أشادت مجلة "ذا إيكونوميست" البريطانية بتجربة مدينة المكلا في حضرموت (شرق اليمن) في مساعيها الرامية لمنع حمل السلاح في الاماكن العامة في المدينة وقالت "أن ذلك هو ما يجعل من المكلا مدينة استثنائية ومميزة خصوصاً أن ذلك يحدث في بلد يعج بالأسلحة المنتشرة في أوساط الشعب والمملوكة لجهات غير حكومية.
وأضاف التقرير الذي نشرته المجلة البريطانية الشهيرة تحت عنوان (اليمن يحاول السيطرة على حمل السلاح) وترجمة "يمن شباب نت" في حضرموت يحدث تماما ً كما هو غير متوقع أن تراه في بلد تعج بالبنادق، ويعيش حالة حرب، بين القوات الحكومة والمتمردون الحوثيون.
لكن ليس فقط المقاتلين من يحمل السلاح فالبلاد تحوي كما هائلاً من البنادق المملوكة للقطاع الخاص على المستوى الشخصي بشكل يفوق كل الدول عدا أمريكا التي يستطيع فيها محبي البنادق المرفهين حيازة عدد من البنادق أكثر بكثير.
فالعديد من اليمنيين يحملون بنادقهم على أكتافهم أو يضعون مسدساتهم على بناطيلهم قبل الخروج كما تبيع الأسواق كل شيء من المسدسات إلى البازوكا ولا يمكنك التجوال بعيدا في معظم المدن دون رؤية شخص يحمل بندقية.
وأبدى كاتب التقرير إعجابه بجهود حظر حمل السلاح في المكلا باعتبار أن "ذلك هو ما يجعل من المكلا عاصمة محافظة حضرموت على الساحل الجنوبي مدينة استثنائية، فالأشخاص الوحيدون الذين يحملون البنادق يرتدون الزي العسكري وتحذر اللافتات المدنيين من حمل السلاح في الأماكن العامة كما يتوجب على الراغبين في دخول المكلا تسليم أسلحتهم في إحدى نقاط التفتيش العديدة.
وبطريقة مماثلة لترتيب حجرة المعاطف، يقوم الجنود بتوزيع الامانات بحيث يتسنى للمالكين استعادة أسلحتهم عند المغادرة، وتحتوي حاوية تخزين عند نقطة التفتيش في منطقة الصلَب على ما يكفي من الأسلحة المصادرة التي كانت في طريقها لميليشيا مسلحة.
وسيطر في العام 2015 تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية على المكلا في محاولة لاقتطاع إمارة بعيدة عن ساحات القتال إلى الغرب، وبعد عام من ذلك، تمكن مجندون يمنيون بتدريب ودعم من الإمارات العربية المتحدة وقواتها الخاصة من انتزاع السيطرة على الجنوب وطرد الجهاديين.
وقد أدى القتال إلى تدفق الأسلحة، كما يقول اللواء عمر أحمد بادوبيس الذي يدير العمليات في الجزء الجنوبي من حضرموت. ومع ذلك ظلت المدينة هادئة نسبيا منذ ذلك الحين في حين يهدف الحظر المفروض على حمل الأسلحة في الأماكن العامة إلى إبقاء الأمر مستمراً على هذا النحو.
ولفت تقرير المجلة الى أنه لم تحاول أي مدينة أخرى في اليمن القيام بتجربة كهذه، مبرراً ذلك بالقول بأنه "ربما أنها لن تنجح في أي مكان آخر في اليمن حيث يقول أحد سكان المكلا قوله "في أماكن أخرى، لا تثبت الرجولة الا بحمل السلاح".
وتابع التقرير "كما انه (حمل السلاح) أيضا يمثل الطريقة التي تظهر بها القبائل قوتها غير انه في ظل وجود روابط قوية مع الهند فقد كانت المكلا متميزة لأجيال عديدة". مضيفاً "في ثلاثينيات القرن العشرين، أنشأت بريطانيا ودعمت مجموعة من البدو الحضارم بهدف التأثير على القبائل المحلية لتوقيع الهدنات حيث كانت النتيجة الثابتة هي قبائل ضعيفة ونزاعات أقل وبالتالي ثقافة تسلحيه اقل.
ونقل التقرير عن فرج البحسني محافظ حضرموت قوله "حتى في النزاعات القبلية يتراجع الناس عن القتال ويذهبون إلى المحاكم بدلاً من ذلك".
وأختتم التقرير "لقد سار حظر حمل الاسلحة بشكل جيد مع الحضارم الذين يعتبرون أنفسهم فريدين حيث يقول أبو بكر وهو تاجر في المكلا، إنهم أقل طموحاً سياسياً وبالتالي أكثر سلماً من معظم اليمنيين ويحظى المذهب الإسلامي الصوفي بشعبية كبيرة في المنطقة ويعود الفضل له في توجيه الناس بعيداً عن الأسلحة حيث يضيف التاجر أبو بكر: "الأمر بسيط للغاية وهو اننا لا نحب حمل السلاح، ليت باقي اليمنيين يشاركونني الشعور ذاته".