تتوسع دائرة تصنيف الحوثيين في أوساط المجتمع كجماعة متمردة وانقلابية تمارس العنف لتحقيق أهدافها، حيث تعمل على استقطاب الشباب للقتال في صفوفها مما يجعل مصيرهم الحتمي هو الموت، وهو ما رسخ ثقافة شعبية أن الالتحاق بصفوف الحوثيين خطوة أولى نحو الموت، وهو ما جعل كثير من الأولاد يعملون على ابتزاز أسرهم بالانضمام إلى الحوثيين إذا طلب منهم شيئاً ولم ينفذوه.
وانتشرت الظاهرة بشكل لافت في أوساط الشباب المراهقين في العاصمة صنعاء التي يسيطر عليها الحوثيون، حيث التحقوا بصفوف الحوثيين ليس اقتناعا بأفكارهم إنما تمرداً على أسرهم التي لا ترغب في ذلك، غير ان الحوثيين استغلوا كثير من أولئك الشباب في تجنيدهم واخضاعهم لدورات مكثفة ومغلقة لمدة أيام لإقناعهم بأفكارهم الطائفية ومن ثم ضمهم إلى صفوفها لممارسة مهام معينة ومن ضمنها الزج بها في الجبهات للقتال.
وتخشى كثير من الأسر على أبناءها من الانضمام إلى صفوف الحوثيين بسبب ما يلحق بالأسرة من فقدان لابنهم إذا ما تم تجنيده ضمن الميلشيات المقاتلة، بالإضافة إلى أضرار معنوية إثر ضياع مستقبل ابنهم واهتمامه بأفكار طائفية تحاول الميلشيات نشرها في المجتمع باستخدام جميع الوسائل المتاحة، في ظل توسع الرفض الشعبي لتلك الممارسات التي تقوض تماسك المجتمع.
أخشى على ولدي من الموت
"أم عمرو" (42عام) كشفت في حديث لـ "يمن شباب نت" عن محاولات ابنها المتكررة تهديدها بالالتحاق بالحوثيين للقتال في صفوفهم، بسبب رفضها خطوبته من إحدى الفتيات وعدم موافقتها على ارتباطه في الوقت الحالي حتى يكمل دراسته الجامعية والتي لم يبدأها بعد حيث لا يزال طالب في الثانوية العامة.
وقالت "أخشى على ولدي من الموت بعد التحاقه بصفوف الحوثيين الذين لا يمكنهم تقديم أي شيء مفيد لابني الوحيد يخدمه مستقبلا سوى أفكار طائفية وتعبئة للقتال مما يجعل تفكيره عنيف وقد أفقده في أي وقت".
وأشارت أم عمرو "أن ولدها يهددها كل مره بأنه سيكون حوثياً وسيذهب للقتال ويغادر المنزل غاضباً منها، ومره واحدة فقط جلس لأيام يحضر فعاليات للحوثيين لكنه عاد إليها لأنه غير مقتنع بأفكارهم نهائياً لكني لازلت أخشى عليه".
طريقة ابتزاز الأبناء لأهاليهم بالانضمام في صفوف الحوثيين هي الطريقة السهلة للحصول على متطلباتهم، أو انفراط العقد الاجتماعي بين الأسر والابن المتمرد الذي يلتحق ضمن دورات توعية تسميها الميلشيات "دورات ثقافية".
الحوثية فكره منبوذة
وتخشى كثير من الأسر في صنعاء على أبناءها المراهقين من الانضمام في صفوف الحوثيين وخاصة أولئك الذين حالتهم المعيشية سيئة لأنهم يكونون أسهل للاستقطاب من خلال الإغراء بالوظيفة والمال، ولأن كثير من المواطنين يرون أن الالتحاق في صفوف ميلشيات الحوثي فكرة انتحارية تودي بالشباب إلى الضياع.
ويسبب الأبناء المنضويين مبكرا ضمن صفوف الحوثيين مشاكل كبيرة لأسرهم حيث يواجه كل أفراد الأسرة بأفكاره المتطرفة من خلال التعامل بصرامة تطبيقاً لفتاوى فقهية يتلاقها الأفراد الحوثيين من رموز طائفية يعملون على تغيير مفاهيمهم بشكل كلي، وهو ما يجعل أولياء الأمور يتجنبون ترك أبنائهم فريسه للاستقطاب.
الالتحاق بصفوف ميلشيات الحوثي تمثل فكرة مرعبة لـ "خالد الهمداني" (47عام) حيث يخشى دائما على أبناءه الذين بدأوا الدخول في سن المراهقة وبسبب عمليات التحشيد للمقاتلين والأنصار باعتماد طرق مختلفة تجعل من الشباب يتأثرون بشكل سريع ويندفعون لتصديق الحوثيين بسبب حالة الفراغ الطويلة في أوقات الشباب والحياة الجامدة بسبب الحرب.
وقال الهمداني الذي يعمل مدرساً في حديث لـ"يمن شباب نت" أن الحوثية بالأصل فكرة منبوذة في المجتمع وعندما سيطروا على مؤسسات الدولة وتعامل الناس معهم عُرفوا أكثر لدى اليمنيين كيف أن من يحمل السلاح ليسيطر على الحكم لا يمكن أن يبنى أو يحقق الاستقرار.
التجنيد عند الحوثيين
يستخدم الحوثيون طُرق مختلفة وحيل متنوعة لاستقطاب الشباب والمراهقين إلى صفوفهم، ورغم أن أكثر مجنديهم من المناطق والمحافظات النائية التي يقل فيها نسبة المتعلمين ويوجد عزوف عن التعليم فيها منذ عقود في محافظات شمال الشمال، غير أنهم ومع سيطرتهم على صنعاء توسعوا في جلب مناصرين حتى في عمق المدن الرئيسة في اليمن.
وينشط الحوثيون في العاصمة صنعاء ومحيطها القبلي لجلب أنصار ومجندين يعملون على تأهيلهم خلال فترة محدودة، مستغلين الظروف التي تواجه الشباب والمراهقين ومنها البطالة وتدهور التعليم في المدارس، بالإضافة إلى الفقر وأيضاً المتمردين عن أهاليهم بسبب مشاكل أسرية، كل أولئك صيد ثمين للحوثيين لضمهم إليهم وتوعيتهم بالطريقة التي يريدونها.
ووفقا لإحصائيات جند الحوثيين ما يزيد عن 23 ألف طفل، بصورة مخالفة للاتفاقيات الدولية، وقوانين حماية حقوق الطفل، منهم ألفان و500 طفل منذ بداية العام الحالي 2018، ويستغل الحوثيون حالة الناس المادية المتدهورة لجلب المقاتلين من خلال وعودهم براتب شهر وتوفير مصاريفهم اليومية.