على امتداد "شارع الستين" في العاصمة يبدو خالياً من المركبات في ساعات الظهيرة والذي يعد وقت ذروة الزحمة وفي العادة يمتلئ الشارع وتختنق الجولات المرورية بالسيارات، غير ان المدينة شبة متوقفة من الحياة منذ أيام بسبب أزمة المشتقات النفطية التي أعدمت من السوق بشكل مفاجئ في عدد من المحافظات.
 
ومنذ السبت الماضي 16 سبتمبر/ أيلول الجاري تعيش صنعاء أزمة خانقة في المشتقات النفطية والغاز المنزلي حيث انعدم من جميع المحطات الرئيسة وانتشرت الطوابير الطويلة بجوار محطات التعبئة، في الوقت الذي توقف حركة السير وبدت الحياة مشلولة وشبة متوقفة، في الوقت الذي انتشرت "السوق السوداء" بشكل لافت.
 
وفي الوقت الذي تتفاقم فيه الأزمة تعمل ميلشيات الحوثي على الاستعداد للاحتفال بذكرى انقلابهم في 21 سبتمبر/ أيلول 2014، والذي قاموا به تحت شعار إسقاط الجرعة السعرية على المشتقات النفطية والتي أقرتها حكومة باسندوه حينها حيث رفعت سعر الدبة البترول 20ليتر «500ريال» ليصب سعرها 3500 ريال يمني (6 دولار أمريكي) تلك مفارقة مثيرة للسخرية في أوساط المواطنين بشكل واسع.
 
أزمة مواصلات

"سمر محمد" (28 عام) تقف على الرصيف وقت طويل في انتظار باص يوصلها إلى العمل خلال الأيام الماضية وهو ما سبب لها مشاكل كثيرة في التأخر عن دوامها الرسمي في إحدى المصارف بصنعاء، حيث عزف كثير من سائقي الأجرة عن العمل بسبب انعدام البترول وارتفاع أسعاره.
 
وقالت سمر في حديث لـ"يمن شباب نت" قضيت اكثر من نصف ساعة في الشارع بانتظار باص كان تأتي أحياناً لكنها ممتلئة بالركاب، ولازالت المواصلات إلى تشكل كابوس بسبب عدم وفرة الباصات، بالإضافة إلى ارتفاع الأسعار بشكل كبير لدى سائقي السيارات الأجرة (التاكسي).
 
ورفع سائقي الباصات سعر الراكب داخل المدينة إلى 100 ريال بعد أن كانت تتفاوت ما بين الـ 50 و70 ريال، خلال الأشهر الماضية وقبل انعدام المشتقات النفطية من السوق خلال الأيام الماضية، في الوقت الذي تعيش صنعاء أزمة مواصلات وعدم توفرها بشكل اعتيادي كما في الأيام السابقة.
 
إبراهيم الحيمي (38عام) يعمل في سيارته الأجرة منذ سنوات قال لـ "يمن شباب نت" لم نشهد أزمة من قبل بهذه القساوة حيث لم يعد بمقدورنا في الوقت الحالي ادخل قيمة الدبة البترول التي يقترب سعرها في السوق السوداء 17 ألف ريال يمني (23دولار أمريكي) هذا المبلغ لا يمكن أن توفره في العمل خلال أيام بسبب إقبال الناس على الباصات كونها أقل تكلفة.
 
ازدهار السوق السوداء

عقب إغلاق المحطات الرئيسة للمشتقات النفطية بساعات تكاثرت بشكل مفاجئ «السوق السوداء» في الأحياء والشوارع الرئيسة وهي عبارة عن خزانات وكبائن تعبئة متنقلة وتوفر البترول والغاز المنزلي بأسعار مضاعفة حيث وصل سعر البترول 20 ليتر إلى «17,000ريال» بعد أن كان تم تثبيت سعرها «85,00 ريال» وتتفاوت الأسعار من محافظة إلى أخرى.

وسبق أزمة انعدام البترول اختفاء لمادة الديزل والتي وصل سعرها في السوق السوداء إلى «14,000ريال» بعد أن كانت متوفرة بالسوق بسعر «7,000»، بالتزامن مع أزمتي انعدام وقود البنزين والديزل، يعاني السكان من عدم توفر الغاز المنزلي، ووصل سعر الأسطوانة (20 ليتراً) في السوق السوداء إلى «8,000 ريال» بعد أن تم تثبيت سعرها «3,000ريال» مما شكل أزمة للسكان فاقم معاناتهم.
 
ويعزو كثير من المراقبين انتشار السوق السوداء بالتزامن مع الأزمة عبارة عن حيلة من ميلشيات الحوثي عبر سماسرة وتجار تابعين لهم يعملون على تموين الأسواق الموازية وإقفال المحطات الرئيسة للحصول على أموال مضاعفة لصالح جبهات قتال كمجهود حربي.
 
وتحتجز مليشيات الحوثي أكثر من «200ناقلة» محملة بالمشتقات النفطية والمواد الغذائي محافظة البيضاء (وسط اليمن)، قادمة من طريق مأرب وحضرموت والمهرة، حيث تهدف الميلشيات إلى إحداث أزمة كبيرة في المشتقات النفطية لاستعطاف الرأي العام من أجل وقف معركة تحرير الحديدة.
 
فعاليات مستفزة للمواطنين

وبالتزامن من تلك الأزمات التي يعيشها المواطنون في صنعاء تعمل ميلشيات الحوثي على التحشيد الشعبي للاحتفال في مناسبتين متزامنين وهي «يوم عاشورا» والتي ستكون اليوم الخميس 20 سبتمبر/ أيلول، وهي مناسبة دينية طائفية تحوي ممارسات خرافية إحياء لمقتل الحسين في معركة كربلاء ويعد يوم حزن عند الشيعة، وهي فعالية دخليه على ثقافة اليمنيين.
 
ويعتزم الحوثيون أيضاً الاحتفال بذكرى انقلابهم على الدولة والسيطرة على صنعاء في 21 سبتمبر/ أيلول 2014، حيث نظموا قبلها اعتصامات مطالبين بإسقاط الجرعة على المشتقات النفطية حينها، وتحت هذا الشعار سيطروا على الدولة بالسلاح وعلى إثره تدور الحرب في البلاد منذ أربع سنوات، وارتفع سعر المشتقات النفطية بنسبة 600% عقب انقلابهم، ولايزالون يحتفلون انهم حققوا إنجازاً.
 
ويسخر مواطنون من احتفالات الحوثيين الباذخة والتي تكلف عشرات الملايين في الوقت الذي لم يصنعوا إلل الدمار الكلي للبلاد ومعيشية الناس التي تتدهور كل يوم، في الوقت الذي يعتقدون أن ثورتهم (الانقلاب) نجحت في سيطرتهم فقط. لكن شعاراتها كانت زائفة كلياً وهو ما اتضح للكثير من الناس الذين يعيشون زمن الميلشيات وتتزامن هذا العام مع أزمة خانقة بالمشتقات النفطية التي كانت عنوان احتجاجاتهم التي انتهت بانقلاب مسلح دمر كل شيء.