نشرت "مجلة ذا اتلانتيك الأمريكية" تقريرا يتحدث عن فرص التوصل إلى تسوية سياسية تنهي الأزمة في اليمن، على ضوء مقترحات مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن مارتن جريفيث، إذا ما تم الضغط على الأطراف المعنية.
وقال التقرير -الذي أعده بيتر ساليسبري و روبرت مولي- وترجمه "يمن شباب نت"، إن الأولويات حاليا واضحة وتتمثل بإقناع الأطراف بقبول حل وسط في الحديدة في البداية، ومن ثم استئناف المفاوضات لإنهاء الصراع الأوسع حيث توجد هنالك فرصة حقيقية، وان كانت ضعيفة، لتحقيق كليهما، حيث سيشكل ذلك فرصة ضائعة وفشل أخلاقي في حال تم تبديدها.
وأوضح التقرير، أن مارتن جريفث يحتاج إلى مساعدة للحفاظ على أن تظل صفقة السلام هذه على المسار الصحيح و يحتاج إلى ما يفوق الدعم الخطابي الذي كان في معظمه خاليا وحذرا والذي حظي به من العواصم الغربية وأعضاء مجلس الأمن الدولي حتى الآن.
وأشار إلى أن مقترح الأمم المتحدة يستحق منحه الفرصة، حتى وإن كانت الأمم المتحدة تفتقر إلى القدرة على تنفيذها.
"نص التقرير الذي ترجمه "يمن شباب نت" :
لن يتم التوصل إلى اتفاق لوقف القتال الدامي حول الحديدة دون دعم كامل من الغرب والتحالف الذي تقوده السعودية.
قد تكون إمكانية تحقيق انفراج في حرب اليمن التي تمر الآن بعامها الرابع، أمرا في متناول اليد حيث في الأسبوع الماضي، قدم مارتن غريفيث مبعوث الأمم المتحدة الجديد إلى اليمن، مقترحا من شأنه أن يجنب نشوب القتال في الحديدة، المدينة التي وصل عدد سكانها إلى 600000 شخص والتي يوفر ميناءها شريان الحياة الاقتصادي لملايين اليمنيين.
حاليا الأمر متروك للحوثيين وهي جماعة المتمردين التي تحتل الحديدة, ولحكومة عبد ربه منصور هادي المعترف بها دوليا والتحالف الذي تقوده السعودية التي تدعمه وذلك لتقديم ردودهم على مقترح غريفيث.
وإذا ما رفض أي من هذه الأطراف خطة غريفيث - أو إذا أخفقت القوى الغربية في ممارسة الضغط الكافي على حلفائها في الخليج لقبولها - فإنها سوف تكون متواطئة في المأساة التي ستعقب ذلك وفي إدامة الحرب التي تسببت بأزمة إنسانية باهظة في العالم .
وفي الوقت الذي ترابط فيه القوات المدعومة من الإمارات العربية المتحدة على مشارف الحديدة في حين يقوم الحوثيين الذين بحفر الخنادق استعدادا لنشوب معركة طويلة ومستعرة متوقعة، فإن تلك الإجابات لا يمكن أن تأتي بالسرعة الكافية.
وفي حين أن خطة جريفيث لم يتم نشرها بعد فقد تم تسريب مسودة عريضة تشمل تفاصيل انسحاب الحوثيين على مراحل من ميناء ومدينة الحديدة إلى جانب ميناءين آخرين قريبين كما ستساعد الأمم المتحدة الموظفين اليمنيين على إدارة مرافق الميناء وستساعد الحكومة المحلية والشرطة في إدارة المدينة.
ولأن هؤلاء الموظفين المحليين ظلوا محايدين إلى حد كبير أثناء الحرب في اليمن فإنهم يجب أن يكونوا مقبولين لدى كافة الأطراف. وفي المقابل ستنسحب القوات المدعومة من الإمارات من المدينة تدريجيا .وسيكون الاتفاق متعلقا بوقف إطلاق نار أوسع على الصعيد المحلي وبالعودة إلى محادثات السلام بعد توقف دام عامين.
حتى الآن تتحفظ كافة الأطراف وقد أظهر الحوثيون بعض المرونة حيث وافقوا على تسليم الميناء حتى وهم يتحكّمون في السيطرة على المدينة.
من جانبها كانت حكومة هادي إيجابية إلى حد ما بشأن مقترح الأمم المتحدة - وإن كان ذلك لأنها تعتقد بالأساس أن الحوثيين سيرفضونها، وليس لأنها تشعر بالحاجة إلى التوسط في تسوية معهم .وبلا شك فحتى في حال ثقتهم بضغوطهم العسكرية مع استعداد الحوثيين الجديد للتوصل إلى حل وسط، فإن كل من الحكومة والتحالف يتحدث عن أن المتمردين الحوثيين لا يفاوضون بحسن نية ويؤكدون أن أعداءهم لا يزالون يعدون الدفاعات حول الحديدة مستشهدين بحالات سابقة عندما كان المتمردين يتراجعون عن كلمتهم.
وتلك مخاوف مشروعة لكن مقترح الأمم المتحدة يستحق منحه الفرصة ولطالما جادل المسئولون الإماراتيون مرارًا وتكرارًا بأن التهديد بالاستيلاء بالقوة على الحديدة كان يهدف إلى زيادة مرونة الحوثي وإذا لم يكن بمقدور التحالف الموافقة الآن فما هو الهدف من ذلك التهديد؟
بالإضافة إلى ذلك المح التحالف إلى أنه حتى لو تم إقرار أفكار جريفيث من قبل الجميع، فإن الأمم المتحدة تفتقر إلى القدرة على تنفيذها.
لكنه من المؤكد أن ذلك لا ينبغي أن يقف في طريق التوصل إلى اتفاق يمكن أن يجنب إزهاق آلاف الأرواح حيث هنالك حل مباشر وهو انه إذا احتاجت الأمم المتحدة إلى أي دعم فمن المنطقي أن تقدم الدول الأعضاء في الأمم المتحدة ذلك الدعم.
وفي بعض الأحيان تتصرف الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية كما لو كان يجب مكافأتهما بصفقة أفضل لمجرد كبح نفسهما من تنفيذ هجومهما لكن تجنب معركة للميناء لا يسدي معروفا للعالم - بل إنه يعد وفاء بالتزام أخلاقي وسياسي ومنح أنفسهم مخرجا يحفظ ماء وجوههم ويضمن تحقيق أهدافهم دون شن معركة قد لا يتم تحقيق النصر فيها.
يحتاج مارتن جريفث إلى مساعدة للحفاظ على أن تظل صفقة السلام هذه على المسار الصحيح و يحتاج إلى ما يفوق الدعم الخطابي الذي كان في معظمه خاليا وحذرا والذي حظي به من العواصم الغربية وأعضاء مجلس الأمن الدولي حتى الآن.
وتواجه البلدان ذات النفوذ على الأطراف المتحاربة خيارا ًيتمثل في التمسك بالألاعيب البهلوانية الكلامية التي استخدمتها حتى الآن ومن ثم التعرض للتواطؤ في عواقب عجزها، وإما توفير نفوذ سياسي وراء دعوتهم للتوصل إلى تسوية تفاوضية حيث في حالة إيران - التي تزعم باستمرار أنها يمكن أن تساعد في حل النزاع - يعني ذلك إلقاء أقدام الحوثيين في النار في الوقت الذي تضغط عليهم لقبول مقترحات الأمم المتحدة لإدارة المدينة وليس الميناء فقط.
لكن المسؤولية عن التوصل إلى نهاية تفاوضية للحرب تقع بشكل رئيس على عاتق الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا حيث كلهم لديهم نفوذ ملموس على التحالف ناجم عن مبيعاتهم للأسلحة للسعوديين والإماراتيين إذ انه لا احد على استعداد لاستخدام ذلك حتى الآن.
في باطن الأمر بمقدور الجميع ان يستخدم لغة شديدة اللهجة في القلق إزاء الهجوم على الحديدة، لكنهم في العلن أكثر خفوتاً بكثير حيث يتحدث المسئولون الأميركيون وراء الأبواب المغلقة ويخشون من أن القتال للسيطرة على الميناء والمدينة قد يكون كارثياً.
في المقابل تعهدت تصريحات وزير الخارجية مايك بومببيو العلنية فقط بأن الولايات المتحدة "تراقب" الوضع في الحديدة. يجب أن يتغير ذلك والضغط الكونغرس على الإدارة يمكن أن يجعل ذلك يحدث .
هناك بالتأكيد أسباب تجعل التحالف المناهض للحوثيين يرفض وقف حملته للسيطرة على الحديدة حيث حقق تقدما عسكريا لا يمكن إنكاره في الأشهر الأخيرة مما يمنحه حافزا أقل لقبول خطة غريفيث. لكن التحالف واجه مقاومة غير متوقعة في مساعيه الرامية للاستيلاء على الميناء وصارع للحفاظ على خطوط الإمداد. وبينما يدعي أن الوقف الحالي لحملتها العسكرية يهدف إلى تسهيل الجهود الدبلوماسية، فمن الواضح أنه يواجه مشاكل عملياتية على الأرض.
خلاصة القول هي أنه لا يمكن أن يكون هناك نصر عسكري صريح بمجرد وصول المعركة إلى مدينة الحديدة وحتى لو نجحت قوات التحالف هناك، فمن غير المحتمل أن يتلاشى الحوثيون.
حاليا تعتبر الأولويات واضحة وتتمثل بإقناع الأطراف بقبول حل وسط في الحديدة في البداية ومن ثم استئناف المفاوضات لإنهاء الصراع الأوسع حيث توجد هنالك فرصة حقيقية، وان كانت ضعيفة، لتحقيق كليهما حيث سيشكل ذلك فرصة ضائعة وفشل أخلاقي في حال تم تبديدها.