من المقرر أن يجري أعضاء مجلس الأمن الدولي، اليوم الخميس، مشاورات بشأن اليمن. وسيقدم المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى اليمن، مارتن غريفيث، عبر دائرة تلفزيونية مغلقة، إحاطة جديدة حول أخر مستجدات جهوده لإيقاف معركة الحديدة. كما سيقدم مدير العمليات في مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة، جون جينج، إحاطة حول الوضع الإنساني في الحديدة.
وكان غريفيث غادر صنعاء أمس الأربعاء، التي وصلها الإثنين الماضي، في زيارة هي الثالثة منذ توليه مهمته كمبعوث خاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن أواخر فبراير/ شباط الماضي. والتقى خلالها قيادات المتمردين الحوثين، بمن فيهم زعيمهم عبد الملك الحوثي، كما أكد غريفيث في بيان صحفي صادر عن مكتبه ختام زيارته.
وتركز المباحثات الجارية للمبعوث الأممي، بشكل خاص واستثنائي وملح، حول التوصل إلى اتفاق مبدئي وعاجل لإيقاف معركة الحديدة، على الساحل الغربي لليمن. حيث أعلن غريفيث في وقت سابق، أواخر الأسبوع الماضي، أن الطرفان، الحكومة اليمنية والمتمردين الحوثيين، وافقا على تسليم ميناء الحديدة إلى الأمم المتحدة لإدارته، مقابل اشتراط الحوثيين وقف شامل لإطلاق النار هناك. وهو ما يقوم بمعالجته حاليا.
ويعتقد أن زيارة المبعوث الأممي، الاثنين الماضي، 2 يوليو/ تموز، إلى العاصمة صنعاء، لمزيد من الانخراط في المشاورات مع قيادة الحوثيين حول صفقة إيقاف المعارك في الحديدة، قد جاءت تتويجا للقاء الذي جمعه، قبل أسبوع منها، مع الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي بعدن، في 27 يونيو/ حزيران. حيث طار بعدها، في اليوم التالي مباشرة، الى العاصمة العمانية، مسقط، للقاء رئيس وفد التفاوض الحوثي محمد عبد السلام. وهو اللقاء الذي يعتقد أنه كان بهدف ترتيب لقائه بزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، والتي تمت يوم الثلاثاء الماضي.
قبل يوم واحد من وصول المبعوث الأممي صنعاء، أعلن وزير الدولة الإماراتي للشئون الخارجية (قرقاش)، في الأول من يوليو/ تموز، عبر تويتر، أن التحالف كان قد أوقف هجومه على الحديدة، ابتداء من 23 يونيو/ حزيران، لإعطاء المبعوث الخاص الوقت للتفاوض على الانسحاب غير المشروط للحوثيين من المدينة، وانهم ينتظرون نتائج زيارته إلى صنعاء.
وقال المبعوث الأممي الخاص، لدى مغادرته مطار صنعاء، الأربعاء، إنه أجرى لقاءا "مثمرا" مع زعيم الحوثيين. ولم يوضح أية تفاصيل أخرى. مكتفيا بالإشارة إلى أن جميع الأطراف التي التقاها أبدو "رغبتهم القوية في السلام" بل تشاركوا معه في أفكار ملموسة لتحقيقه. حسب البيان الختامي للزيارة.
وقال إنه سيطلع مجلس الأمن الدولي، يومنا هذا الخميس، على نتائج مباحثاته في صنعاء وعدن، حيث التقى الأسبوع الماضي الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، في العاصمة المؤقتة عدن، في اجتماع وصفه المبعوث بأنه كان "إيجابيا جدا"، مضيفا "وسرني أنه أعرب هو أيضا عن رغبته بإحراز تقدم سريع نحو حل سلمي للنزاع".
وفي حين أكد غريفيث أنه سيواصل محادثاته مع الأطراف خلال الأيام القادمة، أعرب عن أمله بأن يلتقي الرئيس هادي "قريبا".
وتوقع تقرير إعلامي متخصص بتناول ما يدور في أروقة مجلس الأمن- حصل "يمن شباب نت" عليه وأطلع على تفاصيله باللغة الإنجليزية- أن يُطلع جريفيث أعضاء مجلس الأمن، في إحاطته التي سيقدمها اليوم الخميس للمجلس، على جهوده لتجنب المزيد من التصعيد العسكري في ميناء الحديدة، وخططه لإعادة إطلاق المفاوضات السياسية.
وأشار التقرير إلى أن المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، اللتان تقودان التحالف في اليمن، قد هدأتا المعارك ضد مدينة الحديدة، منذ انطلاقها في 12 يونيو /حزيران الماضي، حيث انحصر القتال في معظمه على المطار.
ونقل التقرير عن غريفيث، قوله، في مقابلة أجرتها إذاعة الأمم المتحدة يوم الخميس الماضي (28 يونيو)، إن جماعة الحوثي المتمردة والحكومة اليمنية قبلتا دور الأمم المتحدة في إدارة ميناء الحديدة. لكنه أستدرك موضحا: "بالنسبة للحوثيين، يعتمد هذا على وقف إطلاق نار شامل في محافظة الحديدة".
وفي تصريحات علنية، قال مسؤولو التحالف، بمن فيهم وزير الدولة الإماراتي للشئون الخارجية أنور قرقاش، والرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، إن إيقاف الهجوم يتطلب انسحاب الحوثيين غير المشروط من المدينة.
وفي مقابلته مع راديو الأمم المتحدة، المشار إليها سابقا، اعترف غريفيث بأن الوجود الحوثي في المدينة ومسألة وقف إطلاق النار ما زال يجب معالجتهما. وشدد على أن الحل يرتبط باستئناف المفاوضات السياسية، وأن هدف الأمم المتحدة هو "معالجة مسألة الحديدة ضمن سياق تلك المفاوضات السياسية".
وتعرض المبعوث الأممي لانتقادات صحفية حول انحراف مساره التفاوضي، وقصر مهمته على تكريس كامل جهوده لإيجاد حل لإيقاف معركة الحديدة فقط، بدلا من البحث عن سلام دائم لكل اليمن، عملا بموجب قرارات مجلس الأمن. إلا أن غريفيث يرى أن إيجاد حل للوضع في الحديدة مقدمة لإعادة إطلاق محادثات السلام.
وهو ما أكده، ضمن البيان الذي وزعه الأربعاء لدى مغادرته صنعاء، بقوله: "في النهاية، إني أتطلع إلى العمل مع جميع الأطراف بشكل طارئ من أجل إيجاد حل يعيد أولا الأمن والاستقرار إلى الحديدة، ويخلق أيضا ظروفا إيجابية لإعادة إطلاق محادثات السلام في الأيام المقبلة".
كانت آخر محادثات سلام شارك فيها الجانبان (الحكومة اليمنية والمتمردين الحوثيين)، في الكويت قبل عامين تقريبا. بعدها فشلت كافة محاولات المبعوث الأممي السابق إسماعيل ولد الشيخ في جمع الجانبين في طاولة مفاوضات واحدة.
وقال المبعوث الأممي الجديد إنه يأمل في أن تستأنف المفاوضات السياسية "في غضون الأسابيع القليلة القادمة". وفي 18 يونيو/ حزيران، قدم غريفيث، ضمن إحاطته لأعضاء المجلس، إطاراً للمفاوضات، يحدد المبادئ التي ستستند إليها المحادثات.
وبحسب التقرير الإعلامي المختص بأروقة مجلس الأمن، الذي أطلع عليه "يمن شباب نت"، تشمل هذه النقاط، من بين نقاط أخرى: أن تستند المحادثات إلى مبادرة مجلس التعاون الخليجي، ونتائج مؤتمر الحوار الوطني، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، ولا سيما القرار 2216؛ وأن تشمل كافة الأطراف المعنية، بما في ذلك إشراك الجماعات الجنوبية والمجتمع المدني والنساء. وأكد على أن المحادثات ستسعى لمعالجة القضايا السياسية والأمنية كجزء من حزمة متكاملة.
وتوقع التقرير الإعلامي، أن يهتم أعضاء مجلس الأمن، في جلسة اليوم حول اليمن، بالحصول على آخر التفاصيل لجهود غريفيث لتهدئة الوضع بشأن الحديدة. ومن المرجح أيضاً أن يبحثوا عن تفاصيل حول خططه لاستئناف المفاوضات السياسية، بضمن ذلك الزمان والمكان المتوقعين، والمزيد من النقاش حول كيفية ربط وضع الحديدة بهذه المفاوضات. وقد يرغب الأعضاء في الحصول على معلومات حول الدور المتوقع للأمم المتحدة في إدارة ميناء الحديدة. وقد يعبرون عن دعمهم لخططه ويشجعون الأطراف على التفاعل مع وسيط السلام التابع للأمم المتحدة.
بالنسبة لمضمون لإحاطة التي من المقرر أن يقدمها مدير العمليات في مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية جون جينج، لأعضاء مجلس الأمن في جلستهم اليوم الخميس حول اليمن، توقع التقرير أن يعيد جينج تأكيد الرسائل التي قدمها مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية خلال اجتماعات المجلس الأخيرة بشأن اليمن، بما في ذلك العواقب الإنسانية للحرب الحضرية في المدينة والتي ستطال قرابة 600 ألف مدني، والتدهور المتوقع في الأزمة الإنسانية الأوسع نطاقاً في اليمن، في حالة تضرر الميناء أو أغلق لفترة طويلة.
ومن المتوقع أن يقدم جينج تحديثًا للوضع حول المدينة (الحديدة)، وما يقوم به شركاء الأمم المتحدة في المجال الإنساني. ووفقًا لتقرير مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA) الصادر في 27 يونيو/ حزيران حول الحديدة، قدمت الأمم المتحدة شكلاً من أشكال المساعدة الطارئة إلى 6000 عائلة نازحة (أو ما يقرب من 42,000 شخص) من الحديدة منذ بداية يونيو/ حزيران.
وأشار التقرير إلى أن أعضاء مجلس الأمن الدولي، مع إدراكهم جميعا للعواقب الوخيمة التي يمكن أن تحدثها معركة للحديدة على الوضع الإنساني لليمن، إلا أنهم أعربوا عن مواقف متباينة خلال اجتماعات المجلس في الشهر الماضي، تتراوح بين التأكيد ببساطة على أن الميناء يجب أن يظل جاهزا للعمل، وأن تحترم الالتزامات بموجب القانون الدولي الإنساني، ودعوات أكثر حزماً لوقف الأعمال العدائية.
وقد أشارت الكويت، وهي عضو في التحالف العربي باليمن، مرارًا وتكرارًا إلى قرار مجلس الأمن رقم 2216، الذي يؤكد على مطالبة الحوثيين الانسحاب من جميع الأراضي التي تم الاستيلاء عليها. وبعد ضغوط من السويد وعدة أعضاء آخرين، أصدر أعضاء المجلس عناصر صحفية عقب الإحاطة الإعلامية التي قدموها في 17 إبريل/ نيسان، حيث رحبوا بإحاطة المبعوث الخاص بشأن مقترحاته لاستئناف العملية السياسية، وأشاروا إلى أنهم طلبوا منه ابقائهم على إطلاع دائم بأخر المستجدات في الوقت المناسب بشأن جهوده المستمرة حول الحديدة.