التي تقع ضمن سلطة حكومة اليمن الشرعية، والتنفيذ الكامل لقرارات المجلس السابقة".
ومنذ ذلك الحين، أصبحت الحرب متوقفة على الرغم من أن أجزاء من جنوب اليمن قد انتزعت من القبضة الحوثية. وقد تحملت قوات التحالف عبء خوض القتال البري. حيث كان هجومهم، الذي بدأ في يونيو لطرد الميليشيات الحوثية من ميناء الحديدة، يهدف إلى احداث تغيير مسار الحرب.
غير ان ذلك الهجوم ما لبث ان توقف في يوليو تموز لإفساح المجال امام اجراء محادثات السلام. لكن ممثلي الحوثي رفضوا الانضمام إلى المفاوضات التي ترعاها الأمم المتحدة في جنيف في سبتمبر مما أدى إلى تجدد القتال. ومن المؤكد أن الحوار أفضل من الحرب لكن المفاوضات الجادة تتطلب شركاء ملتزمين بإنجاز حل سلمي للازمة.
وكما بدا مفهوما لـ "مارتن غريفيث" مبعوث الأمم المتحدة الخاص لليمن، بأن الحوثيين لا يحضرون دائماً للاجتماعات. فانه يبدو بأنهم مدركون لحقيقة مفادها أن الحروب الأهلية غالباً ما تكون طويلة الأمد وأن معظم الصراعات في العصر الحديث انتهت بانتصار حاسم من جانب واحد.
وتتمثل استراتيجية الحوثي في السعي لتحقيق النصر بالتزامن مع تقويض عزيمة التحالف العربي من خلال الرأي الدولي المعاكس. بحيث انهم يدينون سلوك الحكومات العربية التي تواجههم بينما يقومون بنشر الصواريخ التي تقدمها لهم إيران، والطائرات بدون طيار اضافة لنشر الألغام الأرضية سعيا منهم لتحقيق النصر في ساحة المعركة. حيث ان نتيجة كهذه لن تكون في مصلحة الولايات المتحدة وستزيد فقط من بؤس اليمن بدلاً من تخفيفه.
وباستدعاء احداث الحادي عشر من سبتمبر من الذاكرة البعيدة لمعظم الأمريكيين، ينسى الكثيرون بأن اليمن كانت أيضاً ساحة انطلاق رئيسية للقاعدة في شبه الجزيرة العربية. وفقط في شهر أغسطس الماضي، تم قتل صانع القنبلة الرئيسي للقاعدة، إبراهيم العسيري من قبل غارة جوية أمريكية. وقد خطط العسيري لعدة هجمات ضد أهداف في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك خطة "انتحاري الملابس الداخلية" 2009 لإسقاط طائرة مدنية أمريكية. كما قُتل حوالي 2000 من عملاء القاعدة في اليمن على مدى السنوات الـ 17 الماضية.
وحذر كاتب التحليل من انه "سيكون من المؤسف لو أن الانقسامات الداخلية في اليمن والتي مكنت القاعدة من إقامة مركز له هناك في السابق، تمهد الطريق امامها مجددا لإعادة تجميع صفوفها. ولن يصبح الشرق الأوسط أكثر أمنًا إذا في حال تحول اليمن غير المستقر الذي يسيطر عليه الحوثيون الى قاعدة لتهديد جيرانها بدعم من إيران".
ولفت الكاتب "إن توطيد سيطرة الحوثيين على أي جزء من اليمن سيؤدي إلى زعزعة الاستقرار مثل صعود حزب الله في لبنان. ومثلما انتهى المطاف بحزب الله ليدعم نظام الأسد في سوريا بعد نجاته من الحرب الأهلية في لبنان، يمكن للحوثيين أن يصبحوا القوة الهدامة الرئيسية في منطقة الخليج".
من جانبها، فإن إيران لديها الكثير لتربحه من خلال تأجيج الحرب في اليمن. فحتى لو لم ينتصر الحوثيون ستحظى بأفضلية إقليمية بتكلفة قليلة نسبياً. كما إن الحرب تبقي منتقدي إيران الإقليميين في المنطقة منشغلين، وتوفر إمكانية لبناء نظام بديل جديد في شبه الجزيرة العربية.
ولكن من منظور الولايات المتحدة، فإن فقدان اليمن في إيران سيعمل على توسيع التهديد الذي تمثله طهران لمصالح الولايات المتحدة. وإذا ما كان هنالك طرف يجب ان ينتصر في الحرب الأهلية في اليمن، فسيكون من مصلحة الولايات المتحدة أن يكون الحكومة الشرعية المدعومة من حلفاء امريكا بدلاً من الحوثيين المدعومين من إيران.
وينصح الكاتب الولايات المتحدة "يمكن للحكومة الأمريكية أن ترمي بثقلها وراء جهود السلام التي تبذلها الأمم المتحدة، شريطة ألا تكون المحادثات بمثابة غطاء للحوثيين للإبقاء على استمرار الحرب الأهلية في اليمن لسنوات. وفي كلتا الحالتين فإن الولايات المتحدة سوف تقصر امد الحرب من خلال لعب دور محدد بدقة بدلا من الابتعاد عن الأحداث في اليمن".
وخلص المقال التحليلي الى انه "من الناحية المثالية، من شأن الدعم الأمريكي المستهدف خلق ظروف من شانها ان تدفع الحوثيين إلى إعادة النظر في شراكتهم مع إيران والدخول في مفاوضات جادة. اما السيناريو الأسوأ بالنسبة للحوثيين – وهو الافضل بالنسبة للولايات المتحدة – فسيتمثل في ايجاد نهاية حاسمة لسفك الدم المستمر بما لا يترك وكلاء إيران يسيطرون على اليمن".
*إضغط هنا لقراء المادة من موقعها الأصلي
أخبار ذات صلة
الخميس, 27 سبتمبر, 2018
موقع بريطاني: إنهاء سيطرة الحوثيين على الحديدة ربما تؤدي إلى السلام في اليمن (ترجمة خاصة)
الاربعاء, 26 سبتمبر, 2018
حروب اليمن الثلاثة.. مقال تحليلي لباحث أمريكي متخصص بالشأن اليمني يعمل في لجنة خبراء مجلس الأمن (ترجمة خاصة)
الأحد, 23 سبتمبر, 2018
تقرير أمريكي: تواجد الإمارات المفتوح في اليمن يحمل في طياته مخاطر جمّه (ترجمة خاصة)