يزدحم مركز الغسيل الكلوي في مستشفى الثورة في إب بالكثير من المرضى الذين نزحوا حديثاً من الحُديدة، حيث تمتلئ الكراسي في مركز غسيل الكلى الجديد بالكامل، ولهذا يتلقى المرضى القادمين من الحديدة جلسات غسيل الكلى ليلاً في المبنى القديم الذي يحتوي على المعدات القديمة فقط.
يضطر جيلان محمد للذهاب إلى مستشفى الجمهوري في صنعاء سيراً على الأقدام لمدة ساعتين حتى يصل لتلقي جلسات الغسيل الكلوي، لأنه بسهولة لا يستطيع تحمل تكاليف المواصلات.
وبسبب إصابته بالفشل الكلوي، انتقل جيلان، 28 عاماً، من تعز إلى صنعاء بعد إغلاق مركز غسيل الكلى في تعز بسبب النزاع المستمر في المدينة: "لم يعد باستطاعتي المشي، ولكن يجب أن أذهب إلى المستشفى فلم أعد أحتمل الألم أكثر من ذلك".
ويضيف: "عندما انتقلت إلى صنعاء لتلقي العلاج، اتخذت ملجأً في إحدى مواقف السيارات الواقعة في حي فج عطان، وهي منطقة غير آمنة على الإطلاق، ولكن ما باليد حيلة فأنا لا أستطيع تحمل تكاليف المكوث في سكن آمن".
وقبل اندلاع الحرب، كان جيلان يملك مصدر دخل، ولكنه الآن فقد كل شئ. "لحسن الحظ أن العلاج مجاني، وإلا لكنت فارقت الحياة منذ زمن طويل".
مثل جيلان، يُصارع حوالي 5200 من مرضى الفشل الكلوي لتأمين تكاليف جلسات الغسيل الكلوي.
رحلة علاج طويلة
تُسافر سعود العزاني من محافظة إب إلى صنعاء خصيصاً لتلقي جلسات غسيل الكلى في مستشفى الجمهوري بصنعاء. وتقول: "السفر من إب إلى صنعاء أسبوعياً لتلقي العلاج مرهق للغاية ويزيد من وجعي، لكن ليس لدينا خيار آخر فنحن لا نستطيع تحمل نفقات المعيشة المكلفة في صنعاء".
وتوضح: "لا أستطيع وصف مدى صعوبة الانتظار لتلقي جلسة الغسيل، فبالكاد أتحمل ألم المرض، أما الانتظار لساعات طويلة فهو فوق طاقتي".
المعاناة التي يمر بها مرضى الفشل الكلوي شديدة، ولا تقتصر هذه المعاناة على الألم الشديد الذي يمر به المرضى، فالأعباء المالية وتكاليف العلاج الباهضة أضافت هماً آخر على المرضى.
عبدالرحمن القديمي لم يعد بمقدوره إعالة أبنائه التسعة وأبويه المريضين، فقد انتقل عبدالرحمن منذ أن تم تشخيص حالته بالفشل الكلوي إلى صنعاء منذ عامين تاركاً عائلته وراءه دون عائل.
يقول عبدالرحمن: "أشعر بالمرض والتعب الشديد ولا أستطيع حتى المشى بسبب الألم في ساقي، أتمنى أن يكون بجانبي أحد أبنائي ليهتم بي، ولكن من المستحيل إحضار أحدهم لرعايتي، فأنا أقيم مع أقاربي ولا أستطيع أبداً تحمل تكاليف السكن".
وتعاني مراكز غسيل الكلى من تعثر الميزانية التشغيلية لضمان بقاء أبوابها مفتوحة لمنع الموت البطى لهؤلاء المرضى. وتحتوي هذه المراكز على أجهزة قديمة تعمل على مدار الساعة بسبب زيادة المرضى في جميع أنحاء اليمن، حيث انتقل معظمهم للمدن الكبرى لتلقي العلاج.
ويقول ممثل منظمة الصحة العالمية في اليمن الدكتور نيفيو زاغاريا: "لا يمكنني تخيل شكل حياة مرضى الفشل الكلوي الذين يحصلون على جلسات الغسيل مرة أو مرتين في الأسبوع، فيما كل ما يحتاجه هؤلاء ? جلسات غسيل أسبوعياً".
مراكز غسيل الكلى المثقلة بالنازحين الجدد
يقول حمدان علي الذي يعاني من الفشل الكلوي، بالإضافة إلى إصابة في ساقه أثناء هروبه من الحرب في الحديدة: "كنا نعاني من صعوبة الحصول على العلاج حتى قبل اشتداد الحرب في الحديدة، أما الآن فيجب علينا حضور جلسات خاصة لغسيل الكلى في الليل".
"كانت لدي القدرة على العمل في الحديدة حتى لبضع ساعات لتوفير قيمة المواصلات إلى مركز غسيل الكلى، لكني الآن لا أملك المال حتى لشراء الطعام لعائلتي"، يضيف حمدان.
ويواجه مرضى الفشل الكلوي الذين يبلغ عددهم حوالي 5200 مريض، خطر الموت المستمر بسبب النقص الشديد في إمدادات غسيل الكلى التي لا تكفي البتة لتغطية احتياج 700,000 جلسة غسيل سنوياً. ويستمر النزاع في مفاقمة الوضع الصحي، حيث تم إغلاق 4 مراكز من أصل 32 مركزاً في البلاد، تاركاً بقية المراكز تعاني من نقص حاد في المعدات والإمدادات.
وخلال عام 2017، قدمت منظمة الصحة العالمية إمدادات غسيل الكلى لدعم 15000 جلسة لغسيل الكلى في صنعاء والحديدة. وخلال هذا العام، تمكنت المنظمة من تقديم المستلزمات الطبية الكافية لتقديم 60 ألف جلسة غسيل كلوي لجميع مراكز غسيل الكلى في اليمن المحتاجة لهذه المستلزمات لتغطية الحاجة الماسة لأكثر من 5000 مريض.
وتأتي هذه الخطوة الطارئة بسبب النقص الحاد في مستلزمات الغسيل الكلوي. كما وجهت منظمة الصحة العالمية نداءً دولياً للقطاع الخاص لعمل سعر خاص للوزام الطبية الخاصة بالغسيل الكلوي نتيجة للوضع الإنساني وذلك للسماح بالبدء في عملية شراء كبيرة لتغطية الاحتياجات لسنة كاملة.
وتمكنت منظمة الصحة العالمية من تقديم الدعم لمراكز غسيل الكلى بفضل التمويل المقدم من مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية والإمارات العربية المتحدة لدعم خطة الاستجابة الإنسانية للأمم المتحدة للعام 2018 في اليمن.
ومع ذلك، وبسبب تصاعد الصراع الذي يزيد من تفاقم الوضع الكارثي، تظل الاحتياجات ملحة وما تم توفيره لا يكفي أبداً.
المصدر: نقلا من موقع منظمة الصحة العالمية