اشار تقرير نشره موقع "استراتيجي بيج" الأمريكي، الى انه ومنذ أوائل عام 2017 "أصبحت القبائل السنية الانفصالية في الجنوب أكثر عدائية للحكومة، وأكثر استعدادًا لتحمل وجود الإرهابيين الإسلاميين، خاصة إذا كانت هذه الجماعات تضم في صفوفها بعض السكان المحليين، وتعرف كيف تتصرف".
وقال التقرير إنه بحلول عام 2017، تحولت الحرب في اليمن إلى صراعين منفصلين. ففي الشمال الغربي وعلى طول ساحل البحر الأحمر هناك متمردون شيعة، مدعومون من إيران، يقاتلون الحكومة اليمنية المدعومة من المملكة العربية السعودية (وحلفائهم المحليين بالإضافة إلى الولايات المتحدة). في حين أن باقي اليمن يعتبر ساحة لمعركة بين الحكومة اليمنية (مدعومة من قبل التحالف السعودي)، وبين الانفصاليين القبليين اليمنيين، الذين غالباً ما يستضيفون فصائل القاعدة في شبه الجزيرة العربية.
وفي السابق- يشير التقرير- إلى أن اليمن قلما كان موحدا حيث كانت الانفصالية تقسم البلاد بين الشمال (حيث معظم الشيعة) والجنوب (الذين يعد معظمهم من القبائل العربية السنية). وأن الحرب الأهلية الراهنة ليست فريدة، إذ سبقتها حرب أهلية في التسعينيات.
وأضاف أن ذلك يأتي "في الوقت الذي يعاني فيه اليمن من مشاكل اقتصادية واجتماعية خطيرة والتي تزداد سوءًا نتيجة الاضطرابات التي شهدها البلد منذ ربيع العرب عام 2011 (والحرب الأهلية الحالية منذ 2015). فقبل أن تبدأ الحرب الأهلية عام 2011، بلغ الناتج المحلي الإجمالي اليمني 37 مليار دولار. أما الأن فقد تراجع الى أقل من نصف ذلك وما زال ينخفض. في حين أن الجوع والمرض آخذين في الازدياد مع حالات الوفاة المرتبطة بهما. وغالبا ما يتم نهب جهود المساعدات الخارجية من قبل السكان المحليين. فاليمن منذ فترة طويلة تعتبر واحدة من أكثر الدول فسادا على هذا الكوكب. وفي عام 2016، احتلت اليمن المرتبة 170 من أصل 176 دولة (في مؤشر الفساد الدولي). ويتفق معظم اليمنيين على أن الفساد مشكلة كبيرة. ومع ذلك فإن معظم اليمنيين أقل استعداداً للاعتراف بأن اليمن ليس دولة، بل مجموعة من القبائل التي لا تتفق ولا يمكنها الاتفاق على كيفية العمل المشترك لإنجاح اليمن الموحد".
ولفت التقرير الى انه في حين أن معظم الذكور البالغين في اليمن مسلحون (حيث يعد ذلك تقليد قديم)، فإن القليل من هؤلاء الرجال المسلحين من يشكلون جنودا مدربين أو حتى أعضاء في وحدة قتالية منظمة. وما هو حاصل فعلا هو أن هناك الكثير من زعماء القبائل المحليين الذين بإمكانهم على نحو سريع تنظيم بضع عشرات إلى بضع مئات من الرجال المسلحين لمعارضة شخص يخشونه أو ببساطة لا يحبونه. وهذا يعني، وكان يعني دائما، أن اليمن لم يكن لديها قوات أمنية كافية (جنود أو شرطة يمكن الاعتماد عليهم) لفرض النظام في حال اختلفت قطاعات كبيرة من السكان مع الحكومة المركزية. ولطالما كانت تلك هي المشكلة مع القبائل الشيعية في الشمال والعديد من القبائل السنية في الجنوب والجنوب الشرقي. منذ عام 2011، كانت هاتان المجموعتان مستاءتين للغاية ومنذ أوائل عام 2017 أصبحت القبائل السنية الانفصالية في الجنوب أكثر عدائية للحكومة وأكثر استعدادًا لتحمل وجود الإرهابيين الإسلاميين، خاصة إذا كانت هذه الجماعات تحتوي بعض السكان المحليين وتعرف كيف تحسن التصرف.
وخلص التقرير الى انه "وبسبب ذلك العجز الحكومي في فرض الوجود وضبط النظام في جزء كبير من البلاد، أصبح هنالك مناطق واسعة يمكن للجماعات المسلحة التنقل فيها بحرية (أحيانًا في الليل فقط) وبالتالي تهديد أدعاء الحكومة بأن المنطقة تخضع لحكمها لأنها لم تعد تحت سيطرة متمردون شيعة أو جماعات ارهابية إسلامية. ويبدوا ذلك جليا في الجنوب الغربي حيث لا يزال المتمردون الشيعة وحلفاء محليون يتجولون. وهناك وضع مماثل واضح في الجنوب الشرقي حيث توجد مناطق كبيرة على طول الساحل بين أكبر ميناءين في البلاد (عدن والمكلا) وهي موطن القبائل الانفصالية التي ليست فقط معادية للحكومة ولكنها غالباً ما تكون مستعدة لتحمل وجود مجاميع القاعدة في شبه الجزيرة العربية.
وهو الامر- بحسب التقرير- الذي نجم عنه سيطرة تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية على أراضٍ أكثر من المتمردين الشيعة حتى ابريل 2016. وشمل ذلك ميناء المكلا في الجنوب الشرقي، على بعد 600 كيلومتر من الشريط الساحلي والكثير من المناطق المحيطة بمحافظة حضرموت. حيث سيطرت القاعدة على المكلا في أبريل 2015. ولأكثر من عام سيطر تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية على معظم الطرق القريبة من الساحل الجنوبي الشرقي.
ويشير التقرير إلى أنه ونتيجة لذلك تعرضت القوات الحكومية وجهات أخرى للهجوم، أو مطالب بتقديم مساهمة نقدية أو بضائع قبل المرور بسلام. وكنتيجة لذلك تحتم على القوات الحكومية أن تتحرك في قوافل مدججة بالسلاح لتجنب الكمائن أو محاولات الابتزاز.
كما أشار التقرير إلى أن قوافل المساعدات خضعت بدورها أيضا لمطالبة بـ"الضرائب". حيث كانت القاعدة في شبه الجزيرة العربية تحاول أن تعمل كحكومة في الجنوب الشرقي ولكن تمت إعاقتها بسبب شح في الأموال وهجمات جوية منتظمة من قبل الطائرات الحربية العربية والطائرات الأمريكية بدون طيار. وحصلت القاعدة في شبه الجزيرة العربية على معظم الأموال اللازمة لتشغيل "حكومتها" عن طريق فرض ضرائب على كل شيء (السلع التجارية ولوازم المساعدات) التي تأتي من خلال المكلا.
ولفت التقرير إلى أن هذا الدخل قد مكَّن القاعدة في شبه الجزيرة العربية من دفع أجور معظم موظفيها "الحكوميين" بانتظام. ويضيف: "وبحلول نهاية أبريل / نيسان 2016، فقدت القاعدة في شبه الجزيرة العربية السيطرة على مدينة المكلا لتفقد بذلك مصدرا رئيسيا للدخل. وبعد أن تم تشتيت القاعدة في شبه الجزيرة العربية إلى الريف لتبحث بعد ذلك بنشاط عن حلفاء وجدتهم اخيرا بين زعماء القبائل الانفصالية. اذ انه ولهذا السبب لا يزال بإمكان القاعدة في جزيرة العرب أن تتنقل بانتظام من المناطق الواقعة شمال مدينة المكلا على طول الطريق إلى الشمال حتى الحدود السعودية أو على طول الطريق غربًا إلى ضواحي عدن."
ونوه التقرير الى انه منذ أوائل عام 2017 كانت الطائرات الأمريكية بدون طيار أكثر نشاطًا في هذه المناطق تراقب الحركة وتنفذ المزيد من الهجمات الصاروخية على أفراد القاعدة في شبه الجزيرة العربية. لكن وفي معظم الحالات كان يبدو بان رجال القبائل المحليين وافراد القاعدة يتشابهون من الجو ويتطلب الأمر تنصتا الكترونيا وبعض المخبرين على الأرض لتحديد السيارات التي تحمل أعضاء في القاعدة في جزيرة العرب فقط والذين يستحقون إطلاق صاروخ أو اثنين.
وأوضح التقرير: "بين القبائل المتمردة في الغرب والقبائل الانفصالية في الشرق، توجد منطقة كبيرة تمتد من الساحل الشمالي إلى الحدود السعودية تخضع لسيطرة الحكومة. ويعود ذلك إلى حد كبير إلى وجود زعماء قبليين مسالمين (وغالباً ما يتم تعويضهم بشكل جيد). ونتيجة لذلك تتواجد القوات الحكومية حاليا على بعد 20 كيلومتراً من العاصمة التي يسيطر عليها المتمردون وتبعد بمسافة أقرب من ذلك عن موانئ البحر الأحمر المتبقية التي يحتفظ بها المتمردون الحوثيون ويستخدمونها لجمع الأموال وتقوم إيران من خلالها بتهريب الإمدادات العسكرية. وقد شمل ذلك، حتى الآن، مكونات لأكثر من مائة صاروخ باليستي يتم تجميعها في اليمن بمساعدة مستشارين إيرانيين ومن ثم إطلاقها على أهداف في المملكة العربية السعودية. وكل هذه الصواريخ سقطت في الصحراء الفارغة أو تم اعتراضها من قبل صواريخ باتريوت الأمريكية المضادة للصواريخ التي تتحكم بها السعودية".
وأختتم التقرير بالقول: "مع ذلك، وفي معظم اليمن تمثل السلاح الأقوى في المال. فإذا كنت ترغب في جعل معسكرات القاعدة في شبه الجزيرة العربية بعيدة عن الطرق أو المنشآت النفطية المهمة، فإن المبالغ النقدية الكبيرة تعتبر أكثر فعالية، وبعكس القنابل الذكية، فإنها تتجنب حدوث أي إصابات في صفوف المدنيين. ويهذاعد ذلك الاستخدام للرشاوى بدلاً من سفك الدماء، تقليدا قديما في جميع أنحاء العالم وخاصة في الجزيرة العربية".
- لقراءة التقرير كاملا من مصدره الأصلي هنا