نشرت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية تقريرا، سلطت من خلاله الضوء على انطباع أحد مصوريها الصحفيين عن العاصمة اليمنية صنعاء الواقعة تحت سيطرة المليشيا الانقلابية ومدينة عدن التي اتخذتها الحكومة الشرعية عاصمة مؤقتة لها، والذي أبرز أوجه التشابه والاختلاف بين المدينتين.
وقال التقرير الذي ترجمه "يمن شباب نت " إنه خلال شهر مايو الماضي، قام المصور لورينزو توغنولي في مهمة تابعة لصحيفة واشنطن بوست، بزيارة اليمن حيث كتب عن الأزمة الإنسانية الناجمة عن الصراع السياسي المستمر والغارات الجوية للتحالف التي ضربت البلاد على مدى الأشهر والسنوات القليلة الماضية.
وأوضح التقرير أن الزيارة أتت باعتبارها جزءاً من مهرجان فيزا بور للتصوير الصحفي لهذا العام في بربينيان بفرنسا حيث يعكس الصحفي توجنولي الجوانب المتناقضة لمدينتي اليمن الرئيسيتين، عدن وصنعاء، اللتين وجدتا نفسيهما في قلب الأزمات السياسية والإنسانية التي يشهدها اليمن حالياً:
في البداية تبدو مدينتي عدن وصنعاء كمدن متناقضة. ففي حين تحاط الأولى بالبحر، تحيط الجبال بالمدينة الأخرى وبينما تتلون الأولى باللونين الأبيض والأزرق لخليج عدن، تكتسي الأخرى باللونين الأخضر والبني للجبال والمدينة القديمة .
عند إلقاء نظرة فاحصة، تبدأ تلك التباينات بالتلاشي. فكلا المدينتين تحتضن لوحات إعلانية تضم صوراً لأبطال وشهداء ملتحين. كما تنتشر في كلا المدينتين نقاط التفتيش والمباني التي تعرضت للدمار جراء الحرب. ويتجول المراهقون الذين يحملون بنادق الكلاشينكوف ويرتدون أحذية خفيفة ورقيقة في المدينتين ومطاعمهما. ويناوبون في نقاط التفتيش. أنهم فقط يرتدون زياً مختلفاً".
وترزح عاصمتا نصفي الدولة اليمنية تحت رحمة الحرب، وكلتاهما تستند على أسس وقواعد هشة؛ فكلا الطرفان المتحاربان ممزقين بين حلفاء ذوي مصالح متباينة. ولذا فإن الشعور بعدم الأمان موجود دائمًا، وأحيانًا ينفجر إلى عنف مباشر".
وبالنسبة للمصور، تعد صنعاء مدينة صعبة للتجوال فيها. حيث يفرض المتمردون الحوثيون رقابة على الصحفيين مشابهة للطريقة الإيرانية: فالعاملين لدى السلطات دائماً بجانبك، وموظفو الفنادق مهتمون بالتحقق من تحركاتك أكثر من الضيافة، وبطبيعة الحال يعد هوس الخوف من التصوير والجواسيس موجوداً في كل مكان.
كما هو الحال في سوريا التي يتزعمها بشار الأسد، يتخوف الناس من أن يكون حارسي الشخصي الحكومي جاسوساً في واقع الأمر بحيث سيقضي كل وقته في إعطاء تفسيرات وتوضيحات لأي شخص يظهر على الكاميرا.
وبمجرد أن أخرج من السيارة، يطلب كل جندي أراه أن يرى تراخيص رسمية ويسأل عما أفعله أو يقوم بدردشة فقط للتأكد من أنني أعترف بسلطتهم. أحيانا ولسوء الحظ تنتهي فترة الترخيص بزيارة مكان ما قبل أن يُسمح لي بإخراج الكاميرا للتصوير.
أما عدن فتبدو للوهلة الأولى أكثر استرخاء فالأسواق تشهد ازدحاماً بالبضائع حتى لو كانت السلع غالية الثمن في كثير من الأحيان بالنسبة للكثيرين. كما لا توجد هنالك غارات جوية سعودية ،غير أنها ليست بمنأى عن (تداعيات )الحرب.
فالمستشفيات تعاني من نقص في الموظفين وتكتظ بأعداد كبيرة من اللاجئين الذين يعانون من سوء التغذية في حين يشهد خارج المدينة تزايداً في مخيمات اللاجئين يوما بعد يوم.
وحتى وسط المدينة ليس مستقراً. حيث في إحدى الأمسيات، كنا نسير في منطقة مزدحمة من المدينة حيث يتجمع الشباب في المقاهي الأنيقة أو حول طاولات البلياردو الموضوعة على جانب الطريق، وبعد بضعة أيام اكتشفنا أن واحدة من عمليات الاغتيال الأخيرة جرت في الشارع نفسه.
وكما يحدث في كثير من الأحيان في بلدان غير مستقرة تكون الشعوب أكثر ترحيباً وكرماً من السياسيين.
وبالعودة إلى صنعاء حيث يرحب سكان المدينة القديمة فيها بالمصور ذي المظهر الغربي حتى بالرغم من رش كتابات "الموت لأمريكا" على كل متجر ومنزل. وقد أراد أحد الشبان الذين اقتربوا مني ممارسة لغته الإنجليزية وهو يتفاخر بأصدقائه على الفيس بوك في الولايات المتحدة.
في الحقيقة اليمنيون على وجه الخصوص هم أشخاص طيبون وذو صدور رحبة.
*"يمن شباب نت" يعيد نشر الصور التي التقطها مصو الواشنطن بوست "لورينزو توغنولي"