نشرت صحيفة "ذا ناشيونال انترست" الأمريكية تقريرا لمستشار أول في مشروع مكافحة التطرف بمنظمة الأمم المتحدة "نورمان تي"تحدث عن العملية العسكرية التي يقودها التحالف العربي ضد مليشيا الحوثي في مدينة الحديدة (غرب اليمن).
وقال التقرير الذي ترجمه "يمن شباب نت" إن الضغط العسكري للتحالف بالحديدة، أدى إلى بروز إشارات توحي بأن المليشيا الحوثية المتمردة مستعدة للتنازل عن السيطرة على الميناء للأمم المتحدة، ولكن فقط إذا ظلت تحتفظ بالسيطرة على المدينة.
وأضاف،" يبدو اقتراح الحوثي مُغريًا لكن نظرة أعمق في باطن الأمر تكشف عن خطة من شأنها تطويل أمد الأزمة التي تحاصر اليمن منذ أكثر من ثلاث سنوات"
وأكد أنه يجب أن تبقى النهاية بالنسبة للحديدة متمثلة بمغادرة القوات الحوثية للمدينة وعودتها إلى سيطرة الحكومة.. لافتا إلى أن أي حل وسط سيضعف من نفوذ الحكومة اليمنية الشرعية في أي مفاوضات قادمة.
نص التقرير الذي ترجمه "يمن شباب نت":
على الرغم من التوقعات المروعة من قبل البعض يبدو أن المراحل الأولية لعملية التحالف بقيادة المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة لهزيمة المتمردين الحوثيين الشيعة المدعومين إيرانيا في اليمن، تسير بشكل جيد.
حيث أظهرت الحملة التي شنها التحالف على مدار الأسبوعين الماضيين للسيطرة على مدينة الحديدة المطلة على البحر الأحمر أن قوات التحالف ستتبع نفس الاستراتيجيات التي جرى اعتمادها في عمليات تحرير ناجحة للمدن اليمنية الأخرى كما أجبرت الضغوط المتمردين الحوثيين على التراجع واقتراح الحل الدبلوماسي.
ظاهرياً ربما يبدو اقتراح الحوثي مُغريًا، لكن نظرة أعمق في باطن الأمر تكشف عن خطة من شأنها تطويل أمد الأزمة التي تحاصر اليمن منذ أكثر من ثلاث سنوات.
وكما هو متوقع فقد أدى الضغط المتصاعد على الحوثيين إلى بروز إشارات توحي بأن القوات الحوثية المتمردة ستكون مستعدة للتنازل عن السيطرة على الميناء إلى الأمم المتحدة، ولكن فقط إذا ظلت تحتفظ بالسيطرة على المدينة.
وفي حال تم تنفيذ ذلك فسيتم الحفاظ على التدفق الحيوي للغذاء والدواء بل وربما سيزداد كما ستفقد إيران قدرتها على استخدام المدينة لتزويد الحوثيين بتكنولوجيا الأسلحة، وهو الأمر الذي لطالما تحدثت عنه تقارير إعلامية حيث يجري استخدام بعض تلك التكنولوجيا في إطلاق الصواريخ ضد السعودية .
علاوة على ذلك سيفقد الحوثيون أيضًا بعض الإيرادات التي يجنونها من فرض الضرائب على السفن التي تدخل الميناء.
غيـر أن الهدف من العمليات العسكرية يجب أن يتمثل في استعادة نظام حكم مستقر لليمن، إذ أن مقترح الحوثي يحوي العديد من نقاط الضعف الجوهرية التي تجعله مقترحاً غير عملي ولا يستحق الدعم الأمريكي أو الدولي.
إن تبني مقترح الحوثيين سيجبر مواطني الحديدة - من غير الحوثيين - على البقاء تحت احتلال الحوثي، وعلاوة على ذلك لن يكون للنازحين الذين فروا من البقاء تحت هذه الهيمنة الحوثية أيما سبب أو باعث منطقي يدفعهم للعودة إلى منازلهم.
كما سيسمح ذلك المقترح للحوثيين بالحفاظ على القدرة على خنق المساعدات داخل المناطق الحضرية للمدينة إذ أن ما يقرب من 70 ? من المساعدات الإنسانية و إمدادات الوقود في اليمن تدخل عبر الميناء.
وبالنظر إلى الإخفاقات المتكررة للحوثي في ??الالتزام بالاتفاقات السابقة فإنه سيكون من غير الحكمة أن يتم قبول أي ضمانات بخصوص مثل هذا الميناء الحيوي .
غيـر أن الأهم من ذلك يتمثل في أن مثل هذا الحل الوسط لن يغير موقف الحوثيين بما فيه الكفاية لإجبار الجماعة على دعم التسوية السياسية.
وإلى جانب ذلك فإن التوصل إلى حل وسط سيضعف من نفوذ الحكومة اليمنية الشرعية في أي مفاوضات قادمة.
إذا ما الذي يجب فعله؟
أولاً - يجب على الولايات المتحدة والأمم المتحدة الاستمرار في البحث عن حل دبلوماسي، لكن أيضاً يجب أن تبقى النهاية بالنسبة للحديدة متمثلة بمغادرة القوات الحوثية للمدينة وعودتها إلى سيطرة الحكومة، كما يجب أن يواصل المجتمع الدولي الضغط على التحالف لتحاشي العمليات التي من شأنها أن تؤدي إلى إصابات في صفوف المدنيين أو إحداث مزيد من الضغط على البنية التحتية الإنسانية الهشة - والتي لا تزال غير كافية - في المنطقة. وقبل ذلك ،تبدو الخيارات الدولية قليلة.
وبالفعل تشارك الأمم المتحدة بشكل كبير في تسريع المساعدات الإنسانية، من جانب أخر ستستمر روسيا في منع أي ضغط من مجلس الأمن على إيران لوقف دعمها للحوثيين، حيث يعد ذلك أمراً مؤسف لأن ذلك الدعم من شأنه تطويل أمد النزاع ومعاناة سكان اليمن.
في واشنطن يُنصح المشرعين بالإنصات إلى حكمة وزير الدفاع جيم ماتيس فيما يتعلق بالحاجة إلى مواصلة تقديم المساعدات الأمريكية المحدودة للتحالف، حيث أن سحب أمريكا للدعم سيروق لطهران ويشجع وكلاءها الحوثيين على رفض التسوية السياسية إضافة، إلا أن ذلك سيقلل على الفور من قدرة أمريكا الدبلوماسية على الدفع من أجل التوصل إلى حل سياسي للصراع، ويرجع ذلك إلى أن الحلفاء الإقليميين يحاولون إعادة الاستقرار إلى دولة فاشلة تقبع تحت تهديد أذرع إيرانية لها تأريخ موثق يثبت عدم اكتراثها بالمدنيين اليمنيين.
ويجب أن يستمر التعاون الأمريكي مع التحالف ضد تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية. وباختصار يعد من الصعب أن نرى كيف سيؤدي انسحاب الولايات المتحدة (من دعم التحالف )إلى إنقاذ أرواح المدنيين اليمنيين، ولكنه من السهل أن نفهم كيف يمكن أن يؤدي مثل هذا القرار إلى حصول معاناة إنسانية أكبر، إضافة لتوسيع نفوذ إيران المزعزع للاستقرار في منطقة ذات أهمية إستراتيجية لأمريكا.
ومن المؤكد أن الولايات المتحدة يجب أن تستمر في الضغط على حلفائها العرب سعياً للتوصل إلى تسوية سياسية، لكن عليها أيضاً تقديم الدعم لتسريع توصيل المساعدات الإنسانية، كما ينبغي أن يشمل ذلك مساعدة التحالف على الحد من الخسائر المدنية مع زيادة الضغط العسكري على المتمردين.
أخيراً يتعين على أميركا أن تمكّن التحالف من إعادة المدينة إلى سيطرة الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، كما أنه في ضوء استخدام الحوثي العشوائي للألغام، فإنه سيتعين على أمريكا أن تعمل على حشد المجتمع الدولي لدعم عمليات إزالة الألغام قبل أن تحصد هذه الأسلحة حياة المزيد من المدنيين اليمنيين.
ومع أن حجم المأساة اليمنية سيشكل وصمة عار في جبين هذا الجيل، إلا أنه يجب على الولايات المتحدة أن تضمن أن تساهم أعمالها بشكل ملموس في إنهاء هذا النزاع، وأن لا تُمدد الحرب أو التأثير الإيراني الخبيث، بغير قصد حيث أن القيام بذلك سيقدم أفضل فرصة لإنهاء معاناة الشعب اليمني ولضمان استقرار المنطقة والمصالح الأمريكية .