عُرفت جبهة مقبنة بمحافظة تعز (جنوبي غرب اليمن)، كإحدى أشد الجبهات شراسة وصعوبة بين بقية جبهات المحافظة.
حيث تشهد بين الحين والأخر معارك عنيفة بين قوات الجيش الوطني، ومليشيا الحوثي الانقلابية التي تحاول السيطرة على الجبهة كونها تتمع بأهمية استراتيجية ونقطة وصل لعدد من المديريات.
وتقع مقبنة في أقصى غرب محافظة تعز ممتدة على مساحة 1160 كيلومتر مربّع، ثالث أكبر مديريات المحافظة من حيث المساحة وتحدها من الشمال محافظتا الحديدة الساحلية (عبر مديريتي حيس و جبل رأس)، و إب الواقعة ضمن مناطق الحوثيين (عبر مديرية العدين)، ومن الشرق تحدها مديرية شرعب الرونة، ومن الغرب تحدها مديريتا موزع والمخا الواقعتين ضمن سيطرة الحكومة الشرعية؛ أما من الجنوب فتحدها مديريتا المعافر، وموزع، وجزء من مديرية جبل حبشي.
ثلاثة أعوام من المعارك
بدأت المعارك العسكرية في جبهة مقبنة أواخر مارس 2015، بواسطة المقاومة الشعبية عبر عمليات الكمائن واستهداف تعزيزات الحوثيين بهدف الاستنزاف. و استمر الحال على ماهو عليه لعدة أشهر حتى تطورت الأمور إلى مواجهات مباشرة شهدت تحولاً لصالح قوات الشرعية، وقد استقطبت جبهة مقبنة العديد من المقاتلين من أبناء المديرية وبقية العزل المجاورة.
وفي شهر نوفمبر 2016 أصدر رئيس الجمهورية، عبد ربه منصور هادي، قرار بتشكيل اللواء 17 مشاة بقيادة العميد عبدالرحمن الشمساني لتصبح مسرح عمليات اللواء بعد ذلك في الجبهات الغربية للمحافظة بينها جبهة مقبنة التي تمكنت قوات الجيش من تحرير مواقع عديدة من قبضة الحوثيين.
ويقول القائد الميداني لجبهة مقبنة العقيد حميد الخليدي، إن "مقبنة كمديرية لها أهمية استراتيجية كبيرة كونها تربط بين مركز المحافظة والساحل الغربي وتعتبر الحصن الشرقي المنيع الساحل الغربي كما تعتبر بوابة العبور الرئيسية من الساحل الغربي إلى مركز محافظة تعز لذا أولت المليشيات الانقلابية هذه الجبهة أهمية وتقاتل عنها باستماتة".
وأضاف في حديثه لـ"يمن شباب نت": "مناطق سيطرة الجيش الوطني والمقاومة الشعبية تعتبر الحاجز المتين لغرب مدينة تعز تمنع اقتراب الميليشيا من الضباب والبيربن كما تعتبر المهدد الوحيد الميليشيا لتحرير الخط الغربي وربط المحافظة بساحلها".
ويوضح أن الجبهة من الجهة الشمالية ناحية خط العيار وجنوب جبهة الكدحة التابعة لمديرية المعافر والخط الرئيسي المؤدي لمدينة البرح لم تتحرر بعد وهي مناطق تماس مع الحوثيين. لافتاً إلى أن الجهة الشرقية للجبهة ناحية جبل حبشي باتت محررة.
واستطرد الخليدي " إجمالاً قوات الجيش الوطني تسيطر على عزل: حمير و الفكيكة والقحيفة، و العفيرة، العبدلة. وعزلة اليمن و المراتبة تجاه جبل حبشي. مشيراً إلى أن الميليشيات الانقلابية تسيطر على الخط الاسفلتي من الرمادة إلى البرح وبقية القرى والعزل ليست تحت سيطرته.
تضاريس قاسية
يغلب على الطبيعة الجغرافية للجبهة التضاريس الجبلية الصخرية شاهقة الارتفاع تتخللها تلال ومنحدرات يستخدمها الطرفان كتحصينات خلال المواجهات العسكرية، ولشدة وعورة المنطقة وقسوتها يستغرق نقل المؤن والذخائر من المدينة للجنود أكثر من ثلاث ساعات.
على تلك الجبال والتلال الحصينة يتمركز جنود الجيش الوطني، كما هو الحال أيضاً بالنسبة لمقاتلي الحوثي، ويتبادل الطرفان الاشتباكات العنيفة بالأسلحة الثقيلة والمتوسطة، ودائماً تشتعل المعارك في الجبهة ليلاً، كما يستميت الطرفان في هذه الجبهة باعتبارها بوابة تعز من الجهة الغربية.
وفي هذا الجانب؛ يشير القيادي باللواء 17 مشاه، فؤاد حسان، إلى اتساع مساحة الجبهة الكبيرة وتضاريسها الطبيعية التي "تتضمن مساحة جبليه بالغة الصعوبة".
ويقول حسان، لـ "يمن شباب نت": "يستغرق التحرك من المدينة إلى الجبهة (ريف غربي تعز) أربعة ساعات سفر بالأطقم وليس بسيارة عاديه نظراً لبعد المسافة ووعورة الطريق الصعبة".
ويشرح، حسان، طبيعة التنقل في جبهة مقبنة قائلاً: تتنوع الطريق وصولا الي الجبهة وبينها منها جبليه ومنها هضاب ومنها سوائل". لافتاً إلى أن أغلب الجنود الذين يصابون بجروح خطيرة خلال المواجهات يفارقون الحياة اثناء نقلهم عبر تلك الطرق الوعرة.
وعود ومماطلة
يشكو المقاتلين من قلة بعض الإمكانيات في الأسلحة النوعية التي تمكنهم من السيطرة والتقدم على مواقع استراتيجية وقطع خطوط إمدادات الحوثيين بين تعز والمخا والحديدة.
وقال أحد الجنود لـ "يمن شباب نت": نقاتل بأسلحة متوسطة وندحر الحوثيين في مرات عدة ولكن هذا لا يكفي فنحن نحتاج للأسلحة المتطورة التي تسهل علينا الوصول إلى مفرق البرح المؤدي إلى مديرية المخا الساحلية وكذا خط الرمادة الواصل بين مدينة تعز والحديدة. مطالباً الحكومة الشرعية والتحالف العربي بتقديم الدعم اللازم والضروري لدحر ما تبقى من مليشيات الحوثي الانقلابية بدلاً من الوعود والمماطلة.
وفي وقت سابق من شهر يوليو الجاري علم "يمن شباب نت" أن القيادة العسكرية في تعز كانت تقدمت بخطة لمعركة تحرير جبهة "مقبنة"، غرب المحافظة. إلا أن تلك الخطة- بحسب المصادر، بدى وكأنها لم تحظى باهتمام القيادات العسكرية للتحالف في اليمن. حيث استهلكت- كالعادة- بالوعود، وانتهت إلى طي النسيان.
أبرز المواقع الاستراتيجية
ونظراً لأهمية العديد من المواقع الاستراتيجية في جبهة مقبنة، رصد مُعد هذ التقرير الخاص بـ"يمن شباب نت" أبرز المواقع والمرتفعات الجبلية، التي يُعتقد أنها تمثل جزء رئيسيا من مفاتيح الحرب والسيطرة.
1-جبال العويد
تكمن أهمية سلسلة جبال العويد أنها تطل على قرى العبدلة والعشملة وحمير وعزلة المراتبة وجمعيها قرى تقع في مديرية مقبنة، كما أنه يشرف على الطريق الرئيسي الرابط بين المديرية ومدينة تعز. وتكمن أهمية تحرير هذا الجبل أنه يؤمن تقدم قوات الجيش الوطني في عدد من المحاور.
مطلع يونيو الماضي أعلنت قوات الجيش الوطني استكمال سيطرتها على جبال العويد الاستراتيجي بعد معارك كر وفر ضد مليشيات الحوثي الانقلابية استمرت لعدة أشهر.
2-جبل النبيع
يقع هذا الجبل المهم استراتيجيا في الجهة الغربية من جبهة مقبنة حرصت المقاومة والجيش على تحريره مطلع عام 2016 وذلك نظراً لأهميته الاستراتيجية، كما يعتبره قادة الجيش أنه السد الغربي المتين للمديرية.
خاضت قوات الجيش الوطني حول هذا الجبل للدفاع عنه من السقوط في أيدي الحوثيين أكثر من 40 معركة. وتكمن أهمية الجبل، أنه يطل على الطريق الرئيس الرابط بين محافظتي "تعز" و"عدن".
3-جبل الشيخ سعيد
يقع هذا الجبل تحت سيطرة قوات الجيش الوطني منذ منتصف يوليو 2017 بعد معارك عنيفة مع مليشيات الحوثي الانقلابية. يقع في الجهة الجنوبية من الجبهة وهو السد الجنوبي للمديرية.
خاضت قوات الجيش الوطني أكثر من 15 معركة عسكرية دفاعا عنه نظراً لأهميته الاستراتيجية كونه يطل على البرح وعلى منطقتي الكويحة.
4-جبال قهبان
المطلة على منطقة الطوير الموازية لمنطقة الكدحة المحاذية لمديرية الوازعية ؛ ويقع الجبل تحت سيطرة الجيش الوطني.
5- جبل البرقة
يقع شرق مصنع اسمنت البرح ولايزال تحت سيطرة الميليشيا، بالإضافة إلى جبل جريدم غرب الجبهة ويطل على مدخل مدينة البرح و جبل العرف المطل على مدينة البرح شرقا لاتزال تحت سيطرة الميليشيات الانقلابية.
6- جبل الحصن (قلعة مؤيمرة)
هذا الجبل من أشهر الجبال في مديرية مقبنة ويقع في قرية الأشعوب ويطل على مناطق "الملاحطه والسواغ و ركاب والرباط و الاوميجر، الأخلود " ولا يزال في قبضة مليشيات الحوثي الانقلابية. كما تدور المعارك بين الحين والأخر في محيطه.
يطلق على قلعة مؤيمرة جبل الحصن كما هو معرف عند أبناء المنطقة وعلى القمة تقع القلعة، وتعتبر من أهم القلاع التاريخية والأثرية.. ويذكر التاريخ أنها عايشت الدولة العثمانية في الأعوام ( 1846 - 1918 ميلادية).