قبل هذه الصورة كانت هناك أسرة ريفية متكاملة مكونة من أب وأربعة أبناء، وكان لهم أحلام وأماني، المستقبل يرضخ مجبراً لطموحاتهم، وأرضهم القاحلة الرخيصة التي أفنوا عمرهم لأجلها تنتظرهم ليعمروها فتكون لها قيمة بما بذروا فيها من زرع.
فجأة تحطمت كل الأحلام وذبلت كل الأماني وسالت كأودية من دم على تراب الأرض "موطنهم الأخير" بعد أن تلاشى الوطن وغابت الدولة التي كانت تحميهم، أسرة تفنى خلال دقائق تنتهي في لحظات، تم تصفيتها بسلاح الطمع ورصاص الجشع وتحت حماية الفوضى التي اجتاحت البلد.
أسرة "الصايدي" قصة وجع ماتت في لحظة نكوص عن الدولة وجحود بها وإيمان مطلق بالبندقية، التي لم تجلب للناس سوى المأساة، قصة ألم أفصحت عن نفسها وخرجت للإعلام، فيما العشرات من مثيلاتها تحدث من دون أن ترى النور ولا يسمع بها أحد.
تصفية أسرة
في مشهد تراجيدي تناثرت دماء أب وأربعة أولادة في إحدى مساءات إب الدموية، قتلت أسرة كاملة من بيت "الصايدي" في وادي اللحاء، بمنطقة العلوب، أمام قرية بيت الأشول في مديرية النادرة، شرق المحافظة، برصاص عصابة مسلحة حاولت السطو على أرضيتهم، مساء الأربعاء 18 يوليو/ شباط الجاري.
وقالت مصادر خاصة لـ"يمن شباب نت" هاجم مسلحون من أسرة "آل فاضل" المواطن "علي عبده سيف الصايدي" وأبنائه وأطلقوا عليهم النار أثناء حمايتهم لأرضهم ـ محل النزاع ـ فقتل الأب وأبنائه الثلاثة" صبّاح ـ غمدان ـ أكرم" على الفور، فيما لحق بهم في ثاني الأيام النجل الرابع" نجم الدين" بعد يوم من إصابته.
المصادر أكدت أن مجموعة مسلحة باغتت الأسرة "المغدور بها" فأطلقت عليهم زخات من الرصاص مباشرة في مواضع قاتلة كانت كفيلة أن تقتل كافة الأسرة، وبحسب معاينة الأطباء والمباحث فإن كل الطلقات قاتلة وكان مقصدها القتل بالنظر إلى مواضع إطلاق النار.
مارس القتلة جريمتهم بحق أسرة كاملة، بسبب قطعة أرض قيمتها أقل من البندقية حيث لا يتجاوز سعرها 200 ألف ريال يمني أي ما يعادل (400 دولار أمريكي) كما يقول الأهالي، فخلفوا مأساة لن تندمل جراحها حتى تتحقق العدالة الغائبة في الوقت الراهن.
بدايات القصة
بدأت الحكاية من خلاف على أراضٍ زراعية يُزرع فيها "القات" بين الفقيد" على الصايدي" وأحد أقاربه يُدعى "محمد ناجي الصايدي" والأخير تربطه علاقة مصاهرة مع بيت "آل فاضل" الذين دخلوا على خط الخلاف من خلال الاصطفاف مع " قريبهم".
وتشير المعلومات المتواترة التي تحصل عليها مراسل "يمن شباب نت" بأن الطرف الآخر في النزاع على الأرضية "محمد ناجي الصايدي" أجّر على نسبه من بيت "آل فاضل" جزء من الأرضية محل الخلاف للاحتماء به، الأمر الذي رفضه "على الصايدي" وأبنائه كون الأرض لاتزال محل خلاف.
ووفقا للمصادر "فقط تطورت الخلافات مع رغبة "آل فاضل" زراعة تلك الأرضية بالقات والاستفراد بها، فيما "على الصايدي" رفض هذا الإجراء وعزم على حمايتها كجزء من حقه حتى يتم البت في القضية محل الخلاف".
المصادر أكدت بأن أحد أبناء" آل فاضل" استعان ببعض المسلحين من أفراد أسرته وحاولوا فرض أمر واقع في الأرضية، لكن "الصايدي" بدأ بعمل مناوبات لحمايتها هو وأبنائه قبل أن يهاجمهم مسلحو "آل فاضل" مساء الأربعاء الفائت، ويقتلوهم بالكامل بعد أن تبادلوا معهم إطلاق النار.
وتشير المصادر إلى وقوع أربع إصابات في الطرف الآخر بعضها خطيرة، فيما مصادر أخرى تكذب هذه الرواية وتقول بأن أسرة "آل فاضل" تعمدت تسريب هذه المعلومات لغرض سريان القضية في مسار آخر.
أسماء الضحايا
وفق الرواية الأكثر تداولاً فإن أسرة "على الصايدي" قتلت بالكامل وهي مكونة من أب وأربعة أبناء وهم على النحو التالي:
1- عبده علي سيف الصايدي ـ الأب
2- صبّاح عبده علي الصايدي ـ ابن
3- غمدان عبده علي الصايدي ـ ابن
4- أكرم عبده علي الصايدي ـ ابن
5ـ نجم الدين عبده علي الصايدي ـ ابن
الرواية ذاتها تشير إلى سقوط جرحى من الطرف الآخر ـ وهي المعلومة التي لم يتسنى لنا التأكد منهاـ بسبب تضارب المعلومات بشانها ووفق هذه الرواية فإن المصابين هم :
1ـ أشرف أحمد ناجي فاضل
2ـ حسن عبد الحميد فاضل
3ـ حسام علي بن علي فاضل
4 ـ منيف محمد أحمد فاضل
وحتى اللحظة لم نتمكن من معرفة مدى إصابة هؤلاء وفي أي مكان يتلقون العلاج إن صحت الرواية.
إدانات واسعة ودعوات لتسليم الجناة
المصور "عادل الشراعي" لم يتحمل الصدمة فعبر عن الحادثة بمشاعر إنسانية، مستغرباً ما حدث فقال في منشور على صفحته في الفيس بوك، رصده مراسل يمن شباب نت: " مقتل عبده علي الصايدي وثلاثة من أولاده، جريمة نكراء تهتز لها السماوات والأرض، خمسة قتلى من بيت واحد ـ الأب وأبنائه ـ أي خصومه وأي فجور تجعل القاتل يقدم على مثل هكذا جريمة".
وأضاف "لا تحتمل أي أم في الدنيا رحيل ابنها أو زوجها ناهيك عن قتل زوجها وأبنائها، لا تحتمل أي أخت في الدنيا رحيل والدها أو أحد إخوانها ناهيك عن قتل أبيها وإخوانها، أي جرم أبشع من هكذا جريمة وأي ذنب اقترفوه لتتم إبادتهم جميعا".
من جهته الشيخ "عقيل فاضل" رئيس فرع المؤتمر الشعبي العام، ووكيل المحافظة، نشر هو الآخر مناشدة إلى أبناء أسرته جاء فيها" ما حصل فاجعة كبيره مؤلمه، لم نتخيل أن تحدث بين بعض من أبناء عمومتنا مع عبده علي الصايدي وأولاده والذي عرفناهم منذ عرفنا أنفسنا وهم جزء لا يتجزأ مننا نحن قبيلة بني فاضل تربطنا بهم روابط النسب والصحب والأخوة والجوار.
وأضاف "يا أسفاه على ما حصل نأمل من الجميع خصوصًا من إخواننا بني فاضل أن يعملوا بكل ما يستطيعوا على معالجة ما حصل من مصيبة أصابت الجميع وبكل حرص ومسؤولية مقدرين مصاب وألم بني الصايدي والذين هم منا ونحن منهم على مر العصور".
الإعلامي مرزوق الصايدي، هو الآخر، طالب قبيلة بني فاضل وعلي رأسهم الشيخ حزام ناجي فاضل بتسليم القتلة إلى الجهات المختصة وتبدأ في التحقيق في قضية قتل عبده علي الصايدي وأولاده، لأنها تعتبر جريمة وكما أن هذه القضية لاقت استنكار كبير من أبناء المنطقة ولا داعي للمجملات.
أخبار ذات صلة
الاربعاء, 18 يوليو, 2018
إب: مقتل مواطن وثلاثة من أولاده وإصابة أربعة آخرين في مواجهات مسلحة على أراضي بالنادرة